"المشهد الإسرائيلي" - خاص
أكد الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، على أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو العقبة الأساسية أمام التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال ساركوزي في مقابلة أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت ونشرتها اليوم، الجمعة – 20.6.2008، إن "عليكم تجميد البناء في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، كونه العقبة الأساسية للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين". وأضاف الرئيس الفرنسي، الذي سيبدأ زيارة رسمية لإسرائيل في مطلع الأسبوع المقبل، أن "الخطوات التي نفذتموها لتسهيل حركة البضائع والأفراد في الضفة الغربية إيجابية، لكن هذا ليس كافيا".
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن المقابلة مع ساركوزي لم تكن مباشرة وإنما أرسل المراسل السياسي للصحيفة، شمعون شيفر، أسئلة خطية تم الرد عليها خطيا. ورجح شيفر أن تكون أجوبة الرئيس الفرنسي مدروسة من جانب مستشاريه المسؤولين عن السياسة الخارجية لفرنسا بهدف إعطاء أجوبة لا تغضب الجانب العربي مثلما حدث في الماضي. وفي هذا السياق امتنع ساركوزي عن تكرار تصريح أطلقه في تشرين الأول الماضي حيث اعتبر أن "قيام دولة إسرائيل هو الحدث الأهم في القرن العشرين". كذلك رفض ساركوزي الرد على أسئلة شخصية، مثل سؤال حول أصوله العائلية وحول جده اليهودي الذي اعتنق المسيحية ومدى تأثير هذا الأمر على كل ما يتعلق بعلاقته مع إسرائيل.
رغم ذلك تحدث ساركوزي عن تحسن العلاقات الفرنسية- الإسرائيلية وقال إن "العلاقات بين فرنسا وإسرائيل حققت في الأشهر الأخيرة ازدهارا متجددا وحقيقيا. وقد صرحت دائما حول صداقتي ومودتي لإسرائيل، وكرئيس فإني أولي اهتماما بالغا لتوثيق العلاقات بين الدولتين في جميع المجالات". وأضاف ساركوزي أنه "حتى لو كانت هناك خلافات أو سوء تفاهم فإن الحقيقة هي أنه منذ قيام دولة إسرائيل أسهمت فرنسا في تقويتها وضمان وجودها، بما في ذلك المشاركة في بناء قوتها الدفاعية" في إشارة إلى تزويد فرنسا لإسرائيل بمفاعل نووي في مطلع سنوات الستين من القرن الماضي. وشدد ساركوزي على أن "وجود إسرائيل هو موضوع غير قابل للنقاش وأمنها ليس خاضعا لمفاوضات".
وعلى صعيد العملية السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل أكد ساركوزي على أن "الجميع يعلم أن أي حل دائم منوط بإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية. وتشجع فرنسا الجانبين على الاستمرار، بإصرار، في المفاوضات والتقدم إلى الأمام باتجاه اتفاق دائم قبل حلول نهاية العام 2008". ورأى ساركوزي "بالطبع، الأمن هو مفتاح كل شيء. لا يمكن قبول إطلاق القذائف الصاروخية على سكان مدنيين في إسرائيل، ولإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها أمام الإرهاب. لكن عندما تفعل ذلك عليها أن تحرص على استخدام نسبي لقوتها". وأضاف أن "حماس تعرف أنه لن يكون أي حوار معها من دون أن تلبي شروط الرباعية الدولية، وهي الاعتراف بإسرائيل ووقف العنف واحترام الاتفاقات السابقة. وهي تعرف أيضا أنها إذا ما أرادت تطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي، سيتعين عليها التوقف حالا عن إطلاق النار وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الفرنسي غلعاد شاليت. وتحرير شاليت موجود في أفضلية عليا ولن يتم تحقيقه من دون مساعدة وساطة. وهذه المحادثات حساسة بطبيعتها، والأمر الأساسي هو عدم العمل بصورة تشكل خطرا على حياة الجندي المخطوف الذي هو مواطن فرنسي أيضا".
وفيما يتعلق بعلاقات فرنسا مع سورية، التي شهدت هذا الأسبوع انفراجا طفيفا بعد قطيعة دامت شهورا طويلة على خلفية سياسة سورية تجاه لبنان، قال ساركوزي إن "فرنسا ليست صارمة أقل من الماضي تجاه سورية. وكل ما فعلناه (هذا الأسبوع، بإيفاد مستشارين إلى دمشق) كان رد فعل على مبادرة نية حسنة عينية قامت بها سورية وسمحت بتحقيق تقدم حاسم في الموضوع اللبناني. لا أحمل فكرة مسبقة عن الرئيس (السوري بشار) الأسد. وحدث تطور يتمثل بانتخاب الرئيس (اللبناني ميشيل) سليمان. ولذلك فإني هاتفته (أي الأسد) للتعبير عن رضاي ودعوته للاستمرار في هذا الاتجاه".
وتابع ساركوزي "قلت له أيضا إن المحادثات مع إسرائيل تتقدم في الطريق الصحيحة وتحظى بدعم فرنسا الكامل. كذلك دعوته للمشاركة في قمة اتحاد دول البحر المتوسط الذي سينعقد في 13 تموز وأوضحت له أنه تمت دعوة جميع دول وحكومات دول البحر المتوسط بما فيها إسرائيل. وأنا أتوقع من الأسد ما يتوقعه المجتمع الدولي منه اليوم وهو أن يستمر في الطريق الجديدة التي يخيل أنه اختارها مؤخرا ويثبت أنه يريد تحويل سورية إلى مركز استقرار وسلام في المنطقة".
وفي رده على سؤال حول البرنامج النووي الإيراني شدد ساركوزي على أنه "سنفعل كل شيء من أجل منع إيران من حيازة سلاح نووي. ومن يدعو لتدمير إسرائيل سيجد أمامه فرنسا لتسد عليه الطريق". وأضاف أنه "بالنسبة لفرنسا فإن الأمور واضحة. تسلح إيران بسلاح نووي ليس مقبولا، ونحن مصرون على منعها من ذلك. والأسلوب لتحقيق ذلك هو السعي لحل من خلال التفاوض وفق توجه يدمج الحوار والصرامة... وطالما أن إيران لا توافق على وقف أنشطتها الحساسة (تخصيب اليورانيوم) فإنه لن يكون أمامنا خيار سوى تصعيد الضغط الممارس عليها. وينبغي على إيران اليوم أن تتوصل إلى خيار إستراتيجي بين التعاون، وهذه الطريق الوحيدة التي ستفتح أمامها الطريق نحو الاستقرار والازدهار، وبين عزلة متصاعدة. والقرار بيدها".