"المشهد الإسرائيلي"- خاص
قرر الجيش الإسرائيلي إخضاع جميع طياريه الحربيين في طائرات "إف 16- أي" لفحوصات الكشف المبكر عن مرض السرطان بعد اكتشاف وجود مادة مسرطنة في جهاز التهوئة في إحدى هذه الطائرات المقاتلة المتطورة.
وأفادت الصحف الإسرائيلية اليوم الأحد- 23/3/2008- بأن قائد سلاح الجو الإسرائيلي، اليعازر شكيدي، أمر يوم الجمعة الماضي بوقف التدريبات التي يجريها الطيارون على هذه الطائرات، التي تعتبر أحدث الطائرات الأميركية وأكثرها تطورا الموجودة بحوزة إسرائيل. ويتوجه وفد من خبراء سلاح الجو الإسرائيلي، اليوم، إلى الولايات المتحدة بهدف محاولة استيضاح مصدر تسرب المادة الخطيرة.
وكان طيارون قد اشتكوا من وجود روائح حادة ومزعجة في مقصورة الطيار، بينهم طيارون قدامى أكدوا على أن الرائحة الغريبة ليست معروفة لديهم. لكن هذه القضية تبدو أنها واحدة من سلسلة قضايا تبين عدم اكتراث سلطات الجيش الإسرائيلي بصحة جنوده، مثلما حدث في قضية تدريبات أفراد الكوماندو البحري لدى غوصهم في مياه نهر المقطع (كيشون) في خليج حيفا، المليئة بالمواد الكيماوية المتسربة من مصانع كيماوية ومعامل تكرير النفط، وأدت إلى إصابة عدد كبير منهم بأمراض السرطان، من دون أن تهتم سلطات الجيش بمعالجة هذه المشكلة.
وقد كشفت صحيفتا يديعوت أحرونوت ومعاريف، اليوم، عن أن طيارين اشتكوا من وجود الروائح الغريبة في طائرة "إف 16- أي" منذ ثلاث سنوات، لكن طوال هذه الفترة لم يتم فعل شيء. ونقلت معاريف عن أحد الطيارين قوله "لقد اشتكينا من هذه المشكلة منذ بضع سنوات"، مشيرا إلى أن الروائح السامة تفوح خصوصا لدى إقلاع الطائرة. وأضاف "لكن لم يعرفوا كيفية تفسير هذه المشكلة بصورة مقنعة لنا. وعلى الطائرة يوجد مليون نوع من السموم وقد تم القول إن هذه مشكلة منتشرة ولذلك واصل الطيارون التحليق كالمعتاد ولم يكن لدى الطيارين خوفا خلال التحليق. إضافة إلى ذلك فإن الفحوصات الدورية التي تجرى للطيارين مرة كل ستة أشهر لم تظهر مشكلات صحية خاصة لدى الطيارين".
وأضاف الطيار ذاته أن "كل طيار صعد إلى الطائرة عانى من هذه الروائح ولهذا السبب بدا الوضع عاديا للجميع. وعندما اشتكت مجموعة من الطيارين في آن واحد من هذه الروائح قالوا (في سلاح الجو) إن هذا نابع من مشكلة نفسية جسدية".
وأجرى سلاحا الجو والطب الإسرائيليان فحوصات لم تسفر عن نتائج ولم يتم التعرف على سبب انبعاث الروائح، لكن الطيارين استمروا في التحليق بهذه الطائرة. وفي المقابل قرر شكيدي تعميق التحقيق وصادق قبل أسبوعين على استئجار خدمات شركة مدنية أجرت فحوصات على الغازات المنبعثة من الطائرة. وعندها تم اكتشاف المادة المسرطنة وهي مادة "فورمالدهين" (فورمالين) في إحدى الطائرات.
و"فورمالدهين" هو غاز لا لون له ويسبب حرقة، وأعلنت المنظمة الدولية لأبحاث السرطان مؤخرا عن أنه مادة مسرطنة. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم عن البروفيسور يوسي ريبك، من جامعة تل أبيب، قوله إن كمية "الفورمالدهين" التي اكتشفت في الطائرة المقاتلة الإسرائيلية لا تؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان. وأضاف أنه "ليس واضحا لماذا أرسل سلاح الجو الطيارين لفحوصات للكشف المبكر عن السرطان".
لكن ضابطا في سلاح الجو الإسرائيلي قال لمعاريف إنه "حتى بعد اكتشاف المادة فإننا لا نعرف بعد مصدرها ومن أين جاءت ولذلك فإن الأمر ما زال ينطوي على مشكلة مقلقة". وقال أحد الطيارين "واضح أن التقرير حول المادة يثير قلقا. وحقيقة أنه تم الكشف عن المادة في طائرة واحدة لا يعني أنه غير موجود في طائرات أخرى".