تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 1248

تجري الانتخابات العامة في إسرائيل، عادة، إما في موعدها القانوني المقرر وإما بصورة مبكرة في حال نجاح المعارضة في الإطاحة بالحكومة أو رئيسها خلال ولايتهما أو في حال وفاة رئيس الحكومة. لكن هذا ليس الحال في إسرائيل، الآن، إذ أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هو الذي قرر إنهاء ولاية حكومته، انطلاقا من تقديره أنه سيعود إلى سدة الحكم بعد الانتخابات المبكرة المقبلة، المزمع إجراؤها في الرابع من أيلول هذا العام، بدلا من تشرين الثاني من العام المقبل (2013).

وقال نتنياهو في خطاب ألقاه أمام مؤتمر حزب الليكود في تل أبيب، مساء أمس الأحد (6/5/2012)، إنه "من الأفضل إجراء معركة انتخابية قصيرة خلال 4 شهور يكون من شأنها إعادة الاستقرار السياسي". وأضاف "لن أتعاون مع معركة انتخابية على مدار سنة ونصف السنة ستلحق ضررا بالدولة".

 
وألقى نتنياهو خطابا انتخابيا بارزا عدد فيه ما وصفه بأنه "إنجازات" حققتها حكومته، خلال السنوات الثلاث الماضية في المجالين الأمني والاقتصادي. ووخز نتنياهو رؤساء الأحزاب، وخاصة رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، بقوله إن "دولة إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها برئيس وزراء من دون تجربة سياسية وأمنية واقتصادية، فهذا هو المزيج الضروري".

وتطرق نتنياهو إلى جولات التصعيد في قطاع غزة قائلا "ضربنا بصورة منهجية الكثيرين من أولئك الذين كانوا ينوون توجيه ضربات إلينا، وبادرنا ورددنا بحزم على أي هجوم ضدنا، بمساعدة القبة الحديدية (لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى) والجدار الحدودي في  الجنوب  وبخطوات كثيرة أخرى، قسم منها فقط معروف للجميع، وأثبتنا أننا نعالج الأمن بقوة بالغة وبترجيح الرأي".

وأضاف "أعدنا الجندي المخطوف غلعاد شاليت إلى بيته سالما. وأعدنا اقتصاد إسرائيل إلى النمو بشكل أكبر من النمو في أوروبا والولايات المتحدة". وعدد إنجازات حكومته في مجال التعليم وخفض أسعار الشقق الجديدة وغيرها.

وفيما يتعلق بإيران قال نتنياهو إن طرح الموضوع النووي الإيراني على الأجندة الدولية "تم بقدر كبير بسبب نشاطنا، والعالم مجند ضد البرنامج النووي الإيراني" وتعهد بأنه سيستمر في العمل "حتى إزالة التهديد بشكل حقيقي".

لكن نشوة القوة التي عبر عنها نتنياهو في خطابه، مستعينا باستطلاعات الرأي التي تتنبأ بفوز حزب الليكود في الانتخابات المقبلة، انقلبت عليه بعد أن أنهى الخطاب. عندها برز نفوذ المستوطنين في الليكود. والمستوطنون الأعضاء في الليكود متطرفون سياسيا ومتعصبون قوميا ومتزمتون دينيا. ويشكلون جناحا قويًا في هذا الحزب، ويفرضون على الليكود، بشكل عام، رؤيتهم السياسية فيما يتعلق بمصير الضفة الغربية ورفض القيام بأية خطوات تجاه الفلسطينيين، وليس فقط ما يتعلق بالمفاوضات. والمثير في الأمر أن غالبيتهم لا تصوت لليكود.

فبعد خطابه، الذي قوطع بالتصفيق الحار، طلب نتنياهو أن يتولى رئاسة مؤتمر الحزب، من خلال تصويت علني. وقال محللون إن نتنياهو يسعى بذلك إلى السيطرة على تشكيل قائمة الحزب للكنيست في الانتخابات القريبة. لكن منافسه على هذا المنصب، عضو الكنيست داني دانون، الذي يتمتع بتأثير كبير على جناح المستوطنين في الليكود، عارض ذلك. ودعا دانون إلى انتخاب رئيس المؤتمر بصورة سرية. وبعد خطاب نتنياهو، منع المستوطنون في مؤتمر الليكود إجراء تصويت علني وراحوا يصرخون "سرية.. سرية". وتأجل انتخاب رئيس المؤتمر إلى جلسة لاحقة. ووصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية الأجواء في مؤتمر الليكود بأنها "إذلال لنتنياهو".

 

نتنياهو قرر تقديم الانتخابات بعد "صفقة شاليت"      

وأشار المحللون الإسرائيليون، يوم الجمعة الماضي، إلى أن نتنياهو اتخذ قراره بتقديم موعد الانتخابات في تشرين الأول الماضي، بعد صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس. وكتبت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "معاريف"، مازال معلم، أنه منذ صفقة التبادل واستعادة إسرائيل الجندي الأسير غلعاد شاليت، ارتفعت شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي بشكل كبير، وأصبحت هناك فجوة بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى.

وأضافت معلم أنه "لم ينشأ بديل لنتنياهو داخل المؤسسة السياسية أو خارجها. وكلما اقترب نتنياهو من حسم قضايا صعبة ويمكن أن تفجر الوضع [في التحالف]، مثل قانون طال [الذي يمنح إعفاءات وامتيازات للحريديم في الخدمة  العسكرية] والموازنة وإخلاء مستوطنين، كانت النتيجة واضحة بالنسبة له. وهي أنه لن يتمكن من تحقيق شعبية أفضل. فلماذا ينتظر التلبكات وفقدان السيطرة، إذا أمكن تغيير الوضع؟ ورغم ذلك كان مهما لنتنياهو ألا يبدو كمن يبتهج من التوجه إلى انتخابات. فلماذا عليه أن يبدو كمن يريد تفكيك حكومة بدون سبب؟". 

وأكدت ذلك محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أيضا. وكتبت أن "نتنياهو بدأ يفكر في انتخابات مبكرة بعد تحرير غلعاد شاليت مباشرة. أي في نهاية تشرين الثاني".

ووفقا لكدمون فإن التفكير في انتخابات مبكرة كان وراء قرار نتنياهو القيام بخطوة سريعة تتمثل في انتخابات داخلية (برايمريز) على رئاسة حزب الليكود. وأضافت أن ما كان في مرمى نتنياهو هو حزب كاديما، وليس خصومه في الليكود، "فقد توقع، وهذا ما حصل فعلا، أن البرايمريز في الليكود ستقود إلى برايمريز في كاديما، والتي سيتحطم هذا الحزب في أعقابها". وقد احتفظ نتنياهو بخطته هذه ولم يطلع عليها سوى أكثر المقربين منه. وحتى أن رئيس التحالف البرلماني، عضو الكنيست زئيف إلكين، الذي قدم مشروع قانون لحل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة، يوم الأربعاء، عاد قبل ذلك بيومين من زيارة لأوكرانيا ولم يكن على علم بخطة نتنياهو.

ونقلت كدمون عن نتنياهو قوله لعدد قليل من المقربين منه، الذين حتى هم لم يكونوا مطلعين على جميع القرارات التي تضمنتها خطته: "سنذهب إلى الانتخابات بعد البرايمريز في كاديما مباشرة" والتي جرت في نهاية شهر آذار الماضي، كما نقلت تأكيده أن "إستراتيجيته كانت تحطيم كاديما من جهة وتقوية مكانته داخل الليكود من الجهة الأخرى".

وأضافت كدمون أنه عندما علم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بالأمر عارض ذلك، بينما قرر نتنياهو الإعلان عن انتخابات مبكرة بعد عيد الفصح اليهودي مباشرة. وكان نتنياهو مهتما بأن يقدم حزب آخر، غير الليكود، مشروع قانون لحل الكنيست، وهو ما فعله حزبا العمل وميرتس.

وأشارت كدمون إلى مقالها من يوم 22 آذار الماضي، عندما كشفت أن نتنياهو يخطط لإجراء انتخابات مبكرة في أيلول المقبل. وعلى ما يبدو أنه تم تسريب خطة نتنياهو إليها. فقد كتبت في ذلك المقال أن هناك عدة أسباب من شأنها أن تدفع نتنياهو إلى اتخاذ قرار بتقديم موعد الانتخابات العامة ليضمن فوزه فيها، وذلك بالاستناد إلى أنه "لأول مرة يقوم بتحليل الوضع أشخاص بإمكانهم أن يقودوا إلى إجراء انتخابات وليس محللين فقط"، في إشارة إلى مصادر سياسية مطلعة ومقربة من نتنياهو. وقد أثار هذا المقال في حينه بداية حراك لتقديم الانتخابات، رغم أن نتنياهو نفى ما جاء فيه.

وكتبت كدمون، في نهاية الأسبوع الماضي، أن خطة نتنياهو لتقديم الانتخابات تم إعدادها بحرص وأن الدليل على ذلك هو أنه "في وزارة المالية لم يبدأوا بعد بالعمل على موازنة العام 2013، وذلك انطلاقا من المعرفة بأنه ستجري انتخابات وأن  الموازنة لن تصل إلى الحكومة ولا إلى الكنيست".

وبحسب  المحللين الإسرائيليين فإن نتنياهو يريد إجراء انتخابات مبكرة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية، واحتمال إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما، لولاية ثانية. وهناك محللون يشيرون إلى أن نتنياهو، بعد انتخابه لولاية ثالثة، قد يقرر مهاجمة إيران، قبل الانتخابات الأميركية أو بعدها مباشرة ومن دون التنسيق مع الولايات  المتحدة،  التي تعارض هجوما كهذا حاليا. ويجمع المحللون على أن الموضوع الإيراني سيكون ماثلا بقوة في المعركة الانتخابية الإسرائيلية.

 

تكهنات وعلاقات

كثرت التكهنات حول أسباب وجوب تقديم الانتخابات، خلال الأسبوعين الماضيين. وأحد هذه التكهنات يتعلق بليبرمان.

فقد تحدثت تقارير عن أن الأخير يعتزم طرح مشروع قانون بديل "لقانون طال"، ويقضي بفرض الخدمة العسكرية أو الوطنية أو المدنية على جميع الشبان في إسرائيل ببلوغهم سن 18 عاما. أي فرض الخدمة على العرب والحريديم. وأثار إعلان ليبرمان في هذا الخصوص ضجة لدى الحريديم، الذين يرفضون إلغاء "قانون طال" ويرفضون الخدمة في الجيش كبديل لدراسة شبانهم في الييشيفوت (أي المعاهد الدينية) من خلال مسار "توراتهم حرفتهم". وبدا أن إقدام ليبرمان على طرح مشروع كهذا سيؤدي إلى حل التحالف الحكومي، لأنه إما أن ينسحب حزب "إسرائيل  بيتنا" أو الأحزاب الحريدية، شاس و"يهدوت هتوراة"، من الحكومة.

لكن محلل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس"، يوسي  فيرتر، أكد أنه خلافا للتقديرات التي سادت في مطلع الأسبوع الماضي، فإن "ليبرمان لم يسحب البساط من تحت أقدام نتنياهو. وهو لم يضعه أمام حقائق منتهية ولم يفرض عليه شيئا. ونسق الاثنان [نتنياهو وليبرمان] خطواتهما منذ اللحظة الأولى".

وهنا لا بد من ملاحظة تتعلق بالعلاقات الوثيقة بين نتنياهو وليبرمان. فقد رافق ليبرمان نتنياهو في العمل السياسي وكان أمين سره منذ العام 1988، بعد نهاية ولاية نتنياهو كسفير لإسرائيل في الأمم المتحدة وعودته إلى البلاد والدخول في قائمة حزب الليكود للكنيست. وبعد فوز نتنياهو برئاسة حزب الليكود في العام 1992، عيّن ليبرمان مديرا عاما لحركة الليكود. وبعد أن أصبح نتنياهو رئيسا للحكومة ،في العام 1996، عيّن ليبرمان مديرا عاما لمكتب رئيس الحكومة. وفي العام 1997 استقال ليبرمان من هذا المنصب. وهناك تقديرات بأن هذه الاستقالة جاءت في أعقاب فتح ملف تحقيق ضد ليبرمان في الشرطة، وقد تم إغلاق الملف بعد فترة.

ويرى محللون أن المواقف المتطرفة التي اتخذها ليبرمان، خلال ولاية الحكومة الحالية، وخصوصا تلك المتعلقة  بالعملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، منسقة مع نتنياهو، بل إنها تعبر عن موقف نتنياهو. كذلك لم تشهد السنوات الثلاث الماضية، منذ بدء ولاية نتنياهو، ولو مرة واحدة، ملاحظة وجهها رئيس الحكومة إلى وزير خارجيته، في السر أو العلن، في أعقاب تصريحات أطلقها الأخير وبدا أن من شأنها إلحاق ضرر سياسي بإسرائيل، أو حتى إثارة أزمة مع الولايات المتحدة.

وفيما يتعلق بالتنسيق بين الاثنين، كشف فيرتر عن أن هذا التنسيق بعيد المدى الآن. فقد بحث مندوبون من قبل نتنياهو وليبرمان، خلال الأسبوع الماضي، إمكانية التحالف بين حزبي الليكود و"إسرائيل بيتنا" لخوض الانتخابات المقبلة في قائمة واحدة، برئاسة نتنياهو ويكون ليبرمان الرجل الثاني فيها، وتسمى "الليكود بيتنا".

وأوضح فيرتر أن السبب لخطوة كهذه، استنادا إلى مصادر في كلا الحزبين، هو أن "نتنياهو تخوف، وربما لا يزال يتخوف، من اتحاد أحزاب الوسط - اليسار، العمل وكاديما و’يوجد مستقبل’ الذي أسسه يائير لبيد، في قائمة واحدة ستحصل على ما بين 40 و42 مقعدا في الكنيست بموجب استطلاعات الرأي الأخيرة، بينما سيحصل الليكود وفقا للاستطلاعات نفسها على 30 مقعدا في الكنيست. وأن يأتي رؤساء هذه القائمة الموحدة إلى الرئيس [شمعون] بيريس بعد الانتخابات، ويطلبوا منه تكليفا بتشكيل الحكومة، كأكبر حزب. وفي هذه الحالة لن يكون مفر أمام الرئيس إلا تكليف كتلة الوسط - اليسار، حتى لو كانت كتلة أحزاب اليمين والحريديم أكبر".

لكن فيرتر أشار إلى أن هذا هو أحد السيناريوهات المنطقية، من جهة، والخيالية من الجهة الأخرى. وهذا السيناريو منطقي بسبب ما ذكر أعلاه. غير أنه خيالي، وغير  قابل للتطبيق، لأسباب أخرى تكشف حقيقة العلاقات بين أحزاب الوسط - اليسار ورؤسائها. السبب الأول يتعلق بمن سيرأس قائمة موحدة كهذه، رئيس حزب كاديما، شاؤول موفاز، أم رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش. ورغم أن موفاز هو رئيس أركان الجيش ووزير دفاع سابق، لكن الاستطلاعات تتوقع أن يحصل العمل  برئاسة يحيموفيتش على ضعفي المقاعد في الكنيست تقريبا، التي سيحصل عليها كاديما.

والسبب الثاني يتعلق بإمكانية أن يؤدي تحالف كهذا إلى هروب مصوتين كثيرين لهذه الأحزاب، على خلفية عدم كرههم ليحيموفيتش أو خوفهم من موفاز أو استخفافهم بلبيد، والتصويت لأحزاب أخرى.

والسبب الثالث هو أنه ليس مؤكدا أبدا أن رؤساء هذه الأحزاب يريدون الوحدة.

وكتب  فيرتر أن "ليبد يبدو كمن سيفضل أن يوصي في جميع الأحوال أمام الرئيس بتكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة أكثر من الاحتمال بأن يوصي على يحيموفيتش".

وأضاف فيرتر أنه على الرغم من أن "احتمالات تحقق هذا السيناريو ضئيلة، لكن نتنياهو لن يعتمد على الحظ. ففي هذه الانتخابات نتنياهو لن يغامر، وسيستعد لأي سيناريو، ويفكر في جميع الخيارات، وحتى الخيارات المهووسة، ووضع رد على كل واحد منها. هذه حرب. وهو يريد ضمان انتصاره فيها قبل فتح صناديق الاقتراع".

 

نصف الإسرائيليين يريد بقاء نتنياهو

أظهر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، يوم الخميس الماضي، أن حوالي نصف الإسرائيليين يريدون بقاء نتنياهو في منصبه بعد الانتخابات العامة المبكرة.

ونشرت صحيفة "هآرتس" استطلاعا للرأي تبين منه أن 48% من الإسرائيليين يعتبرون أن نتنياهو هو الأنسب لمنصب رئيس الحكومة، فيما قال 15% إن رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، هي الأنسب لهذا المنصب، وقال 9% إن ليبرمان الأنسب  لمنصب رئيس الحكومة ورأى 6% فقط إن رئيس حزب كاديما، شاؤول موفاز، هو الأنسب لرئاسة الحكومة.

وتبين من الاستطلاع أيضا أن 51% من الإسرائيليين لا يوافقون على أقوال رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، يوفال ديسكين، الذي انتقد بشدة سياسة نتنياهو وقال إنه لا يثق بقدرة الأخير ووزير الدفاع، ايهود باراك، على قيادة حرب ضد إيران، فيما قال 25% إنهم يوافقون على انتقاداته. كذلك قال 49% إن وضعهم الاقتصادي لم يتغير خلال السنوات الثلاث الماضية، منذ بداية ولاية حكومة نتنياهو، فيما قال 30% إن وضعهم الاقتصادي ساء بينما تحسن الوضع الاقتصادي لـ 20%.

كذلك تبين من استطلاع نشرته صحيفة "معاريف"، الخميس الماضي، أن حزب الليكود ما زال يحافظ على قوته، وفقا للاستطلاعات الأخيرة، وأنه في حال جرت الانتخابات اليوم فإنه سيحصل على 31 مقعدا في الكنيست فيما لا يزال حزب العمل في المكان الثاني وسيحصل على 18 مقعدا.

وتوقع الاستطلاع أن يحصل حزب "إسرائيل بيتنا" على 12 مقعدا وحزب كاديما على 11 مقعدا، علما أن هذا الحزب فاز في الانتخابات الماضية بـ 28 مقعدا. ويذكر أن رئيسة كاديما السابقة تسيبي ليفني قدمت استقالتها من الكنيست، يوم الثلاثاء الماضي، وذلك في أعقاب خسارتها رئاسة الحزب لصالح موفاز. وأعلنت ليفني أنها ستواصل نشاطها العام وستعمل على تغيير حكومة نتنياهو.

ويتوقع أن يحصل حزب "يوجد مستقبل" الجديد، الذي أسسه الإعلامي يائير لبيد، على 11 مقعدا بينما ستحصل الأحزاب العربية مجتمعة على 10 مقاعد. ووفقا للاستطلاع فإن حزب شاس سيحصل على 8 مقاعد وحزب "يهدوت هتوراه" على 6 مقاعد وحزب ميرتس على 5 مقاعد وحزب "البيت اليهودي" على 4 مقاعد وحزب "الاتحاد الوطني" على 4 مقاعد، بينما لا يتوقع أن يتجاوز حزب "عتسماؤوت" برئاسة باراك نسبة الحسم. ويظهر من هذا الاستطلاع بشأن توازن القوى أن كتلة أحزاب اليمين والحريديم ستحصل على 65 مقعدا في الكنيست بينما كتل أحزاب الوسط واليسار والأحزاب العربية على 55 مقعدا.

 

توقع انهيار كاديما

يرى المحللون الإسرائيليون أن فوز حزب الليكود وبقاء زعيمه، نتنياهو، في سدة الحكم هو أمر شبه مؤكد. ويعتبرون أن حزب كاديما سيكون "قصة الانتخابات المقبلة"، وحتى أن قسما من المحللين لا يستبعد انهيار هذا الحزب بشكل أكبر وأن ينتهي دوره السياسي على غرار حزب شينوي. وقد زادت استقالة ليفني من الكنيست الطين بلة، إذ تبين الاستطلاعات أن بقاء ليفني في كاديما كان سيوقف تدهور هذا الحزب وسيمنحه ثلاثة أو أربعة مقاعد أكثر في الكنيست.

وتحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية، خلال الأسابيع القليلة الماضية، عن احتمال انضمام ليفني إلى حزب لبيد. لكن فيرتر أشار إلى عدم وجود إمكانية كهذه. وكتب المحلل أنه "ربما كانت تريد ليفني الانضمام إلى لبيد، لكن طالما أن [رئيس الحكومة السابق] إيهود أولمرت يقف وراء هذا النجم، يقدم له الاستشارة ويساعده، فإن هذا الباب مغلق أمامها بسلاسل من حديد. فمنذ أن قرأ أولمرت في كتاب وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كوندوليسا رايس، أن وزيرة خارجيته [ليفني] عملت من وراء ظهره من أجل إحباط اتفاق السلام، الذي حاول التوصل إليه مع أبو مازن [الرئيس الفلسطيني محمود عباس]، فإنه يخوض ضدها حربا ضروسا، أشبه بحرب عالمية".

لكن موفاز يعترف بأن وجود ليفني في قائمة كاديما سيعود بالفائدة عليه وعلى الحزب. وقال في تصريحات للصحف الثلاث إن "حقيقة أن ليفني قررت مغادرة الكنيست لا تضيف لنا بكل تأكيد". لكن موفاز أضاف "أنا فزت [برئاسة الحزب]، ماذا يمكنني أن أفعل. هل عليّ أن أعتذر؟ لقد نشأ وضع ينطوي على تناقض. وينبغي عليّ القول آسف لأني فزت؟".

رغم ذلك شدد موفاز على أنه اقترح على ليفني خلال لقاء بينهما، مؤخرا، أن يتم ضمان المكان الثاني في قائمة الحزب لها. وقال إن "اقتراحي على ليفني بأن تكون رقم اثنين في الانتخابات المقبلة ما زال قائما. وهذا منوط بها وحسب. وهذا متعلق  بقدرتها ورغبتها في التجند للمجهود الوطني الأساس بإعادة إسرائيل إلى الطريق الصحيح وإسقاط نتنياهو عن رئاسة الحكومة. ولا توجد هنا اعتبارات شخصية، وبالتأكيد ليس من جانبي".

وقال القيادي في كاديما والوزير السابق، تساحي هنغبي، وهو من مؤيدي ليفني، إنه "يتعين على موفاز بذل جهد أكبر من أجل إبقاء ليفني في القائمة وضمان المكان الثاني لها. وأنا لست واثقا من أنها تريد البقاء، لكن عليه أن يقترح، وبشكل صادق. ليفني هامة لكاديما".

ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن قيادي رفيع المستوى في كاديما قوله  إن "المشكلة هي أن كاديما هو حزب فتي ولا يوجد فيه تراث تصويت. وجزء كبير من مصوتي كاديما في الانتخابات  الماضية صوت لنا من أجل إيقاف نتنياهو. وكان شعار الحملة ’إما تسيبي أو بيبي’. وفي هذه الأثناء خيب كاديما الأمل قليلا. وتسيبي ليست في القائمة، والكثيرون يسألون من أجل ماذا نصوت لكاديما. وهم يقولون ’سنذهب مع المسيح الجديد لبيد، أو مع ليفني أو سنعود إلى الليكود’. لقد كانت ليفني مغناطيس أصوات. وعلى موفاز أن يطرح قائمة انتخابية جيدة خصوصا فيما يتعلق بالأماكن العشرة الأولى. والمشكلة هي أنه لا يمكنه أن يدعم مؤيدي ليفني علنا، ولا يمكنه أيضا أن يعارض مؤيديه. إنه في ورطة".

 

الحريديم محبطون من تقديم موعد الانتخابات

أحد الأسباب الذي دفع نتنياهو لاتخاذ قراره بتقديم موعد الانتخابات العامة هو قرار المحكمة العليا بإلغاء "قانون طال" بحلول الأول من آب المقبل. فهذا القانون، الذي تم سنه في العام 2002 لمدة خمس سنوات وتم تمديد سريان مفعوله لخمس سنوات أخرى، ينص على منح إعفاءات وامتيازات للحريديم في كل ما يتعلق بالخدمة العسكرية. وفي موازاة إلغاء سريان مفعوله، تعين على الحكومة المبادرة إلى سن قانون جديد ينظم الخدمة العسكرية للحريديم. ويجري في هذه الأثناء طرح أفكار حول مشاريع قوانين بديلة لـ "قانون طال" وتقضي بفرض الخدمة العسكرية أو الوطنية أو المدنية على جميع الشبان في إسرائيل لدى بلوغهم سن 18 عاما، وبضمنهم الشبان العرب.

لكن قادة الحريديم يرفضون بشدة ذهاب شبانهم إلى الجيش أو أية خدمة أخرى، ويعتبرون أن ذلك سيمنع الشبان من قضاء أوقاتهم في  دراسة التوراة والكتب الدينية اليهودية الأخرى. وهذا الأمر يعني أن الحكومة لن تحول الميزانيات الهائلة للمعاهد الدينية التي يدرس فيها الشبان الحريديم.

وكتب مراسل "هآرتس" لشؤون الحريديم، يائير إتينغر، يوم الجمعة الماضي، أن "الحريديم محبطون، ويتهمون في سرهم نتنياهو لأنه قدم الانتخابات من دون أن يتفق معهم على تسوية مؤقتة أو دفن قانون طال في لجنة خبراء. وهم يعتقدون أن نتنياهو خانهم".

وأضاف إتينغر أنه "عندما ينافس رئيس الحكومة رؤساء أحزاب أخرى ويزور ’خيمة الغُشماء’ [التي أقامتها مجموعة من جنود الاحتياط وتدعو إلى تقاسم أعباء الخدمة العسكرية]، وعندما يقترح كل سياسي صيغة خاصة به بشأن ’الخدمة للجميع’، وفيما مطروحة على الأجندة العامة ميزانية الييشيفوت، وحصص الإعفاء من الخدمة العسكرية ضمن تسوية ’توراته حرفته’، ومشاركة الحريديم في سوق العمل والتمييز ضد النساء [في المجتمعات الحريدية]، فإنه واضح للحريديم أن شيئا ما قد تغير. وهم يخشون من أن مكانة الأحزاب الحريدية ستتغير بعد الانتخابات. وأصبح هناك سيناريو آخر، وهو أن الأحزاب الحريدية ستبقى في المعارضة".

وأشار إتينغر إلى أن حزب شاس، الذي يمثل اليهود المتدينين الشرقيين، لن يؤيد قانونا بديلا "لقانون طال" من دون جمهور الحريديم الليتوانيين، وهو أكبر جماعة حريدية أشكنازية. وفي هذه الأثناء لن يحدث تغيير في أفكار الحريديم  الليتوانيين، لأن زعيمهم الروحي، الحاخام يوسف شالوم إلياشيف، يحتضر، والمرشح لخلافته، الحاخام أهارون لايف شطاينمان، في الثامنة والتسعين من عمره.

إضافة إلى ذلك فإن الحريديم لم يؤيدوا "قانون طال" أبدا. ورغم أن هذا القانون منح الشبان الحريديم لدى بلوغهم سن 22 عاما إمكانية الاختيار بين التجند للجيش أو الخروج للعمل، ورغم أنه يمنح مؤسسات الحريديم ميزانيات هائلة، إلا أنه كان يعبر، حسب إتينغر، عن الحد الأقصى الذي يمكن أن يوافق عليه الحريديم الليتوانيون.

 

الأحزاب العربية

تقديم موعد الانتخابات العامة لا يعود بالفائدة على الأحزاب العربية الثلاثة، الجبهة والقائمة العربية الموحدة والتجمع، خصوصا أنه لا يتوقع تغير حكم اليمين بعد الانتخابات. لذلك فإن هذه الأحزاب لا ترحب بتقديم الانتخابات.

لكن الانتخابات في إسرائيل، خصوصا في العقد الأخير، هي موسم للتحريض على الأحزاب العربية، من خلال مطالبة أحزاب وأعضاء كنيست من اليمين بمنع حزب أو عضو كنيست عربي من خوض الانتخابات. وفعلا بدأ هذا الموسم مطلع الأسبوع الحالي.

فقد طالب عضو الكنيست اليميني، داني دانون، من حزب الليكود الحاكم، بمنع عضو الكنيست العربية حنين الزعبي، من الترشح لعضوية الكنيست بادعاء مشاركتها في أسطول الحرية التركي لكسر الحصار عن غزة. وذكرت "معاريف"، أمس الأحد، أن دانون قدم طلبا إلى رئيسة لجنة الانتخابات، القاضية مريم ناؤور، طالب فيه بمنع إمكانية ترشح الزعبي، من حزب التجمع الوطني الديمقراطي، في الانتخابات العامة المقبلة.

وادعى دانون في طلبه أن "عضو الكنيست الزعبي استخدمت حصانتها البرلمانية من أجل المشاركة في أسطول المرمرة، الذي كانت غايته تأييد الإرهاب ضد إسرائيل وإلحاق الأذى بجنود الجيش الإسرائيلي". ويذكر أن الزعبي كانت على متن السفينة "مافي مرمرة" ضمن أسطول الحرية الذي اعترضته قوات البحرية الإسرائيلية في نهاية أيار العام 2010 وقتلت 9 نشطاء أتراك وأصابت عشرات آخرين بجروح.

واعتبر دانون أنه "لا يوجد مكان في الكنيست لعضو الكنيست هذه ومكانها المناسب هو السجن". وضمن دانون طلبه العديد من التصريحات التي أطلقتها الزعبي ووصفها بأنها معادية لإسرائيل.

وعقبت الزعبي بالقول "أعتزم ترشيح نفسي  في إطار قائمة التجمع الوطني الديمقراطي وأن يتم انتخابي للكنيست، وعضو الكنيست دانون واليمين الإسرائيلي لا يريدان رؤية العرب في الكنيست لكنهم لن يردعوني ولن يردعوا الجمهور الذي أمثله".   

  

 

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا  يعكس آراء الاتحاد الاوروبي".