على ذمة يديعوت أحرونوت: الحكومة الإسرائيلية تدرك أن توجهات إيران الأخيرة جديدة ومثيرة
*ومع ذلك تسود تخوفات لدى إسرائيل من أن تتحوّل مواقف إيران الأولية إلى مواقف نهائية*
اتهم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إيران بأنها ضللت المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي، وأن على إيران إثبات نواياها على خلفية محادثات جنيف بالأفعال وليس بالأقوال، ودعا إلى عدم تخفيف العقوبات ضدها وإنما إلى تشديدها.
وقال نتنياهو لدى افتتاح اجتماع حكومته الأسبوعي أول من أمس الأحد، إنه "في الأسبوع الماضي تم بدء جولة محادثات أخرى بين الدول العظمى وإيران. ويحظر علينا أن ننسى أن النظام الإيراني ضلل المجتمع الدولي بشكل منهجي".
وأضاف نتنياهو أنه في العام 2006 كان لدى إيران 167 جهاز طرد مركزي "واليوم، وعلى الرغم من كل وعودهم، يوجد لديهم أكثر من 18 ألف جهاز طرد مركزي. أي أنهم ضاعفوا عددها بأكثر من 100 مرة، وذلك خلال محادثات تم خلالها دعوتهم إلى وقف إنتاج أجهزة الطرد المركزية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، وعلى الرغم من صدور قرارات من مجلس الأمن الدولي ما زالت قائمة وسارية وتحظر على الإيرانيين القيام بهذه الأنشطة".
وتابع نتنياهو "أعتقد أنه في ظل هذا الوضع، وطالما أننا لا نرى أفعالا بدلا من الأقوال، فإنه يجب مواصلة الضغط الدولي، بل وأكثر من ذلك عليه أن يكون أشد وطأة، وكلما اشتد الضغط يصبح احتمال تفكيك البرنامج النووي العسكري الإيراني أكبر، وكلما خفّ الضغط فإن احتمال تفكيكه سيتضاءل".
واعتبر نتنياهو أنه "يوجد خطر في منح الشرعية الدولية لنظام استبدادي، وهو نظام يشارك في هذه الأيام وخلال العامين الأخيرين في مجزرة جماعية بحق مدنيين، نساء وأطفال ورجال، في سورية".
وأضاف نتنياهو أن النظام الإيراني "يواصل في هذه الأيام، وطوال الوقت، حملة إرهابية دولية في خمس قارات. وهو نظام يدعو إلى تدمير إسرائيل ويتجاهل وينتهك بقدم همجية قرارات مجلس الأمن الدولي في الشأن النووي. وأعتقد أن التعامل الصحيح مع نظام كهذا هو بأن يتم احترامه والتشكيك به وزيادة الضغط عليه".
وكانت الولايات المتحدة ودول أوروبية شاركت في المحادثات مع إيران في جنيف، الأسبوع الماضي، حول البرنامج النووي لهذه الأخيرة، قد أبلغت إسرائيل بأن إيران توافق على خفض مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 5%، فيما لا تزال إسرائيل مصرة على عدم تخفيف العقوبات الاقتصادية على إيران.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن موظف إسرائيلي رفيع المستوى قوله إنه تبين من التفاصيل التي نقلتها دول غربية إلى إسرائيل حول المحادثات مع إيران أن الاقتراح الذي قدمته الأخيرة كان "عامّا" وأبقى علامات استفهام، لكن الاقتراح تضمن استعدادا إيرانيا لتحديد تخصيب اليورانيوم والبحث في قضايا كانت ترفض إيران بحثها في الماضي.
وذكرت الصحيفة أن نائبة وزير الخارجية الأميركي ووندي شيرمان اتصلت هاتفيا برئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب عميدرور وأبلغته بتفاصيل الاقتراح الإيراني والمحادثات التي جرت بين الدول الغربية وإيران، الأسبوع الماضي. كذلك فإن وفدا بريطانيا شارك في هذه المحادثات وصل إلى تل أبيب قادما من جنيف مباشرة يوم الخميس الماضي.
ووفقا للصحيفة الإسرائيلية فإن الاقتراح الإيراني شمل خطة مؤلفة من مرحلتين، وأن المرحلة الأولى تقضي بتنفيذ خطوات لبناء الثقة بين إيران والدول العظمى، وبعد ذلك يتم إجراء مفاوضات من أجل إنهاء الأزمة النووية. وأوضح الإيرانيون من خلال اقتراحهم أنهم سيكونون مستعدين لوقف تخصيب اليورانيوم بمستوى 20% وتحويل مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى وقود نووي لمفاعل الأبحاث في طهران. والأمر الثالث الذي يقترحه الإيرانيون هو تعبيرهم عن استعدادهم لإجراء محادثات حول كمية وحجم تخصيب اليورانيوم بمستوى 5% وعدد أجهزة الطرد المركزية التي سيتم تشغيلها في منشآت التخصيب.
وقال الموظف الإسرائيلي إن الإيرانيين ذكروا أمام مندوبي الدول العظمى أنهم مستعدون للبحث في مستقبل مفاعل المياه الثقيلة في أراك ومنشأة تخصيب اليورانيوم في باطن الأرض في فوردو. وأضاف أن "الإيرانيين قالوا إنهم لا يستطيعون إلغاء المشروع كله، لكنهم جعلوا الدول العظمى تفهم أن بالإمكان التوصل إلى تسوية بهذا الخصوص، وهم ليسوا مستعدين لإغلاق المنشآت بشكل كامل ولكن لتقليص وتحديد عملها".
وقال الموظف الإسرائيلي إن الإيرانيين لم يرفضوا خلال محادثات جنيف التصديق على بروتوكول معاهدة منع نشر السلاح النووي، وأن "الإيرانيين قالوا لمندوبي الدول العظمى في جنيف إنه لا تتوقعوا منا أن نوقف البرنامج كله لكننا مستعدون للتحدث عن خطوات تطمئنكم".
وفي السياق نفسه قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الحكومة الإسرائيلية تعترف بأن التوجه الإيراني كما تم طرحه في جنيف "جديد ومثير"، لكن يسود في مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تخوف كبير "يستند إلى معلومات" من أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيكون مستعدا للموافقة على تخفيف العقوبات ضد إيران قبل انتهاء المحادثات.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو لا يطالب الدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة بعدم تخفيف العقوبات وحسب وإنما يطالب بتشديدها أيضا وذلك إلى حين توقيع اتفاق مع إيران.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه يوجد في الاقتراح الإيراني "طرف خيط لحل ستكون إسرائيل مستعدة للتعايش معه، لكن إذا ما تحولت المواقف الإيرانية الأولية إلى مواقف نهائية فإن هذا سيكون كارثة بالنسبة إلى إسرائيل".
وركز نتنياهو، خلال خطاب في الكنيست بمناسبة افتتاح دورته الشتوية، الأسبوع الماضي، على الموضوع الإيراني، وقال إن الاقتصاد الإيراني يواجه أزمة ودعا إلى تشديد العقوبات عليها. وخصص نتنياهو القسم الأكبر من خطابه للموضوع الإيراني وقال في بدايته إن "الاقتصاد الإيراني اقترب وهو موجود في مكان قريب جدا في هذه اللحظة من نقطة الانهيار، لكن ينبغي الاعتراف بأنه على الرغم من الضغوط (الاقتصادية الدولية) فإن النظام الإيراني لم يتخل بعد عن غايته في تطوير سلاح نووي، لكنه غيّر التكتيك".
وأضاف نتنياهو أن "إيران مستعدة للتنازل عن تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات بشكل كبير، وهي مستعدة لإعطاء القليل جدا والحصول على الكثير جدا إن لم يكن كل شيء، ولا يوجد سبب لتمكينها من خطوة كهذه، ولا يوجد أي سبب لتمكينها من النجاح في هذه الخطوة" في إشارة إلى المفاوضات بين إيران والدول العظمى حول البرنامج النووي واللقاءات بين الجانبين وخاصة بين مسؤولين إيرانيين وأميركيين.
واعتبر نتنياهو أن "تخفيف العقوبات الآن سيكون خطأ تاريخيا، والضغوط الدولية من شأنها أن تجعل إيران تتنازل عن البرنامج النووي"، مشيرا إلى أنه "لا شك في أن سلاحا نوويا بأيدي إيران سيوجه أولا ضدنا".
وقال نتنياهو إن سورية هي مثال للخطر الكامن من جانب دول تمتلك أسلحة دمار شامل، وأن الاتفاق حول نزع السلاح الكيميائي من سورية هو "صراع مهم وإيجابي وحيوي، شريطة أن يتم تنفيذه بكامله، كما أن ثمة أهمية بأن تنفذ جميع الدول التي بإمكانها العمل في هذا المجال ما هو ملقى عليها". وأضاف "ماذا كان سيحدث لو أن سورية اقترحت أن تنزع 20% من سلاحها الكيميائي فقط؟ فهذا بالضبط ما تفعله إيران".
من جانبها قالت رئيسة حزب العمل والمعارضة الإسرائيلية شيلي يحيموفيتش إنها تتفق مع نتنياهو حول الخطر الإيراني، لكنها تعارض إستراتيجيته التي وصفتها بأنها أدت إلى عزل إسرائيل في العالم.
على صعيد آخر، أظهر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي أن أغلبية بين الإسرائيليين تؤيد سياسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشأن إيران، وأن شعبيته ما زالت مستقرة، فيما طرأ تراجع كبير على شعبية وزير المالية ورئيس حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد.
وتبين من الاستطلاع الذي نشرته صحيفة "هآرتس" يوم الجمعة الماضي أن 17% قالوا إن أداء نتنياهو في الحلبة الدولية في الموضوع الإيراني هو "جيد جدا" وقال 41% إن أداءه "جيد"، بينما رأى 23% أن أداءه لم يكن جيدا واعتبر 9% أن أداءه ليس جيدا أبدا.
وأظهر الاستطلاع استقرار شعبية نتنياهو، إذ قال 63% إنه الأنسب لمنصب رئيس الحكومة، مقابل 12% قالوا إن رئيسة حزب العمل يحيموفيتش هي الأنسب، ورأى 5% فقط أن لبيد هو الأنسب للمنصب.
وقال 44% إنهم راضون عن أداء نتنياهو كرئيس للحكومة، بينما عبر 43% عن عدم رضاهم عن أدائه.
وتوقع الاستطلاع أن تبقى قوة كتلة "الليكود - إسرائيل بيتنا" بقيادة نتنياهو في حال إجراء انتخابات عامة الآن كما هي تقريبا وكأكبر كتلة في الكنيست، كما توقع الاستطلاع أن يضاعف حزب ميرتس اليساري قوته من 6 نواب حاليا إلى 12 نائبا، ويبدو أن هذه الزيادة ستكون على حساب حزب "يوجد مستقبل".
المصطلحات المستخدمة:
يديعوت أحرونوت, هآرتس, مجلس الأمن القومي, باراك, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, شيلي يحيموفيتش, يائير لبيد