المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • منوعات
  • 2167

قال رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست عضو الكنيست آفي ديختر (الليكود) إنه يتحفظ من تصريحات أدلى بها عضوا كنيست من هذه اللجنة وطالبا فيها بدعوة رئيس الحكومة وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك للمثول أمام اللجنة الفرعية لشؤون الاستخبارات التابعة للجنة الخارجية والأمن من أجل توضيح أقوال نطق بها واتهم فيها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بانتهاج سياسة مقامرة وغير مدروسة إزاء الولايات المتحدة مما أضرّ بحجم المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وتسبّب بإلحاق ضرر أمني فادح بالأمن القومي الإسرائيلي.

وجاءت أقوال ديختر هذه في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام تعقيباً على مطالبة عضوي الكنيست عومر بارليف من "المعسكر الصهيوني" وزهافا غالئون من ميرتس بدعوة باراك إلى الكنيست من أجل توضيح أقواله هذه.

وقال بارليف إن النقاش حول التهديدات الماثلة أمام إسرائيل يجب ألا يتم على الملأ وإنما في لجان الكنيست الخاصة ومن وراء أبواب مغلقة.

وتطرّق ديختر إلى أقوال باراك فقال إن الدافع الأساسي الذي يقف وراءها هو اعتقاد قائلها أن أداءه كرئيس للحكومة سيكون أفضل من أداء نتنياهو، الأمر الذي يشير إمّا إلى مبلغ هوسه بالحكم أو إلى إحباطه.

وأضاف ديختر أنه إذا كان باراك يعتقد أن بحيازته معلومات حول ضرر استراتيجي لحق بأمن الدولة من جراء أداء رئيس الحكومة، فمن واجبه أن يرسل هذه المعلومات إلى رئيس لجنة الخارجية والأمن لا أن يتحدث عنها على رؤوس الأشهاد وكأنها أحجية.

وأشار إلى أن المفاوضات التي تجريها إسرائيل مع الولايات المتحدة حول المساعدات العسكرية لا تدور في كازينو حيث تتم المقامرة على رقم رابح وإنما هي عملية تستمر سنوات طويلة، وأكد أنه خلال الأشهر الأخيرة قاد رئيس الحكومة هذه العملية بنجاح من أجل بلورة أفضل رزمة مساعدات حتى العام 2028.
وكان باراك هاجم خلال مؤتمر لحركة "طريقنا" عقد في مدينة ريشون لتسيون (وسط إسرائيل) مساء يوم 17 الجاري، سياسة رئيس الحكومة إزاء الولايات المتحدة وقال إنها سياسة مقامرة وغير مدروسة.

وأضاف أن سياسة نتنياهو هذه وعلاقاته المتوترة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما تسبّبتا أخيراً بحادث ألحق ضرراً أمنياً فادحاً بإسرائيل، ولفت إلى أنه ليس بإمكانه كشف أي تفاصيل عن هذا الحادث بسبب حساسية الموضوع من ناحية الأمن القومي، لكنه في الوقت عينه قال إن هذا الحادث نجم عن مزيج من انعدام قدرة على الحكم في ما يتعلق بمصالح أمنية عميقة وبسلم الأولويات التي تمليها، إلى جانب عدم استيعاب إمكان التعاون مع الولايات المتحدة وأداء غير حريص، الأمر الذي أدّى إلى كشف إسرائيل بشكل مقلق للغاية أمام تحدّ أمني مركزي.

وأشار باراك إلى أن نتنياهو ألحق ضرراً أمنياً بإسرائيل من خلال اتفاق المساعدات العسكرية الأميركية نتيجة لرهانه غير المبرّر في إدارة العلاقات مع البيت الأبيض في واشنطن على معارضة الاتفاق النووي مع إيران، ولذا بدلاً من حصول إسرائيل على مساعدات بحجم 5ر4 مليار دولار سنوياً ستحصل على مساعدات بحجم 8ر3 مليار دولار، فضلاً عن أنها ستضطر إلى التنازل تدريجياً عن 750 مليون دولار كانت تستثمرها في الصناعات الأمنية الإسرائيلية.
وذكر ديوان باراك في بيان صادر عنه أنه لم يقصد حادثاً معيناً بأقواله هذه وإنما قصد أداء نتنياهو بصورة عامة.

وهاجمت الأوساط المقربة من نتنياهو باراك وقالت إنه عندما كان باراك رئيساً للحكومة لمدة عام ونصف العام تقريباً، تسبب بإشعال الشرق الأوسط وبأضرار من الصعب إصلاحها حتى بعد عشرات الأعوام.

وكتب أرئيل كهانا، المراسل السياسي في صحيفة "مكور ريشون" اليمينية:
مرة أخرى نشاهد للمرة التريليون العرض المخيف "لإيهود باراك ضد نتنياهو". هذه المرة يحمل رئيس الحكومة ورئيس الأركان سابقاً في جعبته إيحاءات مفزعة تشير إلى أضرار أمنية خفية، أو بحسب قوله: "انكشاف خطير لإسرائيل في مواجهة تحد أمني مركزي، ونظراً لحساسية الأمور لا أستطيع تقديم تفاصيل أكثر". وأبلغ سامعيه أن المساعدة الأميركية في العقد المقبل ستكون، بسبب نتنياهو، 8ر3 مليار دولار فقط بدلاً من 5ر4 مليار"، وأن سبب ذلك "الرهان الخطأ في إدارة العلاقات مع البيت الأبيض".

وأضاف: في الحقيقة، ليس من المؤكد أن هجوم باراك يستوجب رداً، فليس لهذا المقاتل الحائز على العدد الأكبر من الأوسمة في الجيش الإسرائيلي أي دعم شعبي، وهو لا ينوي العودة إلى الحياة السياسية، ولا يظهر في الأفق إطار يمكن أن يتيح له ذلك حتى لو رغب في الرجوع. وعلى الرغم من ذلك، فمرة واحدة وإلى الأبد، ومن أجل الجيل الشاب، من المفيد أن نتذكر ماذا جرى في بلدنا الصغير عندما كان باراك في المنصب الذي يتولاه نتنياهو منذ ثمانية أعوام. لقد كان باراك رئيساً للحكومة لمدة عام ونصف العام تقريباً، لكنها كانت كافية لإشعال الشرق الأوسط والتسبب بأضرار من الصعب إصلاحها حتى بعد عشرات السنوات.

ومضى هذا المراسل يقول: لنبدأ بما سماه باراك "عدم القدرة على التعامل مع مصالح أمنية عميقة وسلم الأولويات الذي تفرضه". إن تصرف باراك في "قضية طائرات الفالكون" مثل واضح عن عدم قدرته. لقد وقعت إسرائيل مع الصين صفقة لبيعها طائرة تجسس متطورة من انتاج الصناعات الجوية الإسرائيلية. والربح الخالص على الورق كان نحو مليار دولار. لكن باراك بقرار متسرع ألغى الصفقة ونشبت أزمة حادة في العلاقات مع الصين، كما أنه اشتبك مع الأميركيين الذين هددوا بتقليص المساعدة الأمنية بربع مليار دولار.

لكن هذا لم يكن سوى البداية. فقد ألغى باراك الصفقة من أجل مشاركة إسرائيل والفلسطينيين والولايات المتحدة في مؤتمر كامب ديفيد المشؤوم. لقد عُقد هذا المؤتمر بخلاف رغبة رئيس الولايات المتحدة بيل كلينتون ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. والثمن الذي اشترى فيه باراك كلينتون كان إلغاء صفقة الفالكون، وكانت النتيجة أضراراً استراتيجية ندفع نحن ثمنها حتى اليوم.

وبرأيه فإن فشل مؤتمر كمب ديفيد هو الشرارة التي أشعلت الانتفاضة الثانية التي تسببت في سقوط مئات القتلى في قلب مدن إسرائيل، وكانت سبباً في الأزمة الاقتصادية التي نشأت والتدهور الدولي الناتج بسببها. وكان إيهود باراك أول رئيس حكومة يقترح تقسيم القدس. وأول رئيس حكومة خرجت من فمه كلمات لم يقلها أي رئيس حكومة قبله: "دولة فلسطينية". وليس هذا كل شيء، فقد أراد باراك إعطاء الفلسطينيين أجزاء من إسرائيل المستقلة من خلال ما سماه "تبادل أراض". بالاضافة إلى هذا كله، خرق باراك تعهداته المعلنة أمام الجمهور بعدم تقسيم القدس، وبعد هذا كله يتهم هو وليس أي شخص آخر، نتنياهو بالمجازفة.

وختم كهانا: إن الخطوط الحمراء التي رسمها باراك، وبينها الاستعداد للانسحاب من 90% من الضفة الغربية اعتبرت نقطة البداية لجميع المفاوضين الذي عملوا حتى اليوم. ويجب أن نضيف إلى هذه الإخفاقات المدوية السلوك الشخصي لباراك، فقد تفكك كادر مكتبه وتفرق أنصاره وسقطت حكومته. وبقي يعيش وحيداً داخل فقاعة دون أن يعرف ماذا يجري من حوله. إن نتنياهو موجود في رئاسة الحكومة منذ ثمانية أعوام، وأصبحت إسرائيل أقوى أمنياً واقتصادياً وسياسياً، فيما كان هو هنا لمدة قصيرة ودمر كل شيء.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات