قال تقرير جديد لمنظمة بتسيلم لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة إن الإدارة المدنية تخطط للقيام قريبا بطرد التجمعات البدوية التي تسكن في المنطقة ج (C).
ويصل تعداد السكان في هذه التجمعات إلى حوالي 27 ألف شخص. وفي المرحلة الأولى، التي من المفترض تنفيذها في شهر كانون الثاني 2012، تخطط الإدارة المدنية كي تنقل بالإكراه حوالي عشرين تجمعا بدويا، والتي يصل تعداد السكان فيها إلى حوالي 2300 شخص، إلى مكان قريب من مزبلة أبو ديس، إلى الشرق من القدس. وتسكن هذه التجمعات اليوم في منطقة مستوطنة "معاليه أدوميم" والمستوطنات المجاورة لها فيما يسكن نصف سكان هذه التجمعات في المناطق التي عرفتها إسرائيل بأنها منطقة إي 1 التي تخصصها للتوسيع المستقبلي لمستوطنة "معاليه أدوميم". وفي المرحلة الثانية، تُخطط الإدارة المدنية لطرد تجمعات أخرى من منطقة غور الأردن. ومن بين ذلك، يتم فحص إمكانية إقامة بلدة ثابتة لهذه التجمعات بالقرب من موقع النبي موسى، إلى الغرب من أريحا. الجداول الزمنية الخاصة بالإدارة المدنية لتطبيق هذه الخطط تتراوح ما بين 3- 6 أعوام.
ووفقًا للبيان فإن الإدارة المدنية أبلغت مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) خطتها الخاصة "بالتموضع من جديد" بخصوص التجمعات البدوية. والمُبرر الأساس الذي وفرته الإدارة المدنية لخططها هو الادعاء بأن التجمعات البدوية تفتقر إلى الحقوق على الأراضي التي تسكن فيها وأن كل بناء في المناطق السكنية الخاصة بهم يتم بدون تراخيص. ولم تقم الإدارة المدنية بمشاطرة ممثلي التجمعات البدوية خططها وتجاهلت المس المتوقع بنمط حياتها. وقد أبلغت غالبية التجمعات البدوية وكالات الأمم المتحدة أنها ستعارض تطبيق الخطة.
وحوالي 80 بالمئة من أفراد التجمعات البدوية التي تقطن في المنطقة التي حددتها الدولة بأنها "كتلة أدوميم"، المتوقع طردهم خلال الأشهر القريبة، هم من لاجئي 1948 الذين كانوا يسكنون في الماضي في النقب، وتبلغ نسبة القاصرين بينهم حوالي الثلثين. وتعيش جميع التجمعات منذ عشرات السنين في بلدات غير معترف بها وقد صدرت من قبل أوامر هدم ضد معظم المباني في هذه التجمعات- أكشاك من الصفيح، الخيام ومدرسة في تجمع خان الأحمر. وفي تجمعين- وادي أبو هندي الذي يعيش فيه 350 شخص والمنطار الذي يعيش فيه 300 شخص- صدرت من قبل أوامر هدم ضد جميع المباني فيهما. ولا يرتبط أي تجمع من بين هذه التجمعات بشبكة الكهرباء ونصفها فقط مرتبط بشبكة المياه. ولا تحصل التجمعات على خدمات حيوية مثل الصحة والتعليم. ويعيش السكان وفق نمط حياة تقليدي يعتمد على تربية الماشية، غير أن وصولهم إلى المراعي والأسواق محدود. وطِبقاً لمعطيات مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة فإن معظم سكان هذه التجمعات يعاني من عدم الأمن الغذائي.
وتنوي الإدارة المدنية نقل هذه التجمعات إلى موقع قريب من مزبلة أبو ديس، وهو الموقع الأساس للتخلص من النفايات في القدس. وقد نقلت إلى هذه المنطقة في مستهل تسعينيات القرن الفائت قبيلة الجهالين لتمكين توسيع مستوطنة "معاليه أدوميم". وتشكل المزبلة خطرا صحيا على الساكنين في المحيط. وقد حذرت وزارة حماية البيئة من أن الموقع هو "بؤرة لتلويث البيئة وأخطار ناتجة عن الحرائق والتفجيرات" نظرا لعدم توفر منظومة لسحب الغازات المتكونة في الموقع نتيجة تفكيك النفايات. ومن المتوقع أن يتوقف دفن النفايات في هذا الموقع في منتصف العام 2012. ولغاية اليوم لم يتم المصادقة على خطة مقبولة على بلدية القدس وبلدية "معاليه أدوميم" والإدارة المدنية.
وتسكن التجمعات البدوية اليوم في مناطق ذات أهمية إستراتيجية لاستمرار توسيع مشروع المستوطنات في الضفة الغربية. نصف التجمعات البدوية تقطن على امتداد شارع رقم 1، الذي يربط بين القدس وبين منطقة غور الأردن وشمالي البحر الميت، وعلى مقربة من مستوطنة "كيدار". أما النصف الآخر من التجمعات البدوية المقرر طردها فإنها تقطن اليوم داخل منطقة إي 1 وعلى أطرافها. وتقع هذه المنطقة شمال غرب المنطقة المبنية في مستوطنة "معاليه أدوميم". وقد أعدت إسرائيل مشاريع في هذه المنطقة تنطوي على بناء 3910 شقة، ومركز أعمال، ومواقع تجارية مشتركة للقدس و"معاليه أدوميم". كما أقامت إسرائيل المقر القيادي لـ "شرطة شاي" في هذه المنطقة وشقت شوارع واسعة تؤدي إلى محطة الشرطة المعزولة، لكنها مُخصصة أيضا لخدمة الأحياء المستقبلية التي من المُقرر إقامتها في المنطقة.
ولم يتم لغاية الآن تطبيق هذه الخطط، ومن بين ذلك بحكم معارضة الإدارة الأميركية، وذلك لأن تطبيق خطط البناء في المنطقة إي 1 سيوجد تواصلا بلديا بين مستوطنة "معاليه أدوميم" وبين القدس، وسيعزز من فصل شرقي القدس عن باقي مناطق الضفة الغربية ويقطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وبين جنوبها، ويجعلهما منطقتين منفصلتين.
وأكد التقرير أن خطط الإدارة المدنية لطرد البدو تُعتبر انتهاكا فظا للقانون الدولي الذي يحظر النقل بالإكراه للسكان المحميين إلا إذا تم النقل من أجل أمنهم أو لحاجة عسكرية حيوية، وحتى في هذه الحالات بصورة مؤقتة. بالإضافة إلى ذلك، يقع على عاتق إسرائيل كقوة محتلة واجب العمل لصالح منفعة ورفاهية سكان المنطقة المحتلة. وشدّد على أن خطة إكراه بعضهم على السكن بالقرب من مزبلة وحقيقة كون الطرد يهدف، من بين ما يهدف له، إلى توسيع مستوطنة معاليه أدوميم ومن خلال ذلك تقطيع أوصال الضفة الغربية، هما انتهاك لهذا الواجب.