لا تخفي عضو الكنيست يولي تمير، من حزب "العمل"، ورئيسة الطاقم الإعلامي لرئيس حزب "العمل" الجديد عمير بيرتس، في مقابلة خاصة منحتها لـ"المشهد الإسرائيلي"، الصعوبات التي تواجه الحزب في الوقت الحالي. لكنها متأكدة من أنّ "الخط الجديد" الذي يقوده بيرتس كفيل بإحداث تغييرات جذرية في الخارطة السياسية في إسرائيل وبإيصاله إلى كرسي رئاسة الحكومة.
تؤيد تمير إجراء انتخابات عامة مبكرة رغم الصعوبات التي تواجه المعسكر اليساري في إسرائيل المتمثل أيضًا بحزب العمل، تقنيًا وأيديولوجيًا. وتلّح أيضًا على ضرورة إجرائها في آذار/ مارس المقبل. ورغم اعترافها بأن التجنّد لهذه الانتخابات لن يكون سهلاً، إلا أنها تصرّح بأن حزب "العمل" سيصوت يوم الأربعاء القريب إلى جانب حلّ الكنيست في حال عدم إجراء اللقاء بين بيرتس وشارون.
وقد كان لنا هذا اللقاء مع تمير:
* "المشهد الإسرائيلي": كيف تقدّرين انتخاب عمير بيرتس رئيسًا لحزب العمل خلافًا لكل التوقعات؟
- أنا أعتقد بأن انتخابه هو خطوة هامّة جدًا ونقلة نوعية في المجتمع والسياسة الإسرائيليين من أجل فتح صفحة جديدة والسير في طريق سياسي- اجتماعي يختلف عما كان في السابق.
إن انتخاب بيرتس وليد إرادة الشعب الإسرائيلي الذي يطمح لرؤية وطرح جديدين وتغيير في المشهد السياسي، خاصة وأنّ الشعب الإسرائيلي تعب مما يشاهده يوميًا ويريد التغيير الذّي أدّى نهاية إلى فوز عمير بيرتس.
* "المشهد الإسرائيلي": بيرتس صرّح بالأمس إنه سينهي الاحتلال نهائيًا وأشاد باتفاقية "أوسلو" التي لا تحظى اليوم بالتأييد الكافي حتى في اليسار. هل تعتقدين بأن في حال تولي بيرتس رئاسة الوزراء سيصمّم على تطبيق هذه التصريحات ومواجهة ما يسمى بـ"صقور حزب العمل" و"أصحاب رؤوس الأموال" و"القيادة العسكرية الإسرائيلية" ما لم يفعله الكثيرون من حزب العمل قبله؟ وإيهود باراك خير مثال..
- بيرتس يتخّذ خطًّا واضحًا وصريحًا. وكلّنا نعلم أن السير نحو هذا الهدف ليس سهلاً أبدًا خاصة في ظل الأزمات في الشرق الأوسط. ولكّني واثقة بأن بيرتس سيتخذ طريق المفاوضات وسيصمّم على ما يؤمن به. ونحن شهدنا تجربة باراك حين اتخذ طريقًا مغايرًا وفشل في النهاية. أعتقد بأن بيرتس سيسير في الطريق التي يطرحها اليوم حتى النهاية.
* "المشهد الإسرائيلي": لن يتخذ أي حل وسط مع معارضيه؟
- لن يتنازل أبدًا عن الطريق التي وضعها نصب عينيه. لأن بيرتس يمثّل اليوم إرادة الأغلبية في إسرائيل حتى اليمينيين منهم. فالشارع الإسرائيلي غير معني بحلول أحادية الجانب ومعني اليوم بطريق المفاوضات. وما فعله شارون حين خرج من غزة من دون مفاوضات لا يمثل إرادة الشعب الإسرائيلي، رغم ما رافق القضية من تأييد.
* "المشهد الإسرائيلي": أنت تتحدثين عن واجهة جديدة ودرب جديد سيتخذها حزب العمل على جميع الأصعدة. لكن بيرتس اقترح على شمعون بيريس ليكون رئيس الدائرة السياسية التي يسوق بيرتس نفسه من خلالها؟ أين التجديد؟
- بيرتس اقترح على بيريس أن يكون شريكًا في اتخاذ القرارات في كل شيء وليس فقط في المحور السياسي. ولكّن عمير بيرتس في النهاية هو الذي يقرّر.
* "المشهد الإسرائيلي": تبنون الكثير من الآمال على بيريس. وكانت هناك تلميحات بأنه لن يكون الرجل الثاني بعد بيرتس. ألا تخشون تركه لحزب العمل والذهاب مع شارون في قائمة مشتركة خاصة وأن التوقع ليس مستبعدًا؟
- بالطبع لا. بيريس باقٍ في حزب العمل.
* "المشهد الإسرائيلي": كيف ستطرحون بيرتس على الجمهور الإسرائيلي وعلى مصوتي حزب "العمل"؟ فهو قائد إسرائيلي لا ماض عسكري له ومن أصل مغربي. ونحن نعلم أن هذين العاملين يلعبان دورًا أساسيًا في إقناع الناخب الإسرائيلي العادي؟
- صحيح ما تقول لكن من ناحية أخرى، الشعب الإسرائيلي يحب عمير بيرتس لأنه قائد جديد وجاء بالجديد أيضًا. الشعب يريد عمير بيرتس لأنه يحمل رسالةً تختلف عن غيره وهذا في النهاية سيقوده إلى النجاح.
* "المشهد الإسرائيلي": ما تطرحينه ليس كافيًا لمرشح لرئاسة الحكومة؟
- نحن نعرض على الشعب الإسرائيلي قائدًا جديدًا، وهذا هو الأمل، فمثل هذا الشعور لم يكن مع بيريس أبدًا. عمير بيرتس يمثل شيئًا آخر. كونه جاء بعد أعوام طويلة من العمل الاجتماعي وأشغل منصب رئيس بلدية "سديروت" ورئيس نقابة العمّال "الهستدروت" التي تعتبر من أهم الأجسام الاقتصادية الإسرائيلية. وأدار أجسامًا اجتماعيًا. وهذا ما سيأتي به إلى الحكومة.
* "المشهد الإسرائيلي": هذا ليس جديدًا أبدًا، أين الجديد في طرحه عندما يتولى رئاسة الحكومة؟
- أعود إلى النقطة التي ذكرتها أنت وأقول إن الخصوصية في بيرتس تكمن في عدم كونه رجلاً عسكريًا أو جنرالاً، وسيأتي لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تهّم المجتمع الإسرائيلي. وهذه نقاط رابحة بالنسبة له وليس خاسرة كما ذكرت أنت.
* "المشهد الإسرائيلي": عمير بيرتس نال حزبًا محطمًا نهائيًا من ناحية اقتصادية. وتصل ديون حزب العمل اليوم إلى 120 مليون شاقل قبل الدخول إلى معركة الانتخابات. كيف ستعملون في ظل هذه الأزمة قبالة الليكود القوي؟
- يجب العمل بشكل جديّ على هذه القضايا. وبرأيي فإن الانتخابات ستكون صعبة جدًا علينا نتيجة الوضع المادي الذي تتحدث عنه. نحن نعي جيّدًا أن تفعيل أجهزتنا الانتخابية سيكون مهمة صعبة للغاية. لكن من ناحية أخرى نحن فزنا في الانتخابات التمهيدية في نفس الأوضاع ومن دون أجهزة فعّالة ولكننا كنا واثقين ثقة كبيرة بالطريق التي نقودها والتي بدورها ستمنحنا الفوز أيضًا. برأيي في حال اقتنع الإسرائيليون بالتغيير الذي سنطرحه فإن ذلك سيسهّل علينا كثيرًا والناس سيخرجون إلى الشارع، وليس الناشطون في الفروع فقط إنما الناس العاديون سيدعموننا. وستكون هذه الخطوات شيئًا آخر.
* "المشهد الإسرائيلي": أنت تعترفين بهذا الوضع الصعب، وهو أصلاً ليس مخفيًا، لماذا أذن أنتم مصمّمون على الذهاب إلى انتخابات جديدة بعد ثلاثة أشهر. خاصة وأن لا وقت لديكم لترتيب البيت الداخلي، فكم بالحري الخوض في انتخابات؟
- لا نملك خيارات أخرى وقريبًا سيتّم التصويت على ميزانية الدولة، وفي حال عدم المصادقة عليها فإننا سنكون أيضًا في وضع انتخابات. عمليًا، ستكون انتخابات في جميع الأحوال. ولا ننسى أنّ حكومة أريئيل شارون ليست مستقرة وحتى شارون نفسه لم يستطع تمرير قرار تعيين وزيرين جديدين من الليكود (روني بار- أون وزئيف بويم) قبل فترة وجيزة في الكنيست رغم مصادقة الحكومة، وعقّب شارون عندها أنه سيستخلص العبر من تلك الوضعية وكان واضحًا لنا بأنه ينوي الذهاب إلى انتخابات وتفكيك الكنيست. من ناحيتي فإن الحكومة في نهاية طريقها.
لا بدّ من الانسحاب من حكومة شارون وقد نصوّت مع حلّ الكنيست
* "المشهد الإسرائيلي": في حزب العمل توجد بوادر معارضة حالية لعمير بيرتس من قبل وزراء من حزب العمل. فهم لم يكونوا من الداعمين له أولاً. وثانيًا هم ليسوا متلهفين من فكرته بشأن الخروج من الائتلاف الحكومي . قالوا نحن نؤيد بيرتس ولكن علينا الخروج وبهدوء من دون تبن واضح للفكرة.
- نحن نعرف أنه سيكون صعبًا على الوزراء من حزب العمل اتخاذ مثل هذه الخطوة. ولكن في النهاية سينسحب حزب "العمل". ستعقد كتلة حزب العمل في الكنيست اجتماعًا لها وستقرّر في هذا الشأن وسيسري القرار على الوزراء ولا مجال لمعارضته أبدًا.
* "المشهد الإسرائيلي": شارون أجّل الإجتماع مع بيرتس إلى يوم الخميس. وفي يوم الأربعاء ستصوّت الكنيست على حلّ نفسها؟ ففي حال عدم انعقاد اللقاء قبل الأربعاء كيف ستصوتون؟
- سنصوّت مع حلّ الكنيست.
*" المشهد الإسرائيلي": يوسي بيلين، وهو واحد من الأصدقاء المقربين لعمير بيرتس، قال في مقابلة لـ"هآرتس" إن بيرتس يملك مشكلة جدية من ناحية قيادية. وقال إنه ديكتاتور. كيف تردّين على هذه الشهادة خاصة وأنها جاءت من مقرّب؟
- من يعش في بيت زجاجي عليه ألا يرمي الحجارة على أحد. أنا لا أعتقد بأن القيادة في "ميرتس" المتمثلة بيوسي بيلين استطاعت أن تمثل نفسها أولاً. من ناحية أخرى، لا أعتقد أيضًا بأنه يجب أن يكون خلاف بين بيلين وبيرتس. فهما يستطيعان الجلوس واللقاء مع بعضهما البعض من دون خلافات تذكر وأن يكونا شريكين.
* "المشهد الإسرائيلي": هل تقصدين في قائمة واحدة؟
- لا، أنا أقصد ائتلافًا.
* "المشهد الإسرائيلي": لماذا لا يذهب حزب العمل مع "ميرتس" خاصة وأن بيرتس قرّب "العمل" من "ميرتس"، كما يقول بعض المراقبين السياسيين؟
- أنا أرى ضرورة في الوحدة، حزب العمل هو بيتنا السياسي ولا أعتقد أنّ الوقت ملائم لتغييرات أساسية مثل الذي تتحدث عنها. علينا العمل على إنجاح حزب العمل أولاً. صحيح أننّا قريبون في مواقف وأنت محق ولكن من ناحية أخرى أنا لا أعرف ما هو موقف "ميرتس" من الكثير من القضايا الاجتماعية. على حزب "العمل" أن يكون كما هو. واليوم هذه انتخابات وعلينا أن نقرر اليوم أين سنكون.
* "المشهد الإسرائيلي": ألا يظهر من حديثك أنّ عمير بيرتس "مغامرة خطيرة" لحزب العمل كما قال وزير المالية السابق، أبراهام (بايغه) شوحط؟ وأنه لا يمثل الطبقات المسحوقة كما يقول البعض اليوم بل إنه ممثل لجان العمال المتينة اقتصاديًا؟
- عندما كان بيرتس رئيسًا للهستدروت عمل مع تنظيمات وأناس غير منظمين كانوا جميعهم من الضعفاء والطبقات المسحوقة. هذا تصنيف خاطئ.
* "المشهد الإسرائيلي": في حال انتخابه، هل ترينه رئيس حكومة يخلي المستوطنات من الضفة؟
- بالطبع، وسيقود عمير بيرتس هذه السياسة وسيكمل بها حتى آخر المشوار.