المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 1402

عشية تقديم النيابة العامة في إسرائيل، في مطلع السنة الجديدة 2016، لوائح اتهام ضد ثلاثة من المستوطنين لضلوعهم في جريمة إحراق عائلة دوابشة الفلسطينية في بلدة دوما، في 31 تموز 2015، أجرى "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" استطلاعاً للرأي بين الجمهور اليهودي في إسرائيل أراد، من خلاله، تقصي آراء ومواقف الجمهور اليهودي حيال الإرهاب اليهودي، من خلال الإجابات عن الأسئلة المركزية التالية: هل يقرّ الجمهور اليهودي بحقيقة وجود إرهاب يهودي في إسرائيل؟ هل يعتقد بأنها مجموعات هامشية فقط؟ وهل يميز بين المنفّذين اليهود والمنفذين الفلسطينيين في تقييمه مدى صرامة التحقيقات والعقوبات؟

وقد نشر "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" نتائج استطلاعه هذا على موقعه، الأسبوع الماضي.

هل هناك إرهاب يهودي؟

للجواب الغالب على السؤال عما إذا كانت العمليات اليهودية ضد الفلسطينيين تعتبر "إرهاباً" ثمة إسقاطات على أداء السلطات المسؤولة المختلفة في معالجة الظاهرة وموقف الجمهور الواسع من سياسة السلطات الرسمية في هذا الموضوع.

فقبل أربع سنوات بالضبط، في كانون الأول 2011، أظهر استطلاع للرأي انقسام الجمهور اليهودي إلى قسمين متساويين (نصفين تقريبا) بشأن الخلاف بين رئيس الحكومة، من جهة، ووزيريّ الدفاع والأمن الداخلي، من جهة أخرى، حول تعريف عمليات تنظيم "تدفيع الثمن" ("تاغ محير") بأنها عمليات إرهابية. فقد قال 46% من اليهود الذين استطلعت آراؤهم، آنذاك، إنهم يعتقدون، أو واثقون، بأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، كان محقّاً في قراره عدم تعريف منفذي عمليات "تدفيع الثمن" بأنهم إرهابيون، بينما قال 47% إنهم واثقون بأنه كان مخطئاً في قراره ذاك.

ويبدو، من التمعن في توزيعة الإجابات طبقا للانتماء السياسي ـ الأمني، أن غالبية الذين عرفوا أنفسهم بأنهم ينتمون إلى معسكر اليمين (5ر67%) كانوا يعتقدون بأن رئيس الحكومة كان محقا وبأنه لا يجوز تعريف عمليات "تدفيع الثمن" بأنها إرهاب. وقد كانت هذه النسبة أعلى، بكثير، من نسبة الذين عبروا عن موقف مماثل من بين الذين ينتمون إلى معسكري المركز (5ر28%) واليسار (24%).

ومؤخرا، بعد مرور أربع سنوات على ذلك الاستطلاع، بيّنت نتائج "مؤشر السلام" (التي جُمعت خلال شهر كانون الأول 2015 ونشرت في نهايته) أن غالبية الجمهور اليهودي (81%) تعتبر جريمة إحراق عائلة دوابشة في بلدة دوما عملا إرهابيا "إذا ما تأكد ضلوع يهود في ارتكابها": 57% قالوا إنهم متأكدون من ذلك (أي من اعتبارها عملا إرهابيا) و24% قالوا إنهم يعتقدون ذلك. وفي المقابل، قال 13% من الجمهور اليهودي إنهم متأكدون، أو يعتقدون، بأنه حتى لو ثبت أن يهودا هم الذين ألقوا الزجاجات الحارقة في منزل عائلة دوابشة وبصورة متعمدة "فلا يجوز اعتباره عملا إرهابيا"!

أما في الاستطلاع الجديد، الحالي، فقد جاءت النتائج على النحو التالي: أبدت أغلبية كبيرة من الجمهور اليهودي، من جميع المعسكرات السياسية، موافقتها على اعتبار جريمة القتل في بلدة دوما عملاً إرهابياً ـ 79% من المنتمين إلى معسكر اليمين، 90% من المنتمين إلى معسكر المركز و 92% من المنتمين إلى معسكر اليسار.

أما حسب درجة التدين، فكانت نتائج الاستطلاع على النحو التالي: كلما كانت درجة التدين أكبر، زادت نسبة الذين لا يعتبرون جريمة الحرق والقتل في دوما عملا إرهابيا ـ 27% من الحريديم، 17% من المتدينين، 23% من المتدينين المحافظين، 13% من المحافظين غير المتدينين و7% من العلمانيين يعتقدون، أو واثقون، بأن العمل ليس عملا إرهابيا.

ويقول معدو الاستطلاع إن التفسير المرجح لهذه النسبة المرتفعة جدا، نسبيا، من معتبري الجريمة في دوما عملا إرهابيا، من بين المنتمين إلى جميع المعسكرات السياسية، يكمن في هول النتيجة التي أسفرت عنها هذه الجريمة (مقتل أبناء عائلة دوابشة جميعاً، باستثناء الطفل أحمد الذي لا يزال يخضع للعلاج في أحد المستشفيات الإسرائيلية)، من جهة، وفي موقف رئيس الحكومة، نتنياهو، الذي ندد ـ وإنْ بتأخير كبير، نسبيا ـ بجريمة الحرق والقتل واعتبرها عملا إرهابيا.

وفي التحليل حسب الانتماء الحزبي (اي حسب الحزب الذي صوّت له المستطلع رأيه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إسرائيل)، جاءت نتائج نسب الذين لا يعتبرون الحرق والقتل في دوما عملا إرهابيا، حتى بعد تقديم لوائح اتهام ضد المستوطنين الثلاثة، على النحو التالي: مصوتو "شاس" (40%)، مصوتو "يسرائيل بيتينو" (24%)، مصوتو "يهدوت هتوراه" (20%)، مصوتو "الليكود" (18%) ومصوتو "البيت اليهودي" (14%).

ومع ذلك، قال 56% من مصوتي حزب "كولانو" (بزعامة موشيه كحلون) و53% من مصوتي "الليكود" و45% من مصوتي "البيت اليهودي" إنهم يعتبرون الجريمة في دوما عملا إرهابيا.

وفي المقابل، قال جميع مصوتي "ميرتس" (100%) إنهم يعتبرون الحرق والقتل في دوما عملا إرهابيا، بينما قالت "أغلبية ساحقة" (!!) من مصوتي "المعسكر الصهيوني" و"يش عتيد" إنها متأكدة من أن الجريمة عمل إرهابي!

هل جرائم "تدفيع الثمن" هي من فعل "أعشاب ضارة"؟

كان "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" قد أجرى في السابق استطلاعين للرأي، في العام 2011 وفي العام 2014، وتم من خلالهما فحص وتقصي تقييم الجمهور (اليهودي) لمدى التأييد الذي تحظى به عمليات "تدفيع (جباية) الثمن" بين الجمهور اليهودي في إسرائيل، وذلك من خلال طرح السؤالين التاليين: هل هناك، برأيك، أوساط من الجمهور الإسرائيلي ـ اليهودي تؤيد عمليات "تدفيع الثمن" ضد ممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية؟ وإذا كان كذلك، فأي جزء هو الذي يؤيد هذه العمليات، برأيك؟

ويستخدم "المعهد" الآن نتائج الاستطلاعين المذكورين لإجراء تحليل مقارن لنتائج الاستطلاع الجديد، الحالي.

تقييم مدى التأييد لعمليات "تدفيع الثمن" كان متشابها، جدا، في العامين 2011 و 2014. ففي شهر كانون الأول 2011، قال 57% من الذين استطلعت آراؤهم (من الجمهور اليهودي في إسرائيل) إن غالبية الجمهور اليهودي تعارض، برأيهم، عمليات "تدفيع الثمن" هذه. وارتفعت هذه النسبة إلى 59% في شهر أيار 2014.

وفي كلا الاستطلاعين، في الموعدين المذكورين، قال نحو رُبع الذين شاركوا في الاستطلاع (25%) إن نصف الجمهور اليهودي في إسرائيل (50%) يؤيد عمليات "تدفيع الثمن"، بينما قال 10% من المشاركين في الاستطلاع إن "غالبية الجمهور، أو كله" يؤيد هذه العمليات!

في الاستطلاع الذي أجري في العام 2014، تم أيضا فحص تقييم الجمهور اليهودي لمدى التأييد الذي تحظى به عمليات "تدفيع الثمن" بين المستوطنين في الأراضي الفلسطينية. وبينت النتائج أن 19% فقط من الجمهور اليهودي كان يعتقد بأن غالبية المستوطنين تؤيد هذه العمليات، بينما قال نحو النصف (46%) إن غالبية المستوطنين ترفض هذه العمليات وتعارضها، وقال أكثر من رُبع المستطلعة آراؤهم (5ر27%) إن نصف المستوطنين يؤيدون عمليات "تدفيع الثمن"، فيما يعارضها نصفهم الآخر.

أما في الاستطلاع الحالي، الذي أجري في كانون الأول 2015، فقد تم فحص موقف الجمهور اليهودي حيال مدى مركزية، أو هامشية، منفذي الاعتداءات بين تيار "المتدينين الوطنيين". وبينت نتائج هذا السؤال توزيعة مماثلة لنتائج السؤال حول تأييد المستوطنين لمنفذي العمليات من تنظيم "تدفيع الثمن": 47% من الجمهور اليهودي "موافقون جداً" على الرأي بأنها "مجموعة هامشية لا تمثل جمهور المتدينين الوطنيين"، إضافة إلى 26% آخرين قالوا إنهم "موافقون" (على هذا الرأي)، بينما قال 19% إنهم "لا يوافقون" على هذا الرأي (8% "لا يوافقون تماما" و 11% "لا يوافقون بالمرّة").

وفي تحليل نتائج الاستطلاع، وزّعها معدّوه على التصنيفين التاليين:
• درجة التديّن: الرأي القائل بأن مجموعة منفذي هذه الاعتداءات هي ليست أكثر من أقلية هامشية لا تمثل جمهور المتدينين الوطنيين هو (الرأي) أكثر قوة وحزما كلما كان المُستطلَعون ينتمون إلى جماعات أكثر تشددا دينياً. فقد قالوا إنهم "موافقون جدا" و"موافقون تماما" على هذا الرأي: 88% من الحريديم، 5ر86% من المتدينين، 77% من المتدينين المحافظين، 74% من المحافظين غير المتدينين و 66% من العلمانيين.


• التصويت: تبين النتائج، بما فيها نسب الموافقة على الرأي بأن منفذي الاعتداءات هم مجرد "جماعات هامشية"، عند فحصها تبعاً للانتماءات الحزبية (حسب التصويت في الانتخابات)، أن نسبة الموافقة الأكثر ارتفاعاً كانت بين مصوتي "يهدوت هتوراه" (90% "موافقون جدا" و"موافقون تماما")، تليها بين مصوتي "البيت اليهودي" (88%)، ثم بين مصوتي "كولانو" / "كلنا" (89%)، ثم بين مصوتي "شاس" (82%)، فمصوتي "الليكود" (80%)، ثم بين مصوتي "يسرائيل بيتينو" (76%) يليهم مصوتو "يش عتيد" (73%)، ثم مصوتو "المعسكر الصهيوني" (55%) ومصوتو "ميرتس" (31%).

تعذيب في التحقيق وعقوبة مشددة ـ المتهم عربي أم يهودي؟

أثارت أوساط يمينية واسعة، مؤخرا، ضجة كبيرة حول "أساليب التعذيب" التي مارسها "جهاز الأمن العام" (الشاباك) بحق معتقلين من المستوطنين المتهمين بارتكاب جريمة إحراق منزل عائلة دوابشة في دوما وقتل أبنائها.

وقد تطرق استطلاع "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" إلى هذه المسألة في استطلاعه الأخير محاولا فحص ما إذا كان الجمهور اليهودي يعتقد بأن حقوق الإنسان لليهودي المشتبه به بارتكابه مثل هذه الجرائم مساوية لحقوق الإنسان الفلسطيني المشتبه به بتنفيذ جرائم مماثلة؟ وبكلمات أخرى، هل يعتقد الجمهور اليهودي بأن ما يسري على منفذ عملية فلسطيني، سواء بالنسبة للتحقيق معه لدى "الشاباك" أو بالنسبة للعقوبة التي يستحقها، يسري أيضا، وبالمقياس نفسه، على يهودي في وضع مماثل؟ أم ينبغي التمييز بينهما؟

وتبين النتائج أن الجمهور اليهودي في إسرائيل يطرح موقفا معينا إذا كان المشتبه به يهوديا وموقفا آخر مختلفا إذا كان المشتبه به فلسطينيا، فقد قال 5ر23% إن "أساليب التحقيق التي يمارسها الشاباك مع المنفذين اليهود قاسية جداً"، مقابل 7% فقط قالوا إن أساليب التحقيق مع الفلسطينيين "قاسية جدا".

ويرى 36% من الجمهور اليهودي أنه يجب التحقيق مع اليهود المشتبه بهم بتنفيذ اعتداءات ضد فلسطينيين "بأساليب أقل قسوة" ، بينما قال 30% إنه يجب فرض عقوبات مخففة على اليهود الذين يدانون بارتكاب مثل هذه الأعمال.

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات