المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قالت محافظة بنك إسرائيل المركزي كارنيت فلوغ، في كلمة لها في الكنيست، إن الاختناقات المرورية التي تشهدها شوارع البلاد، وبشكل خاص في منطقة الوسط، تكلف الاقتصاد الإسرائيلي 35 مليار شيكل سنويا، وهو ما يعادل 7ر9 مليار دولار. وهذا سيتضاعف لاحقا، في حين يتواصل تدفق آلاف السيارات الجديدة شهريا على الشوارع، وهناك مناطق مركزية لم يعد بالإمكان توسيعها، لتكون إسرائيل الدولة الأكثر اكتظاظا من بين الدول الأعضاء في OECD.

 

أقوال فلوغ هذه أمام لجنة الاقتصاد البرلمانية جاءت خلال يوم تم تخصيصه في الكنيست ليوم المواصلات. وقالت مستندة إلى تقرير بنك إسرائيل المركزي الذي نشر قبل أقل من عامين، إن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي من الاختناقات المرورية تصل إلى 35 مليار شيكل (7ر9 مليار دولار) سنويا، ومن شأن هذه الخسائر أن تتضاعف بنسبة 100%، حتى العام 2040.

وقالت فلوغ إن تحسين أوضاع المواصلات وشبكات الطرق في إسرائيل يحتاج إلى فرض رسوم وضرائب على أصحاب السيارات الخاصة، من أجل التقليل من استخدامها، وبالذات من وإلى العمل. واقترحت فرض "رسوم كثافة"، يدفعها السائق حينما يسافر في شوارع تشهد اختناقات مرورية، وبادعاء أن هذا أمر ناجع في معالجة الاكتظاظ في الشوارع، إلا أن الحكومة ترتدع عن فرض رسوم كهذه، كي لا تثير غضب الجمهور.

وكانت تقارير إسرائيلية قد قالت إن تدفق مئات آلاف السيارات الجديدة في السنوات القليلة الماضية على الشوارع الإسرائيلية، أدى إلى زيادة الاختناقات في الشوارع، وبشكل خاص في العامين الماضيين والعام الجاري، الذي كان المعدل السنوي لشراء السيارات الجديدة في حدود 300 ألف سيارة. وبحسب تلك التقارير، فإن زيادة السيارات زادت من السفر سنويا، بنحو 5ر3 مليار كيلومتر، ما جعل الشوارع الإسرائيلية الأكثر اكتظاظا من بين دول منظمة التعاون بين الدول المتطورة OECD.

وتشهد سوق السيارات تناميا مستمرا بشكل خاص في سنوات الألفين. إلا أن السنوات العشر الأخيرة تشهد ارتفاعا متواصلا في البيع السنوي للسيارات. وهذا بعد دخول أنماط جديدة لتمويل السيارات الجديدة، وفتح المنافسة الشديدة في القروض للسيارات. وفي السنوات الثماني الأخيرة تم بيع 941ر1 مليون سيارة.

ويقول تقرير لوزارة المواصلات إنه منذ العام 2014 بات واضحا أن الشوارع الإسرائيلية هي الأكثر اكتظاظا من بين دول OECD، إذ كان المعدل في حينه 2500 سيارة لكل كيلومتر مربع من الشوارع، ولكن هذا المعدل ارتفع في العامين الماضيين. وقال تقرير آخر لمكتب الاحصاء المركزي إنه منذ العام 2000 وحتى نهاية العام 2015، تم تسجيل زيادة بنسبة 50% في عدد الكيلومترات لسفر مختلف وسائل النقل على الشوارع. وفي حين ارتفع عدد السيارات في ذات الفترة بنسبة 70%، فإن مساحة الشوارع زادت بنسبة 40%، في حين أن طول الشوارع ازداد بنسبة 17%.

وتشهد منطقة تل أبيب الكبرى، في السنوات الأخيرة، حالة انفجار في المواصلات، عدا الانفجار السكاني، إلا أن فرص توسيع الشوارع وشق شوارع جديدة باتت صعبة، وفي حالات أخرى في ذات المنطقة باتت مستحيلة، وخاصة في أوتوستراد "أيالون" الذي يشق منطقة تل أبيب الكبرى من شمالها إلى جنوبها، وتمر فيه يوميا 700 ألف سيارة، وهذا يشكل زيادة بنسبة 50% عما كان في العام 2000. وغالبية السيارات تتحرك في ساعات بدء الدوام وانتهائه، ما يخلق اختناقات مرورية حادة جدا، يعلق فيها المتوجهون إلى العمل والعائدون منه.

وقالت فلوغ في كلمتها إنه على الرغم من الزيادة الواضحة في مشاريع البنى التحتية، وفي السعي لتحسين شبكة المواصلات، إلا أنها تبقى أقل من التوقعات التي عرضها بنك إسرائيل المركزي منذ سنوات. وعلى سبيل المثال، فإن الفجوة ما بين التوقعات للصرف على هذا القطاع في العام 2012 وحتى 2015، كانت أقل بـ 10 مليارات شيكل سنويا، ما يعني أن الصرف الحكومي على مشاريع تطوير الشوارع وشبكة المواصلات، كان أقل بنسبة 45% من التوقعات.

وأضافت فلوغ أن مستوى المواصلات العامة أقل بكثير مقارنة مع ما هو قائم في الدول المتطورة. وقالت إنه على الرغم من التطوير الحاصل في السنوات الأخيرة، فإنه ليس قادرا على سد الفجوة بشكل كبير.

وباشرت إسرائيل، في السنوات القليلة الأخيرة، بسلسلة مشاريع مركزية، من أبرزها مد الشارع السريع المركزي، المسمى "شارع عابر إسرائيل"، نحو الشمال، وفي أكثر من اتجاه، في محاولة للتخفيف من الاكتظاظ في شوارع الشمال، وجعل الحركة نحو وسط البلاد أسرع. إلا أن هذه المشاريع، ستسرّع حركة السير أكثر نحو عنق الزجاجة، نحو المركز الاقتصادي الأساسي، منطقة تل أبيب الكبرى، من جنوب مدينة الخضيرة شمالا، وحتى جنوب مدينة تل أبيب. وفي المقابل، فإن إسرائيل تحاول تطوير شبكة القطارات، نحو الشمال والجنوب، إلا أن مناليتها ما تزال أضعف من أن تشجع السفر فيها.

وتقول فلوغ إن الاستخدام الضعيف لشبكة المواصلات العامة هو أحد أسباب البطالة العالية في المناطق البعيدة عن مركز البلاد، بادعاء أن ضُعف شبكة المواصلات من ناحية، وارتفاع كلفة السفر بالسيارة الخاصة، لدى الأشخاص الذين ليست لديهم كفاءات مهنية وشهادات علمية، من ناحية أخرى، يجعلهم يفضلون البطالة على السفر لمسافات طويلة مقابل أجر هو في الحد الأدنى.

وحذر إيتمار بن مئير، مدير عام شركة المواصلات الحكومية "نتيفي أيالون"، في كلمته أمام اللجنة البرلمانية، من أنه إذا لم يطرأ تحسن كبير في شكل التنقلات، فإن إسرائيل ستكون بعد سنوات أمام اختناقات مرورية ضخمة جدا، ولذا يجب خلق بدائل مناسبة امام الجمهور لتشجيعه على السفر في المواصلات العامة.

 

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, لجنة الاقتصاد, ألف, الخضيرة, مركز

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات