لا تزال مفاجأة حرب تشرين (أكتوبر) في العام 1973، والمتمثلة في عدم تمكن أجهزة الأمن الإسرائيلية، وخصوصا شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، من رصد وتفسير تحركات الجيشين المصري والسوري على أنها تُمهّد لتلك الحرب، تؤرق الإسرائيليين بشكل كبير. ولم يتوقف العسكريون وقادة أجهزة الاستخبارات والسياسيون في إسرائيل عن السجال فيما بينهم حول أسباب المفاجأة، التي يصفونها، أيضا، بـ "المفهوم" أو "التصوّر" للتعبير عن جمود فكري خطير. ولذلك فإن "المفهوم" هو أكثر كلمة تردع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.
* تقرير جديد لـ "مركز طاوب" حول "حال الدولة - المجتمع، الاقتصاد والسياسة": الفجوات في الدخل والتعليم والصحة آخذة في الاتساع ومستوى التعليم يعتبر عاملاً مركزيًا في تفاقم انعدام المساواة*
في الوقت الذي تتصاعد فيه الاحتجاجات الاجتماعية في إسرائيل أصدر "مركز طاوب للدراسات الاجتماعية في إسرائيل"، الأسبوع الماضي، تقريره السنوي حول "حال الدولة - المجتمع، الاقتصاد والسياسة" للعام 2010. وأكد التقرير تزايد الفجوات الاقتصادية والاجتماعية وانعكاس ذلك على الخدمات الطبية والتعليم والبنى التحتية، لافتًا إلى تراجع مستواها كلما تم الابتعاد عن وسط البلاد، وخصوصا في شمالها وجنوبها. وخلص التقرير إلى أنه "ثمة قضية واحدة تنعكس في جميع المجالات وهي قضية انعدام المساواة"، ما يدعم شعار الاحتجاجات الحالية وهو "الشعب يريد عدالة اجتماعية".
أحد الأمور التي تميّز الصرف الحكومي المدني في إسرائيل، أي بعد خصم الصرف الأمني ومدفوعات الفوائد، طوال العقدين الأخيرين، هو استقراره غير العادي، سواء كان ذلك بنظرة تاريخية أو قياسا بالدول الأخرى. وفي الوقت الذي مرت فيه إسرائيل بعدد كبير من الأحداث ذات التأثير الجوهري عليها خلال هذه السنوات، إلا أن الحكومات المتعاقبة تمكنت من الحفاظ على استقرار كبير في الصرف المدني الحكومي. ويبرز تميّز إسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة، التي انخفض الصرف العام فيها قياسا بالناتج القومي بينما ارتفع الصرف العام في معظم الدول الغربية. وفي هذا السياق أشار تقرير "مركز طاوب" إلى أن جهاز التعليم في إسرائيل هو الأقل نجاحا في العالم الغربي، كما أن الدولة تمول دعم المنتجات، وبالتالي خفض أسعارها، بأحجام تسمح بنسب انعدام مشاركة الرجال (الحريديم) في قوة العمل هي الأعلى في العالم الغربي.
يبرز في تقرير "مركز طاوب" انعدام المساواة في الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في وسط البلاد وأطرافها. وتعتبر منطقتا تل أبيب والقدس الأكثر مركزية من حيث توفر الخدمات الصحية والطبية، بينما يتراجع توفر هذه الخدمات في منطقتي جنوب وشمال إسرائيل وذلك "على أثر البنية الطولية للدولة وموقع تل أبيب والقدس ومحيطيهما".
الصفحة 15 من 1047