اسرائيل لا تعتزم كسر قواعد اللعبة المرتبطة بـ "الهدنة" التي اعلنتها فصائل المقاومة الوطنية والاسلامية الفلسطينية من جانب واحد في 29 حزيران الماضي.
هذا ما أكدته مصادر سياسية اسرائيلية، بعد وقوع عمليتي رأس العين وارئيل التفجيريتين. وذكرت تقارير نشرت في تل ابيب ان اسرائيل لا تنوي القيام بعملية عسكرية ردا على العمليتين اللتين نفذهما مهاجمان فلسطينيان "انتحاريان" (الثلاثاء 12/8)، لكنها تعتزم تشديد الضغط السياسي على السلطة الفلسطينية.
مستقبل ارييل شارون السياسي يتأرجح اليوم بين نوعين من الهدوء: الهدوء الأمني الذي ساد إثر الهدنة وصمت نجله جلعاد في تحقيقات الشرطة تحت مظلة الصمت الجماهيري الذي يتبعه رئيس الوزراء وديوانه في قضية التحقيقات. وقف اطلاق النار الذي أعلنه الفلسطينيون مريح لشارون رغم تحذيرات "الشاباك" والجيش الاسرائيلي من تعاظم قوة التنظيمات الارهابية. الجمهور الاسرائيلي راض من الهدوء والاقتصاد ينهض من سباته ولا يوجد ضغط امريكي علي الحكومة حتي تتخذ قرارات صعبة. من المحتمل ان يكون شارون معنيا بتسوية سياسية، كما صرح، وانه مستعد حقا لتنازلات مؤلمة في مهد ميلاد الشعب اليهودي . ولكنه لم يجد حتي الآن شريكا فلسطينيا لمثل هذه التسوية وخطواته تهدف، مثلما حدث خلال العامين المنصرمين، الي كسب الوقت بالأساس والاحتفاظ بالحد الأقصي من حرية الحركة. ساعة الحسم بالنسبة له لم تحن بعد، جورج بوش ايضا يتصرف بحذر بعد اندفاعه في عملية التدخل الذي تمخض عن عقد قمة العقبة وقبول خريطة الطريق، يبدو انه يكتفي الآن بانجاز الهدنة الفوري ويحذر من اتخاذ خطوات قد تتعقد وتورطه معها. بوش لا يحلم بجائزة نوبل للسلام وهدفه كان شطب الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني من قائمة المشاكل الضاغطة وصد الانتقادات التي توجه لادارته وتتهمها بالعجز في مواجهة سفك الدماء. لهذا السبب صرح بأن علي الفلسطينيين ان يكافحوا الارهاب قبل ان يحصلوا علي مطلبهم في المستوطنات وفي القضايا الصعبة الاخري وسارع الي التلميح بأن الجدول الزمني ليس مُلِحّاً.
ما هي الدوافع التي حركت حكومة إسرائيل لإعلان قبولها بخارطة الطريق، والذهاب من ثم إلى اجتماع قمة العقبة مع الرئيس الأميركي جورج بوش؟
السائد علنا في الإعلام، أن آرييل شارون فعل ذلك استجابة لضغط الرئيس الأميركي، وهذا أمر لا شك فيه، ولكنه أمر ينطوي على مغالطة في الفهم.
البروفيسور بنيامين بن طال، رئيس قسم الاقتصاد في جامعة حيفا، في حوار مع "المشهد..": "المشكلة التي تواجه اسرائيل، وتواجه دولا اخرى بصورة مشابهة للغاية، هي ان بنود الصرف في الميزانية العامة اكبر بكثير من بنود الدخل في ميزانية الدولة، ما يخلق هذا الحجم الكبير في العجز المالي. تضاف الى هذا الوضع ايضا الحرب مع الفلسطينيين. لكن المشكلة الاساسية تبقى في العجز المالي.."
الصفحة 907 من 1047