المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • منوعات
  • 1982

قالت عدة تحليلات إسرائيلية إن قيام روسيا مؤخرا بنشر قاذفات حربية استراتيجية من طراز "توبوليف- 22" وطائرات حربية من طراز "سوخوي 34" في قاعدة همدان غرب إيران خطوة استراتيجية مقلقة قد تنعكس سلبا على إسرائيل.

وأكد يوسي ميلمان، المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، أن الاعتبارات الروسية من وراء هذه الخطوة أوسع بكثير من تقديم المساعدة لنظام بشار الأسد في سورية، مشيرا إلى أنه من ناحية موسكو هذه ليست مجرد خطوة تكتيكية من أجل تقوية الأسد وضرب تنظيمات المتمردين، بل هي خطوة انتشار استراتيجي أوسع بكثير، هدفها زيادة النفوذ الروسي في الشرق الأوسط. كما أنها إشارة من موسكو وطهران إلى حرارة العلاقات بينهما وبصورة خاصة إلى تعاونهما العسكري.

وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستغل فرصة انتهاج سياسة خارجية وأمنية مترددة وغير مركزة وغير مترابطة من جانب الولايات المتحدة بقيادة الرئيس باراك أوباما، فالسياسة الأميركية تحاول تفادي التدخل في النزاعات البعيدة عنها، ولو كان الثمن الانزلاق إلى سياسة انعزالية. ومن أجل تحقيق أهدافها تزيد روسيا تعاونها مع مصر والسعودية وتعرض بيعهما سلاحاً. هذا بالإضافة إلى المصالحة بين بوتين والرئيس التركي أردوغان.
ومضى قائلاً:

تدّعي مصادر إسرائيلية أن نشر الطائرات الروسية في إيران لا يشكل في هذه اللحظة تحدياً، وبالتأكيد لا يشكل خطراً على المصالح الإسرائيلية العليا. لكن التشديد هو على اللحظة الراهنة. ومن الواضح أن هذه الخطوة الروسية المفاجئة، في حال استمرارها، يمكن أن تؤدي إلى نتائج سلبية وقد تؤثر على الاستراتيجيا الإسرائيلية. فمن الواضح لمتخذي القرارات في إسرائيل وللمستوى العسكري كذلك، أن موسكو تحاول أن تدق إسفيناً بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين في المنطقة، ولا شيء ينجح أكثر من النجاح. ومن هنا، فإن القدس والرياض وأنقرة والقاهرة ترغب في أن تكون إلى جانب النجم الصاعد في سماء الشرق الأوسط والابتعاد عن النجم الأميركي الآخذ في الاضمحلال والسقوط. لكن مصر والسعودية وحتى إسرائيل يفهمون اللعبة الروسية ودوافعها الحقيقية، وقبل كل شيء يدركون أن مغازلة روسيا لعبة خطرة بالنسبة إليهم، وأنهم استخدموا من دون رغبة منهم كحجارة لعب على رقعة الشطرنج الروسية.

من ناحيته رأى الأستاذ الجامعي إيال زيسر، في سياق مقال نشره في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن إسرائيل قد تدفع ثمن التحالف المتزايد بين موسكو وطهران والذي بدأ في أيلول 2015 ويهدف إلى مساعدة الرئيس بشار الأسد.

وقال إنه من وجهة نظر طهران فإن مرابطة طائرات روسية في أراضيها تقويها في وجه الولايات المتحدة وخصومها الإقليميين بما في ذلك إسرائيل. والحديث لا يدور حول حماية وخضوع بل عن تعاون قوتين عظميين- الأولى روسيا باعتبارها قوة عالمية، والثانية إيران باعتبارها قوة إقليمية- تتقاسمان الاستراتيجية والأهداف المشتركة في المنطقة.

وبرأيه فإن هذه الخطوة الإيرانية- الروسية موجهة أساساً ضد واشنطن، ومع ذلك كان الرد الأميركي متردداً بحسب ما هو متوقع من الإدارة الأميركية الحالية برئاسة باراك أوباما التي لا يدفعها شيء حتى ولا الفوضى الإنسانية التي تحدث في سورية لفعل أي شيء والخروج من الجمود والشلل اللذين فرضتهما على نفسها. ويتأكد يوماً بعد يوم أن هذه الإدارة لا تريد ببساطة سماع أي شيء عن الشرق الأوسط وكل خطواتها في هذه المنطقة باتت مُسخرة من أجل رؤية ضيقة ووسائل الإعلام وليست مبنية على نظرة تاريخية بعيدة المدى.

وتابع: إن ثمن هذه الشراكة الإيرانية- الروسية والشلل الأميركي يدفعه المدنيون في سورية، وتتم جبايته الآن في مدينة حلب في شمال هذه الدولة التي تتعرض للقصف الروسي. وبينما تتحدث موسكو عن إصابة أهداف لتنظيم "داعش" فإن الصور التي تصل من هناك لا تترك مكاناً للشك أن من يصاب نتيجة القصف الروسي لمدن سورية هم المتمردون والسكان الذين يؤيدونهم. لو كانت إسرائيل تسمح لنفسها بأن تفعل في لبنان وغزة ولو بنسبة 1 بالألف مما يفعله الروس في سورية لكان العالم كله قد وقف على قدميه. وفي غضون ذلك اكتشفت روسيا ما سبق أن اكتشفته إسرائيل أيضاً، وهو أن القصف الجوي غير كافٍ، وأن الجيش السوري الذي يعتمد الروس عليه من أجل خوض المعارك البرية بات مُستنزفاً وبإمكان المتمردين الصمود في وجهه. وبناء على ذلك لا تستبعد روسيا إمكان القيام بخطوة سياسية تضمن لها تحقيق أهدافها في سورية من دون الغرق في أتون الحرب الأهلية الدائرة في هذه الدولة.
وأشار زيسر إلى أن ثمة احتمالا بأن تدفع إسرائيل أيضاً ثمن هذا التحالف المتزايد بين موسكو وطهران. فصحيح أنه على المدى البعيد يمكن أن تجد روسيا وإيران نفسيهما في مواجهة حول سؤال ما إذا كانت سورية الأسد بعد الانتصار على المتمردين ستكون برعاية إيرانية أم روسية، لكن المشكلة من ناحية إسرائيل تظل كامنة في حقيقة أن إيران تعزز مكانتها وحصانتها في المنطقة في وجه أي خطوة ضدها، سواء كانت أميركية أم إسرائيلية. وفي الآونة الأخيرة جرى حديث حول انتشار قوات إيرانية في جنوب دمشق ليس بعيدا عن منطقة الحدود مع إسرائيل. فضلاً عن ذلك، فإن حزب الله باعتباره ضلعاً ثالثاً في التحالف الإيراني- الروسي يزداد قوة. فهو يكتسب تجربة عسكرية عملانية ويحصل على سلاح متقدم، وبصورة غير مباشرة يحصل على اعتراف موسكو حتى لو لم يقر الروس بذلك.

وختم قائلا: واضح أن موسكو لا تعمل بوعي وعن قصد ضد إسرائيل بل على العكس، لكن إيران وحزب الله ليسا كذلك، وحتى لو كانت نيات روسيا حيال إسرائيل إيجابية فإن خطواتها في المنطقة تعزز التحدي من طرف إيران وحزب الله الذي تواجهه إسرائيل. ويبقى السؤال: هل تستطيع روسيا في ظل حدوث توتر أو حتى مواجهة بين هذه الأطراف الحؤول دون ذلك؟ إن الجواب على ذلك موجود لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقالت ورقة "تقدير موقف" صادرة عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في تل أبيب أعدها إفرايم كام وتسفي ماغين، إنه من الناحية العملانية فإن استخدام الطائرات الروسية انطلاقاً من إيران لا يؤثر كثيراً على إسرائيل، فروسيا في الأساس تهاجم التنظيمات الجهادية في سورية (وهذه مصلحة إسرائيلية)، ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة لإسرائيل إذا خرجت طائراتها من روسيا وسورية أو من إيران. كما أن خروج الطائرات للهجوم انطلاقاً من إيران ليس من شأنه أيضاً التأثير على التنسيق المتفق عليه بين روسيا وإسرائيل، لكن الأهم هو السياق العام للتعاون الآخذ بالتوسع بين روسيا وإيران.

وأضافت أن إيران تضغط الآن من أجل التوصل إلى صفقة سلاح كبرى مع روسيا، والتي يتوقع أن تغير مكونات مهمة في قدراتها العسكرية، برغم أن التزود بمثل هذا السلاح تم منعه في قرارات مجلس الأمن للسنوات القريبة القادمة، ومن شأن إيران أن تحاول أن تستغل تواجد الطائرات الروسية أيضاً على أراضيها لتتم صفقة مثل هذه ومشاركة روسيا أيضاً في توسيع البنى التحتية النووية الإيرانية المطروحة على جدول أعمال المحادثات بين البلدين، وذلك خلافاً لرغبة إسرائيل.

المصطلحات المستخدمة:

يسرائيل هيوم, باراك

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات