منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فرضت إسرائيل قوانين تعسفية على الفلسطينيين في الداخل والقدس المحتلة، وتعاملت معهم كـ"أعداء من الداخل". اتبعت السلطات إجراءات قمعية تهدف إلى ردع أي دعم سياسي أو عاطفي لغزة، معتبرة أن أي تعاطف من فلسطينيي الداخل يُعد دعماً للإرهاب، ويُدرج ضمن ما تصفه بـ"جرائم التحريض على الإرهاب". كما وسّعت صلاحيات الشرطة والجهات التنفيذية، مما أتاح لها تفعيل هذه القوانين بشكل تعسفي من دون أي رقابة فعلية. في كانون الأول 2024، قُدّم تقرير أمام لجنة العلوم والتكنولوجيا في الكنيست الإسرائيلي، التي يترأسها النائب أيمن عودة. استعرض التقرير معطيات حول تعامل السلطات الإسرائيلية مع ما تسميه "جرائم التحريض على الإرهاب والتعبير عن التعاطف مع منظمات إرهابية"، ويغطي الفترة الممتدة بين عامي 2023 و2024، بما في ذلك فترة الحرب.
تخضع "جرائم التحريض على الإرهاب" في إسرائيل إلى "قانون مكافحة الإرهاب" للعام 2016، الذي يشترط الحصول على موافقة مسبقة من جهات قانونية عليا، مثل النائب العام أو من ينوب عنه، لفتح التحقيقات وتقديم لوائح الاتهام. ومع ذلك، عقب اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، وفرض حالة طوارئ من قبل دولة إسرائيل، مُنحت السلطات الأمنية صلاحيات استثنائية تتيح لها فتح التحقيقات مباشرة في حالات الدعم العلني لحركة حماس، مما أدى إلى إلغاء الإجراءات التقليدية. منذ أكتوبر 2023، فرضت إسرائيل قوانين تعسفية تعكس تعليقاً فعلياً للجهاز الديمقراطي الظاهري للدولة، لصالح قوانين غير دستورية تُنفذ حصرياً من قبل السلطة التنفيذية من دون أي رقابة أو مساءلة قانونية.[1]
بيانات الشرطة الإسرائيلية
بناءً على طلب لجنة الكنيست، طلب مركز البحث والمعلومات من وزارة الأمن القومي (المسؤولة عن الشرطة الإسرائيلية) تقديم بيانات مفصلة حول جرائم التحريض على الإرهاب خلال عامي 2023 و2024، مع التركيز على التحريض عبر الإنترنت. شملت البيانات المطلوبة عدد التحقيقات المفتوحة، إغلاق القضايا، تقديم لوائح الاتهام، وإنهاء الإجراءات القضائية، مع محاولة تصنيفها وفق الانتماء القومي للمشتبه بهم. قدمت وزارة الأمن القومي رداً من الشرطة تضمن بيانات عن عدد البلاغات والقضايا التي فُتحت. ومع ذلك، لم تُقدم الشرطة بيانات عن حالة القضايا أو معالجتها.
منذ بداية عام 2023 وحتى 7 أكتوبر (أي قبل اندلاع الحرب)، تلقت الشرطة 160 بلاغاً عن جرائم تحريض فقط. لكن خلال الأسابيع الثلاثة الأولى بعد اندلاع الحرب، تلقت شعبة التحقيقات 1542 بلاغاً، حيث كان النصيب الأكبر لمحافظة القدس بـ904 بلاغات. منذ أكتوبر 2023، أصدرت النيابة العامة 611 موافقة لفتح تحقيقات، بينما رفضت 292 طلباً. علاوة على ذلك، فتحت الشرطة 105 تحقيقات من دون الحاجة إلى موافقة مسبقة، وفقاً لتعديلات تشريعية.
بيانات النيابة الإسرائيلية
التقرير الصادر عن النيابة العامة يسلط الضوء على قضايا "التحريض على الإرهاب" خلال عامي 2023 و2024. يتناول التقرير عدد التحقيقات المفتوحة، القضايا المغلقة، وتقديم لوائح الاتهام، مع محاولة تصنيفها بناءً على الانتماء القومي، رغم محدودية البيانات المتوفرة وعدم اكتمالها.
خلال العام 2023، شهدت النيابة فتح عدد كبير من التحقيقات وتقديم لوائح اتهام. في العام 2024، استمرت هذه الجهود، ولكن مع انخفاض طفيف في عدد القضايا. أظهرت البيانات أن الغالبية العظمى من المتهمين كانوا من العرب، بينما كان عدد المشتبه بهم من اليهود ضئيلاً للغاية، ولم تُسجل أي لوائح اتهام ضد مشتبه بهم يهود خلال هذه الفترة.
أشار التقرير إلى أن معظم جرائم التحريض وقعت عبر الإنترنت، مما يعكس الدور المتزايد للفضاء الرقمي في انتشار هذه الجرائم. ومع ذلك، لم تقدم النيابة تفاصيل دقيقة حول حجم الجرائم الإلكترونية، مما يُبرز تحديات في تتبع هذا النوع من النشاط.
بصورة عامة، يُظهر التقرير أن قضايا "التحريض على الإرهاب" لا تزال تشكل تحدياً كبيراً أمام السلطات، سواء من حيث تصنيف المتهمين أو التعامل مع الجرائم التي تتم عبر المنصات الرقمية. التحدي الأكبر يكمن في جمع البيانات وتصنيفها، حيث إن معظم الأنشطة التحريضية تتم في الفضاء السيبراني، مما يضاعف من صعوبة تتبعها ومعالجتها بفعالية.
جدول بيانات النيابة الإسرائيلية حول قضايا "التحريض ودعم الإرهاب" (2023-2024)
2023 (10-12) |
2024 (1-11) |
|
تقديم طلب فتح تحقيق من النيابة |
347 |
382 |
تم فتح قضايا (عدد المستهدفين) |
301 (408 مستهدفين) |
238 (288 مستهدفا) |
نسبة القضايا ضد الفلسطينيين |
92% |
|
قضايا تم تقديم لوائح اتهام فيها (عدد "المتهمين") |
160 (168 "متهما") |
62 (68 "متهما") |
تبرئة |
3 "متهمين" فقط خلال العامين2023-2024 |
[1] https://fs.knesset.gov.il/globaldocs/MMM/9561650e-3cab-ef11-a855-005056aa1f91/2_9561650e-3cab-ef11-a855-005056aa1f91_11_20741.pdf