"المشهد الإسرائيلي" - خاص
تفاخر رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، بقصف الطيران الحربي الإسرائيلي للمنشأة السورية في منطقة دير الزور في أيلول الماضي، فيما أشارت تقديرات إسرائيلية إلى أنه سيكون مستعدا للقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، إذا طلب الأخير ذلك.
وقالت صحيفة معاريف، اليوم الأحد – 27.4.2008، إنه وفقا للتقديرات سيوافق أولمرت على المشاركة في مؤتمر قمة تاريخي مع الأسد، وذلك في حال طلب الرئيس السوري ذلك من رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، الوسيط في الاتصالات الجارية بين أولمرت والأسد والذي بدأ أمس، السبت، زيارة إلى سورية.
وكررت معاريف أنباء ترددت مؤخرا حول رسالة من أولمرت يحملها أردوغان وتشمل "خطوطا عامة" يوافق من خلالها على إعادة تحريك عملية سلام بين إسرائيل وسورية. وبحسب المسؤولين السوريين، وعلى رأسهم الأسد، فإن أولمرت أعرب عن استعداده للانسحاب من هضبة الجولان وذلك في رسائل مررها للقيادة السورية عبر أردوغان. لكن أولمرت والمسؤولين في مكتبه يرفضون التعقيب على ذلك. ونقلت معاريف عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين تكرارهم أن أردوغان يتوسط منذ سنة في الاتصالات الجارية بين إسرائيل وسورية.
واكتفى هؤلاء المسؤولون الإسرائيليون بالقول، أمس، إنه "في المقابلات الصحافية التي منحها أولمرت عشية عيد الفصح اليهودي (في نهاية الأسبوع قبل الماضي) تطرق للموضوع وقال إن توقعاته من الأسد وتوقعات الأسد منه معروفة للجانبين". وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع إن "على الأسد أن يفهم أنه من دون الانفصال عن محور الشر وإرهاب إيران، ولو كان ذلك من خلال إعلان نوايا، لن تكون هناك جدوى من استئناف المحادثات". وأضاف أنه "رغم ذلك، في حال نجح أردوغان بإقناع الأسد أن يطلب لقاء مع رئيس الحكومة فإنه، وفقا للتقديرات، سيستجيب أولمرت لطلب كهذا".
من جهة أخرى، تفاخر أولمرت بقصف المنشأة السورية في السادس من أيلول الماضي، وذلك خلال مشاركته في احتفال أقامه حزب كديما في مدينة أوفاكيم بجنوب إسرائيل، بمناسبة عيد الميمونة الذي يحتفل به اليهود الشرقيون. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن أولمرت قوله إنه "يبدو لي أنه في هذا اليوم يمكن القول بثقة، وليس باستعلاء لا سمح الله، إنه توجد لشعب إسرائيل حكومة تعرف كيف تدافع عنه، وأن له قيادة تعرف كيف تهتم بأمنه ومستقبله، وربما نحن نعرف اليوم ذلك بصورة أكبر قليلا مما يعرفه الجمهور الواسع".
وأجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن أولمرت كان يشير بأقواله هذه إلى قصف المنشأة السورية، التي ادعت إسرائيل أنها مفاعل نووي دمرته الغارة الإسرائيلية.
وتابع أولمرت أنه "توجد تهديدات من الخارج علينا (في إشارة إلى إيران)، وعلينا مواجهتها بالثقة ذاتها، ببرودة أعصاب وتحكيم الرأي مثلما فعلنا على مدار الأشهر الطويلة الماضية. سوف نعرف كيف نواجه جميع التهديدات ونتغلب عليها ونضمن أن يبقى شعب إسرائيل في أرضه من دون أي خوف وبأمن في كل ركن وفي كل منطقة في البلاد".
ولفتت معاريف في هذا السياق إلى أنه "يبدو أن وعد أولمرت بالاهتمام بأمن مواطني إسرائيل"، أي قصف المنشأة السورية، "يتم أيضا من دون طلب مصادقة الإدارة الأميركية". وأشارت الصحيفة إلى أنه تبين في نهاية الأسبوع الماضي أن الإدارة الأميركية حاولت ممارسة ضغوط على إسرائيل لكي لا تهاجم المنشأة السورية وإنما استخدام المعلومات التي جمعتها حول المنشأة، وادعت أنها منشأة نووية، لممارسة ضغوط دبلوماسية على النظام السوري ودفعه إلى التراجع عن تدخله في لبنان ومنع عبور مقاتلين من سورية إلى العراق. وقالت معاريف "لكن إسرائيل لم تستجب للتوجهات الأميركية وقررت أن المفاعل (أي المنشأة السورية) يشكل تهديدا داهما يتطلب الخروج فورا لعملية عسكرية، حتى من دون مصادقة البيت الأبيض".
في غضون ذلك نشب خلاف في إسرائيل بين مكتب أولمرت ومكتب وزير الدفاع، ايهود باراك، حول نشر تفاصيل مهاجمة المنشأة السورية، بما في ذلك حول نشر صور التقطها جواسيس لإسرائيل داخل المنشأة وفي محيطها، أمام لجان الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي. ويبدو أن باراك عارض نشر هذه التفاصيل فيما دفع أولمرت باتجاه نشرها، وسط تقديرات بأن النشر سيحسن من شعبية أولمرت المتدهورة منذ انتهاء حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006.
وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، بأن وفدا من جهاز الأمن الإسرائيلي حاول إقناع مسؤولين أميركيين بعدم نشر التفاصيل أمام الكونغرس. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله للوفد الأمني الإسرائيلي "لكن أنتم طلبتكم بأنفسكم نشر المواد التي تجرّم سورية". ويذكر أن وسائل إعلام إسرائيلية كانت قد نشرت أن رئيس طاقم مستشاري أولمرت، يورام طوربوفيتش، ومستشار أولمرت السياسي، شالوم ترجمان، توجها قبل أكثر من ثلاثة أسابيع إلى واشنطن ونسقا مع مسؤولين أميركيين، على رأسهم مستشار الأمن القومي ستيف هادلي، المواد التي سيتم نشرها خلال اجتماع الكونغرس.
وكتب محلل الشؤون العسكرية والأمنية في يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، أن "نشر مواد استخباراتية حديثة نسبيا هو أمر ينطوي على إشكالية دائما. لكن ما جرى هذه المرة هو استعراض عُري استخباراتي يفتقر للمسؤولية". وأشار إلى أن غضبا يسود جهاز الأمن والجيش الإسرائيلي حيال شكل النشر وحجمه، خصوصا بسبب كشفه قدرات استخباراتية. وأضاف أن المشكلة لا تكمن في الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية من علو شاهق، وإنما بالصور التي التقطت داخل المنشأة وحولها، ما يعني أنه يوجد هنا كشف عن قدرات ومصادر... وعن اختراق نظام الحراسة والاستخبارات السورية. ومنذ لحظة نشر هذه الصور فإن السوريين سيفعلون كل شيء من أجل العثور على الثغرات وسدها".
وأشار فيشمان إلى أنه "يمكن الافتراض أنه توجد لدى أحد ما في إسرائيل مصلحة بأن يُظهر للأميركيين القدرات الإسرائيلية ومدى صدق المعلومات الإسرائيلية، حتى عندما يكون الحديث عن دول أخرى في المنطقة. فإسرائيل تحاول إقناع الأميركيين بالموافقة على روايتها بخصوص مدى تقدم إيران في مجال إنتاج السلاح النووي".
من جهة أخرى قالت صحيفة هآرتس اليوم إن باراك قرر إرجاء زيارة إلى الولايات المتحدة على خلفية نشر تفاصيل مهاجمة المنشأة السورية.
وكان باراك يعتزم إجراء محادثات مع مسؤولين أميركيين، بينهم نائب الرئيس ديك تشيني، ووزير الدفاع روبرت غيتس. كذلك قرر باراك إرجاء زيارته هذه بسبب الوضع المتوتر بين إسرائيل وقطاع غزة.