المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • على هامش المشهد
  • 1529

*إسرائيل تلوّح بإمكان شن هجوم على إيران ليس من منطلق عدم إيمانها بتأثير العقوبات على كبح البرنامج النووي الإيراني*

 

كتب بلال ضـاهـر:

 

وجهت إسرائيل إصبع الاتهام إلى إيران وحملتها مسؤولية تفجيرات استهدفت سفاراتها في كل من الهند وتايلاند وجورجيا، الأسبوع الماضي.

 

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في خطاب ألقاه في الكنيست، الأربعاء الماضي، إنه "ينبغي أن تشجب دول العالم كافة هذه الأعمال وترسم خطوطا حمراء ضد العدوان الإيراني". وحذر نتنياهو من أنه "إذا لم يتم وقف هذا العدوان فلا شك في أنه سيتسع" وأن "إيران هي أكبر مصدّرة للإرهاب في العالم ويتم اكتشاف عملياتها الإرهابية على الملأ في هذه الأيام".

من جانبه قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، الأربعاء الماضي، إن "نظام آيات الله في إيران موجود في أوج سباق تسلح ويحاول مهاجمة أهداف إسرائيلية وغربية في العالم". وأضاف أنه "في هذه الفترة أيضا تُسمع أصوات عالية تهدد أمن إسرائيل من بعيد وقريب".

من جهة ثانية تتصاعد التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية. وأفادت صحيفة "هآرتس"، أمس، أن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، يدفع في اتجاه شن هجوم كهذا وأن نتنياهو لم يبلور موقفه بعد، وأن الإدارة الأميركية تعتقد أن باراك يلعب دورا كبيرا في إقناع نتنياهو بمهاجمة إيران [اقرأ خبرًا مفصلاً في هذه الصفحة].

وفي هذه الأثناء وصل إلى إسرائيل يوم السبت الماضي توم دونيلون، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي باراك أوباما. ويتوقع وصول رئيس الاستخبارات الوطنية الأميركية، جيمس كلابر، إلى إسرائيل خلال الأسبوع الحالي.

وذكرت تقارير صحافية إسرائيلية أن دونيلون طالب نتنياهو، خلال اجتماعهما أول من أمس الأحد، بألا تقوم إسرائيل بعمل مفاجئ ضد إيران، مشددا على أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران شديدة جدا وأن تأثيرها سيظهر قريبا.

حول هذا الموضوع أجرى "المشهد الإسرائيلي" المقابلة التالية مع الباحث في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، يورام شفايتسر.

(*) "المشهد الإسرائيلي": كيف ينظرون في إسرائيل إلى التفجيرات ضد سفاراتها الثلاث في الهند وتايلاند وجورجيا؟

شفايتسر: "أعتقد بداية أن إيران وحزب الله يشتركان سوية في أنشطة ضد أهداف إسرائيلية. وعلينا أن نلتفت إلى أن هاتين الجهتين، حزب الله وإيران، تنسبان تصفية [القيادي العسكري في حزب الله] عماد مغنية [في العام 2008] إلى إسرائيل. ومنذ ذلك الحين جرت محاولات متكررة لتنفيذ عمليات عدائية انتقامية ضد إسرائيل. وحزب الله قام بعدة محاولات لتنفيذ عمليات كهذه في موعد قريب من الذكرى السنوية لاغتيال مغنية. وقد تم القبض على خلايا في تركيا ومصر وأذربيجان. وقبل محاولات التفجير الثلاث الأخيرة، كانت هناك محاولة لتنفيذ عملية في تايلاند، وكان يقف وراءها مواطنون لبنانيون على ما يبدو ينتمون لحزب الله. وكانت هناك محاولة اغتيال شخصية إسرائيلية في تركيا، في أيار العام 2011، ووقف وراءها أفراد من حزب الله وتركيان. وكانت هذه عمليات خارجية وفقا لاعتراف قيادة حزب الله. وعمليات كهذه في خارج البلاد، في مكان ما في العالم، تستوجب مصادقة الزعيم [في إيران] عليها. وجهاز العمليات الخارجية في حزب الله هو جهاز مدرب ومهني وبإمكانه تنفيذ عمليات انتقامية كهذه بنفسه، وليس مستبعدا أنه يتلقى أيضا مساعدات لوجستية، إضافة إلى المصادقة على تنفيذ العملية، من إيران. والتفجيرات الثلاثة الأخيرة، حسبما تبين من النشر في وسائل الإعلام، كانت من تنفيذ إيران، بشكل مؤكد، في تايلاند، وفي الهند أعتقد أن المنفذين كانوا عملاء إيرانيين أو عملاء تنظيم محلي عمل باسم إيران. ولذلك فإن ما نراه هنا هو وجود هجمة مخطط لها وفي قسم منها يعمل حزب الله من أجل الانتقام لمغنية وفي القسم الثاني منها نفذتها إيران على ما يبدو، وتأتي في سياق ما تنسبه إيران لإسرائيل من أنشطة ضد البنية التحتية النووية الإيرانية".

(*) أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، قال في خطابه، يوم الجمعة الماضي، إن حزب الله ليس ضالعا في التفجيرات الأخيرة، وإن الانتقام لاغتيال مغنية لن يكون باستهداف إسرائيليين عاديين أو دبلوماسيين وإنما باستهداف شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى. كيف يرون هذا التصريح في إسرائيل؟

شفايتسر: "أولا، أنا بإمكاني أن أوافق على تصريح نصر الله بأنه فيما يتعلق بالعمليات الثلاث الأخيرة، بإمكان إيران أن تنفذ عمليات إرهابية من دون مساعدة حزب الله. وإذا قال نصر الله إنه ليس ضالعا في العمليات الثلاث الأخيرة فمن الجائز أن هذا صحيح. والأمر الواضح بشكل مطلق، من العمليات التي تم تنفيذها في الماضي أو من محاولات تنفيذ عمليات مؤخرا، هو أن حزب الله نفسه حاول تنفيذ عمليات في العالم. ووفقا لكميات المتفجرات التي تم ضبطها بحوزة خلايا حزب الله فإنها تدل على أن العمليات هدفها سفارات ومقرات بعثات إسرائيلية وربما أهداف سياحية يقصدها الإسرائيليون. ومن هذا الجانب فإني لست واثقا من أني أصدق نصر الله. وقد سمعناه يعد بتنفيذ عملية مؤلمة جدا، ولم ينجح في ذلك، لكن هذا لا يلغي الخطر في احتمال النجاح بتنفيذ عملية كهذه. ونحن نعرف أنه يوجد لدى حزب الله وإيران القدرة على تنفيذ عمليات قاتلة جدا".

(*) لماذا برأيك يمتنع حزب الله أو إيران عن تنفيذ عمليات كبيرة، فالعمليات التي وقعت الأسبوع الماضي كانت صغيرة نسبيا؟

شفايتسر: "أريد أن نميز بين العمليات التي ينفذها حزب الله بقواه الذاتية، وربما بمساعدة لوجستية إيرانية، وهي عمليات تم التخطيط لأن يسقط فيها عدد كبير من المصابين، وبين العمليات الأخيرة المنسوبة لإيران. فالعمليتان في الهند وخاصة في تايلاند أرادت إيران أن تستهدفا دبلوماسيين إسرائيليين".

(*) هناك ادعاء، في إسرائيل أيضا، أن التفجيرات التي وقعت الأسبوع الماضي، كانت ردا على عمليات اغتيال علماء نوويين في طهران والتي تتهم إسرائيل بتنفيذها. هل يتردد الإيرانيون في تنفيذ عمليات كبيرة انتقاما لاغتيال علمائهم؟

شفايتسر: "أولا إيران صادقت على أن ينفذ حزب الله عمليات في أماكن في العالم وأن تمثل هذه العمليات إيران وحزب الله على حد سواء. وبسبب عدم نجاح عمليات كهذه، وبسبب وجود ضغوط في إيران تدفع باتجاه تنفيذ عمليات انتقامية، فإنهم حاولوا إرسال خلايا لتنفيذ عمليات اغتيال والتسبب بأذى لأشخاص معينين. لكن هذه العمليات لم تكن ناجحة، بالنسبة للإيرانيين طبعا، باستثناء العملية في الهند التي أسفرت عن إصابة زوجة دبلوماسي إسرائيلي بجروح ليست بسيطة. ومن الجائز أنه حدث هنا إخفاق في العملية، وهذا أمر يمكن أن يحدث. وأنا لا أعتقد أن هذه هي القدرات الإيرانية، وإنما هي أكبر من ذلك. ومن الجائز أيضا أنهم أرادوا تنفيذ عملية رمزية وليس تدمير مبنى سفارة أو إسقاط طائرة أو شيئًا من هذا القبيل، إذ إنهم يعرفون أنه في حالة كهذه سيكونون معرضين لرد فعل [إسرائيلي]ٍ".

(*) هل هذه العمليات الثلاث الأخيرة تستدعي إسرائيل للرد عليها؟

شفايتسر: "أعتقد أنه على ضوء حقيقة أن الغالبية العظمى من العمليات تم إحباطها واعتقال أفراد الخلايا التي كانت تنوي تنفيذها... وفقط في العملية الأخيرة في الهند أصيبت زوجة دبلوماسي، ولسعادتنا فإنه تم تفجير السيارة قبل أن يصعد إليها أولاد الدبلوماسي، والسيدة خرجت حية رغم أن جراحها ليست طفيفة، فإني أعتقد أن رد الفعل الإسرائيلي لن يكون فوريا. وأعتقد أن الإسرائيليين سجلوا أمامهم هذه العمليات وهم يعرفون من يقف وراءها، وأعتقد أنه في حال تنفيذ حزب الله العمليات التي توعد بها أو في حال وقعت عمليات أخرى بتنفيذ إيراني، فإن إسرائيل ستجد طريقة للرد ولإعطائهم إشارات بأنه توجد حدود لعمليات كهذه".

(*) هل سيكون لهذه العمليات تأثير على الصراع حول البرنامج النووي الإيراني؟

شفايتسر: "أعتقد أنه لن يكون هناك تأثير. والصراع مع إيران هو صراع سياسي واقتصادي ودولي وإسرائيل هي جزء صغير فيه. والعمليات موجهة الآن ضد إسرائيل ولو نجحت لربما سقط ضحايا محليون وسياح. وأعتقد أنه في هذه المرحلة، وكما بدت هذه العمليات، لن تؤثر على الصراع حول البرنامج النووي الإيراني، وبالطبع كل ذلك منوط بالتطورات وفيما إذا كانت إيران ستستمر بهذا الخط. وعلينا أن نتذكر أن إيران حاولت تنفيذ عملية في الولايات المتحدة، أقصد محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، في نهاية العام الماضي. وأعتقد أن من شأن هذا أن يدل على أن إيران، أو جهات في إيران مثل الحرس الثوري، يعتبران أن سلاح الإرهاب عاد ليصبح السلاح الذي تواجه فيه إيران العقوبات".

(*) يتوقع وصول مسؤولين أميركيين إلى إسرائيل، خلال الأسبوع الحالي، ومستشار الأمن القومي الأميركي بدأ زيارة لإسرائيل منذ السبت الماضي. ما هي الرسائل التي سيسلمونها للقيادة الإسرائيلية؟

شفايتسر: "أعتقد أن هذه الخطوات، وهي ليست خطوات أولية، غايتها ملاءمة السياسة الإسرائيلية مع السياسة الأميركية وكبح القلق ومؤشرات التوتر التي تظهر في إسرائيل حيال تقدم البرنامج النووي الإيراني بخطوات سريعة باتجاه نقطة اللاعودة. وأنا أوافق على التقارير المنشورة في وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن هذه الخطوات غايتها بالنسبة للأميركيين التأكد من أن لا تقوم إسرائيل بعمل مفاجئ مثل شن هجوم غير منسق ولا يريد الأميركيون عملا كهذا في هذه المرحلة".

(*) المسؤولون الإسرائيليون يلوحون بالهجوم ضد إيران، فهل هذا نابع من أن إسرائيل لا تؤمن بتأثير العقوبات على كبح البرنامج النووي الإيراني؟

شفايتسر: "كلا. أعتقد أن المشكلة تتعلق بجدول العقوبات مقابل جدول تقدم البرنامج النووي وإسرائيل ترى بذلك تهديدا مباشرا عليها، خاصة وأن إيران تطلق تصريحات واضحة ضد إسرائيل وضد وجودها كدولة. ولذلك فإن إسرائيل، خلافا للدول الأخرى، ترى بهذا التهديد أنه تهديد وجودي. والدول الأخرى لديها صبر أكبر وعلى ما يبدو فإن المخاطر عليها أقل من المخاطر على إسرائيل".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات