مشروع قانون الاستفتاء الشعبي على الانسحاب من مناطق محتلة تم ضمها إلى إسرائيل يثير تحفظات كبيرة
قررت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون سنّ القوانين، الأسبوع الماضي، أن تدعم الحكومة مشروع قانون الاستفتاء الشعبي المثير للجدل، والذي يحدد أنظمة إجراء استفتاء حول احتمال الانسحاب من مناطق محتلة فرضت عليها إسرائيل قوانينها، وتعتبر أنها ضمتها إليها وأصبحت تحت سيادتها، وخصوصا القدس الشرقية وهضبة الجولان، علما أن القانون الدولي والمجتمع الدولي لا يعترفان بذلك. ووضعت اللجنة الوزارية تحفظا على إجراء الاستفتاء في حال صوتت أغلبية مؤلفة من 80 عضو كنيست أو أكثر، من أصل مجمل أعضاء الكنيست المئة وعشرين، إلى جانب اتفاق يقضي بالانسحاب من هذه المناطق. وبذلك تكون اللجنة قد حسمت الأمر وألغت اقتراحين آخرين، يقضي أحدهما بوجوب الحصول على تأييد 61 عضو كنيست لمنع إجراء الاستفتاء، فيما يقضي الآخر بوجوب تأييد 90 عضو كنيست لاتفاق من أجل منع إجراء الاستفتاء.
*محلل سياسي: إسرائيل بالنسبة لنتنياهو هي أولا وقبل كل شيء دولة يهودية وفقط بعد ذلك هي ديمقراطية*
كتب بلال ضاهر:
ربما ما زال من السابق لأوانه التحدث عن السلام بين إسرائيل والعرب عموما، وبين إسرائيل والفلسطينيين خصوصا، لأن إسرائيل ليست مستعدة للسلام، ولم تصل حتى الآن إلى مرحلة نضوج تمكنها من صنع السلام. ولعل البعض يرى أنها تسعى إلى إعادة تعريف نفسها قبل خوض المفاوضات مع الفلسطينيين، من خلال مطالبتهم بالاعتراف بيهوديتها أو رسم حدودها الجديدة. لكن من الواضح أن إسرائيل في طريقها إلى نضوج معاكس، ضد السلام والديمقراطية والتنور عموما، ونحو التطرف القومي وتنامي العنصرية وتعميق التمييز بين اليهود والعرب، ومحاربة حرية التعبير وملاحقة كل من يحمل ليس فكرا فحسب وإنما أيضًا مجرد رأي تُشتم منه رائحة ليبرالية. إن السجال الساخن في إسرائيل الآن هو هل هذه الدولة تسير نحو الفاشية أم أنها أصبحت دولة فاشية.
الحفاظ على المبادئ الشكلية لوحدها لا يضمن وجود الديمقراطية الجوهرية!
بمبادرة من جمعية حقوق المواطن أطلقت أربع منظمات في إسرائيل، في أيلول الفائت، مشروعًا اسمه "مشروع الديمقراطية" يهدف إلى أن "تشكِّل المحافظة على الديمقراطيّة فرصة كي تصبح القيم الكونيّة مصدرًا للتماثل المشترك من دون التنازل عن الهوية الفرديّة أو الدينيّة أو القوميّة أو الجندريّة أو الطبقيّة أو غيرها". وهذه المنظمات هي: جمعية حقوق المواطن وأجندة- المركز الإسرائيلي للإستراتيجية الإعلامية وشتيل- خدمات دعم ومشورة لمنظمات التغيير الاجتماعي وسيكوي- الجمعية لدعم المساواة المدنية.
بعد مرور عشر سنوات على اندلاع انتفاضة القدس والأقصى، لا يُجمع الإسرائيليون على رأي واحد فيما يتعلق بنتائجها. وما زالوا يتساءلون حول ما إذا كان الجيش الإسرائيلي قد انتصر في هذه "الحرب" أم لا! وفيما يقول البعض إنه انتصر، فإن البعض الآخر يقول إنه لا يمكن الانتصار على منظمات المقاومة، التي يصمها الإسرائيليون بـ "الإرهابية". وثمة من يقول إن الانتفاضة اندلعت بقرار من القيادة الفلسطينية، بينما يقول آخرون إن القيادة الفلسطينية "ركبت على الموجة". ويرى البعض أن الانتفاضة أدت إلى نزع شرعية إسرائيل في العالم بسبب استخدامها القوة المفرطة، الأمر الذي دفع رئيس حكومة إسرائيل الأسبق، أريئيل شارون، إلى تنفيذ خطة فك الارتباط والانسحاب من غزة، بينما البعض الآخر يقول إن الانسحاب من غزة كان تكتيكيا من أجل الحفاظ على مستوطنات الضفة والقدس. كذلك فإن الجميع يعرف متى بدأت الانتفاضة، لكن التكهنات كثيرة حيال موعد انتهائها وفيما إذا انتهت فعلا، والبعض في إسرائيل يقول إن الحرب على غزة كانت استمرارا لها. والأهم من ذلك، أن التقديرات في إسرائيل، وفقا لتصريحات قادة أجهزتها الأمنية، هي أنه في حال فشل المفاوضات المباشرة، فإن احتمالات اندلاع انتفاضة ثالثة تتزايد بشكل كبير. وخلال هذه التقييمات والتقديرات يعترف جنود إسرائيليون، شاركوا في هذه "الحرب"، بجرائم قتل بشعة ارتكبوها بحق الفلسطينيين خلال خدمتهم العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي موازاة ذلك يبرر قادة الشرطة الإسرائيلية ما لحق بالمواطنين العرب من أعمال قمع قتل خلال "هبة أكتوبر".
الصفحة 19 من 1047