في الشهرين الماضيين، منذ اقتحام فيروس كورونا لحياتنا، حدثت تغييرات كبيرة في سير وأداء المجتمع والاقتصاد والحيّز، على شتى المستويات: العالمي والقطري والمحلي. لقد تغيرت معايير أساسية، وسُنت قوانين، وتوقف النشاط الاقتصادي الهائل بكوابح ضاجّة، وتوقفت عوالم السياحة والثقافة والرياضة، بالإضافة إلى عرقلة التواصل الشخصي اليومي والأساسي. على الرغم من أن الأزمة ستمر بالتأكيد، فلا يبدو أن الأمور ستعود إلى طبيعتها وسابق عهدها، وقد نكون على أبواب حقبة جديدة، وهي حقبة أسميها "الكورونياليّة".
عُنيت عدة بنود في اتفاقية تشكيل الحكومة الجديدة، الخامسة برئاسة بنيامين نتنياهو، بكيفية ضمان استمرار نتنياهو في رئاسة الحكومة، وبعده ضمان استمراره وزيرا، قائما بأعمال رئيس الحكومة، وبإعفائه من واجب الاستقالة من الحكومة بسبب محاكمته بقضايا الفساد؛ وحتى هناك بند يتحدث عن حل الحكومة والتوجه الى انتخابات جديدة، في حال منعت المحكمة بقاء نتنياهو في الحكم.
ما زال موعد إقامة حكومة بنيامين نتنياهو الخامسة، بشراكة بيني غانتس وحزبه أزرق أبيض، مجهولا، نظرا إلى حاجة الائتلاف المتبلور إلى تعديل قوانين أساس، تتطلب أغلبية 61 نائبا على الأقل، قبل أن تقدم الحكومة أوراقها للكنيست، بهدف المصادقة عليها، ومن ثم التصويت على تركيبة الحكومة.
نتنياهو في قلب الصدام، قبله وبعده!
*هل يستخدم نتنياهو "القائم بأعمال النائب العام" (المؤقت دان إلداد) للثأر من المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، وتصفية الحساب معه على خلفية تقديم لائحة الاتهام الجنائية الخطيرة بحقه؟!*
التقرير الذي موضع دولة إسرائيل في مكانة متدنية على تدريج مؤشر حرية الصحافة العالمي للعام الحالي 2020، قوبل بتجاهل تام تقريباً في وسائل الاعلام الإسرائيلية نفسها، على اختلافها، من أقصاها إلى أقصاها. على اتساع الطيف الذي يجمع صحافة تجارية وأخرى رسمية، الليبرالي منها والمحافظ واليميني العلني وذاك المقنّع، غابت هذه المعلومة.
أظهرت جولات الانتخابات الثلاث الأخيرة في إسرائيل أن القوة السياسية للمتدينين المتزمتين الحريديم ثابتة مع اتجاه للتزايد الدائم، ولا تتأثر بأي اهتزازات في الحلبة السياسية، وقد حافظوا على تمثيل كتلتيهم بـ 16 مقعدا في الانتخابات الثلاثة مع فائض من الأصوات، ما يؤكد أن قوتهم سترتفع في كل انتخابات مقبلة. وهذا هو ما جعلهم يحصلون على كل مطالبهم دون جهد زائد. وهم يفرضون أنفسهم على أجهزة المؤسسة الحاكمة، حتى في أزمة الكورونا، حينما ظهر أن الحريديم شكلوا نسبة 40% من اجمالي المصابين، ثلاثة أضعاف نسبتهم بين السكان، بسبب تمردهم على القيود بذرائع دينية، ونجحوا في اسكات الأصوات الغاضبة على جمهورهم.
الصفحة 158 من 324