المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

قررت رئيسة حزب كديما المكلفة بتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، تسيبي ليفني، وقف المفاوضات الائتلافية لتشكيل حكومة، وستبلغ الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، خلال اجتماعهما، اليوم الأحد – 26.10.2008، بأنها فشلت في هذه المهمة. ويعني قرار ليفني، الذي اتخذته في ختام مشاورات أجرتها أمس، أن إسرائيل تتجه نحو انتخابات عامة ستجري بعد ثلاثة شهور تقريبا، إما في 27 كانون الثاني أو 17 شباط.

وأوضحت ليفني في حديث لصحيفة يديعوت أحرونوت، أن قرارها وقف المفاوضات الائتلافية نابع من أنه "ثمة حدود للابتزاز"، في إشارة واضحة إلى المطالب التي طرحها حزب شاس. وكان شاس أعلن، يوم الجمعة الماضي، رسميا، أنه لن ينضم لحكومة قد تشكلها ليفني. وقالت ليفني إن "مصلحة الدولة على رأس سلم أولوياتي، وعندما تعيّن عليّ اتخاذ قرار بين استمرار الابتزاز وتقديم موعد الانتخابات، فضّلت الانتخابات". وبحسب ليفني فإن مطالب شاس، فيما يتعلق بحجم زيادة مخصصات الأولاد وعدم إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين حول مستقبل القدس الشرقية، "تجاوزت كل الحدود" وأنه "ليس منطقيا الحضور إلى المفاوضات والقول مسبقا أنه لا يمكننا الحديث حول موضوع معين. لا يمكنني قول جملة حول القدس، ستبقى مجرد سطرا في اتفاق ائتلافي، إذ توجد دولة وينبغي العمل بمسؤولية". وقالت حول مطلب زيادة مخصصات الأولاد إنه "لم تكن لدي مشكلة في إعطاء الشرائح الضعيفة، لكن عندما وصل الأمر إلى حد مطالب مستحيلة فإني لم أعد مستعدة لذلك".

كذلك قالت ليفني لصحيفة معاريف "لقد أردت تشكيل حكومة وبذلت جهدا، لكن الأمور وصلت إلى أماكن جنونية. وأنا لن استسلم للابتزاز. فعندما يحاولون ابتزازي على خلفية سياسية أيضا، فإنه توجد نقطة ينبغي الحسم فيها، وهذا هو القرار الصحيح". وشددت "لن أتعهد بشيء سوف يشعل الشرق الأوسط ولن أخرق الموازنة العامة في فترة أزمة اقتصادية".

وأفادت معاريف بأن استطلاعات رأي أجراها حزب كديما، ولم تنشر، تدل على احتمالات تفوقها على رؤساء أحزاب أخرى وخصوصا رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو. وقالت ليفني "لست خائفة من مواجهة ضد بيبي (أي نتنياهو)". وأضافت أن "الطريقة التي أعمل من خلالها مهمة بالنسبة لي وأعتقد أن هذا ما يميزني عن بيبي".

وبعد إعلان شاس، الجمعة، رفضه الانضمام إلى حكومة برئاسة ليفني حاول طاقم المفاوضات عن كديما إجراء مفاوضات ائتلافية مع حزب المتقاعدين وحزب "ديغل هتوراة"، الذي يشكل جزءا من كتلة "يهدوت هتوراة" التي تمثل المتدينين اليهود المتشددين بهدف تشكيل حكومة ضيقة تتمتع بتأييد 63 عضو كنيست. وسلم رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، تساحي هنغبي، المقرب من ليفني، اقتراحا إلى "ديغل هتوراة" يشمل زيادة مخصصات الأولاد وتمويلا للمعاهد الدينية التابعة له. لكن الحزب الديني رفض الاقتراح خصوصا وأن انضمامه لحكومة ليفني سيؤدي إلى انقسام كتلة "يهدوت هتوراة". وعندها تيقنت ليفني أنه ليس في مقدورها تشكيل حكومة تتمتع بأغلبية في الكنيست. وفي موازاة ذلك حثها مستشاروها، خلال مشاورات شارك فيها وزير المواصلات وخصمها داخل كديما، شاؤل موفاز، على الذهاب لانتخاب مبكرة.

وفي أعقاب ذلك قال هنغبي إنه "لم يكن بالإمكان الموافقة على مطالب مُبالغ فيها (من جانب شاس خصوصا) وبمَبالغ طائلة كانت ستشكل خطرا على اقتصاد الدولة وكل ذلك بسبب نزوات حزبية". وأضاف أنه "لم يكن بالإمكان الموافقة على مطالب ستؤدي إلى شل المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين وسورية وكانت ستؤدي إلى عزل دولة إسرائيل في العالم كله على خلفية مطالب ائتلافية".

وفي أعقاب إعلان شاس رفضها الانضمام للحكومة تعرضت ليفني لانتقادات من داخل كديما، بينها إعطاء مكانة عليا في الائتلاف لحزب العمل ورئيسه، ايهود باراك، وعدم تعيين شخصية سياسية من كديما في طاقم المفاوضات عن الحزب. وأشار محللون للشؤون الحزبية إلى أن أحد الأخطاء الكبرى التي ارتكبتها ليفني في المفاوضات الائتلافية مع شاس كان عدم إرسالها مبعوثا شخصيا من قبلها إلى الزعيم الروحي لشاس، الحاخام عوفاديا يوسف، مثلما فعل جميع رؤساء الحكومات الإسرائيلية في السنوات الماضية.

ويقدر المحللون الإسرائيليون أن الرابح الأكبر من قرار ليفني بوقف المفاوضات الائتلافية والتوجه لانتخابات مبكرة هو نتنياهو، الذي تُظهر استطلاعات الرأي أنه يتمتع بشعبية كبيرة وأن معسكر أحزاب اليمين سيكون الأقوى في الانتخابات العامة المقبلة. وفور إعلان ليفني قرارها، أمس، بدأ قياديون في الليكود بمهاجمتها. وقال رئيس كتلة الليكود في الكنيست، غدعون ساعر، إن "الحقيقة هي أنه من الصعب الفشل في مفاوضات ائتلافية كهذه، لكن يتضح أن ليفني نجحت في أن تفشل". وأضاف ساعر أنه "إذا كانت ليفني غير قادرة على إجراء وإنهاء مفاوضات لتشكيل ائتلاف بشروط أولية كهذه، فكيف ستكون قادرة على إجراء مفاوضات معقدة ومصيرية بالنسبة لمستقبل الدولة مع الفلسطينيين وسورية".

وفي هذه الأثناء يعود رئيس الحكومة المستقيل، ايهود أولمرت، إلى صدارة الواجهة السياسية في إسرائيل، وسيبقى رئيس حكومة تصريف أعمال حتى تشكيل حكومة جديدة بعد أربعة شهور وربما أكثر قليلا. وسيواصل أولمرت خلال هذه الفترة محاولاته لتحقيق انجاز سياسي، مثل "اتفاق رف" مع الفلسطينيين أو اتفاق مبدئي مع سورية، قبل خروجه من الحلبة السياسية ليواجه محاكمة جنائية ستتبع التحقيقات في شبهات حول تورطه بأعمال فساد.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات