قال رئيس "جمعية حقوق المواطن في إسرائيل" الأديب سامي ميخائيل إن ذراع تطبيق الديمقراطية في إسرائيل مصابة بمرض التحلل من القيم، وأشار إلى أن الكشوف الأخيرة عن تحويل نساء يخدمن في جهاز الشرطة إلى ضحايا تحرّش جنسي تثير تساؤلات مؤسية عن مدى "أخلاقية إحدى الأذرع المهمة في كل مجتمع".
وجاءت أقوال ميخائيل هذه في رسالة تهنئة وجهها إلى الرأي العام في إسرائيل في مناسبة عيد الفصح العبري الذي يصادف هذه الأيام، وجاء فيها:
"على مرّ الأجيال حمل إلينا عيد الربيع وما ينطوي عليه من دلالة الحرية بشرى التكافل المتبادل والتضامن الاجتماعي. وفي عدد من أماكن الشتات يجري الاحتفال بليلة الفصح في ظل أبواب مفتوحة وشبابيك مُضاءة. إن مقولة "ليأتِ كلّ جائع كي يأكل" تنطوي على معنى راسخ في روح شعب استلهم قوّة روحية من الإيمان بأننا نتقاسم المسؤولية عن بعضنا البعض. غير أن دولة إسرائيل بالذات، وبعد 67 على إقامتها، تحولت إلى حصنٍ لأثرياء مُتخمين، وإلى مكان تتعرّض فيه الطبقات الشعبية التي تعاني من الضائقة إلى النكران والضياع والإهمال. فالفجوات بين المركز والأطراف، والنقص في السكن مع انهيار منظومة الرفاه، يقوّض التضامن الذي يشكل حجر الزاوية في كل مجتمع سليم. وفي خضم ذلك كله يتم توجيه مشاعر الإحباط واليأس نحو العناوين غير الصحيحة بل ونحو فئات شعبية مُعدمة. من المؤسف معايشة العنصرية المتفشية بيننا، والاغتراب إزاء المستضعفين، والهوة الآخذة بالاتساع بين فئات المجتمع المتعددة. وبتنا شهوداً على ظواهر من قبيل: يهود لا يريدون العيش في محيط عرب، وعلمانيون يبتعدون عن محيط المتدينين، وبيض البشرة يقيمون حواجز أمام سُمر البشرة، ومواطنون غير يهود يتعرضون لتحريض ذي نزعة قوموية".
وأضاف ميخائيل: "يصعب العثور في تاريخ شعبنا على فترات شروخ اجتماعية عنيفة أقسى من الفترة الحالية التي تتفاقم فيها الشروخ بين يسار ويمين، بين شرقيين وغربيين، بين يهود وعرب. في الوقت عينه فإن ذراع تطبيق الديمقراطية مصابة بمرض التحلل من القيم. فالكشوف عن تحويل نساء يخدمن في جهاز الشرطة الى ضحايا تحرّش تثير تساؤلات مؤسية عن مدى أخلاقية إحدى الأذرع المهمة في كل مجتمع.
"وفي ظل مناخ الحرب وإشعال لهيب الغرائز القوموية، تزداد النزعة إلى قمع حرية التعبير، وملاحقة الشجعان الذين يعلنون أن هناك طرقاً أخرى لحل النزاعات. إن من يؤشر إلى درب السلام يُدان بالخيانة، ومن يرفع صوته ضد الاحتلال وضد انتهاك حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية يُعتبر كارهاً لإسرائيل".
وختم: "مع قدوم عيد الربيع والحرية، فإننا - موظفو جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، أعضاؤها، داعموها وأنصارها - نعمل بلا كلل من أجل عدم الخنوع لليأس. إن الاستسلام والانعزال لم يشكّلا أبداً حلاً لأي مشكلة. وعلى الرغم من أي شيء، تظل إسرائيل دولة غنية وديمقراطية. فما تزال القوانين والمؤسسات الديمقراطية تشكل بوصلة لها. وما يزال الكثيرون من أصحاب النية الحسنة يتطلعون للعيش وفقاً لقيم إنسانية. وما يزال بمقدورنا إضاءة الشبابيك وفتح الأبواب مجدّداً لمن يعاني من الضائقة، للمختلف عنا، للجار الذي خُلق على الصورة نفسها. وإذ نتداعى لتهنئة أنفسنا بعيد حرية سعيد، علينا تذكُّر أن الفرح لا يسود في حصون مغلقة من العزلة والعنصرية. إن غالبية أعياد إسرائيل جرى الاحتفال بها بروح كونية، وعيدنا هذا فرصة لائقة لتجديد التضامن الاجتماعي الذي كان على الدوام ضمانة وجودنا".
من ناحية أخرى قدّمت "جمعية حقوق المواطن" التماساً إدارياً للمحكمة العليا باسم مواطنين عرب ضد بلدية نتسيرت عيليت (الناصرة العليا) ووزارة الثقافة والرياضة، مطالبةً إياهما بتوفير كافة الخدمات المكتبية المتاحة في المكتبات العامة في المدينة للمواطنين العرب وبلغتهم الأم.
وجاء في الالتماس الذي قدمته المحامية نسرين عليّان والمحامي عوني بنا من الجمعية أن المكتبة العامة في نتسيرت عيليت تشمل مكتبة مركزية أقيمت العام 1990 في المركز الجماهيري "بركوفيتش"، فيما أقيم خلال السنوات الماضية فرعان إضافيان، أحدهما في مدرسة "كسولوت" بناءً على طلب جمهور القراء الناطقين بالروسية، وتم تدشين الآخر العام 2010 عند إقامة المركز الجماهيري على اسم "جرين" في حي "هار يونا". وتحتوي المكتبات الثلاث على 70 ألف كتاب ومجلة في مجالات عدة وبلغات مختلفة، منها العبرية والانكليزية والروسية وحتى الإسبانية والفرنسية، ولا يوجد كتاب واحد كُتب باللغة العربية.
وشدّد الملتمسون على أن موقف إدارة البلدية المعارض لإقامة مدرسة عربية في المدينة، والإعلان غير الواضح عن إقامة مكتبة منفصلة للمواطنين العرب، والتي لم تقم حتى اللحظة، يشير إلى أن البلدية تعارض إقامة أية مؤسسة ثقافية أو اجتماعية عربية في المدينة، وإلى أنّ معارضتها هذه تستند إلى اعتبارات مرفوضة وغريبة.
كما ادعوا في تطرقهم إلى إعلان البلدية عن نيتها إقامة مكتبة عربية في حي "الكروم" في المدينة، وهو حي غالبية سكانه من العرب ويقع على تخوم مدينة الناصرة، أنّ إقامة مكتبة منفصلة لا تناقض المطالبة بإضافة كتب وخدمات مكتبية باللغة العربية في المكتبة المركزية وفروعها علماً أن السكان العرب يسكنون في أحياء مختلفة في المدينة ولا ينحصر سكنهم في الحي "العربي". كما جاء أن هذه الخطوة لا تلغي التمييز ضد المواطنين العرب، بل تعزّزها وتعبر عن سياسة مرفوضة تهدف الى فصل المواطنين العرب عن باقي أحياء المدينة.
وأضاف الملتمسون أنّه على المكتبة هذه أن تستوفي كافة الشروط من حيث التجهيزات والموارد والتمويل والوظائف، إلا أنه حتى اللحظة، وبعد أكثر من عامين منذ وعدت البلدية بذلك، لم تقم الأخيرة بتحديد جدول زمني لإقامتها أو تعيين وتمويل مكتبيين أو حتى شراء كتب، وقامت فقط بوضع خزانة كتب واحدة على هامش القاعة الرياضية في المركز الجماهيري في حي "الكروم". وشدّد الملتمسون على أن هذه السلوكيات تعتبر تطبيقاً للعقيدة المرفوضة "منفصل ولكن متساو"، وأن فصل الحيز والسكان وفق انتمائهم القومي هو فصل مرفوض وغير قانوني ويناقض الحق الدستوري في المساواة.
وأكد الملتمسون أن إقصاء المواطنين العرب، والذين يشكلون خُمس سكان المدينة، من الحيز العام ومن مرفق تربوي وتثقيفي واجتماعي هام يتم تمويله من المال العمومي، هو مسٌ بحق المواطنين العرب في المساواة والكرامة، وبحقهم في اللغة والتعليم، وبحقهم في الحصول على حصتهم في الموارد العامة والبلدية على نحو متساوٍ، وهو مخالف لقانون المكتبات العامة ولأهداف قانون منع التمييز في المنتجات والخدمات.
وأشار المتلمسون إلى أن المواطنين العرب في نتسيرت عيليت يشكلون أقلية قومية ولغوية وثقافية، وأن إحدى ميزات الهوية الثقافية المنفصلة هي اللغة الخاصة. وعليه، ليس فقط من حق المواطنين العرب تلقي خدماتهم باللغة العربية بل واجب البلدية تأمين هذا الحق والعمل على تحقيق حرية اللغة والثقافة.
وقالت المحامية نسرين عليان مقدمة الالتماس إن العربية لغة رسمية في إسرائيل، وواجب على سلطات الدولة تقديم الخدمات للمواطنين العرب بلغتهم الأم، وإن إقصاء اللغة العربية من المكتبات البلدية في نتسيرت عيليت، إقصاء للمواطنين العرب من الحيز العام، وعودة إلى تطبيق العقيدة المرفوضة "منفصل ولكن متساو". ولقد مر عقد على قرار المحكمة العليا الذي ألزم بلدية نتسيرت عيليت بإضافة اللغة العربية على لوح الإعلانات البلدية، وها نحن نضطر مجدداً إلى التوجه للمحكمة لتحقيق ما نعتبره مفهوما ضمناً.