المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • على هامش المشهد
  • 1230

 

(ط) رجل أعمال من تل أبيب في الثلاثينات من عمره، خدم 12 عاما في الجيش الاحتياطي في المناطق الفلسطينية (المحتلة)، فقد تجند في شبابه لوحدة قتالية، ومع انتهاء فترة خدمته الإلزامية سافر في بعثة الى اوروبا من قبل الدولة دامت عدة سنوات. وكان يتنقل في عدة مناطق خلال خدمة الاحتياط، كان "ولدا مطيعا" لم يقل لا ولم يتذمر، وقبل عام حين عرضوا عليه ان ينتقل الى وحدة في الجبهة الداخلية مريحة أكثر، احتار بداية، ولكن في النهاية رفض، فلم يكن على استعداد للمباشرة في تخفيض جاهزيته القتالية، وان يحاول خداع الجهاز.

 

عاد (ط) قبل اسبوعين من خدمة احتياط دامت أسبوعين، وهذه المرّة كانت خدمته في الخليل، مدينة الآباء، وفي محيط المدينة. وللمرّة الأولى منذ خدمته العسكرية عاد (ط) الى بيته وهو مليء بالتفكير، فقد مر أسبوعان وليس باستطاعته بعد أن يحدث من حوله ما مرّ عليه هو وزملاؤه، بخصوص ممارسات المستوطنين تجاه الجيش (الاحتلال) وتجاه الفلسطينيين، تجاه الجميع. وقبل لحظة من تنفيذ خطة فك الارتباط، ولربما ليس بعيدا من خطة فك الارتباط الثانية، يصف (ط) في مونولوج شخصي الشرخ العميق في المجتمع، وايضا ما ينتظرنا، وعمليا ما يجري لنا الآن، أمام بصرنا، ونحن نرفض رؤيته.

 

"لقد تجولنا هناك، وشعرت ان الناس هناك (المستوطنين) لا يرون في دولة إسرائيل أو في سلطة القانون والقرارات الديمقراطية ككيان لهم، فمن ناحيتهم قائدهم الوحيد هو الله، شعرت فجأة ان هناك أناسا ليسوا جزءا من شعبي، انهم يتكلمون بلغة أخرى، لديهم ثقافة أخرى، تقودهم قوى روحانية، والواقع بالنسبة لهم غير مهم.

تتجول هناك وترى اشخاصا في عمرك، ولا يوجد أي شيء مشترك بينك وبينهم، في كثير من الأحيان كان لدي شعور التضامن على المستوى الشخصي مع المستوطنين، فهؤلاء عانوا لأنهم في منطقة متنازع عليها، ولكن في هذه المرّة في خدمة الاحتياط لم أشعر بهذا التضامن، يوجد هناك تطرف، يتصرفون في الميدان كرعاة البقر (كاوبوي)، فمن ناحيتي هم ليسوا مني، هم ليسوا شعبي، لا يمتكلون مواصفات شعبي حسب رؤيتي.

 

مثلا في يوم القدس (ذكرى احتلال القدس) كانت مسيرة دراجات من (مستوطنة) كريات أربع (قرب الخليل) الى القدس، ومن أجل أن تشارك 40 طفلة في هذه المسيرة جندوا لهن وحدتين من الجنود. أنت تقف في الصف كجندي احتياط، ولا تصدق ما تراه، تشعر بخوف شديد كالخوف من الموت، لأن الموقف لم يكن لطيفا. لقد اغلقنا شوارع وأوقفنا شاحنات الفلسطينيين، وأغلقنا ممرات وطرقات واحتجزنا الناس.

 

يعرف المستوطنون كيف يستغلون الجنود عن قصد، فيكفي أن يقرروا الخروج الى الشارع، ليتنفض الجيش كله من دون أي حساب، ويقوم الجيش باغلاق الشارع الفلسطيني، فتنظر الى ما يجري وتفهم أن شيئا ليس طبيعيا يجري هنا.

 

في تلك الخدمة كان الحديث بيننا مختلفا عن الأحاديث خلال خدمة الاحتياط الأخرى، نحن هنا نحرق الوقت من أجل حفنة من المتطرفين المهاويس. إن الشعور الأصعب الذي كان يتملكني هو أنني هناك لا أخدم الدولة، لقد خدمت وحدة قتالية 12 عاما، ولكن أمرا كهذا لم يحدث لي من قبل، لقد قررت في داخلي ان هذه هي المرّة الأخيرة لي في مثل هذه الأماكن".

 

(عن موقع "واينت" الألكتروني التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت")

المصطلحات المستخدمة:

كريات أربع, يديعوت أحرونوت

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات