في شهر تموز من هذا العام، تأزمت العلاقات الإسرائيلية- الروسية بعد إعلان وزارة العدل الروسية أن الوكالة اليهودية في روسيا قد أخلت بالقوانين الروسية المحلية. وعليه، تم فتح ملف في محكمة روسية للتداول بشأن إغلاق جميع مكاتب الوكالة اليهودية وطرد موظفيها من البلد. وقد تم تعيين يوم 19 آب الحالي كموعد لإجراء المداولات داخل المحكمة، وربما الوصول إلى قرار نهائي، وهو ما تنظر إليه إسرائيل بتشاؤم ينذر بأن عمل الوكالة اليهودية في روسيا قد يكون في نهاياته.
هذه المقالة، تنظر إلى عمل الوكالة اليهودية، بالتركيز على الساحة الروسية، وتلقي الضوء على الأسباب الفعلية التي قد تقف وراء هذا القرار غير المسبوق بالنسبة إلى الوكالة اليهودية المنتشرة في معظم دول العالم، وبالنسبة إلى العلاقات الإسرائيلية- الروسية.
هذا جزء ثانٍ من مقال حول التقرير الذي أصدره مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية حول هبّة أيار 2021 - والمعروفة في المعجم الإسرائيلي بما يوصف كـ "أعمال شغب" رافقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2021، أو كما أسمتها السلطة الإسرائيلية "عملية حارس الأسوار"، وأسمتها المقاومة الفلسطينية "معركة سيف القدس". تم استعراض التقرير بلغة معدّيه وما اختاروه كخلفية، ("تقرير إسرائيلي رسمي عن أحداث هبة أيار 2021 يتضمّن نقداً للأداء لكنه لا يخرج عن حدود الخطاب الرسمي"، 1 آب 2022) بينما يقدّم هذا الجزء قراءة نقدية على مستوى المضمون و"السردية" التي يقدمها مكتب مراقب الدولة الإسرائيلية للحدث.
يسلط التقرير الذي أصدره مكتب مراقب الدولة الإسرائيلي حول هبّة أيار 2021 - والمعروفة في المعجم الإسرائيلي بما يوصف كـ "أعمال شغب" رافقت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2021، أو كما أسمتها السلطة الإسرائيلية "عملية حارس الأسوار"، وأسمتها الفصائل الفلسطينية "معركة سيف القدس" - كل الضوء على المسائل الأدائية المتعلقة بمدى استعداد وتنظّم واستشراف جهاز الشرطة الإسرائيلية و"جهاز الأمن العام" (الشاباك) للأحداث المتزامنة مع ذلك العدوان الإسرائيلي، في عدد من المدن التاريخية أو المسماة المدن المختلطة، وعلى وجه الخصوص في كل من اللد، يافا وعكا. وفي طيّاته يقدم التقرير صورة عن "الفجوات" في الميزانيات والخدمات ما بين السكان اليهود والسكان العرب في هذه المدن، والواقع الاجتماعي الاقتصادي، وواقع العنف والجريمة، ضمن مقارنة بين المجموعتين القوميتين.
يؤدي النقص في المعلمات والمعلمين (الجيدين) إلى قلق وعدم استقرار في جهاز التربية والتعليم الإسرائيلي منذ فترة ممتدة ومتواصلة على مدار 50 عاماً على الأقل. ولم يساعد في حل الأزمة إضفاء الطابع الأكاديمي على المهنة، ولا عشرات برامج الإصلاحات التنظيمية والتربوية. فظروف العمل والأجور متدنية للغاية لدرجة أن قلة قليلة من الأشخاص تكون على استعداد للدخول إلى هذه المهنة.
مع ظهور ملامح انهيار الائتلاف الحكومي الإسرائيلي السابق برئاسة نفتالي بينيت- يائير لبيد، في حزيران 2022، سارع وزير الدفاع بيني غانتس إلى نبش قضية تعيين رئيس جديد لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي خلفاً لرئيس هيئة الأركان الحالي، أفيف كوخافي، المتوقع أن تنتهي ولايته مع نهاية العام الجاري. وفقاً لتوجيهات المستشار القانوني للحكومة، ينبغي كقاعدة عامة الامتناع خلال فترة التحضير للانتخابات العامة عن تعيين المناصب العليا، مثل تعيين رئيس هيئة الأركان العامة للجيش. بيد أن إسرائيل، كانت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، باستمرار في حالة تحضير للانتخابات ولم تستطع تشكيل حكومة مستقرة قادرة على إجراء تعيينات في الصفوف الأولى للأجهزة الأمنية بدون أن تتداخل السياسة (والمنافسة بين الحزبية، والمناكفات الداخلية) مع العسكر (خصوصا المناصب القيادية التي يفترض أن يتم تعيينها بـ"مهنية طاهرة" بعيدا عن التجاذبات الحزبية).
تدأب وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية في الفترة الأخيرة على إصدار بيانات تُفاخر فيها بأن انخفاضاً بنسبة 20 بالمئة قد سُجّل خلال العقد الأخير في عدد أصحاب تراخيص حيازة السلاح (القانوني) في إسرائيل. إلا أن التحقيق الذي أجراه مركز "شومريم" (الحُرّاس) ونشره مؤخراً يؤكد أن وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلي لا تعرض، في بياناتها تلك، "سوى فئة واحد فقط من بين اثنتين" ويتهمها، بصورة واضحة وصريحة، بـ "إخفاء المعطيات الكاملة عن اللجنة البرلمانية لشؤون الأمن الداخلي وعن مركز الأبحاث التابع للكنيست"، ثم يشير إلى أن "جهات مختلفة ترى أن ما يقف وراء سياسة وزارة الأمن الداخلي هذه ويحركها هو الرغبة في إخفاء الزيادة الكبيرة في عدد تراخيص حيازة السلاح في إسرائيل وإسقاطات ذلك على حوادث الانتحار والعنف داخل العائلة".
الصفحة 71 من 324