المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

لا تقتصر التقلّبات، التي تكسر قواعد سابقة متعارف عليها في الحلبة السياسية الإسرائيلية، على الجهود التي يقودها بنيامين نتنياهو شخصيا لإعادة تشكيل اليمين في إطار موحد الى جانب الليكود، بل تجري في جناح المعارضة – غير المتجانسة بأيّ شكل! – تحرّكات مختلفة، منها ما يتعلق بفكرة إنشاء "جسم يهودي- عربي".

وذكرت صحيفة "هآرتس" أن لديها معلومات عن نشاطات من أجل إقامة "كتلة سياسية عربية يهودية". وهناك خياران لتحقيق هذا المسعى: الأول هو تشكيل قائمة من الصفر؛ والثاني العمل بحيث يكون حزب ميرتس الإطار الذي يعبئ هذه الخانة، وبالذات مع تزايد المؤشرات الإيجابية على تشكيل "القائمة المشتركة" مجدداً. وعنوان المشروع هنا هو تشكيل "قيادة عربية يهودية مشتركة" للحزب من دون التخلي عن صهيونيته.

المبادرون يقولون في منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي إن "اليسار الإسرائيلي يحتاج أملا بشكل شراكة يهودية عربية حقيقية. والجماهير العربية أعطت ثقتها لميرتس في الانتخابات الأخيرة، والآن علينا تعزيز الشراكة عبر بناء يسار يهودي عربي قوي وذي نفوذ".

رئيسة الحزب السابقة زهافا غالئون رحّبت بالمبادرة وقالت "هذا أمر جديد ومثير للاهتمام. هذه هي الفكرة الصحيحة، الرسالة الصحيحة والتوجه الصحيح الذي يتحدى النظام القائم ويوفر نموذجا جديدا للشراكة اليهودية العربية"، كما كتبت عبر تويتر. يشار هنا إلى أن رئيسة الحزب الحالية عضو الكنيست تمار زاندبرغ تشدّ العربة في اتجاه آخر تماما، إذ ترى أن ما يجب القيام به هو التحالف مع حزب العمل. بمعنى أن تلك الفكرة "اليهودية- العربية" تخدم أيضاً قوى متنافسة على زعامة الحزب، وليست كلها أيديولوجيا خالصة!

هناك أصوات إضافية تدفع بالفكرة وتعلن تأييدها. فمثلا الوزير السابق أبراهام بورغ قال إنه يعمل على هذا المشروع منذ عشر سنوات. ويزعم وجود "تشاؤم وغضب" على "القائمة المشتركة" وكذلك على القائمتين الأخيرتين المؤلفتين من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحركة العربية للتغيير من جهة، والتجمع الوطني الديمقراطي والقائمة العربية الموحدة من الجهة الثانية. وكأن بورغ يقول إنه سواء اتحدت الأحزاب والحركات الفاعلة في المجتمع العربي أم تشرذمت فهناك غضب عليها ويجب استبدالها.

وهو يحمل مقترحاً مفصلا يخدم طرحه إذ يقول: "يجب أن تكون هذه القائمة اسرائيلية تماماً"، في إشارة إلى رفض أي تأثير من السلطة الفلسطينية.

ورأى بورغ في حديث لموقع "العرب" أن "هناك العديد من الشركاء في المجتمع العربي لهذا الحزب، وأنا أعتقد أنه يجب إشراك رؤساء السلطات المحلية وشخصيات سياسية واجتماعية، ولا ننسى أن هناك 300 ألف شخص لم يصوتوا ولم يمارسوا حق الاقتراع في الانتخابات الاخيرة". وبورغ يرى في هذا الأمر ما لا يقلّ عن "فرصة تاريخية ثمينة" ويحذّر من إضاعتها كاشفاً عن وجود "عشرات الاجتماعات في الأيام الأخيرة وسأقدم كل ما أملك من أجل نجاح المشروع". وهو يرى في هكذا حزب "بديلا عن حزب العمل وعن ميرتس وعن الجبهة وعن المشتركة أيضاً"، كلّها معاً!
للتذكير، لقد سبق أن أعلن في مؤتمر صحافي من مدينة تل أبيب مطلع العام الجاري عن تشكيل قائمة اسمها "لأجلنا"، والتي اختلط فيها أثرياء عرب بضباط إسرائيليين سابقين.

وبيّن بيانها الرسمي حينذاك تبنّيها الضمني لمقولات "إهمال الأحزاب العربية جمهورَها" و"اهتمامها بالقضايا السياسية فقط" وسواها من مزاعم تكذّبها إحصائيات وتقارير الكنيست الرسمية نفسها، من ناحية نوعية القضايا التي تابعتها تلك الأحزاب. فمثلا قالت "لأجلنا" تلك إنها جاءت "انطلاقاً من الإرادة الحقيقية لدى المجتمع العربي في إحداث تغيير، نظراً لعدم الرضى عن أداء القيادة الحالية في الكنيست والتي نبذت التعامل مع القضايا الاجتماعية الاقتصادية الشائكة الموجودة على جدول أعمال المجتمع العربي، واختارت بدلاً من ذلك اعتماد الخطاب القوموي الانفرادي المتطرف الذي لم يثمر عن أي إنجازات والذي ألحق الضرر بالمجتمع العربي"!

وهذا الكلام أثنى عليه بشدّة ضابط إسرائيلي سابق انضم إلى "لأجلنا" إسمه عاموس دنيئيلي، جرى تعريفه كمفكر وكاتب خدم سابقاً في الأجهزة الأمنية وفي وحدة الكوماندوز "سييرت متكال" تحديداً، وعمل مستشاراً لدى وزارات حكومية مختلفة، وهو يصرّح: "أنا تربيت على نظرية جابوتنسكي وبن غوريون اللذين حلما بنشأة مجتمع متسامح يحترم الأقليات التي تعيش فيه. وهذا ما أسعى لتحقيقه". ويبقى من المثير للفضول بشدّة معرفة ردة فعل مواطنين عرب حين سيسمعون أن الصهيونيين الشهيرين جابوتنسكي وبن غوريون كان لديهما مثل هذا الحلم النبيل!

 

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, الليكود, هآرتس, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات