قالت تقديرات إسرائيلية جديدة إن الضرر من قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي بشأن وسم بضائع المستوطنات قد يكون هامشيا، لأنه سيطال 25% إلى 33% فقط من أصل صادرات المستوطنات إلى الاتحاد الأوروبي والتي تتراوح سنويا ما بين 150 إلى 200 مليون دولار. إلا أن الخوف الأكبر هو أن يكون هذا القرار فاتحة لمقاطعة أوسع للمنتوجات الإسرائيلية في الأسواق الأوروبية. وفي المقابل، أصدر مركز الأبحاث في الكنيست الإسرائيلية تقريرا أكد فيه أن الصادرات الإسرائيلية بالمجمل سجلت ارتفاعا في العام 2014، أيضا، وأنه منذ العام 1999 وحتى العام الماضي سجلت الصادرات ارتفاعا بنسبة 250%.
وتقول المصادر الإسرائيلية إنه على الرغم من قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي، إلا أن لكل دولة من دول الأعضاء الحق في تطبيقه أم لا. إذ بموجب القرار، على كل دولة أن تضع شارة على منتوجات الأغذية والخضار والفواكه والنبيذ والعسل ومساحيق التجميل، التي مصدرها من المستوطنات. لكن القرار لن يسري على الأدوات والمعدات الكهربائية التي تصنّع في المستوطنات. ويهدف القرار إلى عدم تضليل المستهلك، الذي يقرر بنفسه مقاطعة بضائع المستوطنات، دون سواها من البضائع الإسرائيلية.
ويقدّر مدير التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد الإسرائيلية، أوهاد كوهين، أن الشارة ستوضع على منتوجات بقيمة 50 مليون دولار سنويا، من أصل منتوجات المستوطنات في الأسواق الأوروبية، والتي تتراوح قيمتها بالمجمل ما بين 150 إلى 200 مليون دولار سنويا. وحسب رأيه، فإن هذا لا يُعد ضررا جديا للصادرات الإسرائيلية إلى أوروبا، لأن الضرر سيطال جزءا بسيطا من أصل إجمالي الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي، والذي يصل إلى 18 مليار دولار سنويا.
وأشار كوهين، مفسرا تقديراته، إلى أن القسم الأكبر من منتوجات المستوطنات هو مواد خام وقطع الكترونية تدخل في أجهزة أخرى، ولهذا لا يتم وضع الشارة عليها، وهي ليست متضررة من القرار، ليقتصر الضرر على المنتوجات الزراعية السابق ذكرها.
ويتخوف رئيس اتحاد المزارعين الإسرائيلي، مئير تسور، من أن المقاطعة ستطال لاحقا جميع المنتوجات الزراعية الإسرائيلية. وقال، في تصريحات صحفية، إن الخوف هو أن المواطن الأوروبي لا يعرف الجغرافيا جيدا وقد يقرر مقاطعة البضائع الإسرائيلية بشكل جارف، وهذا ما سيضر بالبضائع الاقتصادية بشكل أكبر. وشاركه في هذا التقدير مدير عام مجلس النباتات الإسرائيلي، تسفي ألون، الذي قال إن أوروبا تستورد نباتات بنحو 500 ألف طن سنويا، بقيمة مالية تتراوح ما بين 600 إلى 700 مليون دولار. ورغم أن بضائع المستوطنات هي جزء صغير، إلا أن المقاطعة قد تمتد لتشمل جميع البضائع الإسرائيلية.
تقديرات سابقة
وكان تقرير سابق لقسم الأبحاث في الكنيست الإسرائيلي قد حذر من أن الاقتصاد الإسرائيلي سيكون عرضة لأضرار كبيرة، في حال تم تطبيق قرارات المقاطعة الاقتصادية على نطاق واسع، على الرغم من أن كل القرارات التي صدرت حتى الآن لم تؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي مباشرة.
ويقول التقرير إن الاتحاد الأوروبي نشر، في السنوات الأخيرة، الخطوط العامة لسياسة تعامله مع المستوطنات في جميع المناطق المحتلة منذ العام 1967، الفلسطينية والسورية. وبموجب هذه السياسة، لن تحظى البضائع الإسرائيلية المنتجة في تلك المناطق بالإعفاء الجمركي في دول الاتحاد الأوروبي، كما تحصل عليه البضائع الإسرائيلية الأخرى.
فقد قرر الاتحاد الأوروبي منع استيراد المنتجات الزراعية العضوية واللحوم والحليب والبيض والدجاج من المستوطنات، ابتداء من الثلث الأخير من العام الماضي 2014. وحسب تقديرات إسرائيلية، لن يكتفي الاتحاد الأوروبي بأنظمة المقاطعة الجديدة التي فرضها على إسرائيل في مجال صناعة الحليب والمنتجات الحيوانية، بل سيوسعها إلى فروع أخرى تشمل، حسب التقديرات إسرائيل، صناعة الخمور والدجاج.
وعبّرت إسرائيل عن خشيتها من توسيع نطاق القرار ليشمل أيضا الفواكه والخضروات والمواد الغذائية المصنعة، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس على مجمل الصناعات الغذائية التي تعتمد على مواد خام تنتج في المستوطنات.
وليس هذا فحسب. فقد شهد العام الماضي تراجع شركات أوروبية عن المشاركة في مشاريع إسرائيلية بنيوية، ومن بينها انسحاب شركتين، إيطالية وهولندية، من مناقصتين لبناء ميناءين بحريين، في ظل تزايد عدد الشركات والمؤسسات الأوروبية التي تعلن مقاطعتها لاقتصاد المستوطنات، أو للاقتصاد الإسرائيلي ككل. فقد انسحبت شركة "بوسكاليس" الهولندية العملاقة وتبعتها شركة "كوندوتي دي أغوا" الايطالية، اللتان تعملان في مجال البنى التحتية، من مناقصة دولية نشرتها إسرائيل لإقامة ميناءين بحريين في مدينتي حيفا وأسدود، وذلك "على خلفية العواقب السياسية السلبية لنشاطهما في إسرائيل".
وحسب تقديرات اقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية وغيرها من الوزارات ذات الشأن، فإن المقاطعة الحقيقية واسعة النطاق، اذا ما فرضت على مؤسسات اقتصادية تعمل في المناطق، من شأنها أن تتسبب بفرض مقاطعة على قرابة 30 بالمائة من الهيئات والشركات العاملة في إسرائيل. وقد وضعت لجنة مختصة تقريرا أمام الوزراء يشير إلى أن العشرات من شبكات الغذاء الأوروبية كفت عن طلب الفاكهة والخضار ومنتجات الغذاء التي مصدرها غور الاردن، ما يعود بضرر يقدر بنحو 40 مليون دولار سنويا. كما أن شركات حكومية كبيرة قد تتضرر من المقاطعة، وعلى رأسها شركة مكوروت للمياه وشركة الكهرباء. وتقدر وزارة المالية أن الضرر الإجمالي قد يصل إلى نحو 20 مليار دولار وسيؤدي إلى فصل قرابة 10 آلاف عامل.
ويزداد قلق إسرائيل من أن الدعوات لمقاطعة إسرائيل تتسع في القواعد الشعبية، خاصة وأن أوروبا كلها تشتري 36% من الصادرات الإسرائيلية، والاتحاد الأوروبي وحده 27% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية.
ارتفاع إجمالي الصادرات في 2014
من ناحية أخرى، قال تقرير جديد لمركز الأبحاث في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) صدر في نهاية الشهر المنصرم، تشرين الثاني، إن إجمالي الصادرات سجل في العام الماضي ارتفاعا بنسبة 5ر1%. ويدل الرسم البياني الذي أرفق بالبحث على أن إجمالي الصادرات الإسرائيلية تسجل ارتفاعا متواصلا منذ انهيار الصادرات في العام 2009، على خلفية الأزمة الاقتصادية العالمية، التي انعكست على إسرائيل لبضعة أشهر، من نهاية العام 2008 وحتى منتصف العام 2009. ويجري الحديث عن صادرات البضائع التي تشكل بالمعدل 64% من إجمالي الصادرات، وحوالي 35% من صادرات الخدمات، مثل السياحة وغيرها.
ويقول التقرير إن اجمالي الصادرات الإسرائيلية في العام الماضي 2014 بلغ 7ر98 مليار دولار، بزيادة 5ر1% عما كان عليه في العام 2013.
وشهدت الصادرات الإسرائيلية منذ العام 1999 وحتى العام الماضي 2014 قفزة ضخمة جدا تجاوزت 250% ـ من أقل من 39 مليار دولار في ذلك العام حتى 7ر98 مليار دولار في 2014. وكانت القفزة الأولى في العام 2000، حينما ارتفعت الصادرات إلى 2ر47 مليار دولار. وبتجاوز الأزمة الإسرائيلية، على وقع الانتفاضة الثانية، من العام 2001 وحتى 2003، بلغ إجمالي حجم الصادرات في العام 2004 ما يزيد بقليل عن 53 مليار دولار، وواصل الارتفاع لتسجل ذروة في العام 2008 بما يقارب 84 مليار دولار. ثم جاء التراجع الضخم في العام 2009، على وقع الأزمة الاقتصادية العالمية، لتهبط الصادرات إلى أقل من 70 مليار دولار، ومنذ ذلك العام عاد إجمالي الصادرات إلى مسار الارتفاع، حتى 2014.
ورغم هذا الارتفاع، إلا أن حجم الصادرات من إجمالي الناتج العام الإسرائيلي هبط من نسبة 41% في العام 2006، إلى نسبة 32% في العام 2014. ولهذا الأمر عدة أسباب، من بينها تنوع الجهات المشاركة في إجمالي الناتج العام، من بينها ارتفاع نسبة المشاركة في سوق العمل والارتفاع في السياحة خلال السنوات الثماني الأخيرة، وغيرها من المجالات.
وفي ما يخص أوروبا، تبين من التقرير أن الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي تضاعفت في قيمتها المالية، من 2ر9 مليار دولار في العام 2000 إلى ما يقارب 8ر18 مليار دولار في العام 2014. وفي العام 2000 استورد الاتحاد الأوروبي 3ر29% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، بينما هبطت النسبة إلى 2ر27% في العام 2014. لكن هذا الهبوط ناجم بالأساس عن الارتفاع الحاد في إجمالي الصادرات الإسرائيلية، إذ أن القيمة المالية تضاعفت، كما ذكر هنا.
ومن المعطيات اللافتة في تقرير قسم الأبحاث أن الصادرات إلى تركيا خلال السنوات الـ 15 الماضية (والتي شهدت العلاقات معها الكثير من الأزمات السياسية في فترة الحزب الحاكم الحالي برئاسة طيب رجب أردوغان) ارتفعت من 434 مليون دولار في العام 2000 إلى قرابة 8ر2 مليار دولار في العام الماضي 2014، ما يعني زيادة بنسبة 534%.
أما الولايات المتحدة الأميركية، التي كانت المستورد الأكبر من الصادرات الإسرائيلية، ، فقد ارتفع استيرادها من 73ر11مليار دولار في العام 2000 إلى 56ر18 مليار دولار في العام 2014، ما يعني ارتفاعا بنسبة 60%، وهي نسبة أقل بكثير من زيادة الصادرات الإسرائيلية في الفترة نفسها. وهبطت نسبة الصادرات إلى الولايات المتحدة من 4ر37% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية إلى نسبة 27% في العام الماضي. ويعود هذا الانخفاض إلى عاملين، الأول هو ارتفاع حجم الصادرات الإسرائيلية بنسبة تصل إلى 250%، كما سبق وذكر هنا، والثاني هو الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
ويشير التقرير إلى ارتفاع حاد في الصادرات إلى الصين والهند في السنوات الماضية، إذ ارتفعت الصادرات إلى الصين، بما فيها هونغ كونغ، من 65ر1 مليار دولار في العام 2000 إلى 92ر8 مليار دولار في العام الماضي، ما يعني ارتفاعا بنسبة 442%. وقد شكلت الصادرات إلى الصين في العام 2000 ما نسبته 2ر5% من إجمالي الصادرات الإسرائيلية، لترتفع النسبة إلى ما يقارب 13% في العام الماضي.
وكذا بالنسبة إلى الهند أيضا. فقد ارتفعت الصادرات إليها من 557 مليون دولار في العام 2000 إلى 2ر2 مليار دولار في العام الماضي. وقد لعبت الصادرات العسكرية دورا مركزيا في ارتفاع حجم الصادرات إلى الهند بنسبة قاربت ثلاثة اضعاف.