تسود توقعات في إسرائيل بأن الدراما التي جرت الأسبوع الفائت، عندما نام الإسرائيليون، مساء الاثنين، على وقع تقديم الانتخابات العامة واستيقظوا، فجر الثلاثاء، على حكومة وحدة وطنية، لن تكون نهايتها وفقا للسيناريو المتوقع.
وتشير التوقعات إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عندما اتفق مع رئيس حزب كاديما، شاؤول موفاز، بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، على تشكيل حكومة وحدة، إنما أراد، في الواقع، أن يستبدل حكومة بأخرى، وأن يغير تركيبة حكومته، أي أن الحديث لا يدور فقط على إقامة تحالف واسع مؤلف من 94 نائبا من بين نواب الكنيست الـ 120.
اعداد : وحدة "المشهد الإسرائيلي"
وهناك مؤشرات إلى أن سيناريو هذه الدراما لا يتجه نحو حكومة وحدة واسعة، كما تبدو الصورة الآن، وأن تعديلات ستدخل عليه، على شكل انسحابات من التحالف الحكومي.
المؤشر الأول يتعلق بحزب كاديما نفسه. فقد أخذ هذا الحزب، الأكبر في إسرائيل ويمثله 28 نائبا في الكنيست، بالتفتت، إذ لم يشارك في جلسة التصويت على المصادقة على هذه الحكومة سوى 12 نائبا من كاديما، وجميعهم من معسكر موفاز. ووجه عضو الكنيست روبرت طيفاييف، من كاديما، انتقادات لموفاز من على منصة الكنيست. كذلك فإن رئيس مجلس كاديما وأحد مؤسسي هذا الحزب، حاييم رامون، استقال من الحزب. وهناك توقعات بحدوث انشقاق في كاديما وأن يعود عدد من نوابه إلى صفوف المعارضة.
وقال رامون لإذاعة الجيش الإسرائيلي، يوم الخميس، إن "كاديما تحطم. وكان الاختيار بين الانهيار في الانتخابات أو الابتلاع داخل الليكود. وقد قرر الرفاق أن من الأفضل ألا نذهب إلى انتخابات وأنا أتفهمهم". وكشف أنه "حتى خلال ولاية الكنيست أجرى الكثيرون من أعضاء كاديما اتصالات مع الليكود وأرادوا الانضمام إلى هذا الحزب، وهذا لم ينجح لأسباب تقنية. وواضح أن كاديما كحزب وسط أنهى طريقه".
والمؤشر الثاني يتعلق بأحزاب مشاركة في حكومة نتنياهو منذ تشكيلها. فقد أعلن رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الأربعاء، أن امتحان حكومة الوحدة يكمن في نجاحها بسن قانون بديل لقانون طال، الذي يمنح الحريديم امتيازات وإعفاءات من الخدمة العسكرية. واعترض ليبرمان على صيغة مشروع قانون بديل لهذا القانون، تطرحها الحكومة ويؤيدها موفاز. وأوضح أنه يرفض أية إعفاءات أو امتيازات للحريديم في هذا الموضوع.
والمؤشر الثالث يتعلق بالبؤرة الاستيطانية "غفعات هأولبانا"، التي أصدرت المحكمة العليا قرارا بهدم خمسة مبان فيها، وأمهلت الحكومة حتى مطلع تموز المقبل لتنفيذ هذا القرار. وذكرت صحيفة "هآرتس"، الأربعاء، أن التقديرات تشير إلى أن نتنياهو يستعد لاحتمال انسحاب "إسرائيل بيتنا" والكتل الحريدية، شاس و"يهدوت هتوراة" و"البيت اليهودي"، على خلفية إخلاء وهدم المباني الخمسة في هذه البؤرة (وعلى خلفية انعدام التوافق بشأن قانون بديل لقانون طال أيضا).
أمّا المؤشر الرابع فيتعلق باتفاق سري وغير مكتوب بين نتنياهو وموفاز. ويقضي هذا الاتفاق بتعيين أعضاء كنيست من حزب كاديما في مناصب وزارية وبرلمانية، مثل إعطاء رئاسة لجنة القانون والدستور البرلمانية لكاديما، بينما رئاستها موجودة الآن بيد "إسرائيل بيتنا".
والملفت في اتفاق حكومة الوحدة هذا أنه يكاد لا يتطرق إلى عملية السلام المجمدة بين إسرائيل والفلسطينيين، إلا بعبارات فضفاضة لا تعبر أبدا عن وجود نية بتحريك هذه العملية. ومن الجهة الثانية تسود تقديرات داخل حكومة إسرائيل، وحتى بين هيئة الوزراء الثمانية، التي تم ضم موفاز إليها وستصبح هيئة الوزراء التسعة، أن موفاز سيرجح كفة نتنياهو ووزير الدفاع، ايهود باراك، بشأن هجوم عسكري إسرائيلي محتمل ضد إيران، ما سيحول حكومة نتنياهو – باراك – موفاز إلى حكومة حرب.
إلغاء الانتخابات المبكرة
توصل نتنياهو وموفاز، ليلة الاثنين - الثلاثاء الماضي، إلى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة قومية وقررا إلغاء إجراء انتخابات عامة مبكرة في العام الحالي وإجراؤها في نهاية العام 2013 المقبل.
وجاء هذا الاتفاق المفاجئ بعد أن كانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت، يوم الاثنين الماضي، على مشروع قانون لحل الكنيست. وفي ساعة متأخرة من مساء اليوم نفسه صوتت الهيئة العامة للكنيست على حل الكنيست وتقديم الانتخابات العامة إلى 4 أيلول المقبل، وأقر الكنيست مشروع القانون هذا بالقراءة الأولى بتأييد 109 نواب ومعارضة نائب واحد.
وينص اتفاق حكومة الوحدة بين حزبي الليكود وكاديما، الذي صادقت عليه كتلتا الحزبين في الكنيست، في الليلة نفسها، على أن ينضم كاديما إلى حكومة وحدة ويمنح الحكومة شبكة أمان فيما يتعلق بقراراتها في المستقبل.
واشترط حزب كاديما اتفاق تشكيل حكومة وحدة بتمرير قانون بديل، طرحه حزب كاديما لقانون طال، الذي ألغت المحكمة العليا سريان مفعوله بحلول الأول من آب المقبل. وتعهد الحزبان بالعمل على سن القانون البديل حتى نهاية تموز المقبل.
كذلك اتفقا على طرح مشروع قانون لتغيير طريقة الحكم حتى نهاية العام الحالي وأن تجري الانتخابات العامة المقبلة - أي في شهر تشرين الثاني من العام 2013 - وفقا لطريقة الحكم الجديدة.
وبموجب الاتفاق سيتولى موفاز منصب النائب الأول لرئيس الحكومة وسيكون القائم بأعماله بصورة دائمة وسيتم تعيينه وزيرا بلا حقيبة، وسيكون عضوا في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية وسيشارك في اجتماعات أي هيئة مصغرة يشارك فيها نتنياهو وتبحث في قضايا سياسية وأمنية واجتماعية واقتصادية. وسيحصل كاديما على رئاسة لجنتين في الكنيست هما لجنة المالية ولجنة أخرى سيتم الاتفاق عليها بين الجانبين، وذلك إضافة إلى رئاسة لجنة الخارجية والأمن، التي يرأسها موفاز وسيرأسها نائب آخر من كاديما.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن شعورا بالارتياح ساد بين أعضاء الكنيست، خصوصا في حزب كاديما، إذ أن قسما كبيرا منهم لم يكن يتوقع إعادة انتخابه للكنيست في انتخابات مبكرة. ورحب الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، باتفاق حكومة الوحدة وقال إن "الوحدة هي الأمر المطلوب".
نتنياهو خاف من المستوطنين
يرجح سياسيون ومحللون إسرائيليون أن ما دفع نتنياهو وموفاز إلى الإقدام على تشكيل حكومة وحدة هو مشهد المستوطنين المتطرفين في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر حزب الليكود، يوم الأحد الماضي، واستطلاعات الرأي العام التي ما زالت تتوقع انهيار حزب كاديما.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء الماضي، عن قياديين في حزب الليكود قولهم إن "رئيس الحكومة نتنياهو قرر تسريع الخطى لإلغاء الانتخابات المبكرة بعد إحباط تعيينه رئيسا لمؤتمر الليكود، فقد شاهد نتنياهو التطرف في مؤسسات الليكود وبدأ يخاف".
وقال الوزير وعضو الكنيست السابق، روني ميلو، إن "رئيس الحكومة لا يريد تشكيل قائمة انتخابية مؤلفة من فايغلين وأنصاره" في إشارة إلى زعيم الجناح الاستيطاني المتطرف في الليكود، موشيه فايغلين. ومنع المستوطنون الأعضاء في مؤتمر الليكود إجراء انتخابات علنية لرئاسة مؤتمر هذا الحزب، كما طالب نتنياهو، وفرضوا انتخابات سرية.
رغم ذلك قال رئيس التحالف الحكومي في الكنيست، زئيف إلكين، لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن موفاز هو الذي بادر بداية إلى إلغاء الانتخابات المبكرة وأن "المبادرة الأولى جاءت من جانب أشخاص مقربين من موفاز". وأضاف أنه "طورنا خلال محادثات مشتركة رافعة أيديولوجية تسمح، ليس بتوسيع التحالف وزيادة الاستقرار وحسب، وإنما تسمح أيضا بمواجهة عدد من التحديات الأساسية الماثلة أمام الجمهور الإسرائيلي".
وذكر موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني أن أحد مهندسي الاتفاق هو باراك، الذي كان يتوقع أن يختفي عن الساحة السياسية في أعقاب انتخابات مبكرة.
وأثارت التطورات بشأن إلغاء الانتخابات المبكرة وتوسيع الحكومة بشكل كبير استياء وغضبا واسعين في صفوف الأحزاب المتبقية في المعارضة وخصوصا حزبي العمل وميرتس، كما عبر مؤسس حزب "يوجد مستقبل" الجديد يائير لبيد، عن استيائه من إلغاء تقديم الانتخابات.
ووصفت رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، الاتفاق بين الليكود وكاديما بأنه "أسخف تقلب مواقف شهدته السياسة الإسرائيلية في تاريخها" وأن "هذا هو اتفاق بين جبناء يحاولون التهرب من حكم الناخب". وأضافت أنها كانت تريد تقديم الانتخابات، التي أظهرت الاستطلاعات زيادة قوة حزب العمل من 8 أعضاء كنيست إلى 18 عضوا، وأنه "بعد هذه المراوغة فإنه لم يعد هناك احتمال أبدا بأن يثق الجمهور بكلمة واحدة تخرج من فم موفاز. وهذه الخطوة ستلحق ضررا بالمؤسسة السياسية كلها وبشكل عميق".
من جانبه حذر عضو الكنيست دوف حنين من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة من أن تشكيل حكومة الوحدة غايتها التمهيد لحرب ضد إيران وأنه "لم يتم تشكيل حكومة 90 عضو كنيست من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية أو دفع السلام".
واعتبر عضو الكنيست اليميني المتطرف ميخائيل بن أري، من حزب "الاتحاد الوطني"، أن استمرار ولاية الحكومة مع كاديما هو "أمر سيء لشعب إسرائيل وسيمس بالاستيطان".
وانتقدت الاتفاق رئيسة حزب كاديما السابقة، تسيبي ليفني، التي استقالت من الكنيست الأسبوع الماضي، وكتبت في صفحتها على الشبكة الاجتماعية "فيسبوك" أنه "في هذا الصباح أريد أن اقول جملة واحدة لكل واحد وواحدة منكم، وهي أنني أعرف تماما المشاعر التي تغرقكم بعد أحداث الليلة، لكن تذكروا أنه يوجد نهج سياسي آخر وهو الذي سينتصر".
كذلك كتب لبيد في صفحته على "فيسبوك" أن "ما شاهدتموه هو بالضبط السياسة البشعة التي حان الوقت لاقتلاعها من حياتنا، وهي سياسة الكراسي بدلا من المبادئ. وهذا التحالف السياسي سيدفن جميع المشاركين فيه".
وعقد نتنياهو وموفاز مؤتمرا صحافيا مشتركا في الكنيست، الثلاثاء، قالا خلاله إن اتفاق التحالف سيركز على إحداث تغيير في قضايا إسرائيلية داخلية.
وقال نتنياهو إن التحالف الموسع، الذي سيضم 94 نائبا في الكنيست من أصل 120 نائبا، سيركز على "تمرير بديل عادل ونزيه ومتساو لقانون طال وتمرير موازنة مسؤولة تجمع بين الاحتياجات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتغيير طريقة الحكم ودفع عملية سلام مسؤولة". وأضاف "لدينا فرصة تاريخية. فحكومة الوحدة جيدة للأمن والاقتصاد والمجتمع وهي جيدة لإسرائيل".
وفي رده على سؤال حول المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية المتوقفة في هذه الأثناء، قال نتنياهو إن الفلسطينيين هم الذين يرفضون المجيء إلى المفاوضات، ما يشير إلى أنه لم يغير موقفه الرافض لوقف الاستيطان.
وأضاف نتنياهو أن "دولة إسرائيل بحاجة إلى الاستقرار، ولقد أردت منذ البداية أن نستمر حتى الانتخابات في موعدها الرسمي، وعندما رأيت أن الاستقرار يتقوض ذهبت إلى الانتخابات" المبكرة. وتابع أنه عندما تبين له أنه بالإمكان تشكيل حكومة هي الأوسع في تاريخ إسرائيل فإنه لم يتردد في اغتنام الفرصة.
من جانبه قال موفاز إنه "حان الوقت لتغيير الحال في إسرائيل، وهذه الخطوة [أي انضمامه إلى الحكومة] هي خطوة تاريخية للوحدة الوطنية وهي هامة لمستقبل دولة إسرائيل، والتحالف الكبير سيعرف كيف يواجه تحديات إسرائيل المستقبلية وهي ليست تحديات هينة".
وأضاف أن "حزب كاديما يُقدم على هذه الخطوة الهامة من أجل قيادة تغييرات لم تنجح دولة إسرائيل في إجرائها حتى الآن. واليوم اتخذت قرارا يضع مصلحة إسرائيل في المركز".
وتطرق موفاز إلى تصريحات أطلقها ضد نتنياهو في الماضي وقال "حول وصفي لنتنياهو بالكاذب، فقد تحدثنا حول هذا وقررنا أن نضع هذا وراءنا وقررنا أن نمضي إلى الأمام من أجل مستقبل إسرائيل".
وقاطع عضو الكنيست نيتسان هوروفيتس من حزب ميرتس أقوال نتنياهو في بداية المؤتمر الصحافي، وقال موجها كلامه إلى نتنياهو وموفاز "أنتما جزء من زمرة فاسدين، وقد كسرتما حاجز العار، وهذا فساد بكل معنى الكلمة، وأنتما لا تخجلان"، وذلك قبل أن يخرجه حرس الكنيست من القاعة.
"بعت روحك للشيطان"!
وصادقت الهيئة العامة للكنيست، مساء الأربعاء، على حكومة الوحدة وانضمام حزب كاديما إليها وسط تململ وعلامات عدم رضا داخل كاديما من هذه الخطوة فيما وجهت المعارضة انتقادات شديدة إلى موفاز. وصادق الكنيست على حكومة الوحدة بأغلبية 71 صوتا ومعارضة 23 صوتا وبعد ذلك أقسم موفاز يمين الولاء بعد تعيينه وزيرا بلا حقيبة ونائبا أول لنتنياهو.
كذلك أقسمت رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، يمين الولاء بعد تعيينها رئيسة للمعارضة خلفا لموفاز.
وتم إيقاف جلسة الكنيست لفترة قصيرة بعد أن اضطر نتنياهو إلى إجراء مشاورات مع خبراء قانونيين في أعقاب مطالب من المعارضة بكشف تعهدات غير خطية منحها لموفاز، وبعد ذلك قال نتنياهو أنه تم الحديث عن تعيين وزراء آخرين من كاديما وأنه عندما يتم الاتفاق على ذلك سيطرح الاتفاق على الكنيست.
وقبل ذلك شن عضو الكنيست بنيامين بن إليعازر، من حزب العمل، هجوما شديدا ضد موفاز بسبب اتفاقه المفاجئ مع نتنياهو. وقال بن اليعازر، وهو أكبر أعضاء الكنيست سنا، "لقد رأيت كل شيء، لكني لم أر حتى الآن أمرا كهذا. وموفاز خدم تحتي (كرئيس لأركان الجيش) عندما كنت وزيرا للدفاع، وقد كان رجلا شجاعا وبعد ذلك تولى منصب وزير الدفاع وكان شجاعا. لكن الآن ستضطر أن تكون شجاعا من أجل أن تنظر في أعين شعب إسرائيل".
وأضاف بن اليعازر مخاطبا موفاز "إنني أعرف آراءك من لجنة الخارجية والأمن. كم مرة كررت في أذني أن رئيس الوزراء كاذب، كاذب، كاذب... والأمر الأخطر، ولو أنك لم تقصد ذلك، هو أن الجمهور في دولة إسرائيل فقد ثقته بشكل مطلق بالمؤسسة السياسية، والمؤسسة السياسية اليوم، بسببك، هي زبالة بنظر الجمهور". وقال "لقد بعت روحك للشيطان" لكنه اعتذر عن هذا التعبير وطلب شطبه من محضر الجلسة.
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه إضافة إلى انتقادات المعارضة برزت مؤشرات إلى عدم ارتياح داخل حزب كاديما. وقال عضو الكنيست عن كاديما روبرت طيفاييف، خلال خطاب ألقاه في الكنيست، إن "نتنياهو هو سياسي عظيم، وقد قال بكل بساطة ’أنا صاحب البيت هنا وستجري انتخابات عندما أريد، وعندما لا أريد فإنها لن تجري’. ومشكلتنا هي في شروط انضمامنا إلى الحكومة. إننا ننضم إلى التحالف من دون بحث، ومع أربعة بنود في اتفاق التحالف. وأنا لا أعتقد أنه حدث مرة في التاريخ إبرام اتفاق تحالف مؤلف من أربعة بنود ومن دون أمور جوهرية، أهذا ما حققناه مع 28 نائبا؟". وقال إنه كان بالإمكان إجراء هذا التغيير من خارج الحكومة ولم تكن هناك حاجة لتشكيل حكومة وحدة وأعلن أنه لن يشارك في التصويت على تنصيب موفاز.
مصالح سياسية ضيقة
أظهر استطلاعان للرأي نُشرا يوم الأربعاء، أن تشكيل حكومة وحدة نابع من مصالح سياسية ومن الرغبة في البقاء في الحياة السياسية. وقال 63% من المشاركين في استطلاع صحيفة "هآرتس" و70.6% من المشاركين في استطلاع صحيفة "معاريف" إن اتفاق تشكيل حكومة وحدة نابع من مصالح نتنياهو وموفاز السياسية.
ورأى نصف الإسرائيليين تقريبا، 51% في "هآرتس" و46.7% في "معاريف"، أن حكومة الوحدة لن تنفذ تعهد نتنياهو وموفاز بطرح قانون جديد بدلا من قانون طال وأنهما لن ينجحا في تغيير طريقة الحكم أيضا. رغم ذلك اعتبر 50.9% في استطلاع "معاريف" أن تشكيل حكومة الوحدة هي خطوة مبررة بينما عارضها 34.8%.
وقال 45% إن تشكيل هذه الحكومة يساعد إسرائيل في صراعها ضد البرنامج النووي الإيراني لكن 39.5% قالوا إن تشكيلها لا يساعد في هذه الناحية.
وتوقع 57.4% أن تصمد حكومة الوحدة حتى الموعد الرسمي للانتخابات العامة المقبلة في تشرين الثاني من العام المقبل.
وفي ردهم على سؤال حول من هو الرابح الأول من تشكيل حكومة الوحدة، قال 54% إنه موفاز، بينما قال 53% إنه نتنياهو، وقال 18% إنه باراك. وحول الخاسر الأكبر من تشكيل حكومة الوحدة وإجراء الانتخابات في موعدها الرسمي، قال 46.6% إنه مؤسس حزب "يوجد مستقبل" الجديد يائير لبيد، بينما رأى 35.8% أنها رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش، وقال 13.9% إنه الرئيس السابق لحزب شاس، أرييه درعي، الذي كان ينوي خوض الانتخابات المبكرة بحزب جديد.
وتبين من الاستطلاعين أن شعبية حزب العمل ارتفعت من 18 مقعدا في الكنيست بموجب الاستطلاعات السابقة إلى 19 مقعدا في استطلاع "هآرتس" وإلى 20 مقعدا في استطلاع "معاريف".
وأظهر استطلاع "هآرتس" أن شعبية حزب الليكود بزعامة نتنياهو قد ارتفعت بعد تشكيل حكومة الوحدة إلى 33 مقعدا في الكنيست بدلا من 32 مقعدا في الاستطلاع الذي نشر مطلع الشهر الحالي، بينما تبين من استطلاع "معاريف" أن الليكود يحافظ على قوته وسيفوز بثلاثين مقعدا.
ووفقا لاستطلاع "هآرتس" فإن شعبية حزب كاديما بقيت كما هي بعد تشكيل حكومة الوحدة وتوقع أن يحصل على 11 مقعدا في الكنيست بينما سيحصل بحسب استطلاع "معاريف" على 10 مقاعد. وتوقع استطلاع "هآرتس" حصول حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان على 15 مقعدا في الكنيست بينما توقع استطلاع "معاريف" أن يحصل هذا الحزب على 12 مقعدا.
تفاهم بشأن إيران
تشير التقديرات في إسرائيل إلى وجود تفاهم بين نتنياهو وحليفه الجديد موفاز بشأن الموضوع النووي الإيراني.
ونقلت صحيفة "معاريف"، الأربعاء، عن مصدر سياسي رفيع المستوى ومطلع على المحادثات بين الاثنين قوله إن "تفكير موفاز مطابق لتفكير نتنياهو".
وقالت الصحيفة إنه خلال ثلاثة اجتماعات عقدها نتنياهو مع موفاز، لبحث اتفاق تشكيل حكومة الوحدة، تم تناول الموضوع الإيراني بتوسع، وأن نتنياهو سعى لاستيضاح موقف موفاز حول الطريقة التي ينبغي أن تتبعها إسرائيل من أجل وقف تطوير البرنامج النووي الإيراني.
ووفقا للصحيفة فإن أقوال المصدر السياسي تعني أن موقف موفاز من الموضوع الإيراني يشكل دعما قويا لموقف نتنياهو وباراك لجهة احتمال شن هجوم عسكري إسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية. وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو أوضح للرئيس الأميركي، باراك أوباما، أنه قد لا ينتظر حتى انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني المقبل ليشن هجوما ضد إيران.
من جهة ثانية فإنه توجد معارضة داخل هيئة الوزراء الثمانية لموقف نتنياهو وباراك، ويؤيدهما الوزيران يوفال شتاينيتس وأفيغدور ليبرمان، بمهاجمة إيران وتتمثل المعارضة في الوزراء بيني بيغن ودان مريدور وموشيه يعلون ومعهم الوزير إيلي يشاي، ولذلك فإنه ستكون لموقف موفاز أهمية كبيرة.
وكان موفاز قد صرح في الماضي أنه يعارض مهاجمة إيران طالما أنها ليست على عتبة صنع قنبلة نووية وأن الخيار العسكري ينبغي أن يكون الخيار الأخير وحذر من تصريحات نتنياهو وباراك حول هذه القضية. لكن "معاريف" أشارت إلى أن نتنياهو كان يعرف على ما يبدو أن انتقادات موفاز بهذا الخصوص لم تكن تعكس بالضرورة موقفه الحقيقي وأنه كان ملزما بإظهار قدراته القيادية خلال المنافسة بينه وبين ليفني على رئاسة كاديما.
ولفتت الصحيفة إلى العلاقات الحميمة بين نتنياهو وموفاز منذ سنوات طويلة، فقد كان موفاز ضمن فرقة الكوماندوس التي حررت الرهائن في مطار العاصمة الأنغولية، عينتيبي، التي قادها شقيق نتنياهو، يوني، وقُتل فيها. كما أن نتنياهو في ولايته الأولى في رئاسة الحكومة هو الذي عيّن موفاز رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي.
من جانبها كتبت محللة الشؤون الحزبية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، أن "موفاز الذي كان بإمكانه أن يكون معارضا شرسا فيما يتعلق بمهاجمة إيران، وهكذا هو صرح على الاقل، سيكون الآن جزءا من الهيئة الأكثر حساسية، أي التاسع في هيئة الوزراء الثمانية، ولنراه [يجرؤ على أن] يعارض عندها".
ورأت المحللة نفسها أن تشكيل حكومة الوحدة الإسرائيلية ينطوي على رسالة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، أيضا، مؤداها أن كل الدولة تقف خلفه، وكذلك وكل الكنيست، وأنه ملك إسرائيل.
لكن المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل استبعد أن يكون الموضوع الإيراني أحد أبعاد تشكيل حكومة الوحدة، ورأى أن انضمام موفاز إلى هيئة الوزراء الثمانية سيكون عامل كبح، ولذلك فإن تصويته في هذه الهيئة سينطوي على أهمية كبيرة. وأضاف أن موقف موفاز من الموضوع الإيراني مشابه لموقف رئيس الموساد السابق، مئير داغان، وموقف رئيس الشاباك السابق، يوفال ديسكين، اللذين حذرا من إقدام إسرائيل على مهاجمة إيران. ولذلك رأى هارئيل أن "إيران، وحتى يثبت العكس، لا تبدو أنها الاعتبار الأساسي للوحدة".
كذلك استبعد محلل الشؤون العربية في "هآرتس"، تسفي بارئيل، هجوما إسرائيليا ضد إيران جراء تشكيل حكومة الوحدة معتبرا أن تشكيل هذه الحكومة نابع أساسًا من رغبة أطرافها في البقاء السياسي، وأن "السياسيين الذين يرغبون في هذا البقاء لا يشنون الحروب".
ولفت بارئيل إلى وجود عامل آخر سيمنع حربا ضد إيران وهو النفط وكتب يقول "إذا كان البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديدا وجوديا على إسرائيل فإن النفط هو تهديد إستراتيجي على اقتصاد أوروبا، التي ستتوقع من أوباما أن يهدئ حليفته [إسرائيل]، فالحديث لا يدور على أمور أقل أهمية مثل عملية سياسية أو وقف البناء في المستوطنات".
وأضاف بارئيل أن "استقرار العالم، أي بورصاته، متعلق الآن بما ستقوله إيران وبما ستفعله إسرائيل، وهرمية هذه الاعتبارات هي التي ستطرح أمام إسرائيل أصعب المعضلات، وهي عدم مهاجمة إيران وعدم القضاء على جزء من التهديد الوجودي، الذي يختلف حوله قياديون [في إسرائيل]، أو شن هجوم وعندها تصبح إسرائيل نفسها عدوة العالم".
وخلص بارئيل إلى أن إسرائيل ستضطر إلى إرجاء اتخاذ قرار بشأن هجوم كهذا إلى صيف العام المقبل، بعد أن صرح باراك بأنه لا ينبغي مهاجمة إيران قبل الانتخابات الأميركية، "ولكن إذا تقرر التأجيل، فربما لا يوجد تهديد وجودي داهم؟ أو ربما أن هذا [الحديث حول التهديد الوجودي] هو مجرد تضليل؟".
هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي
"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعكس آراء الاتحاد الاوروبي".
المصطلحات المستخدمة:
الموساد, يديعوت أحرونوت, هآرتس, لجنة الخارجية والأمن, باراك, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, زئيف إلكين