تتضارب تقديرات كل من الاسرائيليين والفلسطينيين بشأن ما يمكن ان يحدث اذا ما نال اللاجئون الفلسطينيون الاعتراف بحقهم في العودة الى اسرائيل.
فالاسرائيليون مقتنعون بأن خطوة من هذا القبيل من شأنها ان تجر في اعقابها "هجرة جماعية" للفلسطينيين واخلالا بالميزان الدمغرافي. ويعتقد الفلسطينيون الذين يستندون الى استطلاعات جرت مؤخرًا في اوساط اللاجئين، بأن الغالبية يطالبون بالاعتراف بحق العودة لكنهم لا يعتزمون تجسيد هذا الحق. وعلى سبيل المثال فقد صرح نصف اللاجئين الذين شملهم الاستطلاع بأنهم سيعودون فقط اذا كان بيتهم (داخل الخط الاخضر) لا يزال قائمًا. واعرب الكثيرون من اللاجئين عن رفضهم العيش تحت الحكم الاسرائيلي، كما ابدى الكثيرون استعدادًا للتفكير بالحصول على تعويضات بدلا من العودة.. الخ.
فترة ما بعد صدام في الشرق الأوسط يجري تشكيلها الآن، كما أبلغنا خبراء الإعلام الغربيون المطيعون، والمعلقون الذين لا يفوتون فرصة لتزلف القوى المقبلة. ووضع إزاحة صدام كاستهلال خاص بوجهة النظر في المنطقة، وبالتالي في النظام العالمي كله، يمثل أحدث عبارة في اللغة الجديدة المعتمدة لدى من يشكلون النظام العالمي الجديد. لكن لا بد وأنه أصبح واضحا الآن، حتى بالنسبة لأولئك المبتدئين الذين يراقبون المشهد في الشرق الأوسط لأول مرة، أن صدام لم يكن لاعبا أساسيا فيه، ولذلك فإن كثيرا من القضايا العالقة والظروف المتحولة في المنطقة بقيت على حالها السابقة للاحتلال الأمريكي للعراق. كون صدام ليس أحد مفاتيح الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط، أمر معروف تماما لدى مهندسي الحرب الأمريكيين على العراق أنفسهم.
كرست الولايات المتحدة نفسها بعد فترة وجيزة من انتهاء الحرب العالمية الثانية لتغيير طويل الأمد في أوروبا. انصرف صنّاع السياسة عندنا بعد مسح الخسائر البشرية والدمار بما في ذلك مئات الآلاف من ارواح الاميركيين الى اقامة اوروبا لا يمكن مجرد التفكير بوقوع حرب اخرى فيها. والتزمنا نحن وشعوب اوروبا برؤية للديموقراطية والازدهار ونجحنا معا في تحقيقها.
"المشهد الاسرائيلي":
فاجأ موقف الرئيس الاميركي جورج بوش، وتأكيداته المتكررة تمسكه بدفع العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، العديد من الاوساط الاسرائيلية التي اعتقدت ان الادارة الحالية في واشنطن تخشى التورط في المستنقع الشرق اوسطي، وانها ستكتفي بدفع ضريبة كلامية ديبلوماسية. غير ان شيئا ما قد تغير لدى الرئيس بوش، مثلما لاحظ ذلك رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون خلال لقائهما في قمة العقبة يوم الاربعاء الماضي.
الصفحة 761 من 859