تكشف لغة المحاكم الإسرائيلية، بجميع مواقع تراتبيّتها، أنها منحازة في الصميم إلى الموقف الحكومي الساعي إلى تهجير قرية أم الحيران مسلوبة الاعتراف في النقب. وإذا كانت قضية القرية تدرّجت في المحاكم المختلفة: الصلح، المركزية والعليا، فقد كان محكومًا عليها سلفًا بالتهجير، لأن السلطة القضائية لم تخرج عن رؤية السلطة التنفيذية في الفرضيات والمبادئ الأولى، على الرغم من لغة شبه التفهّم والدعوة لتعويض سخيّ للمتضررين (على جريمة بحجم ترانسفير).
حرب 1967 وانعكاسها على اليهود الشرقيين
كان الوضع الاقتصادي لليهود الشرقيين في البلدان العربية أفضل من المسلمين حولهم بل وأفضل من وضع يهود أوروبا الشرقية، إذ عمل معظمهم في التجارة والصرافة والمهن الحضرية التي تطلبت مستوى عاليا من التعليم والثقافة، وكانوا متحالفين لغرض حماية أنفسهم مع الطبقات صاحبة النفوذ والسلطة في مجتمعات تلك البلدان. هذا يعني أنهم لم يكونوا يشكلون جماهير الشعب كالعمال أو الفلاحين في وطنهم القديم، ولذلك من الصعب التوقع منهم العمل على تطوير وعي بروليتاري هنا في إسرائيل، وأن يثوروا ضد الأغنياء. كذلك فإن إضفاء الطابع البروليتاري على المجتمع الإسرائيلي والهامشي وسياسة التوزيع السكاني التي فرضت عليهم بوحشية في إسرائيل، لم تجعل منهم إشتراكيين.
اتسمت السنوات القليلة الفائتة، من ناحية الفلسطينيين في الداخل، على أحزابهم ومؤسساتهم وسلطاتهم المحلية كافة، بكونها سنوات حراك كان عنوانه "نصرة النقب"، وذلك في مواجهة تواتر نيات الحكومة الإسرائيلية مصادرة مئات آلاف الدونمات من السكان العرب الأصلانيين في تلك المنطقة.
من الصعب رصد جميع ما صدر عن وزراء حكومة إسرائيل، ورئيسهم في مقدمتهم، وأعضاء الكنيست التابعين لأحزابها، والذي يمكن اعتباره ـ في كثير من الحالات ـ خروجاً متعجلاً من الجحور يعكس ويبث حماساً ملتهباً في استقبالهم ما يسمى "عهد الرئيس الأميركي الجديد دزنالد ترامب" وفي التعامل مع ما أطلقه من تصريحات وتعهدات خلال حملته الانتخابية، خصوصا، ثم خلال خطابات النصر بعد فوزه، وصولاً إلى خطاب التنصيب، معتبرين أنه "حان وقت العمل الآن" (كما جاء على لسان "وزيرة الثقافة"، ميري ريغف، من الليكود).
الصفحة 510 من 859