مع تجدد البحث في مشروع قانون "الدولة القومية اليهودية" (الاسم الكامل للقانون: "قانون أساس: إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي") الذي أعيد طرحه، بصيغة معدلة، على الكنيست الإسرائيلي لاستنئاف عملية تشريعه وتكريسه قانوناً رسمياً في إسرائيل، دعا "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" (القدس) إلى "تبنّي تشريع واسع وتوافقي يكرس طابع الدولة القومي ومبادئ المساواة، بروح وثيقة استقلال إسرائيل"، وذلك ضمن "ورقة موقف" خاصة أعدّها رئيس المعهد، يوحنان بلاسنر، ونائباه البروفسوران يديديا شطيرن ومردخاي كريمنيتسر، ووجّهوها كـ"رسالة خاصة" إلى جميع وزراء الحكومة الإسرائيلية وأعضاء الكنيست الإسرائيلي، في الأسبوع الماضي، تحت عنوان "نعم لدولة القومية ـ لا للدولة القومجية"!
تدعو "ورقة الموقف" هذه جميع المشرّعين البرلمانيين إلى "إقرار مشروع بديل يضع القومية اليهودية كمبدأ أساس على قدم المساوة مع واجب إسرائيل الديمقراطي في ضمان المساواة لجميع مواطنيها، بروح ما نصت عليه وثيقة استقلال دولة إسرائيل"، مشيرة إلى أنه "لا حاجة إلى نص دستوري يكرس مبدأ كون إسرائيل دولة قومية يهودية، لأنه (المبدأ) مثبت في وثيقة الاستقلال وفي قوانين الأساس". ومع ذلك، "إذا كان القصد هو، حقا، الدفع بإجراء دستوري يؤكد طابع دولة إسرائيل، فمن الضروري أن يشمل الإجراء تطرقا إلى طابع الدولة العام، وليس إلى أحد جوانبه ومركباته فقط. ولهذا ينبغي أيضا، ومقابل تكريس موضوعة القومية اليهودية، الاعتراف بالأقليات وبحقوق المجموعات السكانية المختلفة في المجتمع الإسرائيلي، وخصوصا حقها في رعاية وتنمية ثقافتها، ديانتها، لغتها وتراثها".
في مستهل ورقتهم/ رسالتهم هذه يرى معدّوها ضرورة "توضيح أننا ملتزمون، بكامل روحنا وقوتنا، بمبدأ كون إسرائيل دولة قومية ديمقراطية ملتزمة بالمساواة، يجسد الشعب اليهودي فيها حقه في تقرير المصير"، لكنهم يشددون على إن إجراء أحادي الجانب كهذا من شأنه خلخلة التوازن بين مركّبي الدولة، اليهودي والديمقراطي، بما "سيعمق الشروخات القائمة أصلا في المجتمع الإسرائيلي وسينعكس ليس فقط على الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم في إسرائيل وسيقلص القدرة على حماية حقوق المواطنين في إسرائيل، وإنما أيضا سيعود بضرر معنوي وتربوي وسيمسّ بالقدرة على ضمان حياة مشتركة بين المجموعات المختلفة في الدولة".
على هذا، يدعو معدو "ورقة الموقف" الوزراء وأعضاء الكنيست "ليس إلى التراجع عن مسعى تعريف الهوية القومية اليهودية على عتبة الذكرى السبعين لتأسيس الدولة، بل إلى صياغة القانون بصورة جذرية، منفتحة، احتوائية وضامنة للاحترام، من خلال بذل جهود جدية وصادقة من أجل التوصل إلى توافق اجتماعي وسياسي أوسع ما أمكن، على أساس اقتراح القانون الذي أُعِدّ استنادا إلى الفصل التمهيدي في مشروع "الدستور التوافقي" الذي صاغه، ضمن معهد الديمقراطية، طاقم برئاسة رئيس المحكمة العليا السابق، مئير شمغار".
ففي الفصل المذكور ـ كما يوضح معدو "الورقة" ـ "حفظ للتوازن المطلوب بين طابع إسرائيل كدولة قومية يهودية من جهة، وبين طابعها الديمقراطي وفي جوهره الالتزام بالمساواة والاعتراف بمكانة الأقليات من جهة أخرى". وبالإضافة إليه، يجدر سن قانون أساس خاص يثبّت، كمقدمة للدستور وقاعدة له، المبادئ التي نصت عليها "وثيقة الاستقلال" التي تشكل، في نظر معدي "الورقة"، "التعبير الأوضح عن يهودية الدولة، سوية مع كونها دولة جامعة تشمل جميع مواطنيها وتلتزم، على نحو صريح، بالمساواة التامة لجميع مواطنيها"!
ويشدد رؤساء "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" في ورقتهم هذه على "واجب معارضة أي اقتراح لا يضمن تعبيرا واضحا عن حق جميع مواطني الدولة في المساواة التامة في الحقوق، السياسية والاجتماعية"، كما ورد في "وثيقة الاستقلال".
هذا التعبير عن "حقوق المجموعات المختلفة من الأقليات" توجبه التزامات إسرائيل وتعهداتها الدولية، وخصوصا من خلال انضمامها إلى الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من العام 1966 وهو الأمر الكفيل بـ"تأكيد وتوضيح حقيقة كون دولة إسرائيل تجسيداً لحق شعب واحد فقط في تقرير المصير القومي ـ الدولتي، هو الشعب اليهودي"!