"المشهد الإسرائيلي" - خاص
دان رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، لدى افتتاحه اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، اليوم الأحد – 14.9.2008، اعتداءات المستوطنين على مواطنين فلسطينيين، أمس السبت، وتوعد المستوطنين بالعقاب. وقال أولمرت إنه "في دولة إسرائيل لن نسمح بتنفيذ اعتداءات ضد سكان غير يهود" وأن "ظاهرة أخذ زمام القانون وأعمال الشغب العنيفة والوحشية هي ظاهرة لا يمكن تحملها وسيتم معالجتها من قبل الجهات القانونية".
وكان عشرات المستوطنين من مستوطنة "يتسهار"، القريبة من مدينة نابلس، قد شنوا أمس هجمات ضد المواطنين الفلسطينيين في بلدة عصيرة القبلية وتخلل هذه الهجمات إطلاق النار وتدمير أملاك المواطنين الفلسطينيين، وذلك بدعوى أن فلسطينيا طعن فتى من المستوطنة. وأصيب في هجمات المستوطنين ثمانية فلسطينيين على الأقل بجروح متوسطة. ووصف أولمرت طعن الفتى بأنه "محاولة لتنفيذ اعتداء". وقال إنه "في شمال السامرة (في الضفة الغربية) وقع اعتداء في مستوطنة يتسهار وأصيب فتى صغير وهذا أمر خطير وقاس وقوات الأمن تعالج هذا الأمر وسيصلون إلى الضالعين في هذا الاعتداء وسيفعلون ما ينبغي القيام به مثلما يفعلون كل يوم".
وأضاف أولمرت أنه "سوية مع ذلك كان هناك رد فعل وهجوم من جانب المستوطنين من يتسهار على سكان فلسطينيين واستخدام السلاح خلال ذلك، ولا يوجد أي سبب أو معلومات تفيد بأن هؤلاء السكان مرتبطين أو ضالعين بالحدث. وظاهرة أخذ زمام القانون وأعمال الشغب العنيفة والوحشية هي ظاهرة لا يمكن تحملها وسيتم معالجتها من قبل الجهات القانونية". وقال أولمرت إنه "لدينا جهات تطبق القانون وهناك جيش وأجهزة أمنية ولن نسمح بعنف كهذا وباعتداءات وحشية ضد السكان"، معتبرا "أن العنف ليس موجها ضد من يشتبه بممارسة الإرهاب وإنما ضد ضباط الجيش الإسرائيلي وجنوده. وانظروا إلى قائد السرية الذي أصيب بجروح بيده (جراء اعتداء مستوطنين عليه). وأنا أدعو الجهات المكلفة بتطبيق القانون إلى العمل ووقف هذه الظاهرة الخطيرة".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، خلال اجتماع وزراء حزب العمل الذي سبق اجتماع الحكومة، إن "جهاز الأمن سيعمل بحزم من أجل ضبط سلطة القانون والنظام العام في الضفة الغربية، لكن كل هذا يتطلب تعاونا من جانب الشرطة والجهات القضائية".
وأفادت صحيفة هآرتس اليوم بأن مصادر أمنية رفيعة المستوى أعربت، أمس، عن قلقها من تصاعد حدة عنف المستوطنين في الآونة الأخيرة ضد قوات الجيش الإسرائيلي والمواطنين الفلسطينيين. وشددت المصادر الأمنية على أن المحاكم الإسرائيلية تمنع فرض عقوبات فعالة وتبدي تعاملا متسامحا تجاه مخالفي القانون من اليمين. وكان مستوطنون قد اعتدوا، يوم الأربعاء الماضي، بالضرب على نائب قائد كتيبة في الجيش الإسرائيلي قرب البؤرة الاستيطانية العشوائية "يد يائير".
وذكرت المصادر الأمنية أنه طرأ تحسنا معينا على عملية تقديم الجنود شكاوى ضد عنف المستوطنين لكن المحاكم ما زالت نقطة الضعف كونها تتعامل بتسامح مع المستوطنين الذين وصفته هآرتس بأنهم "مخالفو القانون على خلفية أيديولوجية". وأشارت المصادر ذاتها إلى أن نسبة تبرئة المستوطنين الضالعين في أعمال العنف مرتفعة نسبيا ويعود ذلك في أحيان كثيرة إلى أن تحقيقات الشرطة لا تزود إفادات كاملة من جانب الفلسطينيين الذي يتعرضون لاعتداءات المستوطنين. إضافة إلى ذلك فإن الانطباع لدى المصادر الأمنية هو أن عدد كبير من القضاة يميلون إلى إبداء معاملة متسامحة تجاه المستوطنين سواء كان ذلك في ما يتعلق بالإدانة أو بفرض العقوبات.
ولفت المراسل العسكري لهآرتس، عاموس هارئيل، في مقال تحليل إلى أن "الجيش الإسرائيلي برز بضعفه" حيال عنف المستوطنين ضد قوات الجيش وخصوصا قوات الاحتياط وضد الفلسطينيين. وكتب هارئيل أن "جنود الاحتياط في يد يائير والجنود النظاميين في يتسهار عملوا وكأنهم حاضرون – غائبون ولم ينجحوا في وقف أعمال الشغب والاعتداءات التي نفذها المستوطنون واكتفوا بمشاهدة الأفعال وهم عاجزون". وأضاف أنه منذ محاولة إخلاء البؤرة الاستيطانية العشوائية "عامونا" في العام 2006، والتي وقعت خلالها مواجهات بين قوات الأمن الإسرائيلية وآلاف المستوطنين الذين احتشدوا في البؤرة الاستيطانية، غيّر الجيش توجهه وأصبح يفضل إرسال قوات شرطة وحرس الحدود لمواجهة أعمال الشغب التي ينفذها المستوطنون.
وتابع الكاتب أن الشرطة ليست متفرغة لتنفيذ مهام كهذه وعندما تصل قوة الجيش الإسرائيلي إلى موقع الأحداث فإن "الرسالة التي تنزل على الضباط من أعلى مفادها أنه من الأفضل عدم التورط مع اليهود، سواء كان هؤلاء من متعصبي اليمين في يتسهار أو الفوضويين (ضد الجدار) في نعالين". وقال هارئيل أن "النتيجة هي أن المستوطنين يقومون بأعمال شغب دون أن يعيقهم أحد". ولفت إلى أن عنف المستوطنين يتصاعد مع تقدم خطوات في إطار العملية السياسية مثل الحديث عن مشروع قانون إخلاء وتعويض مستوطنين.