المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أعلن بنك إسرائيل المركزي أن الفائدة البنكية ستبقى عند مستواها الذي يلامس صفراً بالمئة، في المدى القريب، لكنه ألمح إلى أن الفائدة قد ترتفع في نهايات العام الجاري، وفي دفعة ثانية حتى نهاية العام المقبل. لكن هذا مشروط بأن يدخل التضخم المالي للنطاق المحدد له في السياسة الاقتصادية. وقد سجل التضخم في النصف الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسبة 9ر0%. في المقابل، فإن البنك المركزي رفع توقعاته للنمو في العام الجاري، إلى نسبة 7ر3%. وأعلنت سلطة الضرائب أن مداخليها في النصف الأول من العام الجاري كانت وفق التوقعات دون أي فائض.

وأعلن مكتب الإحصاء المركزي، في بيانه الشهري، مساء يوم الأحد الأخير، عن ارتفاع التضخم في شهر حزيران الماضي بنسبة 1ر0%، وبذلك يكون التضخم قد ارتفع في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 9ر0%، وفي الأشهر الـ 12 الأخيرة الماضية، بنسبة 3ر1%، وهذه المرّة الأولى منذ خمس سنوات التي يدخل فيها التضخم إلى النطاق الذي حددته السياسة الاقتصادية منذ قرابة 15 عاما، وهو أن يكون ما بين 1% إلى 3%. فعلى الرغم من الارتفاع الحاصل، في شهر حزيران، فإن الأشهر الأخيرة من كل عام تسجل وتيرة تضخم ما بين سلبية وحتى صفراً بالمئة، ما يعني أن التضخم قد ينخفض مجددا عن نسبة 1%، وفق توقعات بنك إسرائيل، التي تقدر أن التضخم الإجمالي في العام الجاري سيكون في حدود 8ر0%، ما يعني أنه للعام الخامس على التوالي سيكون التضخم دون الحد الأدنى للمجال المطلوب للتضخم المالي السنوي.

وكان التضخم قد سجل في العام الماضي، 2017، ارتفاعا بنسبة 4ر0%. وكان هذا الارتفاع الأول بعد ثلاث سنوات متتالية سجل فيها التضخم تراجعا سنويا، بنسبة 1% في عام 2015، وبنسبة 2ر0% في كل من العامين 2014 و2016.

وكما ذكر، فقد أعلن بنك إسرائيل عن أن الفائدة البنكية ستبقى عند مستواها 1ر0%، وذلك للشهر الـ 41 على التوالي، ولكنه أشار في تقريره إلى احتمال ارتفاع الفائدة حتى نهاية العام الماضي إلى نسبة 25ر0%، وحتى نهاية العام المقبل بنسبة 5ر0%. وجاءت هذه التقديرات على ضوء الارتفاع الطفيف في وتيرة التضخم المالي في الأشهر الأخيرة.

إلا أن محافظة بنك إسرائيل، كارنيت فلوغ، أعلنت مباشرة أنه لن يكون ارتفاع في الفائدة البنكية، طالما أن التضخم لا يتمركز لعدة أشهر في قلب النطاق الذي حددته السياسة الاقتصادية، ما بين 1% إلى 3%، وهذا ما فسّره المحللون بأن البنك سيرفع الفائدة إذا رسا التضخم لعدة أشهر عند نسبة 2%. وفي حال كان هذا فعلا قصد البنك المركزي، فإن الفائدة لن ترتفع في هذا العام، ولا حتى في النصف الأول من العام المقبل، إذ كان بنك إسرائيل قد توقع مرارا في السنوات الثلاث الأخيرة ارتفاع الفائدة، إلا أنه كان يعدّل تلك التوقعات، ويبقي الفائدة عند مستواها الذي ثبت لأول مرة في شهر شباط 2015.

لكن فلوغ ستغادر منصبها في شهر تشرين الثاني المقبل، إذ أبلغت وزير المالية موشيه كحلون، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أنها ليست معنية بطلب تمديد ولايتها إلى ولاية أخرى من خمس سنوات. ومن شأن استبدال الأشخاص أن يتبعه تغيير في التوجهات؛ فعلى سبيل المثال تقول التقارير الاقتصادية إن في اللجنة المختصة بالفائدة في بنك إسرائيل عضوا واحدا من أصل أربعة يطالب باستمرار برفع الفائدة البنكية.

ويسعى البنك المركزي، من خلال الفائدة البنكية، إلى السيطرة على وتيرة التضخم المالي، وطالما أن التضخم منخفض، فإن الفائدة ستبقى كذلك. لكن من ناحية أخرى، فإن المهمة الثانية للبنك المركزي هي محاولة التأثير على سعر صرف الدولار، الذي ما يزال دون الحد الأدنى المطلوب للاقتصاد الإسرائيلي، وهو 8ر3 شيكل للدولار، بينما هو اليوم في مجال 6ر3 شيكل. ورفع الفائدة سيزيد من اقبال المستثمرين على الأسواق المالية الإسرائيلية، ما سيساهم في خفض أكثر لسعر الدولار، وهذا ينعكس سلبا على قطاع الصادرات.

ويتساءل محللون إسرائيليون عن قدرة بنك إسرائيل على الحفاظ على فائدة بنكية تلامس الصفر، في حين أن التوجه في الولايات المتحدة الأميركية، ودول متطورة كبرى، هو رفع الفائدة، ما يبقي الفائدة في إسرائيل من أدنى النسب عالميا. وبحسب المحلل الاقتصادي سامي بيرتس في صحيفة "ذي ماركر" فإن هذا يدل على انفصال الاقتصاد الإسرائيلي عن حسابات الاقتصاد الأميركي، وهذا "مؤشر جيد" حسب تعبيره. ويقول: حقا أن الفجوة ليست كبيرة، لكن مجرد وجود فجوة كهذه يدل على متانة الاقتصاد الإسرائيلي، والسؤال إلى متى تستطيع إسرائيل المحافظ على هذا المستوى المتدني للفائدة؟.

رفع تقديرات النمو

في المقابل، أعلن قسم الأبحاث في بنك إسرائيل المركزي عن رفع تقديراته للنمو الاقتصادي في العام الجاري، إلى نسبة 7ر3%، بدلا من نسبة 4ر3% وفق تقديرات سابقة. وهذا في حين سيرتفع النمو في العام المقبل 2019 بنسبة 5ر3%، وهذا مطابق للتقديرات السابقة. أما تقديرات وزارة المالية للنمو في العام الجاري، فهي ما تزال عند نسبة 5ر3%، بينما تقديرات منظمة التعاون مع الدول المتطورة OECD مطابقة لتقديرات بنك إسرائيل المركزية، فقد سبقته بهذه التقديرات منذ أشهر.

وقد سجل النمو الاقتصادي في الربع الأول من العام الجاري ارتفاعا، يُعد حادا، بنسبة 5ر4%، ولم يُعلن بعد عن حجم النمو في الربع الثاني، وبالتالي النصف الأول من العام الجاري.

وكان النمو قد سجل في العام 2017 نسبة 4ر3%، بعد أن كان قد سجل في العام 2016 ارتفاعا بنسبة 4%، فاجأت الأوساط الاقتصادية.

جباية الضرائب والعجز المالي

في سياق متصل، أعلنت سلطة الضرائب أن الجباية في الربع الثاني من العام الجاري كانت أقل بنحو 600 مليون شيكل، عن الهدف المخطط لهذه الفترة، إذ بلغ حجم المداخيل 4ر74 مليار شيكل (أكثر من 20 مليار دولار) في حين أن التخطيط كان جباية 75 مليار شيكل. ولكن إجمالي الجباية في النصف الأول من العام الجاري، جاء مطابقا للتخطيط مع فائض هامشي طفيف، إذ بلغ حجم الجباية الإجمالي حوالي 155 مليار شيكل (قرابة 43 مليار دولار).

وكانت الجباية في النصف الأول من العام الجاري أعلى بنسبة 6ر4%، مقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي، وزيادة بنسبة 3%، بعد التعديلات القانونية وتأثيرات أخرى ليست ثابتة.

وقالت سلطة الضرائب في تقريرها الدوري إن النصف الأول من العام الجاري شهد ارتفاعا بنسبة 18% في الاستيراد، مقارنة مع ذات الفترة من الماضي، إذ بلغ حجم الاستيراد في النصف الأول ما يلامس 40 مليار دولار، زيادة بحوالي 6 مليارات دولار عما كان في ذات الفترة من العام الماضي.

ويستدل من التقرير أن 22% من هذه الزيادة ناجمة عن ارتفاع جديد في بيع السيارات هذا العام، إذ تم استيراد ما يقارب 149 ألف سيارة، زيادة بنسبة 5% عما كان في العام الماضي 2017، الذي بيعت فيه حوالي 297 ألف سيارة جديدة، مقابل 301 ألف سيارة في عام الذروة 2016.

كما أعلن في ذات السياق أن شراء أجهزة التلفزيون المتطورة شهد في النصف الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسبة 142%، وهذا بسبب المونديال الذي انتهى في روسيا في مطلع الأسبوع الجاري.

في المقابل، أعلنت وزارة المالية أن العجز في الموازنة العامة بلغ في الأشهر الـ 12 الأخيرة الماضية نسبة 9ر1% من إجمالي الناتج العام، وهو أقل من نسبة العجز المتوقعة لعام كامل 9ر2%. ولكن النسبة الحاصلة حتى الآن هي أعلى مما كانت عليه في السنوات الأخيرة. لكن درجت الحكومة على اتباع نهج الصرف الزائد في الشهرين الأخيرين من كل عام، من أجل الوصول إلى نسبة العجز المخططة، وعادة تبقى أقل من المخططة.

وقالت وزارة المالية إن نسبة العجز الحاصلة حتى الآن تنذر بأن يصل العجز حتى نهاية العام إلى السقف الذي حددته الحكومة، دون الصرف الزائد المتبع، وفي هذا كما يبدو ثمة تحذير للوزارات والكنيست من مغبة أي مطالبات مالية، خاصة وأنه بحسب التقرير فإن الصرف الحكومي العام في النصف الأول من العام الجاري كان أعلى بنسبة 6% مما كان عليه في الفترة ذاتها من العام الماضي.

 

 

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات