المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المشهد الاقتصادي
  • 2136

سجل النمو الاقتصادي الإسرائيلي في العام المنصرم 2015 ارتفاعا بنسبة 3ر2%، بموجب تقدير مكتب الإحصاء المركزي، رغم أن بنك إسرائيل المركزي يقدر النسبة بنحو 4ر2%، إلا أنه في الحالتين تبقى النسبة الأدنى منذ العام 2010. كما أن العجز في الموازنة العامة سجل نسبة 15ر2%، وهي أقل من النسبة المخططة- 8ر2% من إجمالي الناتج العام. وللعام الثاني على التوالي، سجل التضخم المالي تراجعا بنسبة إجمالية بلغت 1%، وهذا مؤشر إلى حالة التباطؤ في النشاط والنمو الاقتصادي الإسرائيلي.

ويعد هذا النمو الأدنى منذ العام 2010، إذ أن النمو سجل في العام 2009 نسبة 3ر1%، بفعل انعكاس الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الإسرائيلي، وسبق هذا نمو تراوح سنويا ما بين 8ر4% وحتى 3ر5% من العام 2004 وحتى العام 2008. كما أن النمو سجل في العام 2010 نسبة 5ر5%، وفي العام 2011 نسبة 5%، وفي العام 2012 انخفض إلى 9ر2%، ثم ارتفع في العام 2013 إلى 13ر3%، وفي العام 2014 بلغ النمو 6ر2%. وفي حين أن النسبة الأولى تتحدث عن 3ر2%، في العام المنتهي 2015، فإن تقديرات بنك إسرائيل انخفضت إلى نسبة نمو 8ر2% للعام الجديد 2016، بدلا من تقدير بنسبة 3ر3% في شهر أيلول الماضي. كما يتوقع البنك أن تبلغ نسبة النمو في العام المقبل 2017 نحو 1ر3%.

وما تزال إسرائيل متخلفة كثيرا عن مستوى المعيشة في الدول المتطورة.

وقالت أبحاث إسرائيلية سابقة إن على إسرائيل أن تسجل سنويا نسب نمو كما هي في الشرق الأقصى، حتى يتسنى لها اللحاق بتلك الدول المتطورة. ففي العام الماضي 2015، سجل النمو في الهند نسبة 2ر7%، وفي الصين 8ر6%، كما أن نسبا عالية شهدتها بعض الدول الأوروبية، وخاصة إيرلندا التي سجلت نسبة نمو بلغت 6ر5%.

ومن بين مسببات انخفاض وتيرة النمو في العام الماضي، كان انخفاض منتوج العمل في القطاع الاقتصادي بنسبة 1%، كما سجلت صادرات البضائع والخدمات تراجعا بنسبة 3%، مقارنة مع العام 2014. وتراجعت الاستثمارات في العقارات بنسبة 5ر1%.

وتقول التقارير الاقتصادية إن تراجع الصادرات كان الأمر المقلق أكثر من غيره من بين المؤشرات الاقتصادية، بسبب تأثير الصادرات الكبير على الاقتصاد الإسرائيلي. ويقول بنك إسرائيل إن تراجع الصادرات نبع من انخفاض في التجارة العالمية، وأيضا بسبب تعزز قيمة الشيكل أمام الدولار، رغم أن سعر صرف الدولار شهد في العام الماضي استقرارا ما، تراوح ما بين 85ر3 وحتى 97ر3 شيكل للدولار، وهو سعر يبقى أعلى من معدلات السنوات الأخيرة، رغم أن سعر الصرف كان حتى الثلث الأول من العام 2007 في حدود 25ر4 شيكل للدولار.

ويستدل من تقارير مكتب الإحصاء المركزي أن الصادرات تراجعت في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 7%، وفي الربع الثاني بنسبة 5ر9%، إلا أن الصادرات سجلت في كل من الربعين الثالث والرابع ارتفاعاً بنسبة 3%. وحسب خبراء فإن ارتفاع الصادرات في النصف الثاني من العام الماضي، هو مؤشر للصادرات في العام الجديد 2016، التي من المتوقع أن تشهد انتعاشا، بسبب انتعاش ملحوظ في التجارة العالمية، خاصة بعد بدء ارتفاع نسب النمو في دول أوروبية وفي الولايات المتحدة، بعد سنوات من التباطؤ الذي شهدته تلك الدول، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، التي تستورد سنويا ما بين 26% إلى 30% من الصادرات الإسرائيلية. ويقول بنك إسرائيل إن الصادرات قد ترتفع في العام الجاري بنسبة 4%، وفي العام 2017 المقبل بنسبة 3ر6%.

ويظهر من تقارير الصادرات أن صادرات المجوهرات سجلت في العام الماضي انخفاضا تجاوز نسبة 20%، كما أن الصادرات الزراعية سجلت هي أيضا تراجعا تحاوز نسبة 12%.

العجز في الموازنة العامة

وقد سجل العجز في الموازنة العامة ارتفاعا بنسبة 15ر2% من حجم الناتج العام، وكان العجز قد بلغ حتى مطلع شهر تشرين الثاني، الشهر قبل الأخير من العام الماضي 2015، ما نسبته 3ر1%، وهو أقل بكثير من النسبة المخططة- 8ر2%. وسارعت الحكومة إلى تحويل ميزانيات اعتبرتها فائضا في الشهرين الأخيرين من العام الماضي، بهدف الوصول إلى هدف العجز. وكان أكثر الرابحين من هذه التحويلات وزارة الدفاع، التي تلقت ما يزيد عن 3 مليارات شيكل، ما يعادل 760 مليون دولار، عدا ما تلقته كإضافات على مدى العام الماضي.

وكان العجز قد سجل في العام 2012 ما نسبته 9ر3% من حجم الناتج العام، وانخفضت النسبة إلى 2ر3% في العام 2013، بدلا من نسبة مخططة 4ر4% لذلك العام، ثم نسبة 7ر2% في العام قبل الماضي 2014. وساهم في انخفاض العجز في الموازنة العامة تراجع الصرف في الحكومات، وما ساهم في هذا الانتخابات المبكرة، ووجود حكومة انتقالية.

ارتفاع جباية الضرائب

ومما ساهم في تخفيض العجز في الموازنة العامة أيضا، الارتفاع غير المتوقع في جباية الضرائب، فقد بلغ إجمالي مداخيل الضرائب في العام الماضي 270 مليار شيكل، وهو ما يعادل 5ر69 مليار دولار، وهذا أعلى بنحو 9 مليارات شيكل، ما يعادل 3ر2 مليار دولار، عن الهدف الثاني الذي وضعته وزارة المالية في بحر العام الماضي، علما أن التخطيط الأول كان الوصول إلى جباية بنحو 256 مليار شيكل، وهو أقل من 66 مليار دولار.

وبلغ الارتفاع نسبة 1ر7% عن حجم الضرائب التي تمت جبايتها في العام 2014. وبلغ حجم الضرائب المباشرة، بمعنى ضريبة الدخل، وضريبة الشركات، حوالي 142 مليار شيكل، وهذا ارتفاع بنسبة 3ر10% عما كان في العام 2014. في حين بلغت الضرائب غير المباشرة، مثل ضريبة المشتريات والجمارك، حوالي 127 مليار شيكل.

وأدى تراجع العجز في الموازنة العامة، وارتفاع جباية الضرائب، إلى تقليص حجم الدين العام، مقارنة بالناتج العام، إذ هبط الدين إلى ما نسبته 9ر64% من إجمالي الناتج العام، مقابل نسبة 7ر66% في العام 2014، ونسبة 5ر68% في العام 2013، ونسبة 75% في العام 2009، في حين أن النسبة كانت في العام 2006، ما يلامس 82%. والغالبية الساحقة من هذا الدين هو دين حكومي، إذ بلغت نسبته 4ر63% من إجمالي الناتج العام (6ر97% من إجمالي الدين)، مقابل 80% في العام 2006.

وحسب هدف وضعته حكومة إيهود أولمرت في العام 2007، كان من المفروض أن تهبط نسبة الدين العام في العام 2015 إلى 60%، وهي النسبة القائمة كمعدل في دول الاتحاد الاوروبي، إلا أن الهدف تأجل إلى العام 2018، بحسب قرار سابق في حكومة بنيامين نتنياهو السابقة. غير أن خبراء اقتصاد، ومسؤولين كبارا في المؤسسات المالية الرسمية، يقولون إن نسبة 60% باتت قديمة، والاقتصاد الإسرائيلي يحتاج إلى تخفيض الدين إلى نسبة أقل بكثير، وهناك من تحدث عن 50% من حجم الناتج العام.

التضخم المالي

وأعلن مكتب الإحصاء المركزي في تقريره في نهاية الأسبوع الماضي، أن التضخم المالي تراجع في العام المنتهي 2015 بنسبة 1%، بعد أن تراجع التضخم في الشهر الأخير من العام بنسبة 1ر0%، وهذا العام الثاني على التوالي الذي يسجل فيه التضخم تراجعا. ففي العام الماضي 2014 تراجع التضخم بنسبة 2ر0%، وتضخم العام الماضي هو التضخم "السلبي" الأقل الذي تشهده سنوات الألفين، ففي العام 2006 تراجع التضخم بنسبة 1ر0%، ولكن هذا كان مؤشر انتعاش، في حين تراجع التضخم في العام 2003 بنسبة 9ر1%، وكان نتيجة حالة ركود اقتصادي شديد.

ويتوقع بنك إسرائيل المركزي أن يسجل التضخم المالي في العام الجاري 2016 ارتفاعا طفيفا بنسبة 6ر0%، إلا أن هذا يبقى دون الحد الأدنى الذي وضعته السياسة الاقتصادية القائمة في السنوات الأخيرة، وتهدف إلى أن يتراوح التضخم المالي ما بين 1% إلى 3%. ويتوقع البنك، أن يرتفع التضخم في العام المقبل 2017 إلى نسبة 6ر1%.

ويتوقع خبراء اقتصاد أن يبدأ بنك إسرائيل برفع الفائدة البنكية فقط في الربع الأخير من العام الجاري، وهي الآن بنسبة 1ر0%. ما يعني أن بنك إسرائيل سيقرر رفع الفائدة حتى نهاية العام الجاري بنسبة طفيفة، لتصل إلى 25ر0%.

البطالة

وترى الأوساط الاقتصادية الرسمية والخاصة أن من المؤشرات الجيدة في الاقتصاد الإسرائيلي، على الرغم من نسبة النمو المنخفضة، هي البطالة التي بلغ معدلها في العام الماضي 3ر5%، وهي تعد من أقل النسب في الدول المتطورة، فرغم أن البطالة في ألمانيا سجلت نسبة 6ر4% وفي اليابان 4ر3%، إلا أن البطالة في إسبانيا تجاوزت نسبة 22%، وفي إيطاليا 3ر12%. ويتوقع بنك إسرائيل أن تراوح البطالة في العامين الجاري والمقبل عند ذات النسبة - 3ر5%.

وكنا في "المشهد الإسرائيلي" قد استعرضنا في وقت سابق بحثا نقض نسبة البطالة المعلنة في إسرائيل. ويقول البحث إن نسبة البطالة الحقيقية قد تتراوح ما بين 5ر7% إلى 8% وربما أكثر بكثير، بعد الأخذ بعين الاعتبار أولئك الذين يعملون في وظائف جزئية بغير إراداتهم، وحسب التقديرات فإن 2% من إجمالي العاملين يعملون في وظائف جزئية بغير ارادتهم.

وكما في تقارير سابقة، نشير إلى أن نسبة البطالة في إسرائيل تشهد تفاوتا ضخما بين ما هي عليه في الشارع اليهودي والشارع العربي، ففي حين أن البطالة بين اليهود لا تصل إلى 4%، فإن البطالة بين العرب تتراوح ما بين 22% إلى 24%. وفي بلدات النقب، حيث يعيش 16% من إجمالي العرب، تصل نسبة البطالة إلى أكثر من 32%، في حين أن في تجمعات سكانية كبيرة نسبيا في وسط وشمال البلاد تتراوح البطالة ما بين 22% إلى 28%.

المصطلحات المستخدمة:

الشيكل, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات