المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1617

أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان رسمي أصدره أول من أمس الأحد، أن "ضابطا أصيب بجراح طفيفة" جراء الحجارة التي رمى بها مستوطنون جنود الجيش يوم السبت الأخير، حين "تدخل" الجنود "لتفريق الطرفين المشتبكين" (!) واستخدموا، خلال ذلك، "وسائل لتفريق المظاهرات ضد الفلسطينيين"!! وأوضح بيان الجيش أن "متطرفين قاموا بإلقاء الحجارة باتجاه فلسطينيين، ما أدى إلى إصابة فلسطينية نُقلت على أثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج" وأن "عددا من المتطرفين هاجموا قوات الجيش وقذفوها بالحجارة، ما أدى إلى إصابة ضابط في يده".

 

جاء بيان الجيش الإسرائيلي هذا بعد ساعات من بيان سابق كان أصدره حول الحادثة نفسها وادعى فيه بأنه "لا يعرف هوية الجهة التي بدأت الصدام" (!) وبأن جنوده "فرّقوا الطرفين المتصادمين بعد إلقاء الحجارة نحو بعضهما"!

وشدد الجيش على أنه "ينظر بخطورة بالغة إلى محاولات المس بقوات الأمن" وأنه "يعمل بالتعاون مع سلطات القانون المختصة ضد هذه المحاولات"!!

وكان عشرات المستوطنين قد هاجموا منازل فلسطينية في قريتي عوريف وحوارة في محافظة نابلس ووقعت صدامات بينهم وبين الأهالي الذين تصدوا لهم أسفرت عن إصابة ستة مواطنين فلسطينيين، بينهم سيدة في الـ 27 من العمر.

وقبل ذلك بيوم واحد، هاجم عشرات المستوطنين نشطاء لمنظمة "تعايش" اليهودية ـ العربية كانوا يرافقون رعاة فلسطينيين تعرضوا لاعتداءات المستوطنين قرب مستوطنة "كوخاف هشاحر" القائمة على أراضي قريتي كفر مالك ودير جرير في محافظة رام الله. وأسفر هذا الاعتداء عن إصابة أربعة من نشطاء "تعايش" بجروح.

وتزامنت هذه الاعتداءات الأخيرة، التي تشكل جزءا من اعتداءات يومية متكررة ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، مع ورقتيّ موقف جديدتين أصدرتهما منظمة "يش دين" (يوجد قانون) الإسرائيلية ورصدت فيهما ممارسات المستوطنين اليومية في الضفة الغربية وتعامل سلطات تطبيق القانون الإسرائيلية المختلفة مع هذه الاعتداءات والممارسات، وخاصة في مجالين اثنين: 1ـ الاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين والتسبب لهم بأضرار مختلفة، جسدية ومادية؛ 2- المخالفات الجنائية المتعلقة بالبناء "غير القانوني" في المستوطنات والبؤر الاستيطانية المختلفة في الضفة الغربية.

في "ورقة الموقف" الأولى، التي جاءت بعنوان "تطبيق القانون على مدنيين إسرائيليين (مستوطنين) في الضفة الغربية"، توصلت معطيات "يش دين" إلى "استنتاج أساس" يقول إن "إقامة قسم مكافحة الجريمة القومجية في لواء "شاي" (يهودا والسامرة ـ الضفة الغربية) في شرطة إسرائيل في العام 2013، والذي كان هدفه المعلن حماية الفلسطينيين من الإجرام القومجي، لم يؤدِّ إلى زيادة في نسبة حلّ ملفّات من هذا النوع"!

فمن أصل 289 ملفًّا بخصوص "الجريمة الأيديولوجية" تابعتها "يش دين" بين الأعوام 2013-2016، انتهى 20 ملفًّا فقط إلى تقديم لوائح اتهام ضد الجناة (9ر6% من الملفّات التي انتهت معالجتها). بينما تمّ، في المقابل، إغلاق 225 ملفًّا دون تقديم لوائح اتهام. ومن بين هذه الملفّات، "أخفقت" الشرطة في التحقيق في 183 ملفًّا (3ر75% من الملفات التي انتهت معالجتها بنتيجة علمت بها "يش دين"). ويتجسد هذا "الإخفاق" في عجز محقِّقي الشرطة عن العثور على الجناة أو جمع الأدلة الكافية لمحاكمة المشبوهين!! وتشبه هذه المعطيات تلك المتوفرة لدى "يش دين" بخصوص معالجة مجمل ملفات التحقيق التي تابعتها المنظّمة منذ العام 2005، أي منذ ما قبل تأسيس "قسم مكافحة الجريمة القومية". وتفيد معطيات "يش دين" هذه بأنّ 90 ملفًّا (8%) فقط من أصل 1122 ملفّ تحقيق انتهت معالجتها حتى نهاية العام 2016، قد انتهت بتقديم لوائح اتهام.

وحسب المعطيات الرسمية التي نقلتها شرطة إسرائيل إلى "يش دين"، شرع "لواء شاي" في العام 2015 بالتحقيق في 280 ملفًّا صُنّفت كملفات جرائم قومية اشتُبه بقيام مدنيين إسرائيليين بارتكابها. وقد انتهت هذه التحقيقات بتقديم 59 لائحة اتهام خلال العام 2015 نفسه.

وتشير معطيات "يش دين" ومعطيات الشرطة، على حد سواء، إلى استمرار التوجّه الذي يؤكد ما تصفه المنظمة بـ"الإخفاق المتواصل" في كل ما يتعلق بالتحقيق في "الإجرام الأيديولوجي الموجَّه ضد فلسطينيين" وأن حقيقة نجاح سلطات تطبيق القانون الإسرائيلية في محاكمة مشبوهين بارتكاب جرائم قومية عندما يكون الضحايا من غير الفلسطينيين، "تُؤكد أنّ هذه المعطيات ليست قضاءً وقدرا، بل نتيجة سياسة مدروسة"!

مخالفات البناء الاستيطانية

في "ورقة الموقف" الثانية، التي جاءت بعنوان "جريمة بلا عقاب – عدم معاقبة مخالفي البناء غير القانوني في الضفة الغربية"، تستعرض "يش دين" أداء سلطات تطبيق القانون الإسرائيلية بشأن المخالفات الجنائية المتعلقة بالبناء "غير القانوني" في المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية، مع التركيز على انتهاك القوانين الإدارية والقضائية. ويظهر من المعطيات أن أجهزة تطبيق القانون تتعمد التجاهل بشكل منهجي وشامل: فهي لا تحاكم الجناة ولا تطبّق تعليمات القانون الجنائي بشأن هذه المخالفات. ومن خلال تقصيرها هذا في أداء ما هو مطلوب منها، تساهم أجهزة تطبيق القانون في المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وتشير المعطيات إلى أنه خلال 50 عاما تمّ بناء مئات وآلاف المباني والشوارع في المناطق المحتلة من خلال نهب الأراضي وارتكاب شتّى أنواع المخالفات لقوانين التنظيم والبناء الإسرائيلية. ويمنع هذا العمل الإجرامي الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، وينتهك العديد من الحقوق الأساس المكفولة لهم، وعلى رأسها الحق بالتملّك.

في أحيان كثيرة تُصدر "الإدارة المدنية" أوامر بوقف أعمال البناء وأوامر بهدم المباني غير القانونية، دون أن يتمّ تنفيذ معظم هذه الأوامر على أرض الواقع، ما يشير إلى أن "سيادة القانون" قائمة في الظاهر وحسب. ويدفع هذا الأمر العديد من أصحاب الأراضي الفلسطينيين إلى الالتماس لمحكمة العدل العليا طلبًا لأوامر بتنفيذ أوامر وقف البناء وهدم ما تمّ بناؤه دون تصريح وبشكل منافٍ للقانون. في بعض هذه الالتماسات، أصدرت المحكمة أوامر احترازية تحتّم على الدولة تجميد الوضع إلى حين صدور قرار حكم في الالتماس، لكن حتى هذه الأوامر تنتهك بفظاظة في أحيان كثيرة.

وتستعرض ورقة المعطيات الجديدة عدة حالات اختبارية امتنعت فيها سلطات تطبيق القانون عن القيام بواجبها ومحاكمة الجهات التي أخلّت بالأوامر الإدارية أو القضائية، وذلك رغم انتقاد قضاة المحكمة العليا وحتى مراقب الدولة. وترى منظّمة "يش دين" أنه "من دون تطبيق القانون الجنائي ومحاكمة المتهمين ومعاقبة الجناة، تُفتقد قوة الردع الحقيقية التي يمكنها ردع الجهات المخالفة للقانون، مما يشجّعها على الاستمرار في ارتكاب المزيد من المخالفات".

المصطلحات المستخدمة:

مراقب الدولة, شاي, الإدارة المدنية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات