حذر المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من أن استمرار مصادرة أراض وبيوت يملكها مواطنون فلسطينيون في الضفة الغربية وتسليمها إلى المستوطنين سيؤدي إلى وصول قضية الاستيطان إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وقالت صحيفة "هآرتس"، أمس الاثنين، إن فاينشتاين حذر نتنياهو من أنه في حال عدم تطبيق إسرائيل للقانون، وخصوصا فيما يتعلق بالسيطرة على عقارات بملكية فلسطينية خاصة، فإن إسرائيل ستتورط مع المحكمة الدولية، وفي محاكمة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وجاء تحذير فاينشتاين على خلفية اجتماعات عقدها نتنياهو، الأسبوع الماضي، للبحث في الالتفاف على قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن هدم خمسة مبان في مستوطنة "غفعات هأولبانا" قرب رام الله بسبب إقامتها على أراض بملكية فلسطينية خاصة. ويسعى اليمين الإسرائيلي إلى الالتفاف على قرار المحكمة العليا من خلال سن قانون يشرع البناء الاستيطاني على أراض بملكية فلسطينية خاصة. وقالت الصحيفة إن تحذير فاينشتاين كان السبب الذي جعل نتنياهو ووزير الدفاع، ايهود باراك، يقرران إخلاء المستوطنين من بيت استولوا عليه في مدينة الخليل، الشهر الماضي.
من جانبه اعتبر باراك في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي، أمس، أن الحل في مستوطنة "غفعات هأولبانا" يجب أن يكون "إما بأن تشتري الحكومة الأرض (لصالح المستوطنين) أو إخلاء السكان (أي المستوطنين)". وأضاف أنه يحظر طرح مشروع القانون الذي يهدف إلى الالتفاف على قرار المحكمة العليا من أجل تشريع المباني المقامة على أراض فلسطينية بملكية خاصة.
لكن صحيفة "معاريف" أفادت أمس بأن نتنياهو عقد صفقة مع أعضاء الكنيست من أحزاب اليمين والمستوطنين تقضي بأن يمنح نواب التحالف حرية تصويت في الكنيست على مشروع قانون يشرع البناء على أراض بملكية فلسطينية خاصة والالتفاف على قرار المحكمة العليا، ما يعني سن القانون بأغلبية كبيرة، وفي المقابل يعارض نتنياهو نفسه مشروع القانون. ويعتبر نتنياهو، حسب الصحيفة، أنه بذلك "سيخرج نظيفا" من الناحية العامة وأمام المجتمع الدولي بينما يحصل المستوطنون على مرادهم، وتبقى المباني في مستوطنة "غفعات هأولبانا" على حالها.
ويذكر أن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت قرارا يقضي بهدم المباني الخمسة في المستوطنة في موعد أقصاه الأول من تموز المقبل، بعد أن أثبت تحقيق أجرته الشرطة الإسرائيلية أن الأرض المقامة عليها المباني هي أرض يملكها مواطنون فلسطينيون من قرية دورا القرع وبحوزتهم وثائق ملكية.
كذلك تبين من تحقيق الشرطة أن الوثائق التي قدمها المستوطنون إلى المحكمة حول شراء الأرض هي وثائق "غير سليمة" وأن المستوطنين، عمليا، اشتروا الأرض من شخص لا يملكها. وكانت المحكمة العليا قد أصدرت قرارا بهدم المباني الخمسة قبل عام وتعهد نتنياهو شخصيا بتنفيذ أمر المحكمة بحلول الأول من أيار الحالي، لكنه تراجع عن تعهده هذا.
ووجه قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية انتقادات شديدة إلى الحكومة الإسرائيلية بسبب عدم انصياعها لقرارات المحكمة والامتناع عن تنفيذها، وذلك خلال نظر المحكمة، أمس الأول الأحد، في التماس ضد شق طريق إلى مستوطنة في أراض بملكية فلسطينية خاصة.
ونظرت المحكمة العليا في التماس قدمته المواطنة الفلسطينية شهرات أبو شريفة، من سكان قرية كفر الديك في محافظة سلفيت في الضفة الغربية، التي طالبت بوقف أعمال بناء في مستوطنة "عيلي زهاف" لأن الآليات المستخدمة في أعمال البناء هذه شقت طريقا في أرضها من دون إذنها.
ونقل الموقع الالكتروني لصحيفة "هآرتس" عن ممثل النيابة العامة قوله، خلال جلسة المحكمة، إنه في حال اتضح أن الحديث يدور على أرض بملكية خاصة فإنه سيتم وقف استخدام الطريق. لكن بعد أن اتضح أن الأرض بملكية أبو شريفة غيرت النيابة موقفها. وطلب ممثل النيابة العامة، المحامي أوري كيدار، السماح باستخدام الطريق التي تم شقها في أراضي أبو شريفة بادعاء عدم وجود بديل آخر، وأن من شأن ذلك أن "يلحق ضررا بالذين اشتروا الشقق" في المستوطنة.
وعلى أثر ذلك وجهت قاضية المحكمة العليا، مريم ناؤور، انتقادات إلى أداء الحكومة الإسرائيلية في الموضوع وقالت لكيدار إن "الدولة قلبت مواقفها هنا". من جانبه طالب ممثل النيابة العامة مهلة لمدة سنة على الأقل من أجل اقتراح بدائل للطريق. وتساءلت القاضية إستير حيّوت "لماذا يستغرق اتخاذ قرارات مهنية وقتا طويلا؟ لماذا لا يمكن تزويدنا بجدول زمني خلال فترة معقولة؟". وفي نهاية المداولات أصدر القضاة أمرا احترازيا بأن تعلل الدولة سبب عدم إيقاف استخدام الطريق، وفي الوقت نفسه أرجأوا إصدار قرار بشأن التماس أبو شريفة لمدة شهر.
وعقد نتنياهو اجتماعا، يوم الجمعة الماضي، تم تخصيصه للبحث في كيفية الامتناع عن تنفيذ قرار المحكمة العليا بشأن إخلاء وهدم المباني الخمسة في مستوطنة "غفعات هأولبانا" بحلول الأول من تموز المقبل، وسط دعوات من الوزراء وأعضاء كنيست من أحزاب اليمين لسن قانون غايته الالتفاف على قرارات المحكمة العليا.
وفي غضون ذلك تراجعت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون سن القوانين عن تأييد مشروع قانون يقضي بفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات في الضفة الغربية بعد تدخل نتنياهو وذلك تحسبا من رد الفعل الأميركي والأوروبي.
وذكرت تقارير إسرائيلية أنه خلال التصويت في اللجنة الوزارية على تأييد الحكومة لمشروع القانون، أمس الأول، تبين لرئيس اللجنة ووزير العدل، يعقوب نئمان، أن 9 من أصل 10 وزراء في اللجنة قد عبروا عن تأييد مشروع القانون الذي طرحته عضو الكنيست ميري ريغف من حزب الليكود.
وبعد أن أيقن نئمان أن اللجنة ستصادق على مشروع القانون بأغلبية كبيرة جدا أوقف اجتماع اللجنة الوزارية وحاول إقناع ريغف بإرجاء التصويت لكنها رفضت ذلك. وتوجه نئمان إلى نتنياهو وأطلعه على الوضع، وعندها وجه الأخير رسالة إلى جميع الوزراء تأمرهم بمعارضة مشروع القانون.
وكان تأييد اللجنة الوزارية للقانون سيؤدي إلى طرحه على الكنيست هذا الأسبوع وسنه، الأمر الذي كان سيتسبب بإحراج حزب كاديما، الذي انضم إلى الحكومة الأسبوع الماضي، وبدخول إسرائيل في مواجهة سياسية مباشرة مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لكون القانون يتنافى مع القانون الدولي وينسف كافة احتمالات التوصل إلى سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي أعقاب أوامر نتنياهو عارض 9 وزراء مشروع القانون، وأيده وزير واحد هو وزير السياحة، ستاس مسيجنيكوف، من حزب "إسرائيل بيتنا".
المصطلحات المستخدمة:
المستشار القانوني للحكومة, هآرتس, باراك, دورا, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو