يعتزم المستشرق الإسرائيلي، إدي كوهين، من قسم الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، إصدار ترجمة عبرية لكتاب "الوجه الآخر: العلاقات السرية بين النازية والصهيونية" وهو من تأليف الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، وهو عبارة عن أطروحة نال على أثرها عباس لقب الدكتوراه من معهد الاستشراق في موسكو. وهذه الأطروحة مفتوحة أمام الجمهور الذي بإمكانه الاطلاع عليها في الموقع الالكتروني الرسمي للسلطة الفلسطينية.
ويصرح كوهين بأن صدور الكتاب باللغة العبرية، في نهاية شهر نيسان المقبل وعشية إحياء إسرائيل لذكرى المحرقة، من شأنه تشويه صورة الرئيس الفلسطيني، وادعى كوهين أن "الحديث يدور عن كتاب دعائي مليء بنفي المحرقة وبإيحاءات معادية للسامية منتشرة بين سطوره وبصورة واضحة أيضا".
وأضاف كوهين، في حديث لموقع "واللا" الالكتروني أمس، الاثنين، أن عباس "يعرض أدولف آيخمان كمن لحق به ظلم، واختطف على أيدي الموساد فقط لأنه أوشك على الكشف عن المؤامرة الصهيونية أمام العالم، ولا توجد له علاقة بالمحرقة".
وتابع كوهين أن "أبو مازن يطرح لائحة اتهام ضد الصهيونية وقادتها، بدء من دافيد بن غوريون. وهو يتهمهم بأنهم مجرمون وشركاء للنازيين، ومسؤولين عن إبادة شعبهم في المحرقة. وشاركوا فيها، وأفشلوا عمدا عمليات لإنقاذ اليهود، وأثاروا كراهية الحكومات تجاه اليهود بهدف تسريع الانتقام منهم وتوسيع حجم الإبادة الجماعية، وكل هذا من خلال التعاون مع الرايخ الثالث وبهدف إقامة وطن قومي في فلسطين. كذلك يذكر أبو مازن في الكتاب أن كل من حاول كشف هذه المؤامرة تمت تصفيته بأيدي المؤسسة الإسرائيلية".
وقال كوهين إنه قرر ترجمة الكتاب بعد أن أدرك أن الرئيس عباس "نجح بالتأثير على الكثيرين في العالم، ويسعى إلى تغيير مفاهيم، التي على ما يبدو ستبقى لفترة طويلة بعد أن ينهي أبو مازن دوره".
وتابع أنه "بدأت بقراءة كتاب أبو مازن ولاحظت أنه باستثناء الترجمة الداخلية للجامعة في موسكو للغة الروسية، فإن الكتاب لم يترجم إلى أية لغة. وفي الدول العربية ممنوع التعليم عن المحرقة، وهذا البحث، الذي يظهر في الموقع الرسمي للسلطة، يقرأه كل شهر عشرات آلاف المسلمين. ومن هنا معرفتهم الوحيدة بالمحرقة. وهذا الأمر يسهم في التحريض ضدنا ويؤجج الكراهية".
وتطرق كوهين إلى تصريح الرئيس الفلسطيني بأن "المحرقة هي أبشع جريمة ضد البشرية"، وقال إنه "ضحكت في داخلي، لأني أدركت مدى اختلاف رسائله بالعربية عن رسائله بالعبرية. ومؤلف هذا الكتاب هو أحد أكبر منكري المحرقة الذين يعيشون في العالم اليوم. ولا يوجد أحد نجح في التأثير على هذا العدد الكبير من الناس في هذا الموضوع أكثر منه. لقد أصبح أبو مازن في نهاية طريقه. وأنا أحارب من أجل تغيير تراثه، الذي سيستمر في التأثير لفترة طويلة بعد رحيله. وهذا هو السبب الذي دفعني إلى ترجمة الكتاب".
وقال موقع "واللا" إن "مئات الأكاديميين في البلاد والعالم" يشاركون في الأسابيع الأخيرة مجموعة على موقع "فيسبوك" واسم صفحتها "أبو مازن – كفى نفيا للمحرقة"، ويدعون إلى إزالة الكتاب من الموقع الالكتروني للسلطة الفلسطينية، "ودراسة المحرقة بصورة شخصية وعدم تصديق أقوال الرئيس الفلسطيني".
ووفقا للموقع الالكتروني فإن هذه المجموعة تأسست في أعقاب نشر مراقب الدولة الإسرائيلي تقريرين حول إخفاقات الإعلام الإسرائيلي باللغة العربية. وانتقد كوهين نشاط وزارة الخارجية الإسرائيلية في هذا السياق. وأضاف أن "المجموعة تأسست في أعقاب الإهمال الإجرامي لوزارة الخارجية. فقد تنازلت الوزارة منذ زمن طويل عن متحدث باللغة العربية. وهي تتفاخر بأن لديها صفحة فيسبوك يتابعها نصف مليون عربي، وهؤلاء يشتمون بالأساس، والوزارة تعتبر أنها حققت إنجازا".
وتابع أنه "توجهت عدة مرات إلى دائرة مكافحة العداء للسامية في وزارة الخارجية وطالبت بطرح نفي المحرقة من جانب أبو مازن على الأجندة العالمية في يوم ذكرى المحرقة العالمي. وخسارة أن وزارة الخارجية أضاعت فرصة ممتازة للإعلام الإسرائيلي".
وتنشر هذه المجموعة في "فيسبوك" مقالات باللغة العربية في مواقع أكاديمية باللغة بهدف إظهار ما وصفوه أنه "الوجه الجميل لإسرائيل". وقال كوهين "لقد نشرنا مقالات بعدة لغات، الفرنسية والألمانية وبالطبع بالعربية أيضا.
الجدير بالذكر في هذا السياق، أن عددا من الباحثين اليهود، وبينهم باحثين إسرائيليين، الذين كتبوا بإسهاب عن التعاون ما بين الحركة الصهيونية والحكم النازي، ولكن هؤلاء الباحثين أشاروا أيضا إلى عدم اكتراث وعدم مبالاة الحركة الصهيونية بمعاناة اليهود في أوروبا تحت الحكم النازي وإبان المحرقة، مثلما كتب الصحافي والباحث بوعاز عيفرون في كتابه القيم "الحساب القومي".