تكرست، خلال أعوام العقد الأخير بشكل خاص، رؤية سياسية تجاهر بأن تسوية النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني عبر تقسيم البلاد إلى دولتين لم يعد ممكناً أو قابلاً للتطبيق على أرض الواقع بعد. وتدفع هذه الرؤية نحو إقصاء القضية الفلسطينية عن دوائر النقاش السياسي العام، على الصعيد الدولي عموماً وفي داخل دولة إسرائيل بشكل خاص، مما أسهم ويسهم في تغيير أنماط السلوك الانتخابي كما يُترجَم في تصويت المواطنين اليهود وما يتمخض عنه من نتائج انتخابية برلمانية، الأمر الذي يدفع بالتالي إلى تنامي وانتشار الاعتقاد بحلول بديلة، في مقدمتها بالطبع حل الدولة الواحدة. ويرتبط تراجع "حل الدولتين" في الرأي العام، الإسرائيلي، الفلسطيني والعالمي، إلى حد كبير وبصورة وثيقة جداً، بجملة من الآراء والمعتقدات التي تبلورت بشأن مشروع الاستيطان الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية وواقع انتشار المستوطنات فيها، وفي مقدمتها الاعتقاد بأن الكثافة الاستيطانية خلقت واقعاً جديداً غير قابل للتغيير والعودة إلى ما كان عليه الوضع سابقاً. معنى ذلك، ببساطة، إنه ما دام الواقع الاستيطاني قد أصبح بهذه الدرجة من الكثافة والتعقيد، فليس من الممكن بعد إخلاء مستوطنات من الضفة الغربية، ما يعني بالتالي أنه من غير الممكن بعد تطبيق "حل الدولتين" على أساس تقسيم البلاد.
تسعى الحكومة الإسرائيلية، حتى الأسبوع المقبل، لتمرير مشروع الموازنة العامة للعامين الجاري والمقبل، بهدوء ودون إحداث شرخ في الائتلاف الهش، إلا أن وزير العدل جدعون ساعر، رئيس حزب "أمل جديد"، والمنشق عن حزب الليكود، نشر مسودة مشروع قانون يمنع بموجبه عضو كنيست يواجه لائحة اتهام خطيرة من تكليفه بتشكيل حكومة، وهو قانون يستهدف شخص بنيامين نتنياهو، وفي داخل الائتلاف هناك من يعارضه. وتزامن نشر المسودة مع استئناف الحراك الداخلي في الليكود للمنافسة على رئاسة الحزب، وهذه المرّة بإعلان رئيس الكنيست السابق يولي إدلشتاين ترشيح نفسه لرئاسة الحزب، حتى في مواجهة نتنياهو.
كانت جملة واحدة قالها رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت في أثناء انعقاد مؤتمر حول الهجرة اليهودية إلى إسرائيل عُقد مؤخراً، كافية لإشعال جدل بشأن مبلغ تغلغل العنصرية في منبت رؤوس الإسرائيليين لدرجة تحولها إلى عنصرية بنيوية، أو إلى جزء غير منفصل من الشخصية الإسرائيلية برسم الأيديولوجيا الصهيونية التي تستبطنها.
فقد ذكر بينيت أنه سيسعى كرئيس للحكومة خلال العقد المقبل إلى تحقيق هجرة نصف مليون يهودي من دول قوية مثل الولايات المتحدة وفرنسا ودول أميركا الجنوبية، وبرّر ذلك بمسوّغ أن لا يشكل المهاجرون الجدد عِبئاً على الدولة. وكانت وزيرة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية بنينا تَمنُو- شاتا، من حزب "أزرق أبيض"، وهي من أصل أثيوبي، أول المعقبين على أقوال بينيت هذه، حيث قالت إن رئيس الحكومة مايز بين "هجرات نوعية" و"هجرات تنطوي على أعباء"، ما يعني بنظرها أن دولة إسرائيل تخطئ الهدف الذي أقيمت من أجله وهو أن "تكون بيتاً لكل اليهود في العالم"، على حدّ تعبيرها.
صادق الكنيست الإسرائيلي بالقراءة التمهيدية، يوم الأربعاء 13 تشرين الأول الحالي، على مشروع قانون يجيز استخدام الماريغوانا (القنّب) لأغراض طبية. وقد برزت القائمة العربية الموحدة برئاسة النائب منصور عباس خلال عملية التصويت، باعتبارها حزبا إسلاميا قام بدعم مشروع القانون بعد أن عرضه على مجلس الشورى التابع له وحصل على موافقته، فصفق له أعضاء الكنيست الحاضرون. في خلفية مشروع القانون، نقاشات حادة تتعلق بأخلاقيات استخدام السموم، خصوصا نبتة الماريغوانا الطبية. لكن الأهم، وهو ما تحاول المقالة أن تستعرضه، أن ثمة
الصفحة 199 من 882