حين رفع مندوب الولايات المتحدة الأميركية يده في مجلس الأمن، مصوتا ضد مشروع القرار الذي يدين اغتيال الشيخ أحمد ياسين، إنما كان يرفع يده ضد العالم العربي وضد العالم الإسلامي كله. لقد قدم المندوب الأميركي بتصويته هذا نموذجا للديمقراطية التي يبشر بها. إنها ديمقراطية القتل والاغتيال، وهي ديمقراطية حماية الاحتلال العسكري، وهي ديمقراطية اجتثاث الآخر ورأيه.
كما هو متوقع فقد تمخضت عملية اغتيال الشيخ احمد ياسين عن موجة من الانتقادات والتساؤلات.. وكما هو في حالات مشابهة حصلت في الماضي، فقد انقسم المنتقدون في هذه المرة ايضا الى فريقين. فريق انتقد بشدة قرار اغتيال زعيم حركة "حماس" في حد ذاته. فيما تذرع فريق آخر بحجة ان الشيخ ياسين كان "مخربا وقاتلا يستحق الموت" لكن هؤلاء قالوا ان التوقيت سيء، وان الضرر سيكون اكبر من الفائدة المحتملة للعملية. غير انه يتعين على كلا الفريقين ان يحاسبوا انفسهم بالدرجة الاولى. اذ يمكن توجيه انتقادات لطريقة ادارة الصراع والحرب مع الفلسطينيين، لكنه لا يمكن لاحد ان يزعم بان قادة الحرب الاسرائيليين، ارئيل شارون وشاؤول موفاز، قد ضللا او خدعا الجمهور. نحن لسنا في اميركا، فالحكومة لم تقم بفبركة معلومات استخبارية ولم تبالغ في وصف التهديد لتبرر الهجوم على "حماس"، مثلما فعل جورج بوش في طريقه لشن الحرب على بغداد.
يعتبر حق العودة للاجئين الفلسطينيين أهم قضية في الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، الى جانب الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية. وفيما كانت هناك محاولات عديدة لحل مسألة الاحتلال بانسحاب اسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة، قبل اندلاع انتفاضة القدس والاقصى وصعود اريئيل شارون الى سدة رئاسة الحكم في اسرائيل، فإن المفاوضات لم تتوصل الى وضع أية صيغة جدية لحل قضية اللاجئين.
حاولت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية،الجمعة، أن تخفض من "سقف" الخوف الذي يجتاح إسرائيل من أقصاها إلى أقصاها وذلك عبر التلميح بأن موجة التحذير من مغبة عمليات إستشهادية غير مسبوقة في أعقاب تصفية الشيخ أحمد ياسين، الاثنين، لا تعدو كونها أكثر من "فزع زائد". وقد انعكس هذا الأمر في ما نقلته صحيفة "هآرتس", اليوم الجمعة, عن الأجهزة الأمنية الاسرائيلية، وذلك إلى ناحية تقديرها بأن نطاق"العمليات الاستشهادية لن يتسع "، على رغم ما أسمته "نوايا الانتقام لحركة حماس وفصائل أخرى من إغتيال الشيخ أحمد ياسين". و
الصفحة 855 من 1047