المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
images/mashhad/mash_635/8585896852.jpg

كشف رئيس حزب "يوجد مستقبل" وزعيم المعارضة الإسرائيلية، عضو الكنيست يائير لبيد، في نهاية الأسبوع الماضي، تفاصيل مرتبطة بهجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وألقى باللوم بصورة رئيسة على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لتجاهُله التحذيرات التي تلقّاها.

ووفقًا لشهادته أمام لجنة التحقيق المدنية المنعقدة بشأن الهجوم المذكور، أكد لبيد أن السكرتير العسكري لرئيس الحكومة الإسرائيلية، اللواء آفي غيل، حذّر من مواجهة محتملة، قبل تلك الأحداث، لكن نتنياهو لم يُبدِ اهتمامًا. كما أشار لبيد إلى أن إخفاقات إسرائيل في تلك الأحداث تعود، جزئيًا، إلى الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية العام الماضي، والذي وصفه بعض المنتقدين بأنه محاولة انقلاب.

وأوضح لبيد أنه استفسر من رئيس جهاز الأمن العام ("الشاباك") رونين بار عمّا إذا كانت هذه التحذيرات قد عُرضت على رئيس الحكومة، وكانت الإجابة: "طبعًا، تم عرضها". وتابع قائلًا: "إن الرئيس إسحق هرتسوغ تلقى أيضًا تحديثات بشأن المخاطر الأمنية المتزايدة، وأعرب عن ذلك في محادثاته مع رئيس الحكومة".

وأكد لبيد أن نتنياهو كان على عِلم بالتفاصيل، وأن الحكومة كانت على دراية، والجهاز الأمني أطلق التحذيرات، والاستخبارات بأجنحتها حذّرت. وأوضح أنه على الرغم من عدم وجود تحذير تكتيكي مُحدّد بشأن اختراق السياج الحدودي مع قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فإن تحذيرًا إستراتيجيًا جرى تكراره مرارًا. وأضاف: "لا أستبعد هنا مسؤولية الجهاز الأمني أيضًا. فهو حذّر، لكنه لم يتخذ الإجراءات اللازمة، بناءً على تلك التحذيرات".

ونشر لبيد في منصة "إكس" هذا المقطع من نص شهادته، يوم 29/8/2024، أمام "لجنة التحقيق المدنية في أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر":

"بتاريخ 21/8/2023، حضرت جلسة إحاطة أمنية في ديوان رئاسة الحكومة. السكرتير العسكري اللواء آفي غيل، الذي كان يدير جلسة الإحاطة الأمنية، تحدث أمام نتنياهو عن توتُّر متصاعد في جميع الجبهات الأمنية، بما في ذلك إيران، وحزب الله في لبنان، ومنظمات "الإرهاب" في كلٍّ من غزة والضفة الغربية.

ولقد أحاطنا اللواء غيل بأن جميع هذه الجهات بدأت تلمح ضعفًا لدى الجانب الإسرائيلي، وصدعًا داخليًا، وتجاذبات، وفقدان الجيش أهليّته، إلى جانب الأزمة المتصاعدة مع الأميركيين.

وافترضت أن هذه المعلومات استثنائية، سواء من ناحية حدّتها، أو من ناحية دقتها، أمّا رئيس الحكومة، وأنا هنا أتحدث عن انطباعي الشخصي، لا غير، وأفترض أنه يمكن النقاش معي في هذا الشأن، فقد بدا كأنه يشعر بالملل، واللامبالاة، ولم يعلّق على الإحاطة بأيّ تعليق".

وقد تتالت ردود الفعل على شهادة لبيد هذه، وأجمع معظمها على أن الصورة التي ترسخها الشهادة مرعبة. وبموجب أحد التحليلات، فهي تثبت أن نتنياهو لن يشكّل لجنة تحقيق رسمية مطلقًا.

وجاء في هذا التحليل الذي كتبه المحلل السياسي والحزبي لصحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر: لم تتغير شعارات الليكود وإعلاناته بشأن التحقيق في الإخفاقات على مدار الـ11 شهرًا الماضية، وهي لا تزال تحمل الصيغة المراوِغة نفسها التي تُمليها قيادة الحزب، بعبارات على شاكلة "بعد الحرب، سيكون هناك وقت لطرح الأسئلة". في الواقع، وطبعًا، لا ينوي نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق، ولا حتى لجنة تحقيق حكومية، لكنه في الوقت نفسه، لا يريد أن تشكل أيّ حكومة تخلفه هذه اللجنة. ولذلك، فإننا ننتظر إلى "ما بعد الحرب"، وهي الحرب الأطول في تاريخنا. ألم يقُل أسلافنا في قديم الزمان إن العجلة من الشيطان؟ وفي هذه الأثناء، يحاول الليكوديون، من باب الاحتياط، انتزاع صلاحية تعيين اللجنة المستقبلية من رئيس المحكمة العليا، أو يحاولون وضع القاضي يوسف إلرون، المفضل لدى جماعة الانقلاب القضائي، على كرسي رئاسة المحكمة العليا. ربما يقوم بتعيين عدد من أنصار الحكومة في اللجنة. هؤلاء لن يتركوا حجرًا على حجر: فلبيد، ونفتالي بينيت، وشمعون بيريس، وأريئيل شارون، وجماعة "إخوة في السلاح"، وأهارون باراك، هؤلاء جميعًا سيتم تحميلهم المسؤولية باستثناء نتنياهو.

وأشارت تحليلات أخرى إلى أن الحجة الوحيدة الصالحة التي يمتلكها نتنياهو هي أن أحدًا لم يوقظه ليلة 6-7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو ما يشبه التحقيق في كارثة صعود النازيين واندلاع الحرب العالمية الثانية، استنادًا إلى معلومات استخباراتية بولندية غير مكتملة، صدرت بتاريخ 1 أيلول 1939، من دون الإتيان على ذِكر دور رئيس الوزراء البريطاني نافيل تشمبرلين. لذلك، ما زالت إسرائيل حتى الآن، عالقة في عملية التحقيق المتعثرة التي يُجريها مراقب الدولة (المتهم بولائه لنتنياهو)، والتي تستدعي التشكيك فيها بصورة تلقائية، وكذلك هناك لجنة التحقيق المدنية، التي شُكلت نواتها من عائلات الضحايا والمخطوفين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ومع تصاعُد تأثير هذه اللجنة، ستكون عرضة هي الأخرى إلى هجوم أنصار نتنياهو واليمين.

ويضيف فيرتر: هذا ليس كل شيء. لقد أصبح التحقيق في الإخفاقات أمرًا حيويًا، وبصورة خاصة في ظل مسار الحرب الذي لا نهاية له، والذي يخلو من أيّ رؤية استراتيجية عسكرية. بل إن مسار الحرب يعتمد فقط على بقاء نتنياهو على كرسي الحكم، وخصوصًا عندما يتوافق ذلك مع الاعتقاد الديني الذي يقول إن نتنياهو هو الذي سينقذ إسرائيل. فكيف يمكن تصديق كل هذا الهراء؟ إن أفضل مَن يمكنه خداع بنيامين نتنياهو هو بنيامين نتنياهو نفسه؟ ولهذا، فهو بارع في ذلك. ولقد تجلى هذا الأمر في التسجيلات المأخوذة من اللقاء الذي جمع نتنياهو وعقيلته بناجيات من الأسر (حسبما قدمته يولان كوهين في أخبار القناة 12). فلاحظنا في تلك التسجيلات مونولوجًا لنتنياهو لم يحظَ بالاهتمام الذي يستحقه. إذ إنه اختار، ردًا على توسلات النساء توقيع صفقة لإنقاذ الرهائن، أن يصور نفسه بأنه "حامي أمن إسرائيل".  ليس حامي إسرائيل من هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر. فهذا الخبر قديم. بل قال لهن: أين ما حدث لنا في هذا الهجوم مما حدث لنا خلال المحرقة النازية؟ لقد كان اليهود يموتون في المحرقة النازية أكثر بـ 4500-5500 ضعف من الذين ماتوا في الهجوم على غلاف غزة، وبصورة يومية!

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات