سجلت البطالة بمعدلها السنوي في العام 2019، في حدود نسبة 8ر3%، للشريحة العمرية العالمية 15 إلى 64 عاما، ولكنها لدى الشريحة العمرية الفعلية لجيل العمل، 25 إلى 64 عاما، هبطت إلى نسبة 4ر3%. ولكن هذه النسب تبقى حسب التقارير الرسمية الجافة، التي لا تأخذ بالحسبان، المحرومين من العمل طيلة حياتهم، وبالأساس جمهور النساء العربيات، ولا من يعمل اضطرارا في وظائف جزئية، أو في أعمال لا تلائم مؤهلاته.
وجاء في تقرير مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي لتلخيص العام الماضي، أن معدل البطالة انخفض بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 عاما فأكثر إلى 8ر3% في عام 2019، مقارنة بنسبة 4% في عام 2018؛ وانخفض معدل المشاركة في سوق العمل إلى 5ر63%، مقارنة مع 9ر63% في العام 2018.
أما لدى الشريحة العمرية من 25 إلى 64 عاما، فقد تحسنت مؤشرات التوظيف الرئيسية الثلاثة: إذ انخفض معدل البطالة من 5ر3% إلى 4ر3%؛ وارتفع معدل المشاركة في سوق العمل من 3ر80% إلى 4ر80%. وزاد معدل العمالة الفعلية من 5ر77% إلى 7ر77%. وبالنسبة للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 25 و64 عاما، ارتفع معدل مشاركتهن من 2ر76% إلى 5ر76%. ومع ذلك، انخفض معدل المشاركة بشكل طفيف بين الرجال من هذه الأعمار، من 5ر84% إلى 4ر84%.
وفي شهر كانون الأول 2019 وحده، هبطت البطالة مرة أخرى إلى أدنى مستوى لها في العقود الماضية، وكان 4ر3% فقط ممن تتراوح أعمارهم من 15 عاما وأكثر (الذين كانوا يعملون أو يبحثون عن عمل)، أو 4ر141 ألف عاطل عن العمل في كانون الأول، مقارنة بـ 9ر3% في تشرين الثاني.
ويتم قياس معدل البطالة (العاطلين عن العمل) من قبل أولئك الذين يشاركون في القوة العاملة، أي جميع العاملين، حتى ساعة واحدة في الأسبوع، أو الذين يبحثون بنشاط عن عمل. وبهذه الطريقة، لا يُعتبر أي شخص مُحبط من البحث عن عمل عاطلا عن العمل. وبين العاطلين عن العمل، انخفضت نسبة الباحثين عن عمل لمدة 27 أسبوعا أو أكثر من 9ر22% في العام 2017 إلى 2ر18% في العام 2018، واستمرت في الانخفاض إلى 4ر17% في العام 2019.
أما بالنسبة للبطالة بين العرب، فإن مسح مكتب الإحصاء المركزي يتعامل مع البلدات التي يعد سكانها من 10 آلاف نسمة وما فوق، ما يعني أن عشرات القرى العربية لا تدخل في هذا المسح، والمسألة تزيد أكثر في قرى صحراء النقب جنوبا، إذ هناك عشرات القرى التي ترفض السلطات الاعتراف بوجودها على الأرض، وهي تضم حوالي 90 ألف نسمة.
ويتبين من تقارير سلطة التشغيل أن البطالة في بلدات الجنوب العربية تقفز عن 20%، وتصل أحيانا إلى حوالي 30%، إلا أن البطالة الفعلية بين العرب لا تنعكس في التقارير الرسمية، لأن قرابة 65% من النساء العربيات محرومات كليا من فرص العمل، وبموجب المقاييس المتبعة، فإنه لا يتم ادراجهن في نسب البطالة، ولكن هذا ينعكس في النسبة الاجمالية لانخراط العرب في سوق العمل، إذ أن النسبة الرسمية تتحدث عن 55%، فقط، مقابل 77% بين اليهود في جيل العمل الفعلي، بمعنى ما بين 25 إلى 64 عاما.
وهذه النتيجة المنخفضة تعود إلى أن نسبة انخراط الرجال العرب هي 78%، مقابل 82% بين اليهود، و35% بين النساء العرب، وهناك من يتحدث حاليا عن 38%، مقابل 72% من النساء اليهوديات.
ويعود انخفاض نسبة انخراط الرجال العرب، كون نسبة عالية منهم هم عمال في مهن صعبة، مثل البناء والزراعة، ما يضطرهم للتقاعد مبكرا، وقبل وصولهم إلى جيل 64 عاما بكثير، في حين أن جيل التقاعد للرجال هو 67 عاما، وللنساء حاليا 62 عاما.
حصة التكنولوجيا الفائقة
وفقا لمكتب الإحصاء المركزي، كانت هناك زيادة في معدل الموظفين العاملين في صناعة التكنولوجيا الفائقة (الهايتك) في العام 2019، من 4ر9% إلى 10% من الموظفين في البلاد، وتشمل هذه الأرقام جميع الموظفين في ما يعرف باسم "صناعات التكنولوجيا الفائقة"، سواء في وظائف التكنولوجيا أو وفي وظائف أخرى، يعمل حوالي 122 ألف امرأة و225 ألف رجل في هذه الصناعات.
وجاء أيضا في التقرير السنوي، أنه في العام الماضي 2019، كان متوسط عدد ساعات العمل أقل من السنوات السابقة، وانخفض من 2ر36 ساعة أسبوعيا، لكل موظف في العام 2017، إلى 1ر36 ساعة في العام 2018 و8ر35 ساعة في العام الماضي (بما في ذلك الغياب المؤقت عن العمل). وتم قياس انخفاض عدد ساعات العمل في العام الماضي بشكل رئيس بين الرجال، من 5ر40 ساعة في العام 2018 إلى 9ر39 ساعة في العام 2019، مقارنة بـ 4ر31 ساعة و3ر31 ساعة للنساء على التوالي. ويعكس الانخفاض جزئيا تقصير أسبوع العمل من 43 إلى 42 ساعة، والذي دخل حيز التنفيذ في 1 نيسان 2018.
وفي المقارنة العالمية، كانت معدلات البطالة في إسرائيل في السنوات الأخيرة منخفضة ليس فقط من الناحية التاريخية، بل على المستوى الدولي، ولكن الانتعاش في أسواق العمل في بعض الدول المتطورة، أدى إلى تراجع مكانة إسرائيل على اللائحة الدولية. ولكن لا تزال معدلات البطالة في إسرائيل أقل من المتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي كانت 1ر5% في تشرين الثاني، وفي منطقة اليورو 5ر7%، لكن معدلات البطالة في بعض الاقتصادات المتقدمة أقل منها في إسرائيل: في جمهورية التشيك واليابان كانت البطالة في تشرين الثاني 2ر2% فقط، وفي ألمانيا 1ر3%، وفي بولندا 2ر3%.
تزييف عدد العاملين الحريديم
بعد رفع قيود المخصصات الاجتماعية عن الحريديم في العام 2018، توقف دخول الحريديم إلى سوق العمل، ولكن العام الماضي 2019، شهد ارتفاعا طفيفا. وحسب مكتب الإحصاء المركزي، فإن نسبة الانخراط في سوق العمل، للرجال الحريديم، من الشريحة العمرية 25 إلى 65 عاما، ارتفعت إلى مستوى 5ر51%، بينما هذه النسبة لدى باقي الشرائح تتجاوز نسبة 81%. بينما نسبة الانخراط في سوق العمل، وفق الشريحة العمرية المعتمدة عالميا، 15 إلى 64 عاما، في حدود 48%، مقابل حوالي 63% لدى باقي الشرائح.
ولكن بعد شهرين على كشف تزوير أعداد شبان الحريديم الذين تجندوا في الجيش، منذ العام 2011 وحتى العام الماضي 2019، كشف تحقيق لصحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية التابعة لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن الجهات الرسمية، زيّفت أيضا أعداد الحريديم المنخرطين في سوق العمل، وجعلتها أعلى من الواقع.
ويقول التقرير إن الحكومة وضعت في العام 2010 هدفا بأن تصل نسبة انخراط رجال الحريديم في سوق العمل إلى 63% حتى العام 2020، بينما نسبتهم اليوم، كما ذكر هنا، بالكاد تتجاوز 48%. ومن أجل تطبيق هذا الهدف، عملت الحكومة على خصخصة مشروع تحفيز الحريديم للخروج إلى سوق العمل، ودفعت محفزات مالية لأربع شركات فازت بالعطاء، على كل رجل من الحريديم ينخرط في سوق العمل.
وحسب التقرير فإن "مركز تطوير تشغيل الحريديم"، الذي تعمل فيه الشركات الأربع، عمل على تسجيل رجال منخرطين أصلا في سوق العمل، على أنهم منخرطون جدد، كي يحصل على محفزات مالية. وليس واضحا كم ساهم هذا الأمر في رفع نسبة المنخرطين في سوق العمل في التقارير الرسمية، إلا أن الصحيفة قالت في تحقيقها إنها تتحدث عن ظاهرة منتشرة.
وكانت إسرائيل قد ضجّت في مطلع شهر كانون الأول، الأخير من العام 2019، بعد أن كشفت الإذاعة العامة عن فضيحة تزوير التقارير الدورية التي يصدرها الجيش بشأن أعداد الحريديم المجنّدين سنويا. فهذه عملية تزوير مستمرة على الأقل منذ 2011. وتبين أن أوامر التزوير جاءت من قيادات عليا في الجيش. ما يعني أن وراء هؤلاء جهات سياسية، معنية بتخفيف أزمة إسرائيل بشأن الحريديم، أمام الرأي العام.
وجاء كشف الإذاعة، بعد أن أعلن الجيش قبل ذلك بأيام قليلة، أنه تم في العام 2019 تجنيد 2480 شابا من الحريديم، بدلا من هدف سابق يصل إلى 3400 شاب. ومن تم تجنيدهم، يقفز قليلا عن 16% من الشريحة العمرية للشبان الذكور، إذ أن الشابات المتدينات معفيات من الخدمة.
وتبين أنه حتى هذه الأعداد مضخّمة. فمثلا، حينما ادعى الجيش أن عدد المجندين 2480 شابا، فإن الحقيقة هي أنه تم تجنيد 1650 شابا. كما أن الجيش أعلن أنه جنّد في العام 2017 حوالي 3070 شابا من الحريديم، بينما العدد الحقيقي كان 1300 شاب، إذ قامت المديرية الخاصة بالحريديم في الجيش، بإضافة أعداد شبان، أبناء عائلات غادرت مجتمع الحريديم منذ سنوات، إلى تديّن أقل، وحتى إلى عالم العلمانية، وهذا رغم علم المسؤولين في تلك المديرية بحقيقة أولئك الشبان.
كما تبين أنه في العام 2011 جرت مضاعفة العدد زورا، من 600 شاب إلى 1200 شاب وفق التقرير المزيف.