المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • مقالات مترجمة
  • 896

أكد المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن النبأ الذي سبق أن نشرته صحيفته، أواخر الأسبوع الماضي، حول كون المرحلة الثانية من الانفصال مطروحة على جدول أعمال رئيس الحكومة "يعلمنا أنه تم استيعاب الرسالة الأميركية من زيارة شارون في الولايات المتحدة"، وأن "لدينا من بات يدرك أنه لن يكون في مقدورنا الارتياح فوق أكاليل الغار في اليوم التالي للانفصال. فالأميركيون لن يسمحوا لنا بذلك".

 

 

 وأضاف: "لقد كانت هذه هي، في الواقع، الرسالة المركزية التي كان يتحتم على إسرائيل استيعابها من الزيارة الناجحة والثمينة التي قام بها رئيس الحكومة إلى المزرعة الخاصة للرئيس الأميركي".

                                                                                                             

وتابع فيشمان يقول تحت عنوان "الرسالة الحقيقية":

تعجز الإدارة الأميركية، بسبب "الجهل الكبير"، عن الدخول في عمق التذاكي السياسي الإسرائيلي في المسألة الفلسطينية. وللمرة الثانية، تثبت لنا زيارة رئيس الحكومة إلى تكساس، أننا نتعامل مع أناس لا يملكون أي ذرة معرفة بالعلاقات الدولية. ما الذي يجعلهم يستصعبون فهم ما يشرحه لهم شارون، من أن سنة 2005 ستكون سنة الانفصال، سنة قاسية جداً سننشغل خلالها بلعق جراحنا الداخلية.  سنة تحتم التمعن بشكل متواصل كي نفهم كيف نهضم نحن والجانب الفلسطيني هذه العملية، وهل تم الحفاظ على الاستقرار الإقليمي في أعقاب الانفصال. باختصار، ستكون سنة 2005، سنة تمعن وتفكير، ومن المؤكد أنها لن تشكل الوقت المناسب للتقدم في العملية السياسية.

مقابل ذلك سيكون العام 2006 أكثر قسوة، إذ ستجري فيه الانتخابات في إسرائيل. ومن المؤكد في سنة الانتخابات، أنه لن يتم الحديث عن خطوات دراماتيكية.  أضف إلى ذلك أنه سيكون على رئيس الحكومة التحول، في سنة الانتخابات، بقوة نحو اليمين، في سبيل خصي بنيامين نتنياهو وأنصاره في مركز الليكود. لماذا يستصعب الأميركيون فهم ذلك؟ من الواضح أنه لا يمكن لأحد الاعتقاد بأن شارون سيمضي نحو الانتخابات دون أن يتمتع بتأييد من قبل الرئيس الأميركي. وإذا لم يفهم الرئيس الأميركي بأن هذه هي مهمته فسيكون مصير شارون مثل مصير يتسحاق شمير، في فترة بوش الأب.

لقد سافر رئيس الحكومة إلى تكساس من خلال الافتراض بأن الإدارة الأميركية تفهم أنه لا يمكنها الإتيان، خلال العامين المقبلين، بأي إدعاء أو طرح أية مطالب جديدة من إسرائيل، وأنه يمكن "تأجيل" تطبيق خارطة الطريق بكاملها، إلى موعد آخر.

بكلمات أخرى، يمكن لإسرائيل أن ترتاح قليلاً، بعد الانفصال، وتدخل في فترة مرحلية تتواصل حتى بدء المفاوضات حول الوضع الدائم.

لكن تم تفنيد فرضيات شارون هذه، واحدة بعد الأخرى، خلال اجتماعاته بالرئيس بوش. فالأميركيون لا ينوون منح الشرق الأوسط إجازة لمدة عامين، بل من المشكوك فيه أنهم سيمنحوننا مهلة يكون مداها عدة أشهر، بعد الانتهاء من الانفصال في أيلول المقبل.

لقد أوضح الرئيس بوش، علانية، خلال زيارة شارون، رفضه لوجهة النظر الإسرائيلية بشأن البناء في المستوطنات. بل إنه لم يتقبل إجراء "اختبار مطهر الروائح" لأبي مازن. إننا ندعي أن رائحة كريهة تنبعث من نشاط أبو مازن في مواجهة التنظيمات الإرهابية، لكن الجانب الأميركي يشتم، على الرغم من ذلك، رائحة عطرة ويطالب إسرائيل بمنحه فرصة. الأميركيون يتحدثون إلينا بالذات عن "اختبار الهدوء" الذي يعتمد في مركزه على مقدرة أبو مازن السيطرة على قطاع غزة بعد الانفصال. الأميركيون يولون اهتماماً أقل لتفكيك البنى الإرهابية بشكل مطلق، كشرط لاستمرار التقدم في "خارطة الطريق" .

الصباح الذي سيلي خطة الانفصال لن يحمل إلينا التربيت على الأكتاف والنوم الهادئ إيذاناً بالخروج في عطلة متواصلة من المفاوضات مع الفلسطينيين. بعد فترة وجيزة من الانتهاء من الانفصال ستجد إسرائيل نفسها تواجه جهداً أميركياً منسقاً بشكل يفوق أي تنسيق سابق مع الأوروبيين، من أجل فتح نفق يقود إلى الاتفاق الدائم. وقبل أن نتمكن من لفظ اسم جاك روبنزون سنجد أنفسنا نواجه سلسلة من المطالب والقضايا التي ستطرحها الإدارة الأميركية والتي سنضطر إلى الرد عليها، ومنها مسائل تسليم المدن، إزالة الحواجز، حرية الحركة، إعادة الحياة إلى مجراها الطبيعي، الحرص على مسار الجدار، تجميد البناء في المستوطنات، وطبعاً الطلب التاريخي بتفكيك المواقع الاستيطانية غير القانونية.

النبأ الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" حول كون المرحلة الثانية من الانفصال مطروحة على جدول أعمال رئيس الحكومة، يعلمنا أنه تم استيعاب الرسالة الأميركية، وأن لدينا من بات يدرك بأننا لن نتمكن من الارتياح على أكاليل الغار في اليوم التالي للانفصال. الأميركيون لن يسمحوا لنا بذلك.

لقد كانت هذه هي، في الواقع، الرسالة المركزية التي كان يتحتم على إسرائيل استيعابها من الزيارة الناجحة والثمينة التي قام بها رئيس الحكومة إلى المزرعة الخاصة للرئيس الأميركي.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات