منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، قاربت العديد من المقالات والتقارير الإسرائيلية التحولات السريعة التي شهدتها المنطقة في أعقاب الحرب التي اتسع نطاقها ليشمل لبنان، سورية، اليمن وإيران (والضفة الغربية بطبيعة الحال). معظم هذه التقارير ركّزت على أبرز ما حقّقته إسرائيل من "إنجازات" على الصعيد العسكري في كل مواجهة مع مكونات محور المقاومة المدعوم من إيران، وعلى المواجهة مع هذه الأخيرة نفسها، وسط استمرار الموقف الإسرائيلي الرسمي بأن هذه الحرب "وجودية" بالنسبة لإسرائيل وتسعى من خلالها لتغيير وجه الشرق الأوسط.
قالت تقارير إسرائيلية إن انعكاسات ارتفاع كلفة المعيشة على الجمهور العريض باتت أكثر وضوحا من ذي قبل، ومن مؤشرات هذا تراجع الاستهلاك الفردي، أو عدم ثباته، وتراجع القدرة على التوفير، وهو أحد الدلالات على تراجع فائض مدخول العائلة، ولربما يضاف إلى هذا التقارير التي تتحدث عن تراجع وتيرة بيع البيوت الجديدة، وهذا في ظل استمرار ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن الوتيرة باتت أقل مما سبق، لكن في تفصيل أدق، لمعرفة جوانب ارتفاع مؤشر التضخم، يتضح أن أسعار البضائع والخدمات الأساسية ترتفع أكثر من غيرها، وتشكل الحرب الدائرة عنصرا أساسيا في ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة ككل.
نشر مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية تقريراً جديداً ضمن سلسلة التقارير حول أداء الحكومة في الاستجابة للاحتياجات المدنية خلال الحرب على قطاع غزة. وهو يتناول جوانب عدة من التقصير والإخفاق في قطاعات عدة ترتبط بسير الحياة المدنية، واختار هذه المرة تخصيص فقرة واسعة يعدد فيها أسماء المسؤولين السياسيين والعسكريين خلال الحرب، بما يشمل رئيس الحكومة ووزيري المالية والدفاع وسابقيهم قبل الحرب.
في 29 أيار 2024، استُحدث منصب جديد في الإدارة المدنية بالضفة الغربية هو "نائب رئيس الإدارة المدنية"، وعُيّن فيه هيلل روت (Hillel Roth). يمثّل هذا التعيين لحظة مفصلية في مسار المشروع الاستيطاني الإسرائيلي، إذ فتح الباب أمام واقع سياسي– إداري جديد يختلف جذرياً عمّا كان قائماً منذ العام 1967.
منذ اندلاع الحرب على غزة في أعقاب هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، برزت في إسرائيل مبادرات وحركات اجتماعية متعددة، اتخذت أشكالاً متنوعة في أدوارها ووظائفها. فقد رأت بعض هذه المبادرات في ذاتها أدوات مساندة وروافع حيوية لدعم الجيش في حربه المستمرة ضد القطاع، ولم تقتصر على الطابع العسكري البحت، إذ جمعت بين الجنود والمستوطنين، فيما عملت أخرى تحت مظلة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بصورة مباشرة، في حين اتخذت بعض الحركات منحًى معارضاً للسياسات الحكومية.
تُشكّل العلاقات الإيرانية- الروسية- الصينية قلقاً كبيراً بالنسبة إلى إسرائيل والولايات المتحدة، ويبدو أن هذا القلق تعزّز أكثر فأكثر في أعقاب الحرب الأخيرة التي خاضتها إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران، وذلك على الرغم من أن هذه الحرب أظهرت حدود الشراكة الاستراتيجية التي سعت طهران إلى ترسيخها مع موسكو وبكين خلال العقد الأخير، حيث اكتفت كل من روسيا والصين بإدانة شكلية للهجمات على إيران، من دون تقديم دعم عملي ملموس وواضح، وهو الأمر الذي أثار استياء أوساط إيرانية براغماتية اعتبرت ذلك مؤشراً على هشاشة سياسة "النظر شرقاً" التي تبنّتها القيادة الإيرانية في مواجهة العزلة الغربية. ومع ذلك، ما تزال تنظر إسرائيل إلى هذه الشراكة- رغم محدوديتها- بوصفها تهديداً استراتيجياً مزدوجاً: من جهة، قد تُمكّن إيران من إعادة بناء قدراتها العسكرية والتقنية في مجالات حساسة مثل البرنامج النووي، الصواريخ الباليستية، والدفاع الجوي. ومن جهة أخرى، ستستمر في منح طهران دعماً سياسياً واقتصادياً يحول دون نجاح الضغوط الغربية في عزلها أو في تقويض نفوذها الإقليمي.
الصفحة 5 من 356