تفجرت في إسرائيل، قبل عام واحد تقريبا، فضيحة تكشف عما تحب الصحافة الإسرائيلية تسميته بـ "حرب الجنرالات". والمقصود "قضية هارباز"، التي اكتسبت هذه التسمية من اسم الضابط في الاحتياط بوعاز هارباز، الذي اتهم واعترف بأنه يقف وراء "وثيقة هارباز"، التي كشفت عنها القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي، وتهدف إلى تشويه سُمعة قائد الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلي حينذاك، اللواء يوءاف غالانت، ومنع تعيينه رئيسا لهيئة أركان الجيش. لكن هارباز تراجع عن اعترافه، وبقيت حرب الجنرالات تطفو على السطح. هي ليست حرب جنرالات وحسب، وإنما هي أيضًا "أجواء حرب"، كما وصفها مراقب الدولة الإسرائيلية، بين ديواني رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غابي أشكنازي، ووزير الدفاع الإسرائيلي منذ خمس سنوات، ايهود باراك، وهو رئيس
قصة أحدث "حروب الجنرالات" في إسرائيل!
قصة أحدث "حروب الجنرالات" في إسرائيل!
إعداد وحدة: المشهد الإسرائيلي
هيئة أركان الجيش الأسبق.ومنذ الكشف عن "قضية هارباز"، قبل نحو عام، كانت هناك قضايا أخرى أشغلت الرأي العام في إسرائيل، بينها إدانة وسجن الرئيس الإسرائيلي السابق، موشيه كتساف، ودفع نتان إيشل، مدير ديوان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى الاستقالة بعد كشف شبهات حول تحرشه بموظفة تعمل تحت إمرته. وبعد ذلك جاءت اتهامات رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، عوزي أراد، لنتنياهو وزوجته بأنهما أوحيا للمسؤولين والعاملين في ديوان رئيس الحكومة بالكذب أمام محققي مراقب الدولة. وكل هذه القضايا وغيرها دامت شهورا بينما "قضية هارباز" ما زالت تتفاعل حتى الآن. وقد صب مراقب الدولة الزيت على النار، في مطلع الأسبوع الماضي، عندما أرسل مسودة تقريره حول هذه القضية إلى عدد محدد من المسؤولين ذوي العلاقة بها، لكنها تسربت إلى الصحافة في غضون دقائق.
والإسرائيليون يحبون هذا النوع من القضايا. فهي تتعلق بالعسكر والساسة، وبالعلاقة بينهما والمؤامرات، وبتاريخ هذه العلاقات والمؤامرات، وبالمؤامرات التي حاكها وزراء الدفاع الإسرائيليون ضد رؤساء أركان الجيش وبالعكس. ومع أنه لم يمض على وجود إسرائيل سوى أقل من 64 عامًا، إلا أن تاريخ المؤامرات فيها يفوق تاريخ كبرى الدول الاستعمارية على مدار مئات الأعوام. وهي تكشف قصص الضغينة والكراهية بين القيادات السياسية، ومن جهة أخرى بين القيادات العسكرية، ومن جهة ثالثة بين القيادات السياسية والقيادات العسكرية. كل واحد من المسؤولين يحاول تعيين أصدقائه ومقربيه، على الأقل ليتمكن من تنفيذ سياسته ومآربه، أو كي يكون مرتاحا في منصبه.
وعقب وزير الشؤون الإستراتيجية، موشيه يعلون، على "قضية هارباز"، خلال مشاركته في ندوة "سبت الثقافة" في مدينة كفار سابا، يوم السبت الفائت (10/3/2012).
وقال يعلون، وهو رئيس هيئة أركان سابق، إنه "في المكان الذي يتواجد فيه بشر، توجد فيه السياسة والغرائز أيضا"، وإن "البطل هو الذي يكبت غرائزه. ولأسفي شاهدنا هنا علاقات عكرة تفجرت بصورة غير جيدة خلال ولاية غابي أشكنازي. وهذا سيء ومقلق".
وأضاف يعلون: "أتساءل كيف يبدو هذا من جانب الجنود والضباط والمواطنين، الذين يتساءلون هل بإمكاننا أن نعتمد على صناعة القرار؟. لكن صناعة القرار ليست بين وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، فهناك مجموعة مجربة من الوزراء، تعرف كيف تتدارس الأمور وتتخذ القرار، وهي تساعد رئيس الحكومة كثيرا في اتخاذ القرار. وهذه مجموعة متوازنة جدا".
وتحدث يعلون عن تاريخ العلاقات بين الساسة والعسكر، قائلا إن هناك "ظاهرة إشكالية رأيتها عندما كنت رئيسا لهيئة أركان الجيش وحتى قبل ذلك، هي أنه في عامه الأخير يُنظر إلى رئيس أركان الجيش على أنه تهديد سياسي لأن لديه مكانة كهذه أو تلك لدى الجمهور. والسياسيون يرون فيه تهديدا. وثمة من يسعى إلى نزع شرعيته بحيث يصل مقصوص الجناحين إذا ما قرر القفز إلى الحلبة السياسية".
ولم تأت أقوال يعلون من فراغ. فقد تسرح هو نفسه من الجيش في ظل علاقات متوترة للغاية مع وزير الدفاع في حينه، شاؤول موفاز، الذي رفض تمديد ولايته لسنة خامسة في رئاسة الأركان، بدعم من رئيس الحكومة حينذاك، أريئيل شارون، وعيّن دان حالوتس خلفا له. وقبل نهاية ولايته في رئاسة الأركان، ألقى خطابا أصبح يُعرف في إسرائيل بـ "خطاب الثعابين". وقال خلاله إنه يسير في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب بحذاءين عسكريين مرتفعين تحسبا من الثعابين، في إشارة إلى ضباط وزير الدفاع ومستشاريه.
ومن الجهة الأخرى، شدد يعلون الآن على أنه يعارض ضمان مكان لباراك في قائمة حزب الليكود لانتخابات الكنيست المقبلة، كما يريد نتنياهو. ففي حال انتخاب باراك للكنيست، مرة أخرى، فإنه سيبقى وزيرا للدفاع، بينما هو، أي يعلون، موعود بتولي هذا المنصب منذ أربع سنوات، عندما بادر نتنياهو إلى ضمه إلى صفوف الليكود.
باراك أخفى معلومات!
أرسل مراقب الدولة مسودة تقريره حول "قضية هارباز"، في مطلع الأسبوع الماضي، إلى عدد محدود من ذوي العلاقة بالقضية، بينهم باراك وأشكنازي ومستشارين لهما.
وكشف المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، عوفر شيلح، يوم الجمعة الماضي، أن نسخة من مسودة التقرير وصلت إلى المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين. ووجه المراقب انتقادات شديدة لأشكنازي وقال إن موظفين في ديوانه، وخصوصا مساعده العميد إيرز فينر، عملوا بالتعاون مع هارباز على جمع معلومات بهدف الإساءة لباراك ومدير ديوانه، يوني كورين، ولغالانت. ووفقا للمراقب فإن أشكنازي كان، على ما يبدو، على علم بما يفعله فينر وهارباز، وأنه في مرحلة ما أوقف علاقته مع الأخير.
وكان باراك ونتنياهو قد أعلنا قبيل انتهاء ولاية أشكنازي عن قرارهما تعيين غالانت رئيسا لأركان الجيش. ولكن في موازاة ذلك تم تسريب "وثيقة هارباز" وتراجع باراك ونتنياهو عن التعيين وقررا تعيين اللواء بيني غانتس رئيسا للأركان.
ووصف مراقب الدولة العلاقات بين ديواني وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش بأنها "أجواء حرب".
وأصدر باراك بيانا عقّب فيه على مسودة تقرير المراقب وقال فيه إن "الأحداث الخطيرة تؤسفني لكنني راض جدا مما كُتب في مسودة التقرير"، وأن التقرير "يحتم إجراء تدقيق جذري" وأن "الجيش صلب ويتلقى الأوامر من الحكومة بشكل كامل".
وأضاف أنه "يظهر من الصورة المعروفة للجمهور منذ فترة وجود ثقافة دونية تنظيمية خطيرة، عملت من خلالها زمرة قليلة جدا في قيادة الجيش الإسرائيلي بمساعدة مدنيين، ضد القيادة السياسية المسؤولة عنها ومن الجائز أن هذا طرف الخيط وحسب".
من جانبه قال أشكنازي في بيان إنه "يبدو أن باراك ومدير ديوانه والمتحدثين باسمه لم يتمكنوا بعد من قراءة ما جاء في التقرير حول باراك وديوانه، ولذلك فإن سعادتهم الظاهرة ما زالت سابقة لأوانها ومبالغا فيها وليست لائقة أبدا على ضوء الحدث كله والتقرير المتعلق بكل جانب". وأعرب مقربون من أشكنازي عن رضاهم من نفي تقرير المراقب اتهامات سابقة ضده بينها طلبه بتمديد ولايته لسنة خامسة، وأن هذا سبب الخلاف بينه وبين باراك، ووجود علاقات تجارية بين أشكنازي وهارباز.
وسيتعين على الأطراف التي تطرق إليها تقرير المراقب أن ترد على الاستنتاجات الواردة فيه في الفترة القريبة المقبلة، وبعدها سيصدر مراقب الدولة التقرير النهائي.
وتبين من مسودة التقرير أن ديوان وزير الدفاع الإسرائيلي لم يسلم المراقب وثائق وتسجيلات، بادعاء حدوث خلل أدى إلى فقدانها، بينما سلم ديوان رئيس أركان الجيش كمية كبيرة جدا من الوثائق والتسجيلات. وتفيد التقارير الإسرائيلية بأن أشرطة التسجيل التي سلمها ديوان أشكنازي تجاوزت الألف وأربعمئة ساعة من الأحاديث في ديوان رئيس الأركان في حينه وتسجيلات لمحادثات هاتفية، ما دفع المحلل العسكري للقناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، إلى القول إن رئيس الاركان كان يعيش في "الأخ الأكبر"، في إشارة إلى البرنامج التلفزيوني الشهير.
وأشار المحلل السياسي - الأمني في صحيفة "هآرتس"، أمير أورن، يوم الجمعة الماضي، إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يخفي فيها باراك وثائق وتسجيلات من ديوانه. وكتب أورن أن "ضابطا رفيع المستوى ومتقاعدا، طلب الحصول على وثيقة معينة من فترة ولاية باراك وتطرقت إلى رئيس طاقم العاملين في ديوان الوزير [باراك] ومستشاره العسكري، ذُهل لدى سماعه إحدى سكرتيرات الوزير تقول إنها تلقت أمرا بإتلاف الوثيقة ومحوها من الحاسوب. وقد علم ديوان المراقب بالأمر فقط بعد إرسال مسودة التقرير. ويعتقد أحد المسؤولين عن التحقيق في الشرطة أن قصة الوثيقة التي تم إتلافها وإعطاب ذاكرة الحاسوب عن طريق الخطأ تستدعي إجراء تحقيق جنائي".
وفيما يتعلق بتسجيل المداولات والمحادثات الهاتفية، كتب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، أن "كل من له علاقة بالقضية، وبضمن ذلك باراك وأشكنازي، متفقون على أن هذا ليس ضروريا وضارا. ففي شبكة الاتصال العسكرية يجب تسجيل كل كلمة. وفي شبكة الاتصال العادية ليسوا ملزمين، وإلا فإن الضباط في هيئة الأركان العامة سيتحدثون إلى التيب [أي شريط التسجيل] وليس مع بعضهم. وحسب أشكنازي، فإنهم يتحدثون على هذا النحو" أي أنهم يتحدثون إلى شريط التسجيل.
ولفت برنياع إلى أنه في العام 2004 انتقل رئيس هيئة أركان الجيش، وكان يعلون في حينه، ووزير الدفاع، وكان موفاز في حينه، إلى مكتبيهما في البرجين الجديدين في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب. وكلا المكتبين في الطابق الرابع عشر في كل واحد من البرجين ويربط بينهما جسر. وتم وضع جهاز متطور لتسجيل المحادثات في مكتب رئيس الأركان. وأضاف أن "أحدا ما، على ما يبدو أنه مسؤول في أمن المعلومات، أمر بتسجيل المحادثات ليس فقط في شبكة الهواتف الحمراء، العسكرية، وإنما في شبكة الهواتف السوداء أيضا، العادية، وليس فقط في غرفة رئيس الأركان وإنما في غرفة مدير مكتبه أيضا".
وأضاف برنياع أن "أشكنازي اعتقد أنه يتم تسجيل جزء من محادثاته، لكنه لم يعلم بأنه يتم تسجيلها كلها. وإيرز فينر، مدير مكتبه، لم يعلم أنه يتم تسجيله في مكتبه. لم يكن هناك نظام منظم ولم تكن هناك تعليمات. ومن الناحية النظرية، فإنه بإمكان أية موظفة أن تأخذ التسجيلات من الشبكة السوداء إلى بيتها وأن ترسلها للنشر إلى ويكيليكس".
تاريخ حافل بالدسائس!
وكتب أورن في "هآرتس" أن الدسائس كانت موجودة دائما في أوساط القيادة الإسرائيلية، وليس فقط باراك ضد أشكنازي. وكانت هناك دسائس من جانب نائب رئيس الأركان في حينه، دان شومرون، ضد رئيس الأركان موشيه ليفي، ومتان فيلنائي ضد إسحق مردخاي، وعوزي ديان ضد شاؤول موفاز.
وأشارت محللة الشؤون الحزبية في "يديعوت أحرونوت"، سيما كدمون، يوم الجمعة الماضي، إلى حادثة تتعلق بها شخصيا في إطار الصراع بين باراك وأشكنازي، وتطرقت إليها مسودة تقرير مراقب الدولة. وكتبت أن "هذه حادثة هامشية قياسا بالتقرير كله، لكنها تسلط الضوء على شكل الأداء في ديوان رئيس أركان الجيش، الذي استخلص منه المراقب استنتاجاته".
وأضافت كدمون أنه "في أعقاب مقال نشرته بعد الكشف عن قضية هارباز، اتصل بي الناطق العسكري، أفي بنياهو، واقترح أن ألتقي رئيس الأركان في حينه، غابي أشكنازي. واستجبت لطلبه، ونسقنا لقاء لكني اضطررت إلى إلغائه لأسباب شخصية، وتم تعيين لقاء آخر ألغاه رئيس الأركان، واتفقنا على موعد آخر تم إلغاؤه أيضا. وكان السبب، حسبما ادعى الناطق العسكري السابق بنياهو، أن باراك لم يصادق على عقد اللقاء".
وأضافت كدمون "إلا أن مسودة التقرير تصف هذا الحدث الهامشي بصورة مختلفة. وتضمنت المسودة توثيقا لمحادثة يقول فيها بنياهو لأشكنازي إن عليه أن يلتقي معي، لأنه تم إلغاء اللقاء ثلاث مرات. وعلى ما يبدو أن أشكنازي ليس معنيا بذلك، وعندها اقترح بنياهو طرح الطلب على وزير الدفاع، وسيتم رفض الطلب بالطبع، وعندها سيربح أشكنازي مرتين: سيكون بإمكانه أن يرتاح إذ إنه تم تعيين اللقاء في يوم جمعة، وهي- أي أنا- ستعرف أيضًا أن وزير الدفاع لم يصادق على اللقاء. وبكلمات أخرى فإن اللقاء سيُلغى وسنثير خلافا بينها وبين وزير الدفاع. وعندما سأل المراقب أشكنازي حول هذا الموضوع رد قائلا إنه لا يرى أية مشكلة في ذلك لأن اللقاء لن يوافق عليه".
لكن باراك وافق على عقد اللقاء بين أشكنازي وكدمون. وقدم المراقب ملاحظة حول هذه القضية بالقول إنه يتبين من اقتراح بنياهو لأشكنازي "وجود نية بإظهار باراك كمن يحاول منع اللقاء بين رئيس الأركان وبين الصحافية، ويوجد في هذا محاولة للإساءة لوزير الدفاع بصورة غير مباشرة".
من الجهة الأخرى تشير كدمون إلى أن الشيء الذي لا يمكن قوله تجاه باراك هو أن يده نظيفة. وأشارت إلى أنه "لم يتم العثور لدى باراك على تسجيلات، بادعاء أنه حدث خلل لجهاز التبريد بشكل أعطب جهاز التسجيل، وهذا لا يعني أنه لم تجر في مكتبه محادثات من النوع الذي جرى في مكتب أشكنازي. والمقربون من الأخير يصفون هذا الخلل باسم آخر: إخفاء أدلة".
ولفتت كدمون إلى أن هذه لم تكن المرة الوحيدة التي أبقى فيها باراك خلفه "مكتبا محروقا". فعندما غادر وزارة الداخلية، خلال حكومة إسحاق رابين، "دعا رجلا مهنيا من أجل تدمير الحاسوب قبل أن يجلس الوزير الجديد في كرسيه. ولم يبق في المكتب أي توثيق حول نشاطه خلال ولايته".
هارباز كان "جوكر"!
أشار برنياع إلى أن استنتاج المحققين هو أن "وثيقة هارباز" لم تكن خطأ خارجيا وإنما "نتاج حتمي للجهاز الذي تم بناؤه في ديوان أشكنازي من أجل محاربة باراك وغالانت. وقد كان هارباز عميلا لهذا الجهاز. لقد أراد أن يثير إعجاب هذا الجهاز، وتعزيز مكانته فيه، ولذلك زور الوثيقة. وأشكنازي لم يصدر الأمر ولم يعلم بالخطوات لنشر الوثيقة في القناة الثانية. لكن الجهاز بُني من أجله وبموافقته".
من جانبه، كتب شيلح أن هارباز يؤدي هذا الدور لدى أشكنازي منذ أعوام طويلة، ومنذ أن كان هذا الأخير يتولى منصب قائد شعبة العمليات، وكان هارباز حينذاك ضابط العمليات في كوماندوز النخبة "سرية هيئة الأركان العامة".
وأضاف أن هارباز "كان الشخص الذي سلم أشكنازي معلومات، أتاحت له الفرصة لإظهار قدرة قيادية أو الدخول إلى عالم الأسرار. وفي المقابل، بإمكان هارباز أن يلوح بعلاقاته مع ضباط رفيعي المستوى. ويوجد لدى كل ضابط كبير في الجيش أشخاص كهؤلاء، إلا أن هذه العلاقات تعمقت إلى درجة أن أشكنازي خرج عن طوره من أجل الدفاع عن هارباز حتى عندما انتشرت رائحته الكريهة وتم طرده من الجيش، ليس طردا رسميا، ولكن خلافا لإرادته ومن خلال خفض مستوى تصنيفه الأمني".
وأضاف شيلح أن "أشكنازي شهد لمصلحة هارباز أكثر من ثلاث مرات. ولم يفسر سبب ذلك حتى اليوم". وعندما بدأ هارباز بنقل معلومات لأشكنازي حول مؤامرات يحيكها باراك ضده، لم تكن لديه، حسب تقرير المراقب، أية مصادر في ديوان وزير الدفاع. وفي مرحلة ما طلب أشكنازي من هارباز أن يحضر له وثيقة خطية تثبت المعلومات التي يزوده بها، وعندها أحضر الوثيقة المزورة التي تحمل اسمه وتسيء لباراك وغالانت.
وكتب أورن في هذا السياق أن "هارباز كان الجوكر في اللعبة الدائرة بين باراك الذي يهاجم، وأشكنازي الذي يدافع عن نفسه. لكن حتى بدونه كانت هناك 52 بطاقة. وبدون الجوكر تكون اللعبة عاصفة أقل... ومن وراء عشرات الصور لوزراء دفاع ورؤساء أركان سابقين، التي تزيّن الطابق الرابع عشر في ديوان وزارة الدفاع، تختبئ المئات من قصص الدسائس. ويصل إلى مناصب رؤساء أجهزة تفعيل القوة في العادة، فقط من لا يتورعون عن ممارسة القوة حتى ضد زملائهم".
ورأى برنياع أن تقرير مراقب الدولة النهائي لن يكون مختلفا عن المسودة، "والسؤال سيكون ماذا بعد؟. بإمكان المراقب أن يحول المواد إلى تحقيق جنائي. وعلى ما يبدو أنه سيمتنع عن ذلك، إذ قد تنشأ أمور خلال المحاكمة وستحتاج إلى المزيد من التحقيقات. وهارباز يسعى إلى التوصل إلى صفقة ادعاء. وهو يهدد بأنه إذا تمت محاكمته فإنه سيكشف عن كل ما يعرفه، وهو يعرف الكثير، وبضمن ذلك أمور حول الحياة الخاصة لضباط كبار".
وأضاف برنياع أن "الشارع الإسرائيلي ليس منفعلا من هذه القصة. والكثيرون يشعرون أن الدولة مدينة لأشكنازي بالكثير. والحروب بين ديواني وزير الدفاع ورئيس الأركان لا تهمهم. ولم يُقتل أي جندي في هذه الحروب ولم تبكِ أي أم. وهم يريدون أن يذكروا رؤساء أركانهم كصورة [توزع في] يوم الاستقلال. إنهم يريدون أن يتذكروهم بهذه الصورة حتى لو كانت هناك وصمة عار كبيرة تخيم على نظافتهم".
المصطلحات المستخدمة:
مراقب الدولة, المستشار القانوني للحكومة, يوم الاستقلال, يديعوت أحرونوت, هآرتس, مجلس الأمن القومي, باراك, عوزي, الليكود, الكنيست