المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • على هامش المشهد
  • 1194

 

*لا أرى أي احتمال لدفع عملية السلام قدمًا ما دام نتنياهو مصرًا على مطلبه بأن يعترف أبو مازن بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي*

 

كتب بلال ضـاهر:

 

تبيّن من الرسالة الجوابية التي بعث بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يوم السبت الماضي، أنه ما زال متعنتا في مواقفه التي آلت إلى وصول المفاوضات بين الجانبين إلى طريق مسدودة.

 

وشدد نتنياهو في رسالته على استئناف المفاوضات "من دون شروط مسبقة"، في إشارة إلى رفضه وقف الاستيطان خصوصا.

كذلك طالب نتنياهو الجانب الفلسطيني بالاعتراف بيهودية إسرائيل.

وخلت رسالة نتنياهو من أية افكار جديدة من شأنها أن تحرك عملية السلام المجمدة.

وتأتي هذه الرسالة بعد أيام من انضمام حزب كاديما إلى حكومة نتنياهو وتشكيل حكومة وحدة إسرائيلية واسعة، يتألف تحالفها من 94 عضو كنيست من أصل 120 عضوا.

وكرر نتنياهو في رسالته إلى عباس شروطه لاستئناف المفاوضات رغم أن الاتفاق بين حزبي الليكود وكاديما على تشكيل حكومة الوحدة نص على العمل على دفع عملية السلام.

من جهة ثانية، ليس واضحا بعد ما هو تأثير تشكيل حكومة الوحدة على الموضوع الإيراني، وما إذا كان رئيس كاديما، شاؤول موفاز، سيكون عامل كبح يمنع نتنياهو ووزير الدفاع، إيهود باراك، من تنفيذ تهديداتهما بمهاجمة إيران. لكن تقارير إسرائيلية تخوفت، ونقلت عن وزراء إسرائيليين تخوفهم أيضا، من وجود تفاهمات بين نتنياهو وموفاز بشأن هجوم محتمل ضد إيران.

لكن في هذه الاثناء، أدى انضمام حزب كاديما إلى الحكومة إلى وجود معارضة صغيرة جدا في الكنيست، لا يتجاوز عدد نوابها 26 نائبا. ويتوقع أن يؤدي هذا الوضع إلى إطلاق يد أحزاب اليمين في عمل الكنيست، وبينها سن قوانين معادية للديمقراطية.

وفي أعقاب تشكيل حكومة الوحدة تم تنظيم مظاهرات في مدن إسرائيلية، شارك فيها الآلاف، مساء السبت، ورفع المتظاهرون لافتات كتب فيها "الشعب يريد كنيست اجتماعيا" و"دولة الرفاه من أجلي وأجلك" و"نحن الأغلبية عدنا إلى الشارع" وصرخوا بشعارات "الشعب يريد العدالة الاجتماعية" و"كل الشعب معارضة".

ووجهت المحكمة العليا الإسرائيلية، خلال الأسبوعين الأخيرين، انتقادات إلى الحكومة الإسرائيلية على خلفية امتناعها عن تنفيذ قرارات متعلقة بأنشطة استيطانية في أراض بملكية فلسطينية خاصة. فقد امتنع نتنياهو عن تنفيذ تعهداته للمحكمة، من العام الماضي، بإخلاء مستوطنين من خمسة مبان في الحي الاستيطاني "غفعات هأولبانا" التابع لمستوطنة "بيت إيل"، بعد أن أكد تحقيقا أجرته الشرطة الإسرائيلية أن المباني مقامة على أراض يملكها مواطنون فلسطينيون من قرية دورا القرع. كذلك انتقدت المحكمة استمرار الحكومة بالسماح للمستوطنين بشق طريق في أرض بملكية فلسطينية خاصة لمرور شاحنات وآليات تعمل في بناء مساكن في مستوطنة "عيلي زهاف". وفي مقابل هذه الانتقادات، تبحث حكومة نتنياهو حاليا في سن قانون يهدف إلى الالتفاف على قرارات المحكمة العليا المتعلقة بالأنشطة الاستيطانية.

وحول هذه القضايا أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة مع رئيسة حزب ميرتس المعارض، عضو الكنيست زهافا غالئون.

(*) "المشهد الإسرائيلي": ما هي انعكاسات انضمام حزب كاديما إلى حكومة نتنياهو على العملية السياسية مع الفلسطينيين؟

غالئون: "في الواقع أنا لا أرى وجود انعكاسات كثيرة. فنتنياهو ماض في طريقه وهو يطلق تصريحاته طوال الوقت، ولا أعتقد أن انضمام كاديما سيساهم في أي شيء في هذا السياق. وربما أن موفاز سيحاول رفع صوته بهذا الخصوص ويقول إنه يعمل من أجل دفع المفاوضات، لكن لا يوجد أمل باستئناف عملية السلام من هذه الأصوات. ونتنياهو سيستمر في تنفيذ ما يريده. وهؤلاء الأشخاص ليسوا مهتمين بالمفاوضات. وقرأت أنه أوفد مبعوثه الخاص، إسحاق مولخو، إلى الأردن، قبل شهر، وعندما تحدثوا هناك عن الأراضي المحتلة، قال مولخو إنها ’مناطق متنازع عليها’. لذلك فإنني لا أبني آمالا على انضمام كاديما إلى الحكومة".

(*) مولخو سلم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، رسالة جوابية من نتنياهو، حول العملية السياسية. هل تضمنت رسالة نتنياهو شيئا جديدا؟

غالئون: "لم أر شيئا جديدا في هذه الرسالة. وطالما أن نتنياهو يصر على مطلبه بأن يعترف أبو مازن بإسرائيل على أنها دولة الشعب اليهودي، فإنه مع هذا الشرط، وليس مهما على ماذا سيتحدثون، لا أرى وجود احتمال للتقدم".

(*) ما هي انعكاسات تشكيل حكومة الوحدة الإسرائيلية على الموضوع الإيراني، وخصوصا فيما يتعلق بسياق التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية؟

غالئون: "هذا سؤال جيد، لكن لا توجد لدي إجابة عليه. غير أن حكومة واسعة بهذا الشكل مع عدد كبير جدا من الجنرالات، وبينهم نتنياهو وباراك وموفاز و[وزير الشؤون الإستراتيجية موشيه] يعلون، ربما تكون حكومة خطيرة".

(*) هل توجد في تشكيل حكومة الوحدة هذه رسالة ما إلى الإدارة الأميركية؟

غالئون: "لست متأكدة من ذلك. وليس واضحا من سينتخب رئيسا في الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني المقبل، وأنا أعتقد أنه ستتم إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما. لكنني أعتقد أنه حتى اليوم لم يأبه رئيس حكومة إسرائيل نتنياهو بالرئيس الأميركي أوباما، على الرغم من أنه في خطاب بار إيلان رأينا أنه سعى إلى إلقاء خطاب يستجيب لحل الدولتين، لكن على أرض الواقع هو يفعل نقيض ذلك. وهو لا يقوم بأي خطوة باتجاه الفلسطينيين. وربما أن نتنياهو، بتشكيله حكومة وحدة، إنما يلمح لأوباما بأن لديه تحالفا واسعا للغاية وأن السياسة الإسرائيلية لا تعكس موقفه وحده وإنما تعكس موقف تحالف واسع جدا يضم 94 عضو كنيست من أصل 120 عضوا. لكني أعتقد أن نتنياهو يتجاهل الرئيس أوباما حتى الآن".

(*) صرح نتنياهو وموفاز بأنهما شكلا حكومة الوحدة من أجل سن قانون بديل لقانون طال، ومن أجل تغيير طريقة الحكم. هل تتوقعين أن ينجحا في ذلك؟

غالئون: "أشك في ذلك. فأنا لا أعتقد أنهما سينجحان في تربيع الدائرة. وحتى لو تمكنا من سن قانون بديل لقانون طال فإن هذا ليس الأمر المهم فيما يتعلق بالحريديم. أعتقد أن هناك أمورا أهم متعلقة بالحريديم من تجنيدهم للجيش، مثل أن يتضمن جهازهم التعليمي مواضيع مثل العلوم واللغات، وأن يندمجوا في سوق العمل. وأعتقد أيضا أنه يجب إلغاء الوحدات الخاصة التي يخدم فيها الحريديم. وفيما يتعلق بتغيير طريقة الحكم فإني أستبعد أن يتمكنا من تمرير مشروع قانون في هذه القضية. وأعتقد أن هذه التعهدات، سواء بشأن تغيير قانون طال أو تغيير طريقة الحكم، لا تتعدى كونها مبررات لانضمام موفاز إلى حكومة نتنياهو وإظهار أن خطوة كهذه تعكس مصالح الجمهور في إسرائيل".

(*) وجهت المحكمة العليا في الأسبوعين الماضيين انتقادات إلى الحكومة بسبب امتناعها عن تنفيذ قرارات صادرة عن المحكمة، فيما يتعلق بالاستيطان، مثل هدم مبان في مستوطنة "غفعات هأولبانا". ومن الجهة الأخرى فإن الحكومة تبحث في سن قانون للالتفاف على قرارات المحكمة العليا. كيف تنظرين إلى أداء الحكومة الإسرائيلية في هذا الموضوع؟

غالئون: "أعتقد أن هذه فضيحة حكومية. فهي كانت تعرف منذ البداية أن حي غفعات هأولبانا مقام في أراض بملكية فلسطينية خاصة وتعهدت بهدمه. والآن تراجعت عن تعهدها، وهذه فضيحة. وقد لاحقت المحكمة الحكومة وطالبتها مرة أخرى بهدم المباني في المستوطنة. وحقيقة أن الحكومة تحاول سن قانون تشريع البناء [الاستيطاني] غير القانوني في المستوطنات ينطوي على فضيحة أيضا بنظري، لكن هذه المرة تدخل المستشار القانوني للحكومة وأوضح لنتنياهو عدم قانونية هذا النشاط الاستيطاني. وإذا كانت الحكومة شجاعة بالقدر الكافي فإنها ستخلي غفعات هأولبانا. لكني لا أعتقد أنه توجد مصلحة للحكومة في ذلك لأن مصلحتها كامنة في إرضاء المستوطنين. لذلك أنا أشك في إمكانية أن تنفذ الحكومة قرار المحكمة العليا".

(*) بعد انضمام حزب كاديما إلى الحكومة أصبحت المعارضة صغيرة جدا ولا يصل عدد نوابها إلى ربع نواب الكنيست. وحتى أن المعارضة لن تتمكن من إرغام نتنياهو على حضور جلسة في الكنيست للبحث في سياسته، لأن ذلك يحتاج إلى توقيع 40 نائبا. ماذا ستفعلون حتى الانتخابات العامة المقبلة؟

غالئون: "هذا صحيح. وهو وضع غير طبيعي لم يكن له مثيل منذ سنوات طويلة. لكن هذا الوضع لن يمنعنا من مواصلة التعبير عن مواقفنا، وبطرق أخرى أيضا".

(*) بالمناسبة، هل يتوقع أن ينشأ وضع يحدث خلاله انقسام في حزب كاديما، على خلفية معارضة عدد من أعضاء الكنيست من هذا الحزب الانضمام إلى حكومة نتنياهو؟

غالئون: "الحقيقة هي أنه لا توجد إمكانية قانونية للقيام بذلك الآن، ولا يوجد في كاديما 7 أعضاء كنيست يؤيدون الانشقاق عن حزبهم كي يتمكنوا من الانسحاب وتشكيل كتلة برلمانية مستقلة. لذلك هذا سيناريو غير واقعي، حاليا".

(*) تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب والقدس وحيفا، مساء يوم السبت الماضي. هل تتوقعين تجدد الاحتجاجات على غرار ما حدث في الصيف الماضي، وماذا ستكون مميزاتها؟

غالئون: "أعتقد أن الاحتجاجات ستعود، وستكون مختلفة عن احتجاجات الصيف الماضي. وبرأيي أن هذه لن تكون احتجاجات اجتماعية وإنما احتجاجات سياسية. كذلك لن تكون الاحتجاجات الآن بنفس حجم الاحتجاجات التي كانت هنا في الصيف الماضي".

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات