أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال غادي أيزنكوت في مطلع الأسبوع الحالي أن الجيش الإسرائيلي يعمل لإحباط أي محاولة لنقل أسلحة متطورة إلى حزب الله وسيواصل هذا النهج في المستقبل.
وقال أيزنكوت إن حزب الله يسعى إلى التزود بوسائل قتالية فتاكة وذات دقة عالية في إصابة الأهداف من أجل إلحاق الأضرار بالجبهة الداخلية في إسرائيل. وأضاف أن التصريحات التي أطلقت من بيروت في الفترة الأخيرة تشير إلى أن عنوان أي حرب مستقبلية (تخوضها إسرائيل) سيكون دولة لبنان والمنظمات العاملة بموافقتها وإذن منها.
وحذر ليبرمان دمشق من أنه في المرة القادمة التي تطلق فيها بطاريات دفاعاتها الجوية النار على طائرات سلاح الجو الإسرائيلي كما فعلت يوم الجمعة الفائت، سيقوم سلاح الجو بتدمير هذه البطاريات.
وجاءت تهديدات ليبرمان وتصريحات أيزنكوت هذه بعد قيام سورية بإطلاق صواريخ مضادة للطائرات باتجاه طائرات إسرائيلية عقب قصفها أهدافاً داخل الأراضي السورية يوم الجمعة.
كما جاءت بعد إعلان مصادر سورية أن طائرات إسرائيلية شنت، الأحد، غارة جديدة على الأراضي السورية استهدفت فيها سيارة على الطريق الواصل بين القنيطرة ودمشق وقتلت سائقها. والتزمت الجهات الرسمية الإسرائيلية الصمت إزاء هذا الإعلان.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارة الإسرائيلية استهدفت سيارة كان يقودها ياسر السيد وهو مواطن سوري، فيما أكدت مصادر مقربة من النظام السوري أن السيد هو قائد إحدى الميليشيات التابعة لنظام الرئيس بشار الأسد.
في غضون ذلك أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها طلبت من إسرائيل توضيحات عن الغارة التي شنتها مقاتلات سلاح الجو يوم الجمعة على تدمر.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إنه طلب من السفير الإسرائيلي في موسكو توضيحات بشأن اختراق الطائرات الإسرائيلية الأجواء السورية.
وأكد بوغدانوف أن ثمة اتفاقاً بين روسيا وإسرائيل ينص على مراعاة مسار العمليات الجوية فوق سورية. وهذه هي المرة الأولى التي تستدعي موسكو السفير الإسرائيلي بالرغم من شن العديد من الغارات في سورية منذ التدخل الروسي.
وعلى صلة بهذه الغارة، أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يوم الجمعة الفائت أن سياسة إسرائيل الثابتة تقضي بعدم السماح بنقل أسلحة مخلة بالتوازن إلى منظمة حزب الله اللبنانية.
وأضاف نتنياهو في أول تعقيب له على الغارة التي نفذتها طائرات من سلاح الجو على عدة أهداف في سورية، أنه عندما يتم رصد محاولات لنقل أسلحة متقدمة إلى حزب الله تعمل إسرائيل على منع ذلك، وأوضح أن هذا ما فعلته يوم الجمعة وستواصل فعله في المستقبل.
بموازاة ذلك أوضح الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أن الصواريخ التي أطلقها الجيش السوري خلال الغارة الجوية الإسرائيلية لم تشكل خطراً على الطائرات المغيرة. وجاء هذا التوضيح رداً على ادعاء دمشق أن دفاعاتها الجوية أسقطت طائرة مقاتلة إسرائيلية وأصابت أخرى.
ورأى يوسي ميلمان، محلل الشؤون الأمنية في صحيفة "معاريف"، أن أحداث الأيام الأخيرة المرتبطة بسورية تشير إلى أن إسرائيل تزيد حدة الخطوط الحمراء.
وكتب ميلمان: اغتيال ياسر السيد، قائد ميليشيا جديدة تحاول إيران بالتعاون مع حزب الله ونظام الأسد تشكيلها بالقرب من الحدود في هضبة الجولان، والذي تنسبه تقارير أجنبية إلى إسرائيل، يمكن أن يدل على المصالح الأمنية و"الخطوط الحمراء" لإسرائيل. وقد ازدادت هذه الخطوط حدة في الأشهر الأخيرة مع تزايد محاولات مثلت إيران - سورية - حزب الله إقامة قوة من شأنها أن تشكل سوطاً يهدد حدود إسرائيل في هضبة الجولان.
وأضاف أنه وفقاً للتقارير، اغتيل السيد بطائرة من دون طيار تابعة للجيش الإسرائيلي أثناء تنقله في المنطقة بسيارته. ومن المحتمل أنه كان في مهمة جمع معلومات استخباراتية لهجوم، أو كان في طريقه لتنفيذه. والإشارة الوحيدة التي تدل على أن إسرائيل هي التي تقف وراء الاغتيال جاءت قبل وقت قصير من ذلك، فخلال احتفال استبدال قائد المنطقة الشمالية الذي جرى في صفد قال قائد المنطقة المنتهية ولايته نائب رئيس الأركان الجديد اللواء أفيف كوخافي إنه فخور لكونه خدم في قيادة "تصفّي خلايا العدو".
وتابع هذا المحلل: جاء اغتيال السيد بعد نحو 50 ساعة على هجوم سلاح الجو ضد ما يبدو أنه شحنة صواريخ بعيدة المدى ودقيقة كانت متوجهة من سورية إلى حزب الله، وهو الهجوم الذي اعترضت خلاله منظومة حيتس صاروخاً سورياً مضاداً للطائرات. ولا ينبغي الربط بين الحادثين، إنما إذا كان حادث الأمس نفذته إسرائيل بالفعل، فإن الحادثين وقعا بسبب معلومات استخباراتية واحتمالات عسكرية، وهما من دون شك يرفعان مستوى التوتر بين إسرائيل وسورية، وبصورة غير مباشرة أيضاً مع روسيا، راعية نظام الأسد.
وأشار ميلمان إلى أن إسرائيل تتبنى سياسة غموض بشأن كل ما يتعلق بهذه العمليات، فهي لا تعترف ولا تنفي. وفقط عندما تتعقد العملية كما جرى في الأسبوع الماضي، تضطر إلى الاعتراف بذلك. وبالأمس أوضح وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش أنهما سيواصلان هذه السياسة على الرغم من معرفتهما بأنهما يخاطران إلى حد ما بخروج الأمور عن السيطرة. في مثل هذه الحالة يمكن أن ينشأ تصعيد بصورة أقل مع نظام الأسد المشغول حالياً بموجة العمليات الإرهابية وبتبادل إطلاق النار مع المتمردين في دمشق، وبصورة أكبر مع روسيا.
من جهته قال يوآف ليمور، المحلل العسكري لصحيفة "يسرائيل هَيوم"، إن الهجوم الجوي على هدف في سورية وسلسلة الأحداث التي أعقبته أدت، لأول مرة، إلى مواجهة علنية بين إسرائيل وروسيا. وبرأيه فإن هذا التطور غير المخطط له، والذي يأتي بعد أسبوع فقط من زيارة رئيس الحكومة نتنياهو إلى موسكو، يجب أن يقلق إسرائيل، خشية من أن تغير روسيا سياسة "عدم الاكتراث" التي أظهرتها حتى الآن حيال العمليات المنسوبة إلى إسرائيل في سورية.
وأضاف أنه من المعقول الافتراض أن إسرائيل ستبذل جهداً كبيراً لمنع حدوث تغير في السياسة الروسية، لكن الأمر لن يتضح إلا في لحظة الحقيقة وقت وقوع الهجوم المقبل. وعلى خلفية تسارع جهود حزب الله للتسلح بسلاح نوعي (وخاصة بصواريخ دقيقة)، وتصريحات إسرائيل العلنية بأنها ستحبط ذلك، فليس هناك أدنى شك بأن هجوماً كهذا سيقع قريباً، ويمكن التقدير على خلفية الأحداث الأخيرة أن مثل هذا الهجوم سينطوي على عناصر خطر أكبر بكثير من الماضي.
المصطلحات المستخدمة:
الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي, تدمر, نائب وزير, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, أفيغدور ليبرمان