أصبح واضحاً الآن، أن المسؤولين السياسيين في حكومة إسرائيل كانوا ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء مراسم تأدية الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، اليمين الدستورية واستلام مهام منصبه رسميا، حتى يعلنوا على الملأ أنهم لا يقيمون أي وزن أو اعتبار للمجتمع الدولي ويتحدّون الشرعية الدولية، جاهِرين بكل ما كانوا مضطرين إلى "مداراته" وكتمانه من قبل عن آرائهم، مواقفهم، طروحاتهم ونواياهم السياسية الحقيقية، إذ يتخذون من ترامب الآن "ظهراً متيناً" يتيح لهم إطلاق ما كتموه، اضطراراً.
إلى جانب "ملف 2000" لا يزال "الفحص" جاريا في قضية الامتيازات والمنافع الشخصية التي حصل عليها نتنياهو من رجال أعمال مختلفين، والتي تبلغ قيمتها المالية مئات آلاف الشواكل، وفق تقديرات الشرطة.
اكتسب الكاتب أ. ب. يهوشوع مكانة رفيعة في إسرائيل، ليس بوصفه كاتبًا من الصفوف الأولى فقط، بل لكونه ما يشبه أحد الزعماء الروحيين لما يسمى "معسكر السلام". وفي الواقع الإسرائيلي، من يدّعي النزوع نحو السلام (في حدود المصلحة الصهيونية) يعيش داخل "معسكر" أيضًا، وليس دعاة الاحتلال والحرب فحسب.
في آخر شهور عام 2016 أثار يهوشوع جدلا واسعًا بعد مجموعة تصريحات أراد لها أن تشكّل تصوّرًا عن "حل الصراع"، أعلن فيها نوعًا من الانفصال عن "حل الدولتين". موقفه هذا لم يدفعه نحو حل آخر أكثر تطورًا وتقدمًا وتقدميّة، حل عادل مشترك للشعبين، مثل دولة واحدة ديمقراطية متساوية مدنيًا وقوميًا، بل دفعه مباشرة إلى أحضان زعماء الاستيطان الإسرائيلي.
علامات الغضب التي كانت بادية على وجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عند صدور قرار مجلس الأمن الدولي 2334، الذي يقضي بعدم شرعية الاستيطان، لم تكن مصطنعة، لغرض الظهور الإعلامي المسرحي الذي يجيده، بل هذا غضب حقيقي، نابع من ضرب عنجهيته السياسية أساسا. لكن إلى جانب هذا، فإن نتنياهو تملكه القلق من احتمال تحميله مسؤولية صدور القرار، كونه يأتي بعد مصادقته على قانون نهب الاراضي الفلسطينية، الذي أراده أكثر من أي جهة استيطانية أخرى، حتى وإن حاول تأجيل التصويت عليه.
الصفحة 511 من 859