المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

وحدة "إدارة الإستيطان" هي وحدة مستحدثة داخل "الإدارة المدنية" الإسرائيلية، تم إنشاؤها في العام 2023 بناءً على توصية استراتيجية من المستوطنين، وتم تسليمها إلى المستوطنين، وستعمل على حسم مستقبل الأراضي "ج" في الضفة الغربية لصالح المستوطنين. من ضمن الاتفاقيات التي جمعت بنيامين نتنياهو (اليمين الشعبوي) مع بتسلئيل سموتريتش (ممثل المشروع الاستيطاني التوراتي)، تم إنشاء وحدة "إدارة الاستيطان" داخل جهاز "الإدارة المدنية" الإسرائيلي. ففي 23 شباط 2023، صادق الكابينيت الإسرائيلي على قرار 168، والذي يأمر بتعيين يهودا إلياهو رئيساً لإدارة المستوطنات داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية. وبحسب القرار، "مدة الولاية ستكون 4 سنوات من تاريخ قرار الحكومة وستنتهي عند إنهاء المهمة المؤقتة لإدارة المستوطنات (ترتيب الخدمات المدنية في يهودا والسامرة) أو في نهاية الفترة المذكورة، أيهما أسبق".

ويعتبر الياهو بمثابة الساعد الأيمن لسموتريتش، والاثنان كانا من مؤسسي منظمة "ريغافيم" التي تعمل على محاربة الوجود الفلسطيني في المنطقة "ج". ويتبع هذا التعيين أمرين:

1. إن وحدة "إدارة المستوطنات" ستعمل ما بين 2022-2026، وهي فترة ولاية الياهو على تسوية أوضاع حوالي 160-180 بؤرة استيطانية، وتحويل بعضها إلى أحياء من مستوطنات قائمة بينما تحويل الأخرى إلى مستوطنات جديدة، بالإضافة إلى تسوية أوضاع المستوطنات الرعوية (تقام على حوالي 10% من مساحة المنطقة "ج")، وتستكمل مشروع تسوية أراضي الضفة الغربية عبر تحويل أكبر قدر ممكن إلى أراضي دولة، ومحاربة البناء والزراعة الفلسطينيين في المنطقة "ج". 

2. وحدة "إدارة المستوطنات" تكون تابعة لوزارة الدفاع مباشرة وذلك بغية تسهيل عملها مع الإشارة إلى أن السيطرة الإسرائيلية على الأرض المحتلة تتم من خلال مؤسسات الجيش باعتباره القوة المحتلة. لكن في المقابل، سيكون لدى وحدة "إدارة المستوطنات" صلاحية تعيين نائب رئيس الإدارة المدنية، وهو على ما يبدو حل وسط يرضي الجيش الإسرائيلي (الذي يصر على أن قيادة الإدارة المدنية يجب أن تظل بالزي الكاكي؛ أي شخصية عسكرية) ويرضي أيضاً قيادة المستوطنين (التي ترى أن الإدارة المدنية يجب أن تتفكك وتنتقل صلاحياتها إلى جهات مدنية "غيورة" أكثر على الاستيطان). في آذار 2024، قامت وحدة "إدارة الاستيطان" بتعيين هيلل روط، الغيور لأبعد الحدود على المشروع الاستيطاني، نائباً لرئيس الإدارة المدنية. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس "الإدارة المدنية" الحالي هو العقيد فارس عتيلة، وهو عربي درزي، بينما نائبه هو مستوطن توراتي عقائدي.

ولا بد من التذكير بأن وحدة "إدارة الاستيطان" لم تكن، طفرة وحاجة استيطانية، وليدة الاتفاقيات الائتلافية (تم توقيعها في نهاية كانون الأول 2022)، وإنما نبعت من تفكير استراتيجي قد نجد أصله في وثيقة نشرها منتدى شيلو في العام 2020. ومنتدى شيلو هو مركز تفكير استراتيجي تابع للمشروع الاستيطاني. على ما يبدو، معظم الأفكار، وبرامج العمل، والتوصيات التي تصدر عن هذا المنتدى تجد طريقها، في نهاية المطاف، في التطبيق العملي للحكومة الإسرائيلية. في الوثيقة المنشورة العام 2020، اتهم منتدى شيلو "الإدارة المدنية" بأنها "مهنية" أكثر من اللازم، وأنه لا توجد لديها سياسة واضحة فيما يتعلق بالأراضي "ج"، وأنها لا تملك الأدوات اللازمة للتعامل مع "الاحتلال الفلسطيني" غير الشرعي للمنطقة "ج"، وأنها تعج بالإخفاقات الهيكلية مما يجعلها "مقصّرة" في تقديم الخدمات لـ "السكان المدنيين" (أي المستوطنين في الضفة الغربية)، وذلك لأن "الإدارة المدنية" تعمل من منظور عسكري وبعقليات وخصائص عسكرية تجعلها غير مخلصة للاستيطان. كما اتهم منتدى شيلو "الإدارة المدنية" بأنها بطيئة للغاية في الاستجابة لحجم التحديات التي تنتصب أمام المستوطنين، بسبب "حماقة الآليات المتبعة، أو عدم كفاية الاتصال مع الوزارات الحكومية الموازية، أو بسبب عدم وجود مسؤولية واضحة عن المناطق التي تتطلب استجابة عاجلة". كما رأى منتدى شيلو أن هناك غياباً للتوجيهات من جانب المستوى السياسي، وغياباً لسياسة واضحة فيما يتعلق بالأراضي "ج".

وعليه، اقترح منتدى شيلو "خطة عمل" استراتيجية في العام 2020، هي التي بدأت الحكومة الإسرائيلية التي عينت سموتريتش وزيراً مدنياً داخل وزارة الدفاع بتنفيذها بشكل شبه حرفي، وتشمل الخطة إنشاء إدارة الاستيطان داخل وزارة الدفاع لإدارة التحدي الاستراتيجي في منقطة "ج". وستكون من مهمات هذه "الإدارة" ما يلي:

1. جمع المعلومات الحديثة في جميع المجالات المتعلقة بتطوير المشروع الاستيطاني، والحصول على صورة محدثة للوضع فيما يتعلق بالبناء غير الشرعي والاستيلاء الفلسطيني على الأرض من خلال الزراعة.

2.  صياغة توصيات لوزير الدفاع من أجل وضع سياسة بشأن المسائل التي تقع ضمن مجالات مسؤوليتها ومساعدة الوزير في تنفيذ السياسة التي سيتم تحديدها.

3. إدارة السياسة المتعلقة بالأراضي والحفاظ على "أراضي الدولة"، بما في ذلك: الشروع الفوري بتسوية الأراضي في الضفة الغربية وتسجيلها كأراضي الدولة؛ والتعاقد مع الجهات الحكومية والخاصة التي ستوفر حلاً للحفاظ على أراضي الدولة من خلال الغابات والغرس والرعي وما إلى ذلك.

4.  إزالة "الاعتداءات الفلسطينية" الزراعية وتلك المتعلقة بالبنية التحتية.

5. عرقلة ومنع أي نشاط دولي أو حكومي أو مدني يدعم جهود السلطة الفلسطينية ويضر بالمصالح الإسرائيلية في المنطقة "ج"، مع الإشارة إلى التمويل الأوروبي في دعم وجود الفلسطينيين في المناطق "ج".  

6. تنسيق جميع المعلومات المطلوبة لإدارة القضايا القانونية في المحاكم.

ويقترح منتدى شيلو، وهو ما تم بالفعل مع تولي سموتريتش لمنصبه، أن تتألف وحدة "إدارة الاستيطان" من مقر عام (في بيت إيل) وهيكلية تضم خمس مناطق: "السامرة" (نابلس وكل ما يقع شمالها)، و"بنيامين" (رام الله وسلفيت)، و"غوش عتصيون" (ما بين القدس وحلحول)، وجبل الخليل، وغور الأردن.

في منتصف العام 2024، تحققت معظم توصيات منتدى شيلو المتعلقة بإنشاء الوحدة، الأمر الذي يجعل مستقبل الأراضي "ج" أكثر خطورة من أي وقت مضى: على الأجندة، في حال لم يتم تفكيك الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، ما يلي: تسوية أوضاع البؤر الاستيطانية (وقد تم بالفعل الشروع قانونياً وإجرائياً وأيضاً فيما يتعلق بالبنى التحتية بتسوية أوضاع حوالي 70 بؤرة)، البدء بالإعلان عن مساحات كبيرة، وبشكل غير مسبوق، كأراضي دولة (على أن يكون الطموح الاستيطاني التالي هو تسجيل هذه الأراضي في سجل الطابو الإسرائيلي التابع لدولة إسرائيل- وهذا ما يعني الضم الكامل والنهائي).

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات