واشنطن تتهم وزير الدفاع باراك بالمسؤولية عن الخروقات * وزيرة الخارجية ليفني تنتقد خطة توسيع مستوطنة غفعات زئيف لكنها تزعم أنها لن تضر بفرص التوصل إلى اتفاق سلام نهائي في المفاوضات مع الفلسطينيين
"المشهد الإسرائيلي"- خاص:
قال مسؤول سياسي إسرائيلي إن مسؤولين في الإدارة الأميركية على رأسهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس عبروا مؤخرا عن استيائهم من خرق إسرائيل لتعهداتها فيما يتعلق بتسهيل حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، متهمة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بالمسؤولية عن هذه الخروقات.
ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الخميس- 13/3/2008، عن هذا المسؤول السياسي الإسرائيلي قوله إن "الأميركيين يعتقدون بأن جهاز الأمن الإسرائيلي لا ينفذ خطوات من أجل تسهيل حياة الفلسطينيين في الضفة". وأضاف أنه بنظر الأميركيين والجهات الدولية "نشأت فجوة ما بين سير المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على قضايا الحل الدائم، ويجري ميدانيا" في الضفة.
وذكرت هآرتس أن "التوتر يتصاعد بين إسرائيل والإدارة الأميركية على خلفية خيبة أمل في واشنطن من انعدام حدوث تغيّر على الوضع في الضفة الغربية، إذ تعتقد الولايات المتحدة أن إسرائيل لا تلتزم بتعهدات كثيرة التزمت بتنفيذها بخصوص تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين في الضفة وخصوصا فيما يتعلق بالمستوطنات والحواجز العسكرية".
ويذكر أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، كان قد تعهد عشية وخلال وبعد لقاء أنابوليس بتجميد أعمال البناء في المستوطنات وبتفكيك بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، لكنه لم يفكك أي بؤرة، بل صادق مؤخرا على بناء مئات الوحدات السكنية في مستوطنة "غفعات زئيف" الواقعة خلف الخط الأخضر وشمال القدس، إضافة إلى المصادقة على مئات الوحدات السكنية في الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية وإعلان وزير الإسكان الإسرائيلي زئيف بويم عن التخطيط لبناء وحدات سكنية في مستوطنات الضفة.
وقالت هآرتس إن رايس عادت إلى استخدام تعبير "خطوات ميدانية" خلال محادثاتها السياسية مع الإسرائيليين وهو تعبير يعني بالأساس تسهيل حرية تنقل الفلسطينيين بين مناطق الضفة وإزالة بؤر استيطانية ووقف البناء في المستوطنات. وأضافت الصحيفة أن رايس عبرت عن استيائها من استمرار البناء في المستوطنات في الضفة والقدس الشرقية، وأن معظم انتقادات رايس موجهة إلى باراك وحتى أنها أوضحت له ذلك خلال لقائها معه الأسبوع الماضي لدى زيارتها إسرائيل.
كذلك فإن مبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط، توني بلير، يرى أن إسرائيل لا تفعل ما فيه الكفاية من أجل تحسين حياة الفلسطينيين في الضفة، وقد أبلغ باراك بموقفه هذا خلال لقائهما أمس.
وسيعقد غدا الجمعة اجتماع للجنة المتابعة الثلاثية، المؤلفة من الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، التي تتابع تطبيق الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للمرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق، ويرأس هذه اللجنة الجنرال الأميركي وليام فريزر. وكانت إسرائيل التزمت في المرحلة الأولى من خريطة الطريق، التي أطلقها الرئيس الأميركي جورج بوش في سنة 2003، بتجميد البناء في المستوطنات وتفكيك بؤر استيطانية فيما التزمت السلطة الفلسطينية بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية.
ونقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي توقعه أن يكون اجتماع لجنة متابعة تنفيذ خريطة الطريق "صعبا بصورة خاصة". إذ سيقدم فريزر تقريرا أوليا للأطراف حول خروقات في تطبيق الالتزامات، وتخشى إسرائيل انتقادات أميركية حيال استمرارها في التوسع الاستيطاني وعدم إخلاء أي بؤرة استيطانية بل تزايد عدد هذه البؤر واتساعها في السنوات الأخيرة.
كذلك يتوقع في إسرائيل أن يشمل التقرير انتقادات شديدة لإسرائيل بسبب عدم حدوث أي تغيير في سياسة الحواجز العسكرية. وبحسب المصدر الإسرائيلي فإنه "نشأ توتر حقيقي مع الأميركيين وإذا لم يتم القيام بخطوات ميدانية سنجد أنفسنا عالقين في مشكلة كبيرة".
وكان يفترض أن يشارك باراك شخصيا في الاجتماع لكنه قرر في النهاية التهرب من المشاركة وإرسال مندوب عنه هو رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع، عاموس غلعاد. وقالت هآرتس إن عدم مشاركة باراك في اجتماع الغد من شأنه أن يثير حرجا لأنه سيشارك عن الجانب الفلسطيني مسؤول رفيع هو رئيس الحكومة سلام فياض.
ليفني تحاول تخفيف الضغوط حول الاستيطان
واستبقت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، التي تزور الولايات المتحدة، وانتقدت خطة توسيع مستوطنة "غفعات زئيف" بوصفها غير مفيدة لكنها زعمت أنها لن تضر بفرص التوصل إلى اتفاق سلام نهائي في المفاوضات مع الفلسطينيين.
وفي محاولة واضحة لتخفيف الضغط عن إسرائيل في هذه المسألة التي تنذر بإفساد مباحثات السلام الهشة قالت ليفني يوم الثلاثاء الماضي للطلبة في جامعة هارفارد في كامبردج بولاية ماساتشوستس الأميركية "ليس من سياسة الحكومة الإسرائيلية توسيع المستوطنات هذه الأيام." ووصفت ليفني خطط البناء بأنها "بناء خاص" و ليست "أمرا خطيرا". وادعت ليفني "لا أظن أنه مفيد. لقد قررنا إيقاف أنشطة الاستيطان."
وأضافت أنه سوف يتعين على إسرائيل "تفكيك مزيد من المستوطنات" بموجب اتفاق للسلام قائم على حل الدولتين، معتبرة أن سحب إسرائيل قواتها سنة 2005 من قطاع غزة الذي تضمن إجلاء نحو 8000 مستوطن يهودي كان علامة على أن إسرائيل مستعدة أن تزيل جيوبا أخيرة مثيرة للجدل مقابل السلام.
وقالت ليفني إن عنصر الوقت مهم جدا في جهود التوصل لاتفاق سلام في حين يكتسب المتشددون نفوذا في المنطقة. وأضافت أن إسرائيل بحاجة الى المزيد من المشاركة الدولية في التوسط لإبرام اتفاق سلام وعبرت عن أملها في أن يكون المعتدلون الإسرائيليون والفلسطينيون لديهم ما يكفي من العزم لتحقيق السلام بأنفسهم.
واستطردت ليفني، التي بدا أن تفاؤلها يتناقض مع استمرار التوتر على طول الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة: "أعتقد أن هناك أملا. أعتقد أن هناك فرصة." وتابعت "أعرف أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو الأكثر إثارة في العالم والكل يريد أن يكون ضالعا فيه... أعتقد أنه ينبغي للعالم أن يترك الأمر لنا. لا داعي لدفعنا. الأمر يتعلق بحياتنا."