المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أصدر "معهد القدس للاستراتيجيا والأمن"، أوائل حزيران الجاري، وثيقة شاملة تحت عنوان "عَظَمة في ساعة امتحان ـ مخطط سياسات لحكومة إسرائيل"، وصفها بأنها "مقترح مخطط للسياسات الحكومية" في مختلف المجالات، السياسية والعسكرية والدبلوماسية، الدولية والإقليمية والمحلية، يضعها على طاولة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي سيجري تشكيلها في إثر انتخابات الكنيست الـ 22، المزمع إجراؤها في 17 أيلول المقبل، انطلاقا من الافتراض (البدهي من وجهة نظر معدّي هذه الوثيقة، كما يبدو بوضوح من قراءتها!) بأن هذه الحكومة (الجديدة) ستكون حكومة يمينية، مثل سابقاتها خلال العقد الأخير، على الأقل.

المعروف أن "معهد القدس للاستراتيجيا والأمن" (أو، اختصارا: "معهد القدس للدراسات الاستراتيجية") هو معهد أبحاث يميني محافظ جرى تأسيسه قبل أقل من عامين وأقيم حفل افتتاحه الرسمي في تشرين الثاني 2017، تحت عنوان "تحديات القدس الموحدة"، بعد أن عرّف (المعهد) عن نفسه بأنه يسعى إلى "إفادة دولة إسرائيل، بتعزيز الخطاب السياسي والأمني المحافظ فيها"، من خلال "الأبحاث، المؤتمرات والتواصل مع أوساط حكومية، عسكرية، أكاديمية، إعلامية وجماهيرية".

وقد حدد المعهد المبادئ التوجيهية التي يُرسي عليها أنشطته بالقول إنها تشمل "الرابطة التاريخية بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل، كمركّب مركزي في رؤية المعهد الاستراتيجية؛ حيوية بعض المقوّمات الأمنية الأساسية في أية اتفاقيات سياسية؛ رفض أية إجراءات إسرائيلية أحادية الجانب من شأنها، فقط، تعزيز قوة الخصم؛ أهمية التعاون الاستراتيجي مع دول صديقة؛ الحفاظ على قوة إسرائيل وقدرتها على الدفاع عن نفسها بقواها الذاتية؛ وأهمية القدس الموحدة بالنسبة للأمن الإسرائيلي". ولذا، فهو "يسعى إلى دفع سياسات براغماتية تحافظ على أمن إسرائيل، تعزز مكانتها الدولية وتؤدي، في المدى البعيد، إلى تسويات سياسية دائمة وثابتة".

وأشار المعهد، في ختام بطاقته التعريفية المقتضبة آنذاك، إلى أنه "يطمح إلى إنشاء وتطوير الجيل القادم من باحثي الأمن القومي ـ من الشبان خريجي الأكاديميا، الاستخبارات، الجيش والسياسة الخارجية ـ على قاعدة الفكر المحافظ في الغرب وقاعدة الفكر الصهيوني". (نشرنا تقريراً موسعاً عن هذا المعهد في ملحق "المشهد الإسرائيلي" ـ العدد 408، الثلاثاء 7/11/2017).

توزعت مضامين الوثيقة الجديدة، الحالية، الصادرة عن "معهد القدس" على ثمانية فصول، يسبقها بابان هما "مقدمة" و"مسار سياساتيّ: موجز التوصيات"، ثم: الفصل الأول ـ التماسك القومي في وقت الامتحان؛ الفصل الثاني ـ استخدام القوة بصورة حكيمة: 1. سيناريوهات القتال؛ 2. مناورة برية وحسم: عودة إلى المصادر؛ الفصل الثالث ـ من الشمال تأتي الشرور: 1. لجم المشروع النووي الإيراني؛ 2. نظرة إلى الداخل الإيراني؛ 3. وجهات التسلح الإيراني؛ 4. تقليص التهديد الإيراني في سورية؛ 5. الحوار الاستراتيجي مع روسيا؛ 6. إيران تحكم سيطرتها على لبنان بواسطة "حزب الله"؛ الفصل الرابع ـ القدس: 1. أهمية القدس استراتيجياً؛ 2. الاستيطان في القدس: الواجب الصهيوني؛ الحزم ضد العناصر الغريبة التي تزعزع السيادة في القدس؛ الفصل الخامس ـ القضية الفلسطينية: 1. "إدارة الصراع" قبالة الفلسطينيين؛ 2. "صفقة القرن" التي يطرحها ترامب: إعادة ترسيم حدود المسألة، من جديد؛ 3. يوم ما بعد "أبو مازن"؛ 4. قطاع غزة: سياسة "العصا" الكبيرة وبجانبها "جزرات"؛ الفصل السادس ـ المنظومة الإقليمية وشرق البحر المتوسط: 1. أفضلية لمصر والأردن، إلى جانب آفاق جديدة في العالم العربي؛ 2. تحديد ثمن للعِداء التركي؛ 3. الدفع نحو جدول أعمال مشترك في شرق البحر المتوسط؛ الفصل السابع ـ الحلبة الدولية: 1. المحافظة على قواعد الدعم الأميركي لإسرائيل؛ 2. اليهود في أميركا الشمالية كثروة استراتيجية؛ 3. الحلبة الأوروبية؛ 4. القارة الآسيوية؛ 5. أفريقيا وأميركا الجنوبية؛ الفصل الثامن ـ الاستعداد التنظيمي: 1. ترميم وزارة الخارجية؛ 2. تشبيك الأيدي في القدس في مهمة بلورة سياسة الأمن القومي.

"دولة قوية في وضع استراتيجي هو الأفضل منذ قيامها"!

يستهل "معهد القدس" وثيقته السياساتية هذه بمقدمة اختار لها عنوانا قولة دافيد بن غوريون، رئيس الحكومة الأول في دولة إسرائيل: "دون أوهام ودون يأس"، يشدد في بدايتها على أن "دولة إسرائيل هي دولة قوية وتتمتع اليوم بوضع استراتيجي هو الأفضل منذ قيامها". ومع ذلك، ترى الوثيقة أنه "لا تزال ثمة تهديدات خطيرة على أمنها. في مقدمة هذه التهديدات وأهمها ذلك الناجم عن الأزمة الراهنة بين الولايات المتحدة وإيران، بما يترتب عليه من أخطار ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، سواء من جانب إيران نفسها أو من جانب وكلائها ومبعوثيها". وفضلا عن ذلك، "لا تزال إسرائيل تخوض صراعا متواصلا وغير قابل للحل في المدى المنظور مع الفلسطينيين. ولذا، يتعين على إسرائيل أن تكون على أهبة الاستعداد لحرب جديدة محتملة. وهذا هو، أيضا، الامتحان الأكبر للمجتمع الإسرائيلي".

يتوقع معدو المقترح السياساتي، في مقدمة وثيقتهم هذه، أن يخضع "تماسك المجتمع الإسرائيلي، قوة الجيش الإسرائيلي والقدرة على المناورة السياسية"، خلال فترة ولاية الحكومة الإسرائيلية المقبلة التي ستتشكل بعد انتخابات أيلول 2019، "لامتحانات قاسية"، الأمر الذي يضع على هذه الحكومة الجديدة مسؤولية "الانتباه وتوظيف الجهود للمحافظة على التماسك الاجتماعي والقومي ولبناء القوة العسكرية والسياسية في مواجهة التهديدات المركزية، إلى جانب التطلع والسعي نحو اغتنام الفرص السياسية التي تنطوي على احتمالات تغيير "قواعد اللعبة" حيال الفلسطينيين، العالم العربي وحلبة البحر المتوسط، وفي مقدمتها المبادرة الأميركية وتبعاتها".

تقترح هذه الوثيقة ـ كما تشير المقدمة ـ مخططاً للسياسات الحكومية الإسرائيلية، تجسد من خلاله التبصرات التي توصل إليها طاقم الباحثين في "معهد القدس للاستراتيجيا والأمن"، الذين اجتمعوا لوضع استعراض شامل للتحديات الماثلة أمام صناع القرار في دولة إسرائيل، ولوضع سلسلة من التوصيات العملية في مجالات السياسة الخارجية والأمنية، بشكل خاص.
وتجدون في مكان آخر من هذه الصفحة ترجمة حرفية لملخص هذه التوصيات الأربعة عشر.

مقترح مخطط السياسات الحكومية - ملخص التوصيات

شمل مقترح مخطط السياسات الحكومية الذي أعدّه أعضاء الطاقم البحثيّ في "معهد القدس للإستراتيجيا والأمن" 14 توصية تغطي مختلف المجالات العسكرية، السياسية، الدبلوماسية، إلى جانب بعض المسائل الخاصة بالشأن الإسرائيلي الداخلي.
وتشمل هذه التوصيات، حسب تسلسل ورودها في المقترح:

1. صيانة التماسك القومي

التماسك القومي هو شرط ضروري لمناعة إسرائيل في الامتحانات الصعبة التي قد تضعها فيها بيئتها الإشكالية، وربما يحصل هذا في المستقبل القريب جدا. قد تكون للأزمة مع إيران إسقاطات بعيدة الأثر والمدى. ولذا، ينبغي على الحكومة الجديدة الاهتمام بالمحافظة على تماسك المجتمع الإسرائيلي وبتعزيز قدرته على الصمود، من خلال بناء إجماع واسع قدر الإمكان، سواء استعدادا للخطوات الحربية التي قد تكون مستوجبة في الشمال، أو من أجل إدارة حكيمة للنزاع مع الفلسطينيين والاستعداد لاستقبال الخطة الأميركية بترحاب ومواجهة إسقاطاتها.

2. الاستعداد للقتال في عدة جبهات

ينبغي على الحكومة، عبر حوار دائم ومتواصل مع الجيش، إعطاؤه التعليمات للاستعداد لمواجهة مختلف السيناريوهات القتالية المحتملة ورصد جميع الموارد اللازمة لذلك. هذه السيناريوهات تشمل توجيه ضربة ضد أهداف نووية في إيران، حرباً على ثلاث جبهات مقابل تحالف تقوده إيران و"جزّ العشب" على الجبهات الفلسطينية. ينبغي الاستعداد لحرب صواريخ وبناء قوة برية ذات قدرة على المناورة والحسم بواسطة نقل القتال إلى مناطق العدو. النشاط المدمج "استخبارات ـ نيران" ليس بديلاً، وإنما عامل إسناد هام في المجهود البري. ثمة تخوفات وهمية من أن هذا التوجه العسكري يؤدي إلى وقوع ضحايا عديدة. ثمة للاحتكاك الكبير أثمان حقاً، لكن زمن القتال القصير نسبياً حتى الحسم وإخضاع العدو من شأنه تقليص عدد المصابين على جبهة القتال، وفي الجبهة الداخلية بالتأكيد.

3. كبح إيران

في الوضع الذي تقوم فيه إيران باستفزاز الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، يتعين على أجهزة الاستخبارات والجيش الإسرائيلي إجراء التحضيرات اللازمة والكافية لتمكين إسرائيل من تجسيد قدرتها الحقيقية على تنفيذ عملية عسكرية. وسيكون هذا مفيدا في حال عودة الإيرانيين إلى مائدة المفاوضات. وفي الوقت نفسه، ينبغي أيضا الاستعداد ليوم الحسم الذي تضطر فيه إسرائيل إلى التحرك والعمل وحدها بغية إحباط المشروع النووي الإيراني (رغم أن الخيار المفضل يبقى عملية مشتركة مع الولايات المتحدة وأطراف أخرى). وفي موازاة ذلك، تبقى مهمة قطع الطريق على إيران ومنعها من الوصول إلى موارد وتقنيات متطورة جزءا لا يتجزأ من صندوق الأدوات المتاح في مواجهة التهديدات الإيرانية. من أجل منع بناء آلة الحرب الإيرانية في سورية وقاعدة الصواريخ طويلة المدى في العراق، ثمة حاجة إلى تصميم عسكري مصحوب بجاهزية لتصعيد يصل إلى مواجهة شاملة، في موازاة الجهود الدبلوماسية (وخاصة حيال روسيا) الرامية إلى ثني سورية (والعراق) عن منح إيران حرية الحركة والعمل على أراضيهما.

4. الحكم بفاعلية وإنصاف في القدس الكبرى

يتطلب أمن إسرائيل إحكام السيطرة في القدس والمناطق المحيطة. ينبغي على الحكومة الجديدة وضع القدس في مرتبة عالية جدا على سلم الأولويات القومي وتعزيز الأغلبية اليهودية في المدينة بواسطة البناء الواسع، بما في ذلك في منطقة E-1 باتجاه معاليه أدوميم.
وينبغي، أيضا، الحكم في الجزء الشرقي من المدينة بحزم وإنصاف، إلى جانب تعزيز خيار الاندماج لدى عرب شرقي المدينة، من خلال استثمارات جدية في البنى التحتية وفي جهاز التعليم.

ينبغي التصرف بحزم ضد المحاولات التي تقوم بها عناصر راديكالية هدفها تغيير الوضع القائم (ستاتوس كوو) في "جبل الهيكل" (الحرم القدسي الشريف) وضد العناصر الغريبة التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار والنيل من السيادة الإسرائيلية في العاصمة.


5. إدارة الصراع مع الفلسطينيين

يتعين على إسرائيل مواصلة اعتماد استراتيجية "إدارة الصراع" التي ترمي إلى تقليص الأثمان المترتبة على الصراع من كلا الطرفين. تشمل هذه الاستراتيجية المركبات التالية: استخدام القوة بصورة محسوبة، "جزرات" اقتصادية والمحافظة على الهدوء الحالي في البناء الاستيطاني في الميدان ـ باستثناء البناء في منطقة غلاف القدس وفي العاصمة نفسها، والذي ينبغي توسيعه. في غياب الحوكمة اللائقة والمناسبة في منطقة C، تهدر إسرائيل ورقة المساومة الأقوى التي تمتلكها في أية مفاوضات مستقبلية. وعلى أي حال، لا ينبغي الوقوع في شرك إغراء الانسحابات من جانب واحد، بناء على اعتبارات التماسك القومي واعتبارات أمنية وسياسية مختلفة. مثل هذه الخطوات من شأنها تغذية التوقعات العبثية لدى الجانب الفلسطيني وضمان استمرار النزاع، بل مفاقمته، دون أي مقابل سياسي حقيقي. الإجراءات الرامية إلى فرض القانون الإسرائيلي على مناطق في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ـ والتي يجب أن يجري النظر فيها، في كل الأحوال، بعد استنفاد المبادرة الأميركية فقط ـ لا ينبغي أن تخرج عن إطار الإجماع القومي ومن المهم الإبقاء على فرص لتسويات سياسية مع الفلسطينيين مستقبلاً.

6. الاستعداد لخطة ترامب وإسقاطاتها

يجدر بإسرائيل الرد بالإيجاب على خطة السلام التي طرحتها إدارة الرئيس دونالد ترامب والموافقة على الدخول في مفاوضات تجرى على أساسها. خطة ترامب هذه قد تقوّض الفرضية السائدة في العالم والقائلة بأن "الكل يعلم" كيف ستكون التسوية (وفق "معايير كلينتون" أو قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334). فعلياً، القيادة الفلسطينية لا تزال غير ناضجة للتوصل إلى تسوية تاريخية مع الحركة الصهيونية. يتعين على إسرائيل الاستعداد للوضع الذي سينشأ في أعقاب رفض الفلسطينيين مبادرة السلام الأميركية. ينبغي الاستعداد للحيلولة دون سيطرة حركة "حماس" على السلطة الفلسطينية في عهد ما بعد "أبو مازن" والمحافظة على استمرار التعاون الأمني، قدر المستطاع.

7. ردع "حماس" في غزة

مقابل "حماس"، ينبغي على إسرائيل المضيّ في سياسة الردع "المؤقت" لفترات زمنية أطول، في موازاة تحديد أهداف "مؤلمة" لدى العدو والإبقاء على عوامل الضغط، إلى جانب "جزرات" موضعية. وهذا، بغية تقليص الأضرار المادية والنفسية لدى المواطنين الإسرائيليين ومن أجل منع الضرر السياسي الناجم عن الانفجارات العنيفة. ويجدر التذكير بأن التهديدات التي مصدرها قطاع غزة هي تهديدات ثانوية قياساً بتلك الصادرة من الحلبة الأساسية، في الحدود الشمالية.

8. إعطاء الأفضلية لمصر والأردن، إلى جانب آفاق جديدة في العالم العربي

الوقوف في وجه إيران ومجروراتها، كما في وجه قوى إسلاموية متطرفة أخرى، يخلق في السنوات الأخيرة وحدة مصالح مع عناصر ذات قوة في العالم العربي. تستدعي المصلحة الإسرائيلية استنفاد هذه الفرص كلها تماماً، مع ضرورة إبداء درجة كافية من الحكمة تجاه الدول الخليجية ومحدودياتها. ولهذا، ينبغي تركيز الجهود في مصر والأردن، الشريكتين الاستراتيجيتين اللتين تربطنا بهما معاهدات سلام، ذلك أن للاستقرار في هاتين الدولتين أهمية قصوى جدا وبعيدة المدى.

9. تحديد ثمن للعداء التركي وتوطيد الشراكة في شرق البحر المتوسط

ينبغي التصدي للحراك التركي ومحاصرته. الزعيم التركي رجب طيب أردوغان يعادي إسرائيل، يدعم "حماس" ويسعى لتقويض السيادة الإسرائيلية في القدس. ينبغي توثيق العلاقات مع دول المنطقة التي يساورها قلق وتخوف من السياسة التركية. ينبغي استغلال الوسائل المتاحة في الولايات المتحدة وفي أوروبا من أجل إرغام تركيا على موازنة مواقفها. وثمة حاجة، أيضا، إلى رصد النشاط التركي في المجال النووي. من المهم تعزيز وتحصين المثلث الاستراتيجي بين إسرائيل، اليونان وقبرص كقوة مضادة مقابل أردوغان، ثم توسيعه إلى شراكة بين جميع الأطراف التي تتقاسم وجهة النظر ذاتها في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، استمرارا لتأسيس "فوروم الغاز" الإقليمي. وينبغي الانتباه، في الوقت نفسه، إلى أن تركيا هي دولة إسلامية هامة فيها أصوات أخرى مغايرة ومن الجدير الاستمرار في العلاقات التجارية معها ومع شعبها، قدر الإمكان.

10. صيانة الدعم الأميركي لإسرائيل كمسألة مشتركة للحزبين

لا بديل للدعم الأميركي. ينبغي على حكومة إسرائيل مواصلة التعاون مع واشنطن، مقابل الأجهزة العسكرية ـ الأمنية والاستخباراتية بالأساس، وخصوصا في المسألة الإيرانية. في الجانب السياسي ـ الحزبي، يتعين على الحكومة الإسرائيلية الحرص على تنمية وتوثيق العلاقات مع كلا الحزبين في واقع التقاطب السياسي ـ الحزبي الأميركي، ثم الحذر من أن تبدو كأنها تجر الولايات المتحدة إلى الحرب. في هذا السياق، ثمة أهمية كبرى للتعاون الوثيق مع يهود الولايات المتحدة. يجب إصلاح الأضرار التي تراكمت خلال السنوات الأخيرة على خلفية الادعاءات بشأن تماهي إسرائيل الزائد مع الرئيس ترامب وبسبب قضايا الدين والدولة في إسرائيل.

11. المحافظة على الحوار والتنسيق العسكري مع روسيا

في ضوء تصاعد التوتر مع إيران، من المهم المحافظة على الحوار مع القيادة في موسكو وعلى آفاق العلاقة مع القوات العسكرية الروسية في سورية، للحيلولة دون وقوع صدام ثنائي (deconfliction). يجب، قدر الإمكان، تجنب اتخاذ مواقف في هيئات دولية يكون معناها الوقوف ضد المصالح الروسية. ينبغي التفكير في المقابل الذي يمكن تقديمه لروسيا لقاء تعاونها مع إسرائيل. مثل هذه الجهود تستلزم درجة عالية من الحساسية تجاه العدائية الشديدة السائدة في الدوائر الأمنية الأميركية تجاه روسيا.

12. تكريس دعائم تأييد في أوروبا، مقابل المواقف المؤسساتية في بروكسل

الهدف الأكثر أهمية هو مساعدة الولايات المتحدة في جهودها الرامية إلى ثني عناصر في أوروبا عن تخفيف الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس ترامب في المسألة الإيرانية، ثم إقناع دول أساسية بضرورة الرد بحزم وقوة على المحاولات الإيرانية لتجميع مواد انشطارية وتعميق الوعي في أوروبا تجاه النشاط الإرهابي الإيراني على أراضيها.

ينبغي العمل من أجل أن تحذو الدول الأوروبية حذو بريطانيا في إلغاء التمييز المصطنع بين الأذرع الإرهابية والأذرع السياسية التابعة لمنظمة "حزب الله".
ينبغي الاستمرار في تقويض مواقف الاتحاد الأوروبي بما يخص القضية الفلسطينية، مسألة الجولان ومسألة نقل السفارات إلى القدس.
على الحكومة الجديدة دفع مشروع أنبوب الغاز إلى أوروبا، والذي إذا ما صمد في امتحان الجدارة الاقتصادية فسوف يلعب دورا هاما في توطيد العلاقات مع دول القارة الأوروبية.

13. الحذر في آسيا

يجب صيانة العلاقات المميزة مع الهند. ينبغي على إسرائيل إبداء درجة أكبر من الحذر في علاقاتها الاقتصادية مع الصين، بغية التخفيف من حدة المخاوف الأميركية، لكن سوية مع الامتناع عن شد الحبل أكثر مما يلزم، ثم البحث عن طرق للموازنة بين علاقاتها مع الصين من جهة، وبين علاقاتها الجيدة مع غالبية دول القارة الآسيوية التي تبدي تخوفات من بكين من جهة أخرى ـ هذه العلاقات التي تشمل (ليس كما مع الصين) جانبا أمنياً هاماً أيضا. على إسرائيل، أيضا، تسريع التوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة مع الدول الآسيوية التي يبرر حجم المبادلات التجارية معها ذلك. وفي المقابل، ينبغي العمل ومن أجل تغيير أنماط تصويت الدول الآسيوية في الهيئات والمنظمات الدولية، وخصوصا على ضوء تراجع مكانة المسألة الفلسطينية وأهميتها. كما ينبغي فحص إمكانيات إحداث اختراق في العلاقات مع الدولتين الإسلاميتين الكبيرتين، إندونيسيا وبنغلاديش.

14. تطوير "صندوق الأدوات" الدبلوماسي

تتطلب مواجهة التحديات الماثلة في المنظومة الدولية ـ إلى جانب مواصلة الانطلاقة على المستوى السياسي الأعلى ـ إحداث تحول انقلابي في المنحى الحالي المتمثل في حصول تآكل مستمر ومتراكم في سلك وزارة الخارجية الإسرائيلية. وينبغي، ضمن هذا، فحص إمكانية تعيين وزير متفرغ للخارجية؛ إعادة فتح دوائر وأقسام جرى توزيعها على وزارات حكومية أخرى؛ رصد الموارد اللازمة لإدارة النشاط الدبلوماسي المكثف؛ تعزيز قدرات "وحدة التعاون الدولي" (هي وحدة في وزارة الخارجية الإسرائيلية تنظم "المساعدات الإسرائيلية" لدول نامية في مختلف أنحاء العالم) ودمج المجتمع المدني الإسرائيلي في حملات الدعم والمساعدة في الخارج، إضافة إلى تأهيل طواقم وبرامج لتوثيق العلاقات مع السكان في الدول الناطقة باللغة العربية. ومن الأهمية بمكان تعزيز وتوسيع كادر ممثلي مديرية التجارة الخارجية في وقت تخطت فيه الصادرات الإسرائيلية عتبة الـ 400 مليار شيكل. كما ينبغي، أيضا، الاستمرار في تعزيز قدرات الأجهزة الاستخباراتية التي حققت حتى الأن إنجازات كبيرة وهامة جدا، لم تكن في حكم المفهوم ضمنا، إطلاقا. وينبغي تكريس نمط منظم من الأبحاث والمداولات بين الوزارات المختلفة في كل ما يتعلق بالقضايا المركزية، المفتاحية، بقيادة "مجلس الأمن القومي" وتحت إشرافه.

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات