مع بدء زيارة رايس للمنطقة، يديعوت أحرونوت تكشف عن وجود تقدم في المفاوضات بين قريع وليفني، فيما أفادت معاريف بأن إسرائيل ستزيل حاجزا يتيح ممرا حرا بين أريحا والبحر الميت * الجيش الإسرائيلي أعد وثيقة اعتبر فيها أن حماس ستسيطر على الضفة في أعقاب اتفاق دائم بين الجانبين
المشهد الإسرائيلي- خاص
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الأحد- 30.3.2008، عن أن هناك تقدما حاصلا في المفاوضات حول قضايا الحل الدائم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وأن هذه المفاوضات تسير بخطى حثيثة، فيما قالت صحيفة معاريف إن إسرائيل وافقت على إزالة حاجز عسكري قرب مدينة أريحا من شأنه أن يمنح الفلسطينيين ممرا حرا بين أريحا والبحر الميت. وتأتي هذه الأنباء في وقت بدأت فيه وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس زيارة للمنطقة مساء أمس السبت.
وبحسب يديعوت أحرونوت، فإن رئيسي طاقمي المفاوضات الفلسطيني، أحمد قريع (أبو علاء)، والإسرائيلي، وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، عقدا خلال الأشهر الأخيرة أكثر من 50 لقاء، اتسم معظمها بالسرية ولم يتم النشر حول مضمونها في وسائل الإعلام. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن هذه المفاوضات هي الأكثر جدية بين إسرائيل والفلسطينيين منذ اتفاق أوسلو الذي تم توقيعه في العام 1993.
وعُقدت اللقاءات بين ليفني وقريع في عدد من فنادق القدس وفي منازل خاصة في القدس بعضها تابع لشخصيات ضالعة في تقدم العملية السياسية بين الجانبين، وقد حرصا على إبقاء مضمونها سريا في الوقت الحالي. وتوقفت هذه المحادثات مرتين فقط، مرة عندما أعلن الفلسطينيون عن وقفها بسبب عملية "شتاء حار" العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة والتي خلفت مئات القتلى والجرحى الفلسطينيين، ومرة أخرى بسبب سفر ليفني إلى الولايات المتحدة وبعد عملية إطلاق النار في المعهد الديني اليهودي "مركاز هراف" في القدس.
وتجري هذه المفاوضات في خمسة مستويات، فيما المستوى الأساس هو لقاءات ليفني وقريع، التي تكون في الغالب على انفراد، لكن ينضم إليهما أحيانا خبراء من كلا الجانبين وفي بعض الأحيان يتم إدخال خرائط إلى غرفة الاجتماعات. ويلتقي في المستوى الثاني مستشارو ليفني وقريع بهدف تسوية قضايا عالقة بين رئيسي طاقمي المفاوضات وبحث تفاصيل قضايا تم الاتفاق عليها. ويشارك في المستوى الثالث من المفاوضات طواقم موسعة، وبين المشاركين الإسرائيليين رئيس طاقم مستشاري رئيس الحكومة الإسرائيلية، يورام طوربوفيتش، ومستشار رئيس الحكومة السياسي شالوم ترجمان ورئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس غلعاد. ويتناول المستوى الرابع القضايا الأمنية، فيما يتناول المستوى الخامس القضايا المدنية مثل المياه والبيئة والمواضيع الاقتصادية.
ونقلت يديعوت أحرونوت عن ليفني قولها في اجتماعات مغلقة إن المحادثات تجري بوتيرة جيدة، وإن جميع قضايا الحل الدائم، بما فيها القدس، مطروحة على طاولة المفاوضات. ووصفت ليفني سير المفاوضات بقولها "إننا لا نتحدث وفي الخلفية نضع مسدسا كما لا نعمل وفقا لمواعيد نهائية". وبحسب يديعوت أحرونوت فإن هدف ليفني ورئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، هو التوصل بحلول نهاية العام الحالي إلى اتفاق مبادئ يتم تقديمه كوثيقة لمصادقة مجلس الأمن الدولي عليها وتصبح "اتفاق رف" يكون تطبيقه مرهونًا بتنفيذ خطة خريطة الطريق. والمقصود هنا، برأي إسرائيل، هو أن ينفذ الجانب الفلسطيني التزاماته في هذه الخطة والتي تقضي بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية ووقف العنف، فيما لا تظهر الممارسات على الأرض أن إسرائيل بصدد تنفيذ التزاماتها في خريطة الطريق والتي تقضي تجميد أعمال البناء في المستوطنات وتفكيك ما يقرب من خمسين بؤرة استيطانية عشوائية أقامتها إسرائيل في الضفة منذ العام 2001.
من جهة ثانية أفادت صحيفة معاريف، اليوم، بأنه مع بدء زيارة رايس للمنطقة قد تنفذ إسرائيل سلسلة خطوات تعتبر أن من شأنها أن تسهل حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، بينها إزالة حاجز عسكري قرب أريحا يمنح سكان المدينة ممرا حرا للبحر الميت. وأغلقت سلطات الجيش الإسرائيلي هذا الممر منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000. وقالت يديعوت أحرونوت إن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، سيعلن خلال لقائه مع رايس عن إزالة الجيش الإسرائيلي لخمسين عائقا يغلق من خلالها قرى ومناطق فلسطينية. وسيتحدث باراك عن قراره بالسماح بنشر 600 شرطي فلسطيني في مدينة جنين وعن موافقة إسرائيل على إدخال 25 آلية مدرعة لاستخدام الشرطة الفلسطينية.
في غضون ذلك قالت ليفني، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رايس، عقدتاه اليوم الأحد، إنه يتوجب تسريع العمل على سن قانون "إخلاء وتعويض" المستوطنين الذين يسكنون في مستوطنات تقع شرقي الجدار العازل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة ويضم عمليا الكتل الاستيطانية الكبرى لإسرائيل. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن ليفني قولها "كمن عبرت (تنفيذ خطة) فك الارتباط (في قطاع غزة) والاعتناء بالمستوطنين الذين تم إخلاؤهم، فإني أعتقد أنه يتوجب العمل على سن قانون إخلاء وتعويض المستوطنين بأسرع ما يمكن". وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد اشارت الأسبوع الماضي إلى أن رايس كانت تتوقع سماع جملة كهذه من مسؤولين إسرائيليين على اعتبار أنها تعبر عن "مبادرة نية حسنة" من جانب إسرائيل لدفع المفاوضات على قضايا الحل الدائم قدمًا.
لكن ليفني أضافت أن سن هذا القانون "ما زال سابقا لأوانه ويتوجب القيام بذلك في المستقبل وبعد أن يتم رسم الحدود". من جانبها قالت رايس إن "ثمة مسؤولية مشتركة للإسرائيليين والفلسطينيين في إنشاء أجواء وواقع يلتزم فيهما الفلسطينيون بأمن إسرائيل وتلتزم إسرائيل بجودة حياة الفلسطينيين". وأضافت رايس "أنني أتوقع أن تنفذ إسرائيل والفلسطينيون أمورا ذات أهمية أيضا في المجالات الاقتصادية وجودة الحياة والأمن".
لكن، وعلى الرغم من أجواء التفاؤل التي تجري محاولة ترويجها، إلا أن اللافت للنظر أن إسرائيل إنما تعلن عن خطواتها تجاه الفلسطينيين في ظل ضغوط زيارة رايس وانتقاداتها المعلنة لباراك خصوصا. وقالت يديعوت أحرونوت اليوم إن الجيش الإسرائيلي أعد وثيقة بناء على طلب الأميركيين، اعتبر فيها أن حركة حماس ستسيطر على الضفة الغربية في حال تم التوصل إلى اتفاق دائم بين إسرائيل والفلسطينيين، وأن هذا الأمر سيتم من خلال انتخابات ديمقراطية في مناطق السلطة الفلسطينية. وانطلاقا من هذا التقدير رأى الجيش الإسرائيلي أنه سيتعين على إسرائيلي الإصرار خلال المفاوضات مع السلطة الفلسطينية على ترتيبات أمنية صارمة تضع حلا لاحتمال إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل من الضفة الغربية أيضا.
وتبين أن القيادة السياسية الإسرائيلية ضالعة في إعداد تقديرات الجيش هذه، إذ أمر باراك معدي التقرير بتضمينه العبر الأمنية والعسكرية التي تم استخلاصها في إسرائيل في أعقاب تنفيذ فك الارتباط في قطاع غزة. وأبلغ باراك مؤخرا المنسق الأمني الأميركي المكلف من رايس بمتابعة تنفيذ خريطة الطريق، الجنرال جيمس جونز، أن الترتيبات الأمنية يجب أن تتعاطى مع "احتمال سيطرة حماس على الضفة بصورة ديمقراطية".