المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قال تقرير جديد لمكتب الإحصاء المركزي إن 42% من العائلات في إسرائيل تعيش على السحب الزائد في حساباتها البنكية الجارية في البنوك، وهو نمط قائم في عدد قليل جدا من دول العالم، بحيث يُسمح لأصحاب الرواتب بأن يكون حسابهم الجاري مدينا بشكل جار (مينوس) وفق قيود يضعها البنك بحسب قدرة العائلة أو الفرد على التسديد المستقبلي، وتفرض على "المينوس" فوائد بنكية.

ويقول التقرير إن 1ر1 مليون عائلة، ما يعني 4 ملايين نسمة، يعيشون على المديونية الجارية، عدا القروض العادية. وقد اتبعت الدراسة الاستقصائية، للسنة السادسة على التوالي، عينة ثابتة من حوالي 4 آلاف أسرة مع حوالي 12 ألف شخص على مر السنين. ووفقا للنتائج، فإن 52% من العائلات التي لديها أطفال تعيش على السحب الزائد، مقابل 30% من العائلات التي ليس لديها أطفال.

ويتبين أن 22% من العائلات كانت في العام الماضي في حالة مديونية جارية لمدة 10 أشهر وأكثر، و10% من العائلات في حالة مديونية من 3 إلى 9 أشهر. وقالت 26% من العائلات المدينة إنها تلقت على الأقل اتصالا واحدا من البنك لترتيب الحساب البنكي، وكما يبدو بعد أن خرقت هذه العائلات حجم الاعتماد المحدد لها، وعادة تكون هذه العائلات في حالة مديونية مزمنة.

ويستدل من التقرير أن العائلات التي استخدمت الرهن العقاري، مقابل مديونيتها الجارية، بلغ معدل ديونها نصف مليون شيكل، وهو ما يعادل 143 ألف شيكل. وهنا ظهر أن نسبة العائلات المدينة مقابل رهن عقارات بلغت 31%، مقابل نسبة 4% من العائلات العربية، وهذا انعكاس لشكل ملكية البيوت والعقارات في المجتمع العربي، والتي نسبة عالية منها، تكون ملكية مشتركة داخل العائلة. في حين أن معدل مديونية العائلات التي ليس لديها رهن عقاري بلغ حوالي 96 ألف شيكل، حوالي 5ر27 ألف دولار. وهذه الديون، كما في حالة الرهن العقاري، ليست فقط في الحسابات البنكية الجارية، بل أيضا في حسابات بطاقات الاعتماد الإسرائيلية، التي تتبع هي أيضا نمط المديونية في البطاقة، مع حجم اعتمادات كبير.

وفي السنوات الأخيرة، تحولت مسألة ديون العائلات الى هاجس في الأوساط الاقتصادية، وبشكل خاص في بنك إسرائيل المركزي الذي حذر مرارا مما أسماها "فقاعة الديون"، بحيث تصل إسرائيل الى وضع تزداد فيها نسبة عدم احترام الالتزامات المالية، ما سيدحرج أزمة مالية خطيرة في الاقتصاد. ويرى خبراء أن هذه الديون قد تشكل لاحقا أزمة اقتصادية، في حال عادت الفائدة البنكية إلى مسار الارتفاع. ففي السنوات القليلة الأخيرة، تعمل الكثير من المؤسسات المالية التجارية، وأولها البنوك وشركات بطاقات الاعتماد، ثم شركات التأمين، على تقديم ديون، بشروط متنوعة، وفي فترات عديدة تكون منافسة شديدة على الفوائد البنكية، وهذا ما لعب دورا في الارتفاع الحاد في ديون العائلات في السنوات الأخيرة، إلى جانب ارتفاع حجم القروض الإسكانية بفعل ارتفاع أسعار البيوت.

وكان العام الماضي، 2018، قد شهد لجما في وتيرة ارتفاع ديون العائلات للاحتياجات الاستهلاكية، عدا القروض الإسكانية، بنسبة 4ر1%، مقارنة مع العام الذي سبق، 2017، والذي ارتفع فيه حجم الديون بنسبة 4%، ومنذ العام 2011 وحتى 2017 بنسبة 54%.

وبموجب تقرير بنك إسرائيل، فإن حجم ديون العائلات العام بما فيها القروض الإسكانية تجاوز حاجز 557 مليار شيكل، ما يعادل 159 مليار دولار. ومن بينها 158 مليار شيكل، ما يعادل تقريبا 45 مليار دولار، للاحتياجات الاستهلاكية، بما فيها السيارات.

وبموازاة ذلك، قال تقرير لبنك إسرائيل صدر في الآونة الأخيرة، إنه في الحسابات الجارية في البنوك الإسرائيلية 333 مليار شيكل، وهو ما يعادل 95 مليار دولار. فالجمهور يمتنع عن استثمار هذه الأموال في برامج التوفير البنكية، ولا حتى لأمد طويل، بسبب الفائدة البنكية الصفرية، التي تتبعها ضريبة بنسبة 25% على الأرباح الهشة، عدا العمولات، ما يعني أن لا جدوى من التوفيرات البنكية. وتعود الفائدة الصفرية على برامج التوفير لوتيرة التضخم المالي الطفيفة، وأحيانا التراجعية، وأيضا بسبب ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار، وباقي عملات العالم.

والفائدة الصفرية على برامج التوفير البنكية قائمة منذ 11 عاما، حينما بدأت البنوك المركزية في العالم بتخفيض الفائدة البنكية، بما فيها البنك المركزي الإسرائيلي، الذي خفض الفائدة الأساسية تدريجيا، من 75ر3% في شهر آذار 2008، إلى 01ر0% في شهر شباط 2015، واستمرت على هذه الحال لمدة 45 شهرا، حتى ارتفعت قبل عام إلى 25ر0%.

ولكن الفائدة على توفيرات البنوك هي أقرب إلى الصفر، فإذا كانت الفائدة على التوفيرات البنكية في العام 2004 في حدود 10% سنويا، فإنها اليوم 1ر0%، أي واحد بالألف، تتبعها ضريبة بنسبة 25% على أرباح الفائدة، وهذا عدا عن عمولات الإيداع والسحب، وبذلك فإنه لن تكون جدوى إطلاقا لهذه التوفيرات، ولهذا يفضل الجمهور إبقاءها في الحسابات الجارية.

ويقول التقرير إنه في العام 2004، كانت السيولة في الحسابات البنكية الجارية تعادل 5ر1% من أموال وممتلكات الجمهور، أما في العام الجاري 2019، فقد ارتفعت النسبة إلى 5ر8%. وإذا كان في برامج التوفير البنكية في العام 2004 حوالي 78 مليار شيكل، فإن قيمة التوفيرات البنكية في العام الجاري بلغت 2ر3 مليار شيكل فقط.

 

المصطلحات المستخدمة:

دورا, الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات