"المشهد الإسرائيلي" - خاص
تحول الخلاف حول الموازنة العامة إلى أزمة داخل التحالف الحكومي الإسرائيلي، في أعقاب معارضة حزب العمل للموازنة التي طرحها وزير المالية، روني بار أون. وهدد رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، بإقالة رئيس حزب العمل ووزير الدفاع، ايهود باراك، في حال عارض العمل موازنة العام 2009. ومن جانبه دعا باراك إلى تشكيل حكومة طوارئ بمشاركة حزب الليكود، ملوحا ب"الخطر الإيراني".
ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الثلاثاء – 19.8.2008، عن مصادر مقربة من أولمرت قولها إنه "ينبغي تمرير الموازنة من دون أي علاقة بالصراعات السياسية الحزبية. وباراك يعارض الموازنة لاعتبارات سياسية وإذا لم يكن هناك خيارا فإن رئيس الحكومة سيدرس احتمال إقالته. والأمر مرتبط بباراك الآن". وكانت كتلة حزب العمل في الكنيست قررت، أمس، عدم تأييد الموازنة خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية المقبل، يوم الأحد المقبل. ورأى سكرتير العمل، عضو الكنيست ايتان كابل، أن "التداول في الموازنة سيحسم ما إذا كان سيتم تشكيل حكومة بديلة أم أننا سنتوجه إلى انتخابات". ويعارض حزبا شاس والمتقاعدين ووزير المواصلات، والمرشح لرئاسة حزب كديما، شاؤل موفاز، الموازنة ويعتزمون التصويت ضدها خلال اجتماع الحكومة.
وكشفت القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي، مساء أمس، عن أن أولمرت يدرس احتمال إقالة باراك على خلفية الاحتكاكات السياسية داخل الحكومة، والتي يعتقد أن باراك هو المسبب الرئيسي لها، ولأنه يعتبر أن باراك منشغل في قضايا سياسية حزبية بدلا من الانشغال بالقضايا الأمنية. ورغم أن مكتب رئيس الحكومة نفى وجود نية لدى أولمرت لإقالة باراك إلا أن مقربين من أولمرت شددوا على أنه بسبب الصعوبات التي يضعها باراك والعمل أمام إقرار الموازنة فإن التهديد بإقالته ما زال ماثلا.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حال إقالة باراك وانسحاب حزب العمل من الحكومة فإنها ستصبح آيلة للسقوط في كل تصويت على حجب الثقة عن الحكومة في الكنيست. وقال قياديون في العمل إن إقالة باراك هي "وصفة آمنة لتقصير ولاية أولمرت كرئيس للحكومة وولاية كديمة كحزب حاكم". ووصفوا التهديد بإقالة باراك بأنه "هراء لأن إقالة باراك تعني انسحاب العمل من التحالف الحكومي". ويعارض باراك الموازنة العامة بسبب إجراء تقليص في ميزانية الأمن خصوصا. وقال باراك خلال اجتماع كتلة العمل، أمس، إنه "خسارة جدا أن البحث في الحكومة، الذي يفترض أن يتطرق إلى لب المسألة الأمنية في سياق الموازنة، تحول إلى نقاش حول حرب لبنان الثانية ونتائجها لخدمة مصالح كديما الحزبية". وأشار باراك إلى أنه "ليس صائبا وضع المعضلة في الموازنة بين الأمن والرفاه".
وأصبحت العلاقات بين أولمرت وباراك متوترة جدا في الآونة الأخيرة، على خلفية تهجمات شديدة من جانب باراك ضد كديما، الذي وصفه بأنه "مخيم لاجئين". وقال مقربون من أولمرت إنه "لم يكن بإمكان رئيس الحكومة أن يسكت. إذ أن هذا حدّ بالوقاحة، أن تأتي وتملي على حزب بأكمله، وتقزيم الجميع".
من جهة أخرى دعا باراك في حديث لصحيفة يديعوت أحرونوت إلى ضم رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، لحكومة طوارئ من أجل التوحد حول قضية البرنامج النووي الإيراني. وقال باراك إن "مجمل التحديات الماثلة أمام دولة إسرائيل، وبينها التهديدات من جانب إيران، والتي تم تأكيدها أمس الأول من خلال إطلاق قمر اصطناعي، تحتم علينا تشكيل حكومة طوارئ وطنية واسعة. فإيران تقترب على ما يبدو من مقدمة التكنولوجيا".
وأضاف باراك أن "الموضوع السوري وتسلح حزب الله وحماس والمفاوضات مع الفلسطينيين وتسونامي التباطؤ الاقتصادي والفقدان العميق لثقة الجمهور بالمؤسسة السياسية في إسرائيل، التحديات الماثلة أمامنا والفرص السانحة أيضا، تلزمنا بتشكيل حكومة طوارئ وطنية. إسرائيل قوية جدا لكن السير بين جميع هذه التحديات تحتم تكاتفا واسعا. هذا ما هو جيد وصائب بالنسبة للدولة، وكل ما تبقى هو كلام في كلام وسياسة حزبية ضيقة".
ونقلت يديعوت أحرونوت عن مصادر في حزب العمل قولها إن دعوة باراك لتشكيل حكومة طوارئ ناجم عن وضعه السياسي الصعب وتدني شعبيته في استطلاعات الرأي. وقال عضو كنيست من العمل إن "الشيء الأخير الذي يريده باراك هو الانتخابات. وهو سيفضل كل حكومة شريطة عدم الذهاب إلى انتخابات".
من جانبه، يعارض نتنياهو تشكيل حكومة طوارئ أو وحدة وشدد على أنه لا يعتزم الانضمام إلى حكومة برئاسة كديما أو العمل. وقال نتنياهو إنه "بالإمكان التحدث عن حكومة وحدة فقط بعد الانتخابات، ونحن لن نكون شركاء في أية مناورات سياسية".
المصطلحات المستخدمة:
يديعوت أحرونوت, هآرتس, باراك, كديما, الليكود, الكنيست, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو