المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المشهد الاقتصادي
  • 1286

حذرت تقديرات قدمتها وزارة المالية لحكومة بنيامين نتنياهو الانتقالية، من أن العجز في الموازنة العامة، في العام الجاري والعامين المقبلين 2021 و2022، سيتعدى حاجز 4%، في كل واحد من هذه الأعوام، ما يعني تزايد نسبة الدين العام من حجم الناتج العام، ما سينعكس سلبا على وضعية إسرائيل أمام مؤسسات الاعتمادات المالية الدولية.

ويتبين أن ما ساهم بشكل طفيف في رفع العجز في ميزانية 2019، كان التلاعب في العجز في ميزانية 2018، خاصة في الشهر الأخير من ذلك العام، كي لا يُحرج وزير المالية موشيه كحلون الذي كان يستعد لخوض انتخابات نيسان 2019.

وكان العجز في ميزانية 2019 قد سجل ذروة في السنوات الخمس الأخيرة، وبلغ نسبة 7ر3% من اجمالي الناتج العام، بدلا من السقف الذي حددته ميزانية 2019، وهو 9ر2%، بمعنى بدلا من عجز مخطط بقيمة 40 مليار شيكل، (42ر11 مليار دولار) بلغ العجز 52 مليار شيكل، وهو ما يعادل (86ر14 مليار دولار).

وارتفاع العجز سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الدين العام من حجم الناتج العام، إذ أن هذه النسبة بلغت أدنى مستوى لها مع نهاية العام 2018، وهي 61%، إلا أن خبراء الاقتصاد يتوقعون في هذه النقطة العينية، أن لا ترتفع نسبة الدين العام بقيمة الشيكل، من حجم الناتج العام كثيرا، بسبب ارتفاع قيمة الشيكل امام الدولار.

وقد حذر محافظ بنك إسرائيل المركزي، أمير يارون، في وقت سابق، من أن العجز في الموازنة العامة قد يصل مع نهاية العام الجديد 2020 إلى نسبة 5ر4% ما لم تتخذ الحكومة إجراءات اقتصادية حازمة، لمنع استفحال العجز، وتعويض العجز الحاصل في العام الماضي بقيمة 12 مليار دولار.

وحسب التقارير الاقتصادية التي تظهر تباعا، فإنه لن يكون مفر من رفع الضرائب في ميزانية العام الجاري، التي ستقر على الأغلب في الصيف المقبل. وهذه خطوة كانت الحكومة مطالبة بها، منذ انتخابات نيسان، إلا أن حل الكنيست، واجراء جولتي انتخابات برلمانية خلال العام الماضي، والثالثة في مطلع آذار المقبل، منع الحكومة من اتخاذ خطوات كهذه، ليس فقط لأنها حكومة انتقالية، وإنما لأنها في أجواء انتخابات مستمرة.

وقالت مصادر في وزارة المالية إنه لن يكون مفر من رفع ضريبة القيمة المضافة في مطلع أيلول المقبل، من أجل زيادة مداخيل الضريبة في العام الجاري.

وفي هذا السياق، فإن أحد روافد المداخيل التي تركض وراءها سلطة جباية الضرائب، هي الأرباح من أسهم الشركات، ولكن يتضح من التقارير الاقتصادية، أن ظاهرة ما تسمى "الأرباح المحتجزة" ما تزال قائمة، رغم ملاحقتها في السنوات الأخيرة.

ويجري الحديث عن أرباح أسهم، خاصة لمساهمين إسرائيليين في شركات في الخارج، يتم تأخير دفعها، أو أنها تبقى محتجزة لأصحابها في الخارج، بهدف التأخير، حتى تعرض سلطة الضرائب تسهيلات وتخفيضات من أجبل جباية الضرائب عليها. وهذه الظاهرة تكشفت بقوة في العامين 2012 و2013، وبقيت الأموال محتجزة لسنوات، حتى فاوضت سلطة الضرائب أصحاب الأرباح، وبدلا من أن يدفعوا 25% ضريبة عليها، دفعوا 10%، وهذا يعني مليارات أقل لخزينة الضرائب. وكان الحديث يومها عن أرباح بقيمة 33 مليار دولار، وكان المفترض أن تتم جباية أكثر من 8 مليارات دولار، إلا أنه تمت جباية 3ر3 مليار دولار. وتبين الآن أن الظاهرة تكررت في العام 2017، ومن المتوقع أن تكون في العام الجاري والمقبل 2021، وقالت صحيفة "ذي ماركر" إن أصحاب الأرباح ينتظرون عروض تخفيض ضريبي كي يفرجوا عن ارباحهم، ويكشفوا عن حجمها.

ويشار إلى أن العام 2019 شهد مدخولات ضريبة تقريبا بحجم المتوقع، بدلا من فائض تراوح من 2% إلى 6% في السنوات الأربع التي سبقت.

تزييف عجز 2018

كما ذكر سابقا هنا، كشفت صحيفة "كالكاليست" عن أن وزارة المالية، وبتواطؤ المحاسب العام للدولة، وأيضا سلطة جباية الضريبة، تلاعبوا في نسبة العجز المالي في العام 2018، وجعلوه ضمن المحدد له، أي 9ر2%، بينما في الواقع كان اعلى من ذلك، ولربما بلغ 2ر3%، من حجم الناتج العام.

وكان هذا في خضم الاستعداد لانتخابات نيسان 2019، إذ وجهت انتقادات في مطلع ذلك العام لوزير المالية موشيه كحلون، بسبب استفحال العجز في الموازنة العامة. وكان كحلون يومها يرأس حزب "كلنا"، الذي تلقى ضربة قاصمة في انتخابات نيسان، بهبوطه من 10 مقاعد في العام 2015، إلى 4 مقاعد في نيسان، وبعد ذلك انضم مع حزبه لحزب الليكود تمهيدا لانتخابات أيلول 2019، وقبل أسابيع أعلن عن اعتزاله السياسة، ولن يخوض الانتخابات.

وحسب تقرير "كالكاليست"، فإن وزارة المالية أجلت مدفوعات من الشهر الأخير للعام 2018، إلى الشهر الأول من العام 2019، في حين استقدمت سلطة جباية الضرائب، جباية كان من المفروض أن تدخل في جباية الشهر الأول من 2019، وتم دفعها في الشهر الأخير من 2018.

وهذا الأمر تكشف في الأيام الأخيرة، بعد أن ظهر فارق العجز بين الشهر الأول للعام 2019، والشهر الأول للعام 2020، بمعنى كانون الثاني الماضي.

ووفقاً للتقرير الصحافي، فإن المراقب السابق للدولة يوسف شابيرا، وضع يده على الخلل في حسابات العجز، ووضع مسودة تقرير ينتقد فيه وزارة المالية والحكومة، إلا أن مراقب الدولة الجديد، متنياهو إنجلمان، الذي ضغط بنيامين نتنياهو لانتخابه، أفرغ تقرير سلفه من مضمونه، وجعله أخف وطأة بكثير، ورغم ذلك، فقد عمل على تأجيل نشره إلى ما بعد انتخابات آذار المقبل.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات